إِيقَاظُ الرُّقُودِ

Wave Image
إِلَـى كَـمْ أَنْـتَ تَـهْـتِـفُ بِـالـنَّـشِـيدِ
وَقَــدْ أَعْــيَــاكَ إِيــقَــاظُ الـرُّقُـودِ
فَلَسْتَ وَإِنْ شَدَدْتَ عُرَى الْقَصِيدِ
بِـمُـجْـدٍ فِـي نَـشِـيـدِكَ أَوْ مُـفِـيـدِ
لِأَنَّ الْـــقَــوْمَ فِــي غَــيٍّ بَــعِــيــدِ
إِذَا أَيْـــقَـــظْــتَــهُــمْ زَادُوا رُقَــادَا
وَإِنْ أَنْــهَــضْـتَـهُـمْ قَـعَـدُوا وِئَـادَا
فَـسُـبْـحَـانَ الَّـذِي خَـلَـقَ الْـعِـبَـادَا
كَأَنَّ الْــقَـوْمَ قَـدْ خُـلِـقُـوا جَـمَـادَا
وَهَـلْ يَخْلُو الْجَمَادُ عَنِ الْجُمُودِ؟!
أَطَـلْـتُ وَكَـادَ يُـعْـيِـيـنِـي الْـكَـلَامُ
مَــلَامًــا دُونَ وَقْـعَـتِـهِ الْـحُـسَـامُ
فَــمَـا انْـتَـبَـهُـوا وَلَا نَـفَـعَ الْـمَـلَامُ
كَأَنَّ الْـــقَـــوْمَ أَطْـــفَـــالٌ نِـــيَــامُ
تُــهَــزُّ مِـنَ الْـجَـهَـالَـةِ فِـي مُـهُـودِ
إِلَــيْــكِ إِلَــيْــكِ يَـا بَـغْـدَادُ عَـنِّـي
فَإِنِّـي لَـسْـتُ مِـنْـكِ وَلَـسْـتِ مِنِّي
وَلَــكِــنِّــي وَإِنْ كَــبُــرَ الــتَّـجَـنِّـي
يَـــعِــزُّ عَــلَــيَّ يَــا بَــغْــدَادُ أَنِّــي
أَرَاكِ عَــلَــى شَــفَـا هَـوْلٍ شَـدِيـدِ
تَـتَـابَـعَـتِ الْـخُـطُوبُ عَلَيْكِ تَتْرَى
وَبُـدِّلَ مِـنْـكِ حُـلْـوُ الْـعَـيْـشِ مُـرَّا
فَــهَــلَّا تُــنْــجِــبِــيـنَ فَـتًـى أَغَـرَّا
أَرَاكِ عَــقِــمْــتِ لَا تَــلِــدِيـنَ حُـرَّا
وَكُــنْــتِ لِــمِــثْــلِــهِ أَزْكَــى وَلُـودِ
أَقَـامَ الْـجَـهْـلُ فِـيـكِ لَـهُ شُـهُـودَا
وَسَـامَـكِ بِـالْـهَـوَانِ لَـهُ الـسُّجُودَا
مَـتَـى تُـبْـدِيـنَ مِـنْـكِ لَـهُ جُحُودَا
فَـــهَـــلَّا عُــدْتِ ذَاكِــرَةً عُــهُــودَا
بِــهِــنَّ رَشَــدْتِ أَيَّــامَ الــرَّشِــيــدِ
زَمَــانَ نُـفُـوذُ حُـكْـمِـكِ مُـسْـتَـمِـرُّ
زَمَـانَ سَـحَـابُ فَـيْـضِـكِ مُـسْتَدِرُّ
زَمَــانَ الْــعِــلْــمُ أَنْــتِ لَــهُ مَــقَــرُّ
زَمَــانَ بِــنَــاءُ عِــزِّكِ مُــشْــمَــخِـرُّ
وَبَـدْرُ عُـلَاكِ فِـي سَـعْـدِ الـسُّـعُودِ
بَـرِحْـتِ الْأَوْجَ مَـيْـلًا لِـلْـحَضِيضِ
وَضِـقْـتِ وَكُنْتِ ذَاتَ عُلًا عَرِيضِ
وَقَـدْ أَصْـبَحْتِ فِي جِسْمٍ مَرِيضِ
وَكُــنْــتِ بِأَوْجُــهٍ لِــلْــعِــزِّ بِـيـضِ
فَــصِــرْتِ بِأَوْجُــهٍ لِــلــذُّلِّ سُــودِ
تَـرَقَّـى الْـعَـالَـمُـونَ وَقَـدْ هَـبَـطْـنَا
وَفِـي دَرْكِ الْـهَـوَانِ قَـدِ انْحَطَطْنَا
وَعَـنْ سَـنَنِ الْحَضَارَةِ قَدْ شَحَطْنَا
فَـقَـطْـنَـا يَـا بَـنِـي بَـغْـدَادَ قَـطْـنَـا
إِلَـى كَـمْ نَـحْـنُ فِي عَيْشِ الْقُرُودِ
أَلَــمْ تَـكُ قَـبْـلَـنَـا الْأَجْـدَادُ تَـبْـنِـي
بِـــنَـــاءً لِـــلْــعُــلُــومِ بِــكُــلِّ فَــنِّ
لِــمَــاذَا نَــحْـنُ يَـا أَسْـرَى الـتَّأَنِّـي
أَخَــذْنَــا بِــالـتَّـقَـهْـقُـرِ وَالـتَّـدَنِّـي
وَصِـرْنَـا عَـاجِـزِيـنَ عَـنِ الـصُّعُودِ
كَأَنْ زُحَــلٌ يُــشَــاهِــدُ مَـا لَـدَيْـنَـا
لِــذَاكَ احْـمَـرَّ مِـنْ حَـنَـقٍ عَـلَـيْـنَـا
فَــقَــالَ مُــوَجِّــهًــا لَــوْمًـا إِلَـيْـنَـا
لَـوَ انِّـي مِـثْـلُـكُـمْ أَمْـسَـيْـتُ هَيْنَا
إِذَنْ لَـنَـضَـوْتُ جِـلْـبَـابَ الْـوُجُـودِ
رَكَـدْتُـمْ فِي الْجَهَالَةِ وَهْيَ تُعْشِي
وَعِـشْتُمْ كَالْوُحُوشِ أَخَسَّ عَيْشِ
أَمَـا فِـيـكُـمْ فَـتًـى لِـلْـعِـزِّ يَـمْـشِي
تَــبَــارَكَ مَــنْ أَدَارَ بَــنَــاتِ نَـعْـشِ
وَصَــفَّــدَكُــمْ بِأَصْــفَــادِ الــرُّكُـودِ
حَـكَـيْـتُـمْ فِـي تَـوَقُّـفِـكُـمْ جُـدَيَّـا
فَـصِـرْتُـمْ كَـالـسُّـهَـا شَـعْـبًـا خَـفِيَّا
أَلَا تَـجْـرُونَ فِـي مَـجْـرَى الـثُّـرَيَّـا
تَــؤُمُّ بِــدَوْرِهَــا فَــلَــكًــا قَــصِـيَّـا
فَــتَـبْـرُزَ مِـنْـهُ فِـي وَضْـعٍ جَـدِيـدِ
•••
حُـكُـومَـةُ شَـعْـبِنَا جَارَتْ وَصَارَتْ
عَــلَــيْــنَــا تَـسْـتَـبِـدُّ بِـمَـا أَشَـارَتْ
فَـلَا أَحَـدًا دَعَـتْـهُ وَلَا اسْـتَـشَارَتْ
وَكُـلُّ حُـكُـومَـةٍ ظَـلَـمَـتْ وَجَارَتْ
فَــبَــشِّــرْهَـا بِـتَـمْـزِيـقِ الْـحُـدُودِ
حُـكُـومَـتُـنَـا تَـمِـيـلُ لِـبَـاخِـسِـيـهَا
مُــجَـانِـبَـةً طَـرِيـقَ مُـؤَسِّـسِـيـهَـا
فَــلَا يَــغْــرُرْكَ لِـيـنُ مُـلَابِـسِـيـهَـا
فَـهُـمْ كَـالـنَّـارِ تَـحْـرِقُ لَامِـسِـيـهَـا
وَتَـحْـسُـنُ لِـلـنَّـوَاظِـرِ مِـنْ بَـعِـيـدِ
لَـقَـدْ غَـصَّ «الْـقَـصِيمُ» بِكُلِّ نَذْلِ
وَأَمْـسَـى مِـنْ تَـخَـاصُـمِهِمْ بِشُغْلِ
فَــرِيــقَــا خُــطَّـتَـيْ غَـيٍّ وَجَـهْـلِ
كِـلَا الْـخَـصْـمَـيْـنِ لَـيْـسَ لَهُ بِأَهْلِ
وَلَــكِــنْ مَــنْ لِـتَـنْـكِـيـلِ الْـمَـرِيـدِ
إِلَــيْــهِــمْ أَرْسَـلَـتْ بَـغْـدَادُ جُـنْـدَا
لِـيَـهْـلِـكَ فِـيـهِ مِـنْ عَـبَثٍ وَيُفْدَى
لِـقَـصْـدِ ابْنِ الرَّشِيدِ أَضَاعَ قَصْدَا
فَـلَا يَـا بْـنَ الـرَّشِـيـدِ بَلَغْتَ رُشْدَا
وَلَا بَـلَـغَ الـسُّـعُـودَ ابْـنُ الـسُّـعُـودِ
مَـشَـوْا يَـتَـحَـرَّكُـونَ بِـعَزْمِ سَاكِنْ
وَرِثَّــةُ حَـالِـهِـمْ تُـبْـكِـي الْأَمَـاكِـنْ
وَقَـدْ تَرَكُوا الْحَلَائِلَ فِي الْمَسَاكِنْ
جُــنُــودٌ أُرْسِــلَـتْ لِـلْـمَـوْتِ لَـكِـنْ
بِـفَـتْـكِ الْـجُـوعِ لَا فَـتْـكِ الْحَدِيدِ
قَــدِ الْــتَــفَــعُــوا بِأَسْـمَـالٍ بَـوَالِ
مُـشَـاةً فِي السُّهُولِ وَفِي الْجِبَالِ
يُــجِــدُّونَ الْــمَــسِـيـرَ بِـلَا نِـعَـالِ
بِــحَــالٍ لِــلــنَّــوَاظِـرِ غَـيْـرِ حَـالِ
وَزِيٍّ غَـــيْـــرِ مَـــا زِيِّ الْــجُــنُــودِ
مَـشَـوْا فِـي مَـنْـهَـجٍ جَـهِلُوهُ نَهْجَا
يَــجُــوبُــونَ الْـفَـلَا فَـجًّـا فَـفَـجَّـا
إِلَـى حَـيْـثُ الـسَّـلَامَـةُ لَا تُـرَجَّـى
فَـيَـا لَـهْـفِـي عَـلَـى الشُّبَّانِ تُزْجَى
عَـلَـى عَـبَـثٍ إِلَـى الْـمَـوْتِ الْمُبِيدِ
وَكُــلٌّ مُــذْ غَــدَوْا لِــلْــبَــيْـتِ أَمَّـا
فَــــوَدَّعَ أَهْــــلَـــهُ زَوْجًـــا وَأُمَّـــا
وَضَـــمَّ وَلِـــيــدَهُ بِــيَــدٍ وَشَــمَّــا
بَـكَـى الْـوَلَـدُ الْـوَحِـيـدُ عَـلَـيْهِ لَمَّا
غَـدَا يَـبْـكِـي عَـلَـى الْـوَلَدِ الْوَحِيدِ
تَـقُـولُ لَـهُ الْـحَـلِـيـلَـةُ وَهْـوَ مَاشِ
رُوَيْـدَكَ لَا بَـرِحْـتَ أَخَـا انْـتِـعَاشِ
فَـبَـعْـدَكَ مَـنْ يُحَصِّلُ لِي مَعَاشِي
فَــقَــالَ وَدَمْـعُـهُ بَـادِي الـرَّشَـاشِ
وَكَــلْــتُــكُــمُ إِلَــى الـرَّبِّ الْـوَدُودِ
عَـسَـاكِـرُ قَـدْ قَـضَوْا عُرْيًا وَجُوعَا
بِـحَـيْـثُ الْأَرْضُ تَـبْـتَـلِعُ الْجُمُوعَا
إِلَــى أَنْ صَــارَ أَغْــنَــاهُـمْ رُبُـوعَـا
لِـفَـرْطِ الْـجُـوعِ مُـرْتَـضِـيًـا قَنُوعَا
بِــقِــدٍّ لَــوْ أَصَــابَ مِــنَ الْـجُـلُـودِ
هُـنَـاكَ قَـضَـوْا وَمَـا فَـتَـحُوا بِلَادَا
هُــنَــاكَ بِأَسْــرِهِـمْ نَـفَـدُوا نَـفَـادَا
هُـنَـاكَ بِـحَـيْـرَةٍ عَـدِمُـوا الـرَّشَادَا
هُـنَـاكَ لِـرَوْعِـهِـمْ فَـقَـدُوا الـرُّقَادَا
هُــنَـاكَ عَـرَوْا هُـنَـاكَ مِـنَ الْـبُـرُودِ
أُنَــادِيــهِــمْ وَلِـي شَـجَـنٌ مَـهِـيـجُ
وَأَذْكُـرُهُـمْ فَـيَـنْـبَـعِـثُ الـنَّـشِـيـجُ
وَدَمْــعُ مَــحَــاجِـرِي بِـدَمٍ مَـزِيـجُ
أَلَا يَــا هَــالِــكِــيــنَ لَـكُـمْ أَجِـيـجُ
ذَكَـا بِـحَـشَـايَ مُـحْـتَـدِمَ الْـوُقُـودِ
سَــكَــنَّــا مِــنْ جَـهَـالَـتِـنَـا بِـقَـاعَـا
يَـجُـورُ بِـهَـا الْـمُـؤَمَّرُ مَا اسْتَطَاعَا
فَـكِـدْنَـا أَنْ نَـمُـوتَ بِـهَـا ارْتِـيَـاعَـا
وَهَــبْــنَــا أُمَّــةً هَـلَـكَـتْ ضَـيَـاعَـا
تَــوَلَّــى أَمْــرَهَــا عَـبْـدُ الْـحَـمِـيـدِ
أَيَـا حُـرِّيَّـةَ الـصُّـحُـفِ ارْحَـمِـيـنَـا
فَإِنَّــا لَــمْ نَــزَلْ لَــكِ عَــاشِـقِـيـنَـا
مَـتَـى تَـصِـلِـيـنَ كَـيْـمَـا تُـطْـلِقِينَا
عِـدِيـنَـا فِـي وِصَـالِـكِ وَامْـطُـلِينَا
فَإِنَّــا مِــنْــكِ نَــقْــنَــعُ بِــالْـوُعُـودِ
فَأَنْـتِ الـرُّوحُ تَـشْـفِـيـنَ الْجُرُوحَا
يُـحَـرَّجُ فَـقْـدُكِ الْـبَـلَـدَ الْـفَـسِيحَا
وَلَــيْــسَ لِـبَـلْـدَةٍ لَـمْ تَـحْـوِ رُوحَـا
وَإِنْ حَـوَتِ الْـقُصُورَ أَوِ الصُّرُوحَا
حَــيَــاةٌ تُــسْــتَـفَـادُ لِـمُـسْـتَـفِـيـدِ
أَقُـولُ وَلَـيْـسَ بَـعْـضُ الْقَوْلِ جِدَّا
لِــسُــلْــطَــانٍ تَــجَــبَّـرَ وَاسْـتَـبَـدَّا
تَـعَـدَّى فِـي الْأُمُـورِ وَمَـا اسْـتَعَدَّا
أَلَا يَــا أَيُّــهَــا الْــمَــلِــكُ الْـمُـفَـدَّى
وَمَـنْ لَـوْلَاهُ لَـمْ نَـكُ فِـي الْـوُجُودِ
أَنِـمْ عَـنْ أَنْ تَـسُوسَ الْمُلْكَ طَرْفَا
أَقِــمْ مَـا تَـشْـتَـهِـي زَمْـرًا وَعَـزْفَـا
أَطِــلْ نُـكْـرَ الـرَّعِـيَّـةِ، خَـلِّ عُـرْفَـا
سُـمِ الْـبُـلْـدَانَ مَـهْمَا شِئْتَ خَسْفَا
وَأَرْسِـلْ مَـنْ تَـشَـاءُ إِلَـى الـلُّـحُودِ
فَـدَتْـكَ الـنَّـاسُ مِـنْ مَـلِـكٍ مُطَاعِ
أَبِـنْ مَـا شِـئْـتَ مِـنْ طُرُقِ ابْتِدَاعِ
وَلَا تَــــخْــــشَ الْإِلَـــهَ وَلَا تُـــرَاعِ
فَـهَـلْ هَـذِي الْـبِـلَادُ سِـوَى ضِيَاعِ
مَـلَـكْـتَ، أَوِ الْـعِـبَادُ سِوَى عَبِيدِ؟!
تَــنَــعَّــمْ فِـي قُـصُـورِكَ غَـيْـرَ دَارِ
أَعَـاشَ الـنَّـاسُ أَمْ هُـمْ فِـي بَـوَارِ
فَإِنَّــكَ لَــمْ تُــطَــالَــبْ بِــاعْـتِـذَارِ
وَهَــبْ أَنَّ الْــمَــمَـالِـكَ فِـي دَمَـارِ
أَلَـيْـسَ بِـنَـاءُ «يَـلْـدِزَ» بِـالْـمَشِيدِ؟
جَـمِـيـعُ مُـلُـوكِ هَذِي الْأَرْضِ فُلْكُ
وَأَنْـتَ الْـبَـحْـرُ فِـيـكَ نَـدًى وَهُلْكُ
فَأَنَّـــى يَـــبْــلُــغُــوكَ وَذَاكَ إِفْــكُ
لَـئِـنْ وَهَـبُـوا الـنُّـقُـودَ فَأَنْتَ مَلْكُ
وَهُـــوبٌ لِـــلْــبِــلَادِ وَلِــلــنُّــقُــودِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: شعر مقطوعي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤