يَوْمُ سِنْغَافُورَةَ

Wave Image
أَطَـالُـوا الْـحَـرْبَ طَـاحِـنَـةً زَبُونَا
فَـعَـدُّوا بِـالـشُّـهُـورِ لَـهَـا الـسِّـنِينَا
وَقَـدْ زَحَـفَـتْ لَـهُـمْ فِيهَا جُيُوشٌ
تَـجَـاوَزَتِ الْأُلُـوفَ مَـعَ الْـمِـئِـيـنَـا
لَــقَـدْ خَـرَبُـوا الْـبَـلَادَ وَدَوَّخُـوهَـا
وَجُـنُّـوا فِـي تَـنَـاحُـرِهِـمْ جُـنُـونَا
وَلَـمْ تُـرِدِ الـشُّـعُـوبُ لَـهَـا اتِّـقَـادًا
فَأَوْقَــدَ نَــارَهَــا الْــمُــتَـرَئِّـسُـونَـا
أُولَاكَ هُـمُ الْـجُـنَـاةُ بِـهَـا عَـلَـيْـنَـا
أُولَاكَ هُــمُ الْـبُـغَـاةُ الـطَّـامِـعُـونَـا
إِذَا ذَكَـرَ الْـوَرَى جَـشَـعًـا وَحِرْصًا
فَـشِـرْشِـلُ أَكْـبَـرُ الْـمُـتَـجَـشِّـعِينَا
وَمَــا رُزْفِـلْـتُ فِـيـهَـا غَـيْـرُ جَـانٍ
يُــزَوِّرُ فِــي إِطَـالَـتِـهَـا الْـمُـيُـونَـا
أَعَـانَ عَـلَى الْهَجَاجِ وَقَالَ حِيدِي
حَــيَـادِ فَأَعْـجَـبَ الْـمُـتَـكَـذِّبِـيـنَـا
فَــمَــا دَعْـوَاهُ فِـي الْـحَـيَـوَانِ إِلَّا
كَـدَعْـوَى الْـعِـفَّـةِ الْـمُـتَـهَـتِّـكُـونَـا
كَــذَلِــكَ سَـاسَـةُ الْأَقْـوَامِ فِـيـمَـا
بِــهِ عَــنْ رَأْيِــهِــمْ يَــتَــفَـوَّهُـونَـا
خِـــدَاعٌ لَا يَـــرَاهُ ذَوُوهُ شَــيْــئًــا
وَلَا يُــمْــسِــي بِـهِ أَحَـدٌ مَـشِـيـنَـا
•••
بِــسِــنْــغَـافُـورَةَ الْـيَـابَـانُ شَـنُّـوا
عَـلَـى أَعْـدَائِـهِـمْ حَـرْبًـا طَـحُـونَا
لَــهُـمْ فِـيـهَـا طَـوَائِـرُ صَـاعِـقَـاتٌ
لَـهَـا قَـصْـفٌ تَـدُكُّ بِـهِ الْـحُـصُـونَا
رَوَاعِـــدُ تَـــمْــلَأُ الْآفَــاقَ رُعْــبًــا
وَتُـرْسِـلُ فِـي تَـهَـزُّمِـهَـا الْـمَـنُـونَا
تَـزَلْـزَلَـتِ الْـحُـصُـونُ بِـهَا وَكَانَتْ
تُـطَـاوِلُ فِـي مَـنَـاعَـتِـهَـا الْـقُرُونَا
حُـصُـونٌ تَـسْـتَـخِـفُّ بِـكُـلِّ طَوْدٍ
وَتَـسْـتَـعْـشِـي بِـرَوْعَـتِـهَا الْعُيُونَا
لَـقَـدْ سَـكَـتَـتْ مَـدَافِـعُـهَا وُجُومًا
لِـجَـيْـشٍ حَـلَّ مَـرْصَـفَـهَا الْعُيُونَا
عَــلَــى بَــحْــرٍ بِـلُـجَّـتِـهِ أَقَـامُـوا
لِــغَــلْـقِ الْـبَـحْـرِ مِـنْ نَـارٍ كَـرِيـنَـا
وَقَـدْ بَـثُّـوا الْـبَـوَارِجَ فَـاسْبَطَرَّتْ
تَــجُــولُ بِــهِ فَــوَارِدَ أَوْ ثُــبِـيـنَـا
تَـرَى الْـحَـيَّـاتِ فِـيهِ قَدِ اشْرَأَبَّتْ
تُــرَدِّدُ فَــوْقَــهُ نَــظَــرًا شُــفُـونَـا
وَتَــطْـفُـو تَـارَةً وَتَـغُـوصُ أُخْـرَى
وَتُــبْــدِي مِـنْ تَـمَـاقُـلِـهَـا فُـنُـونَـا
وَتَـضْـرِبُ بِـالـزَّعَـانِـفِ جَـانِـبَـيْهَا
فَـتَـنْـقَـلِـبُ الـظُّـهُـورُ بِـهَـا بُـطُونَا
بِـحَـيْـثُ يَـقُـولُ مَـنْ يَـدْنُـو إِلَيْهَا
لَــعَــلَّ بِــهِــنَّ صَـرْعًـا أَوْ جُـنُـونَـا
•••
وَبَحْرُ الْهِنْدِ أَصْبَحَ فِي اضْطِرَابٍ
يُـرَجِّـمُ فِـي عَـوَاقِـبِـهِ الـظُّـنُـونَـا
أَيُــفْــتَــحُ بَــابُــهُ فَــيَـكُـونَ حُـرًّا
لِـمَـنْ يُـزْجِـي بِـلُـجَّـتِـهِ الـسَّـفِينَا
وَيُـمْـسِـي الْـهِـنْـدُ عِـنْـدَئِذٍ طَلِيقًا
مِـنَ الْأَثَـرِ الَّـذِي قَـطَـعَ الْـوَتِـيـنَـا
فَــبُــشْـرَى لِـلْـبِـلَادِ إِذَنْ وَبُـشْـرَى
لِــمِــصْـرَ وَلِـلْـعِـرَاقِ بِـمَـا هَـوِيـنَـا
فَـسَـوْفَ تَـكُـفُّ عَـنْـهُـنَّ الـلَّـيَالِي
مَـطَـامِـعَ سَـاسَـةٍ مُـتَـحَـكِّـمِـيـنَـا
•••
هُـنَـالِـكَ حُـفْـرَةُ الْأَطْـمَاعِ يُمْسِي
خِــدَاعُ الْإِنْــكِــلِـيـزِ بِـهَـا دَفِـيـنَـا
وَتَـحْـتَـدِمُ الْـحَـفَـائِظُ فِي الْبَرَايَا
فَــتُــضْـرِمُ فَـوْقَ مَـدْفَـنِـهِ أَتُـونَـا
وَتَـتَّـسِـعُ الـسِّـيَـاسَـةُ لِـلـتَّـصَافِي
فَـيَسْتَصْفِي الْخَدِينُ بِهَا الْخَدِينَا
وَيُــصْــبِــحُ كُـلُّ تَـمْـوِيـهٍ وَغِـشٍّ
لِأَنْــظَــارِ الْــبَــرِيَّــةِ مُـسْـتَـبِـيـنَـا
وَيُــصْــبِــحُ كُــلُّ خَــدَّاعٍ كَـذُوبٍ
رَجِـيـمًـا فِـي سِـيَـاسَـتِـهِ لَـعِـيـنَـا
وَيُـصْـبِـحُ كُـلُّ شَـعْـبٍ مُـسْـتَـقِلًّا
عَــزِيــزًا لَــنْ يَــذِلَّ وَلَـنْ يَـهُـونَـا
وَيُـمْـسِـي الـنَّـاسُ قَـاطِـبَةً سَوَاءً
بِــدِيــنِ أُخُــوَّةٍ مُــتَــدَيِّــنِــيــنَــا
يُـعَـاوِنُ بَـعْـضُـهُـمْ بَعْضًا وَيُؤْوِي
قَـوِيُّـهُـمُ الـضَّـعِـيـفَ الْـمُـسْتَكِينَا
تَــسِــيــرُ بِــهِـمْ شَـرَائِـعُ عَـادِلَاتٌ
إِلَــى أَوْجِ الــسَّـعَـادَةِ مُـرْتَـقِـيـنَـا
سَـــوَاءٌ لَا يُـــفَــرِّقُــهُــمْ لِــسَــانٌ
وَلَا دِيـــنٌ لَـــهُ يَـــتَـــعَـــبَّــدُونُــا
فَــمَـا مِـنْ سَـائِـدٍ أَوْ مِـنْ مَـسُـودٍ
وَلَا مِــنْ دَائِــنٍ يُــرْبِـي الـدُّيُـونَـا
وَيُـصْـبِـحُ كُـلُّ مُـحْـتَـرَثٍ مُشَاعًا
لِــمَــنْ فِـيـهِ ثَـوَوْا مُـتَـوَطِّـنِـيـنَـا
وَمَــا أَهْــلُ الْـبِـلَادِ سِـوَى عِـيَـالٍ
عَـلَـى الْـعَـمَلِ الَّذِي هُمْ يُحْسِنُونَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤