مَتَى أَنَا طَاعِنٌ قَلْبَ الْفِجَاجِ

Wave Image
مَـتَـى أَنَـا طَـاعِـنٌ قَـلْـبَ الْـفِـجَـاجِ
وَرَامِـي الْـخَـرْقِ بِـالْقُلُصِ النَّوَاجِي
وَقَــائِــدُ كُــلِّ سَــلْــهَــبَـةٍ عَـبُـوسٍ
إِلَــى يَـوْمٍ يَـطُـولُ بِـهِ ابْـتِـهَـاجِـي
سَــيَــعْــتَــمُّ الْـهَـوَاجِـرَ كُـلُّ مُـجْـرٍ
إِلَـى أَمَـدِي وَيَـلْـتَـحِـفُ الـدَّيَـاجِي
فِــرَاشِــي مَــتْــنُ كُــلِّ أَقَـبَّ نَـهْـدٍ
وَثَــوْبِـي مَـا يُـثِـيـرُ مِـنَ الْـعَـجَـاجِ
إِذَا الْـجَـوْزَاءُ أَمْـسَـتْ مِـنْ مَـرَامِي
فَــأَيْــنَ سُــرَايَ مِــنْــهَـا وَادِّلَاجِـي
سِـوَى الـصَّـهْـبَـاءِ عَـاصِـفَـةٌ بِـهَمِّي
وَغَـيْـرُ الْـبِـيـضِ مِنْ أَرَبِي وَحَاجِي
عَـزَفْـتُ فَـمَـا لِـسَارِي الْبَرْقِ شَيْمِي
وَلَا لِلــرَّسْــمِ قَــدْ أَقْـوَى مَـعَـاجِـي
وَمَــا عَــنْ سَـلْـوَةٍ إِغْـبَـابُ دَمْـعِـي
وَإِقْـصَـارُ الْـعَـوَاذِلِ عَـنْ لَـجَـاجِـي
وَلَـــكِـــنْ جَــلَّ عَــنْ فَــنَــدٍ وَلَــوْمٍ
غَـرَامِـي بِـالْـمَـحَـامِـدِ وَالْـتِـهَـاجِي
حَمَانِي الْعَزْمُ حَظِّي مِنْ ذَوَاتِ الثُّـ
ـغُــورِ الْــغُـرِّ وَالْـمُـقَـلِ الـسَّـوَاجِـي
وَمَـا عِـنْـدَ الْـحِـسَـانِ جَوَى مَشُوقٍ
صَــدَعْــنَ فُــؤَادَهُ صَـدْعَ الـزُّجَـاجِ
عَـرَضْـنَ لَـنَـا فَـمِـنْ لَـحْـظٍ مَـرِيضٍ
وَمِــنْ بَــرَدٍ غَــرِيـضٍ فِـي مُـجَـاجِ
وَمِـسْـنَ فَـكَـمْ قَـضِـيبٍ فِي كَثِيبٍ
يَـشُـوقُـكَ بِـاهْـتِـزَازٍ فِـي ارْتِـجَـاجِ
كَـــأَنَّ نِــعَــاجَ رَمْــلٍ لَاحَــظَــتْــنَــا
وَإِنْ كُــرِّمْـنَ عَـنْ حَـمْـشِ الـنِّـعَـاجِ
إِلَامَ أَرُوضُ جَــامِــحَــةَ الْأَمَــانِــي
وَدَاءُ الــدَّهْــرِ مَــغْــلُــوبُ الْـعِـلَاجِ
إِذَا الْـعَـذْبُ الـنَّـمِـيـرُ حَـمَـاهُ ضَـيْمٌ
فَــجَــاوِزْهُ إِلَــى الْــمِــلْــحِ الْأُجَـاجِ
أَحُــلُّ بِــحَــيْــثُ لَا غَــوْثٌ لِــعَـافٍ
وَأَطَّــرِحُ الْــمَــغَــاوِثَ وَالْـمَـلَاجِـي
كَــمَــنْ تَــرَكَ الْأَسِــنَّــةَ صَــادِيَـاتٍ
غَــدَاةَ وَغًــى وَطَــاعَـنَ بِـالـزِّجَـاجِ
أَأَبْــغِــي فِـي ذِئَـابِ الْـقَـاعِ مَـنْـعًـا
وَأَتْــرُكُ جَــانِــبَ الْأَسَــدِ الْــمُـهَـاجِ
فَــأُقْــسِـمُ لَا نَـقَـعْـتُ صَـدًى بِـمَـاءٍ
إِلَـى غَـيْـرِ الْـكِـرَامِ بِـهِ احْـتِـيَـاجِي
عَـسَـى الـطَّـعْنُ الْخِلَاجُ يَذُبُّ عِنِّي
إِذَا جَـــاوَرْتُ فُــرْسَــانَ الْــخِــلَاجِ
أُولَــئِـكَ إِنْ دُعُـوا لِـدِفَـاعِ خَـطْـبٍ
أَضَـــاءُوا نَـــجْـــدَةً وَالْــيَــوْمُ دَاجِ
هُــمُ الْأَمْــلَاكُ حَــلُّــوا مِــنْ عَــدِيٍّ
مَـحَـلَّ الـطَّـرْفِ حُـصِّـنَ بِـالْحَجَاجِ
بُــدُوُر دُجُــنَّــةٍ وَبُــحُــورُ سَــيْــبٍ
وَأُسْــدُ كَــرِيـهَـةٍ وَحُـصُـونُ لَاجِـي
كِــرَامٌ وَالــظُّــبَــى كَـالـنَّـارِ شُـبَّـتْ
عَــشِــيَّــةَ عَـاصِـفٍ ذَاتَ اهْـتِـيَـاجِ
مَــوَاسِـمُـهُـمْ مَـضَـارِبُ كُـلِّ مَـاضٍ
خَــلُــوطٍ لِلْـجَـمَـاجِـمِ بِـالْـجَـآجِـي
إِذَا عَـــمَـــدُوا لِـــدَاءٍ أَنْــضَــجُــوهُ
وَلَــيْــسَ الْــكَــيُّ إِلَّا بِــالــنِّــضَــاجِ
جَـحَـاجِـحُ لَا يُـعَابُ مَنِ اسْتَبَاحَتْ
صُــدُورُ رِمَــاحِــهِـمْ يَـوْمَ الْـهِـيَـاجِ
لَـهُـمْ خَـفْـضُ الـنَّوَاظِرُ حَيْثُ حَلُّوا
مِـنَ الـدُّنْـيَـا وَمُـنْـقَـطَـعُ الـضَّـجَاجِ
تَــرَى الْــهَـامَـاتِ نَـاكِـسَـةً لَـدَيْـهِـمْ
كَــأَنَّ بِــهِــنَّ مُـوضِـحَـةَ الـشِّـجَـاجِ
بِــحَــسَّــانَ بْـنِ مِـسْـمَـارٍ أُقِـيـمَـتْ
قَــنَـاةُ الـدِّيـنِ مِـنْ بَـعْـدِ اعْـوِجَـاجِ
بِــأَرْوَعَ لَا يَـهَـابُ هُـجُـومَ خَـطْـبٍ
وَلَا يَــرْتَــاعُ لِلْــحَـدَثِ الْـمُـفَـاجِـي
نَــفُــوذٌ حَـيْـثُ لَا تَـصِـلُ الْـعَـوَالِـي
إِلَــى قَــصْــدٍ يُــجِـيـزُ وَلَا انْـعِـرَاجِ
إِذَا شَـوْكُ الْـقَـنَـا الْـيَـزَنِـيُّ أَضْـحَى
أَمَـامَ الْـخَـيْـلِ مَـضْـرُوبَ الـسِّـيَاجِ
وَمَــا طَــرَقَ الــرَّجَــاءَ الْــفِــكْـرُ إِلَّا
وَعِـــزُّ الـــدِّيـــنِ غَــايَــةُ كُــلِّ رَاجِ
أَغَــرُّ مَــتَــى أَخَــذْتَ لَــهُ بِــحَـبْـلٍ
فَـــمَـــا الْـــغَــمَــرَاتُ إِلَّا لِانْــفِــرَاجِ
جَــمِـيـلُ مَـكَـارِمِ الْأَخْـلَاقِ يَـجْـلُـو
بِـهَـا الـشَّـحْـنَاءَ مِنْ صَدْرِ الْمُدَاجِي
عَـمَـدْتَ الْـبَـيْـتَ مِـنْ كَـلْـبٍ وَطَـيٍّ
عَـلَـى حَـسَـبٍ وَصِـهْـرٍ ذِي انْتِسَاجِ
يُــنَــاجِــي مِــنْــهُ حَـسَّـانٌ سِـنَـانًـا
لَـقَـدْ كَـرُمَ الْـمُـنَـاجَـى وَالْـمُـنَـاجِي
ذُؤَابَـــةُ كُـــلِّ مُـــعْــتَــمٍّ بِــفَــخْــرٍ
وَنُــخْــبَــةُ كُــلِّ مُـعْـتَـصِـبٍ بِـتَـاجِ
وَرَامَ الْــحَــاسِــدُونَ لَــدَيْـكَ تَـبْـلًا
وَدُونَ مَـــرَامِـــهِـــمْ حَــزُّ الْــوِدَاجِ
وَإِنَّ طِــلَابَ مَــجْـدِكَ وَهْـوَ بَـسْـلٌ
كَـخِـيـسِ اللَّـيْـثِ مَـحْـذُورِ الْـوِلَاجِ
لَأَعْـجَـزُ مِـنْ قُـصُـورِكَ عَـنْ سَـمَاحٍ
وَأَعْـــوَزُ مِـــنْ عَــدُوٍّ مِــنْــكَ نَــاجِ
وَمَـــا غَـــرَّاءُ سَـــارِيَـــةٌ هَــطُــولٌ
تَــبَــجَّــسُ بِــانْـسِـفَـاحٍ وَارْتِـجَـاجِ
كَــأَنَّ بُــرُوقَــهَــا بِــسَــنَـاكَ لَاحَـتْ
فَــهَــمَّ اللَّــيْــلُ مِــنْــهَــا بِــانْـبِـلَاجِ
يَــشُــوقُـكَ مَـا تُـغَـادِرُ مِـنْ غَـدِيـرٍ
وَرَوْضٍ بِـــالْأَنَـــاعِـــمِ وَالــنِّــبَــاجِ
بِــأَجْــوَدَ مِـنْ نَـدَى كَـفَّـيْـكَ جُـودًا
وَلَا طَـامِـي الْـغَـوَارِبِ ذُو الـثِّـجَاجِ
أَبَــيْـتَ أَبَـا الـنَّـدَى إِلَّا اخْـتَـلَاطِـي
بِــنَــائِــلِـكَ الْـمُـؤَمَّـلِ وَامْـتِـزَاجِـي
وَمَـا الـشِّـيَـمُ الْـحِـسَـانُ بِـمُسْلِمَاتٍ
فَـتًـى مِـثْـلِـي إِلَـى الـنُّوَبِ السِّمَاجِ
مَــتَــى مَــا أدَّعِــي أَنَّ الْــقَــوَافِـي
يَـمَـانِـيَـةُ الْـهَـوَى فَـبِكَ احْتِجَاجِي
أَلَــمْ تَــرَهَــا تَــزُورُكَ مُــحْــكَـمَـاتٍ
كَــــرَائِــــمَ مِــــنْ وُحَـــادٍ أَوْ زُوَاجِ
يَــضِــيــقُ الْأَعْــصُـرِيُّ بِـهَـا ذِرَاعًـا
وَيَـعْـذُرُ عَـجْـزَهُ عَـنْـهَـا الْـخَـفَاجِي
كَــسَـرْدِ الـتُّـبَّـعِـيِّ ثَـنَـى الْـعَـوَالِـي
بِــأَمْــنَــعَ مِــنْ مُـصَـفَّـحَـةِ الـرِّتَـاجِ
تُــكَـلِّـفُ مَـعْـشَـرًا فَـتَـهِـيـمُ وَجْـدًا
بِـمَـدْحِـكَ وَالشَّجَى غَيْرُ التَّشَاجِي
إِذَا مَــا هَــجْــمَــةٌ وَرَدَتْ لِـخِـمْـسٍ
كَـفَـاهَـا ظِـمْـئُـهَـا زَجَـلَ الْـمُجَاجِي
وَغَـيْـرُكَ مَـنْ يُـقَـصِّـرُ بِـي فَيُمْسِي
لِــسَــانِــي مَـادِحًـا وَالْـقَـلْـبُ هَـاجِ
وَظَـنِّـي فِـيـكَ لَـيْـسَ بِـمُـسْـتَحِيلٍ
كَـهَـمِّـي عِـنْـدَ مَـدْحِـكَ وَاعْتِلَاجِي
كَــمَــا أَرْسَــلْــتَ فِــي عِـدٍّ جَـمُـومٍ
مَــرِيــرَ الْـفَـتْـلِ مَـشْـدُودَ الْـعِـنَـاجِ
سَــأَشْــكُـرُ حَـادِثًـا أَلْـقَـى زِمَـامِـي
إِلَــيْــكَ وَرُبَّ أَمْــنٍ فِــي انْــزِعَـاجِ
وَيَـجْـزِي حُـسْـنَ صُـنْـعِكَ رَبُّ فِكْرٍ
ذَكِـــيُّ الـــزَّنْـــدِ وَهَّــاجُ الــسِّــرَاجِ
وَتَــعْــلَــمُ أَنَّ خَــيْــرَ الْــمَـالِ مَـالٌ
سَـقَـاكَ الْـحَـمْـدَ مَـعْـسُـولَ الْـمِزَاجِ
فَــإِنَّ لَــقَــائِــحَ الْـمَـعْـرُوفِ كَـانَـتْ
لَــدَى الْـكُـرَمَـاءِ مُـنْـجِـبَـةَ الـنَّـتَـاجِ

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: المدح
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

هو أحمد بن محمد بن علي بن يحيى التغلبي، يُعَد أحد رُواد الأدب العربي، وأشهر شعراء الشام الذين ساهموا في النهضة الشعرية التي شهدها العصر العباسي الثاني، اتسم شِعره بحُسن البيان، وجزالة العبارة، وعُمق المعنى.

وُلد في دمشق سنة ٤٥٠ﻫ/ ١٠٥٨م، حين كانت تحت سيطرة الدولة الفاطمية، ونشأ وترعرع بها؛ فدرس علوم اللغة، والكتابة، ونَظَم فيها أُولى قصائده. وظل بها حتى سيطر عليها السلاجقة فهاجر منها إلى حماة، وكان عُمره آنذاك ثمانية عشر عامًا، ومكث في حماة مدةً قاربت اثنتَي عشرة سنة، واتصل بأميرها «محمد بن مانك» وعمل عنده كاتبًا، ثم انتقل إلى شينيز ومدح أميرها «علي بن مقلد بن منقذ»، ومنها إلى حلب السورية، وهناك التقى ﺑ «ابن حيُّوس» أشهر شعراء زمانه، ولازَمه مدةً حتى صار امتدادًا لشِعره، ثم اتجه غربًا إلى طرابلس الليبية التي أقام فيها مدةً قاربت عشر سنوات، وفيها ذاع صِيتُه، ووصلت شُهرته الآفاق، ونَظَم أبدع قصائده وأشهرها، وتَقرَّب من حاكمها «جلال الدين بن عمار»، ثم عاد ثانيةً إلى دمشق وحط فيها رِحاله، وصاحَب وزيرها السلجوقي «هبة الله بن بديع الأصفهاني».

سُمي ﺑ «ابن الخياط» لاشتغال أبيه بحرفة الخياطة، وسُمي بالكاتب لاشتغاله بالكتابة؛ حيث عمل كاتبًا لدى أمراء الدولة العباسية، كما نَظَم الشعر بأغراضه المتنوعة، كالهِجاء، والرِّثاء، والغزَل، ولكنَّ النصيب الأوفر من قصائده كان في المديح، حتى اشتُهر بذلك؛ فذكَرَته كُتُب المؤرخين المعاصرين بأنه من الشعراء المُجيدين، امتَدح الناس، وطاف البلاد، ودخل بلاد العجم وامتَدح أهلها. وصل إلينا ديوانه الذي حوى أبهى قصائد الشعر العربي، وأعذب العبارات، وأبلغ المعاني.

تُوفِّي «ابن الخياط» بدمشق في ١١ رمضان ٥١٧ﻫ/١ نوفمبر ١١٢٣م، عن عُمرٍ يُناهز سبعًا وستين سنة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤