مَغَانِي اللِّوَى مِنْ شَخْصِكِ الْيَوْمَ أَطْلَالُ

Wave Image
مَغَانِي اللِّوَى مِنْ شَخْصِكِ الْيَوْمَ أَطْلَالُ
وَفِـي الـنَّـوْمِ مَـغْـنًى مِنْ خَيَالِكِ مِحْلَالُ
مَــعَــانِــيــكِ شَــتَّــى وَالْــعِـبَـارَةُ وَاحِـدٌ
فَــطَــرْفُــكِ مُــغْــتَـالٌ وَزَنْـدُكِ مُـغْـتَـالُ
وَأَبْـغَـضْـتُ فِـيـكِ الـنَّـخْـلَ وَالنَّخْلُ يَانِعٌ
وَأَعْـجَـبَـنِـي مِـنْ حُـبِّـكِ الطَّلْحُ وَالضَّالُ
وَأَهْــوَى لِــجَــرَّاكِ الــسَّــمَـاوَةَ وَالْـقَـطَـا
وَلَـــوْ أَنَّ صِـــنْـــفَــيْــهِ وُشَــاةٌ وَعُــذَّالُ
حَـمَـلْـتِ مِـنَ الـشَّـامَـيْـنِ أَطْـيَبَ جُرْعَةٍ
وَأَنْــزَرَهَــا وَالْــقَــوْمُ بِــالْــقَــفْــرِ ضُـلَّالُ
يَــلُــوذُ بِأَقْــطَــارِ الــزُّجَــاجَــةِ بَــعْـدَمَـا
أُرِيـقَـتْ لِـمَـا أَهْـدَيْـتِ فِـي الْـكُثْرِ أَمْثَالُ
فَـسَـقْـيًـا لِـكَـاسٍ مِـنْ فَـمٍ مِـثْـلِ خَـاتَـمٍ
مِــنَ الــدُّرِّ لَـمْ يَـهْـمُـمْ بِـتَـقْـبِـيـلِـهِ خَـالُ
صَــحِــبْــتِ كَــرَانَــا وَالـرِّكَـابُ سَـفَـائِـنٌ
كَــعَــادِكِ فِــيــنَــا وَالــرَّكَــائِـبُ أَجْـمَـالُ
أَعُــمْــتِ إِلَــيْــنَــا أَمْ فِـعَـالَ ابْـنِ مَـرْيَـمٍ
فَـعَـلْـتِ وَهَـلْ يُـعْـطَـى الـنُّبُوَّةَ مِكْسَالُ؟
كَأَنَّ الْــخُــزَامَــى جَــمَّــعَــتْ لَـكِ حُـلَّـةً
عَـلَـيْـكِ بِـهَـا فِـي اللَّوْنِ وَالطِّيبِ سِرْبَالُ
عَــجِــبْــتُ وَقَــدْ جُـزْتِ الـصَّـرَاةَ رِفِـلَّـةً
وَمَــا خَــضِـلَـتْ مِـمَّـا تَـسَـرْبَـلْـتِ أَذْيَـالُ
مَــتَــى يَـنْـزِلُ الْـحَـيُّ الْـكِـلَابِـيُّ بَـالِـسًـا
يُــحَــيِّــيــكَ عَــنِّـي ظَـاعِـنُـونَ وَقُـفَّـالُ
تَـــحِـــيَّـــةَ وُدٍّ مَـــا الْـــفُـــرَاتُ وَمَــاؤُهُ
بِأَعْــذَبَ مِــنْــهَــا وَهْــوَ أَزْرَقُ سَـلْـسَـالُ
فَإِنْ زَعَـمُـوا أَنَّ الْـهَـجِـيـرَ اسْـتَـشَـفَّـهُـمْ
إِلَــيْــهَـا فَـمِـنْـهَـا فِـي الْـمَـزَايِـدِ أَسْـمَـالُ
أَتَــعْــلَــمُ ذَاتُ الْـقُـرْطِ وَالـشَّـنْـفِ أَنَّـنِـي
يُــشَــنِّــفُــنِــي بِــالــزَّأْرِ أَغْــلَــبُ رِئْـبَـالُ
فَـــيَـــا دَارَهَــا بِــالْــحَــزْنِ إِنَّ مَــزَارَهَــا
قَـــرِيـــبٌ وَلَـــكِـــنْ دُونَ ذَلِــكَ أَهْــوَالُ
إِذَا نَــحْــنُ أَهْــلَــلْــنَــا بِــنُـؤْيِـكِ سَـاءَنَـا
فَـــهَــلَّا بِــوَجْــهِ الْــمَــالِــكِــيَّــةِ إِهْــلَالُ
تُــصَــاحِـبُ فِـي الْـبَـيْـدَاءِ ذِئْـبًـا وَذَابِـلًا
كِـلَا صَـاحِـبَـيْـهَـا فِـي الـتَّـنُـوفَـةِ عَسَّالُ
إِذَا أَغْــرَبَ الــرُّعْــيَـانُ عَـنْـهَـا سَـوَامَـهَـا
أُرِيــحَ عَــلَــيْــهَــا الـلَّـيْـلَ هَـيْـقٌ وَذَيَّـالُ
تُــسِــيءُ بِــنَــا يَـقْـظَـى فَأَمَّـا إِذَا سَـرَتْ
رُقَـــادًا فَإِحْـــسَــانٌ إِلَــيْــنَــا وَإِجْــمَــالُ
بَــكَــتْ فَــكَأَنَّ الْــعِــقْــدَ نَــادَى فَـرِيـدَهُ
هَـلُـمَّ لِـعَـقْـدِ الْـحِـلْـفِ قُـلْـبٌ وَخَـلْـخَـالُ
وَهَـلْ يَـحْـزُنُ الـدَّمْـعَ الْـغَـرِيـبَ قُـدُومُهُ
عَــلَـى قَـدَمٍ كَـادَتْ مِـنَ الـلِّـيـنِ تَـنْـهَـالُ
تَــحَــلَّــى الــنَّــقَـا دُرَّيْـنِ دَمْـعًـا وَلُـؤْلُـؤًا
وَوَلَّـتْ أَصِـيـلًا وَهْـيَ كَـالشَّمْسِ مِعْطَالُ
بِأَشْــنَــبَ مِــعْــطَــارِ الْـغَـرِيـزَةِ مُـقْـسِـمٍ
لِــسَــائِــقِــهِ أَنَّ الْــقَــسِــيــمَـةَ مِـتْـفَـالُ
فَـلَا أَخْـلَـفَ الـدَّمْـعَ الَّـذِي فَـاضَ شَأْنُـهَا
دُعَــاءً لَــهَــا بَــلْ أَخْــلَــفَ الـنَّـظْـمَ لَأَّالُ
وَغَــنَّــتْ لَــنَــا فِــي دَارِ سَـابُـورَ قَـيْـنَـةٌ
مِـنَ الْـوُرْقِ مِـطْـرَابُ الْأَصَـائِـلِ مِـيـهَالُ
رَأَتْ زَهَــرًا غَــضًّــا فَــهَــاجَـتْ بِـمِـزْهَـرٍ
مَــثَــانِــيــهِ أَحْــشَـاءٌ لَـطُـفْـنَ وَأَوْصَـالُ
فَــقُــلْــتُ تَــغَـنَّـيْ كَـيْـفَ شِـئْـتِ فَإِنَّـمَـا
غِــنَــاؤُكِ عِــنْــدِي يَــا حَــمَـامَـةُ إِعْـوَالُ
وَتَــحْـسُـدُكِ الْـبِـيـضُ الْـحَـوَالِـي قِـلَادَةً
بِـجِـيـدِكِ فِـيـهَا مِنْ شَذَى الْمِسْكِ تِمْثَالُ
ظَــلَــمْــنَ وَبَـيْـتِ الـلـهِ كَـمْ مِـنْ قَـلَائِـدٍ
تُـــؤَازِرُهَـــا سُـــورٌ لَـــهُـــنَّ وَأَحْـــجَــالُ
فَآلَـيْـتُ مَـا تَـدْرِي الْـحَـمَـائِـمُ بِـالضُّحَى
أَأَطْــوَاقُ حُــسْـنٍ تِـلْـكَ أَمْ هُـنَّ أَغْـلَالُ؟
بَـدَتْ حَـيَّـةٌ قَـصْـرًا فَـقُـلْـتُ لِـصَـاحِـبِي
حَــيَــاةٌ وَشَــرٌّ بِــئْــسَــمَــا زَعَــمَ الْـفَـالُ
أَتُـــبْـــصِــرُ نَــارًا أُوقِــدَتْ لِــخُــوَيْــلِــدٍ
وَدُونَ سَــنَــاهَــا لِــلــنَّــجَــائِــبِ إِرْقَـالُ
وَأَقْـتَـالُ حَـرْبٍ يُـفْـقَـدُ الـسِّـلْـمُ فِـيـهُـمُ
عَـلَـى غَـيْـرِهِـمْ أَمْـضَـى الْقَضَاءِ وَإِقْتَالُ
وَعَـرْضُ فَـلَاةٍ يُـحْـرِمُ الـسَّـيْـفُ وَسْطَهَا
أَلَا إِنَّ إِحْـــــرَامَ الــــصَّــــوَارِمِ إِحْــــلَالُ
إِذَا قُــدِحَــتْ فَــالْــمَــشْــرَفِــيُّ زِنَـادُهَـا
وَإِنْ هِــيَ حُــشَّـتْ فَـالْـعَـوَامِـلُ أَجْـذَالُ
تَــمَــنَّــيْـتُ أَنَّ الْـخَـمْـرَ حَـلَّـتْ لِـنَـشْـوَةٍ
تُـجَـهِّـلُـنِـي كَـيْـفَ اطْـمَأَنَّـتْ بِـيَ الْحَالُ
فَأَذْهَــلُ أَنِّــي بِــالْــعِــرَاقِ عَــلَــى شَـفًـا
رَزِيُّ الْأَمَـــانِـــي لَا أَنِـــيـــسٌ وَلَا مَـــالُ
مُــقِــلٌّ مِــنَ الْأَهْــلِــيــنَ يُــسْـرٍ وَأُسْـرَةٍ
كَــفَــى حَــزَنًــا بَــيْــنٌ مُــشِـتٌّ وَإِقْـلَالُ
طَـوَيْـتُ الـصِّـبَـى طَـيَّ السِّجِلِّ وَزَارَنِي
زَمَــانٌ لَــهُ بِـالـشَّـيْـبِ حُـكْـمٌ وَإِسْـجَـالُ
مَــتَــى سَأَلَــتْ بَــغْــدَادُ عَـنِّـي وَأَهْـلُـهَـا
فَإِنِّـــيَ عَـــنْ أَهْـــلِ الْــعَــوَاصِــمِ سَأَّالُ
إِذَا جَـــنَّ لَـــيْــلِــي جُــنَّ لُــبِّــي وَزَائِــدٌ
خُــفُــوقُ فُــؤَادِي كُــلَّــمَــا خَــفَــقَ الْآلُ
وَمَــاءُ بِــلَادِي كَــانَ أَنْــجَــعَ مَــشْــرَبًــا
وَلَــوْ أَنَّ مَــاءَ الْـكَـرْخِ صَـهْـبَـاءُ جِـرْيَـالُ
حُــرُوفُ سُــرًى جَـاءَتْ لِـمَـعْـنًـى أَرَدْتُـهُ
بَـــرَتْـــنِـــيَ أَسْـــمَــاءٌ لَــهُــنَّ وَأَفْــعَــالُ
يُــحَــاذِرْنَ مِـنْ لَـدْغِ الْأَزِمَّـةِ لَا اهْـتَـدَى
مُــــخَــــبِّــــرُهَـــا أَنَّ الْأَزِمَّـــةَ أَصْـــلَالُ
فَــيَــا وَطَــنِــي إِنْ فَـاتَـنِـي بِـكَ سَـابِـقٌ
مِـنَ الـدَّهْـرِ فَـلْـيَـنْـعَـمْ لِـسَـاكِـنِـكَ الْـبَالُ
فَإِنْ أَسْــتَـطِـعْ فِـي الْـحَـشْـرِ آتِـكَ زَائِـرًا
وَهَــيْـهَـاتَ لِـي يَـوْمَ الْـقِـيَـامَـةِ أَشْـغَـالُ
وَكَـمْ مَـاجِـدٍ فِـي سِـيـفِ دِجْـلَةَ لَمْ أَشِمْ
لَــهُ بَــارِقًــا وَالْــمَــرْءُ كَــالْـمُـزْنِ هَـطَّـالُ
مِــنَ الْــغُــرِّ تَــرَّاكُ الْــهَــوَاجِــرِ مُـعْـرِضٌ
عَـنِ الْـجَـهْـلِ قَـذَّافُ الْـجَـوَاهِـرِ مِفْضَالُ
سَـيَـطْـلُـبُـنِـي رِزْقِـي الَّـذِي لَـوْ طَـلَـبْـتُـهُ
لَــمَــا زَادَ وَالــدُّنْــيَــا حُـظُـوظٌ وَإِقْـبَـالُ
إِذَا صَـدَقَ الْـجَـدُّ افْـتَـرَى الْـعَـمُّ لِـلْـفَـتَى
مَــكَــارِمَ لَا تُــكْــرِي وَإِنْ كَــذَبَ الْـخَـالُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو العلاء المَعَرِّي: شاعرٌ وفيلسوفٌ وأديبٌ عربيٌّ مِنَ العصرِ العبَّاسي، اشتُهِرَ بآرائِه وفلسفتِه المثيرةِ للجدلِ في وقْتِه.

وُلِدَ «أحمد بن عبد الله بن سليمان القُضاعي التنُوخي المَعَرِّي» المعروفُ ﺑ «أبي العلاء المَعَرِّي» عامَ ٣٦٣ﻫ بمَعَرَّةِ النُّعمانِ بسُوريا، وفقَدَ بصَرَه وهو صغيرٌ نتيجةً لمَرضِه بالجُدَري. أخَذَ علومَ القراءاتِ القرآنيةِ بإسنادٍ عنِ الشُّيوخ، كما تعلَّمَ الحديثَ في سنٍّ مُبكِّرة، وقالَ الشِّعرَ وهو ابنُ إحدى عشرةَ سنة، ورحلَ إلى بغدادَ عامَ ٣٩٨ﻫ فأقامَ بها سنةً وسبعةَ أَشْهُر، ثُم اعتزَلَ الناسَ لبعضِ الوقت؛ فلُقِّبَ ﺑ «رَهِينِ المَحْبسَيْن»؛ العَمَى والدَّار.

أمَّا شِعْرُه، وهو ديوانُ حكمتِه وفلسفتِه، فالمطبوعُ منه حتى الآن: «اللُّزوميَّات»، و«سِقْطُ الزَّنْد». وقد تُرجِمَ الكثيرُ من شِعْرِه إلى غيرِ العربيَّة، وأمَّا كُتبُه فكثيرةٌ وفِهرسُها في «مُعجَمِ الأُدَباء». من تَصانيفِه كتابُ «الأَيْك والغُصُون» في الأدب، يَزيدُ على مائةِ جُزْء، و«تاج الحُرَّة» في النساءِ وأخلاقِهنَّ وعِظاتِهِن، و«عَبَث الوَلِيد» شرَحَ فيه دِيوانَ البُحْتُريِّ ونقَدَه، و«رِسالة المَلائِكة» وهي صَغِيرة، و«رِسالة الغُفْران»، و«الفُصُول والغَايات».

عاش المعري متفلسفًا زاهدًا في الدنيا؛ إذ كانَ يَدعمُ حقوقَ الحيوانِ ويُحرِّمُ إِيلامَه، ولذا كان نباتيًا؛ فلمْ يَأكُلِ اللحمَ خمسًا وأربعينَ سنة، كما كانَ يَلبسُ خشِنَ الثِّياب، وكان له أراءه الخاصة في العقيدة، التي جعلت الآراء تختلف حول حقيقة إيمانه؛ إذ ذهب البعض إلى تكفيره واتهامه بالإلحاد، وإخراجِه مِنَ الإسلام، بينما دافَعَ عنه عميدُ الأدبِ العربيِّ «طه حسين» في عِدَّةِ كِتاباتٍ ومُؤلَّفات؛ أشْهرُها «معَ أبي العلاءِ في سجنِه». 

ظلَّ حبيسًا في بيتِه حتى وفاتِه عامَ ٤٤٩ﻫ بمنزلِه بمَعَرَّةِ النُّعْمان، وقد أَوْصى أن يُكتَبَ على قبْرِه عِبارة: «هذا جَناهُ أبي عليَّ، وما جَنيْتُ على أَحَد.» ويَقصدُ أنَّ أباه بزَواجِه من أمِّه أوْقَعَه في دارِ الدُّنيا. وقد وقَفَ على قبْرِه جمْعٌ غفيرٌ من أُدباءِ عصْرِه وشُعرائِه ورَثَوْه بثمانينَ مَرْثَاة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤