تِجَاهَ الرَّيْحَانِي (هِيَ النَّفْسُ)

Wave Image
هِيَ النَّفْسُ أَغْشَى فِي رِضَاهَا الْمَعَاطِبَا
وَأَحْــمِـلُ مِـنْـهَـا بَـيْـنَ جَـنْـبَـيَّ قَـاضِـبَـا
تُـكَـلِّـفُـنِـي أَنْ أَخْـبِـطَ الـلَّـيْـلَ بِـالـسُّرَى
وَأَنْ أَمْـتَـطِـي فِـيـهِ مِـنَ الْـهَـوْلِ غَـارِبَـا
وَتُـنْـهِـضُـنِـي لِـلْـمَـجْـدِ بِـالْـعَـزْمِ مَـاضِيًا
وَبِــالْــهَــمِّ مِــقْــلَاقًـا وَبِـالـرَّأْيِ صَـائِـبَـا
وَلَـــمْ تَــرْضَ إِلَّا كَــالْــجِــبَــالِ مَــعَــزَّةً
وَلَــمْ تَــهْــوَ إِلَّا كَــالــشُّـمُـوسِ مَـنَـاقِـبَـا
إِذَا أَنَـــا أَنْــزَلْــتُ الــنُّــجُــومَ لِأَرْضِــهَــا
أَبَـــتْـــهُـــنَّ إِلَّا أَنْ يَـــكُـــنَّ ثَـــوَاقِـــبَـــا
وَتَــرْفُــضُ مِــنِّــي كُــلَّ عَـيْـشٍ مُـنَـعَّـمٍ
إِذَا ازْوَرَّ ذَاكَ الْــعَــيْــشُ بِـالـذُّلِّ جَـانِـبَـا
وَلَــمْ تَــبْــغِ لِــي إِلَّا الْـحَـقِـيـقَـةَ بُـغْـيَـةً
وَلَـمْ تَـرْضَ لِـي إِلَّا الْـكَـرِيـمَ مُـصَـاحِـبَـا
تَـــقُـــولُ إِذَا أَوْرَدْتُـــهَــا مَــاءَ مِــذْنَــبٍ
رِدِ الْـبَـحْـرَ بِـي غَـمْـرًا وَخَـلِّ الْـمَـذَانِـبَـا
وَإِنِّــي لَأَشْــكُــوهَــا إِلَــيْــهَــا تَــظَــلُّـمًـا
فَأَرْجِــعُ عَــنْــهَـا بَـعْـدَ شَـكْـوَايَ خَـائِـبَـا
عَــلَــى أَنَّ لِــي مِــنْــهَـا حَـصَـاةً رَزِيـنَـةً
قَــتَــلْــتُ بِــهَــا كُــلَّ الْأُمُــورِ تَــجَـارِبَـا
لَــقَــدْ تَــعِـبَـتْ فِـيـمَـا تَـرُومُ مِـنَ الْـعُـلَا
كَـذَلِـكَ نَـفْـسُ الْـحُـرِّ تَـلْـقَـى الْـمَـتَـاعِبَا
أَلَـمْ تَـرَ مَـا لَاقَـى ابْـنُ لُـبْـنَـانَ فِـي الْعُلَا
مِـنَ الْأَيْـنِ لَـمَّـا سَاحَ فِي الْأَرْضِ ضَارِبَا
تَــيَــمَّــمَ مِــنْ بَــعْــدِ الْـحِـجَـازِ تِـهَـامَـةً
وَرَاحَ إِلَــى صَـنْـعَـاءَ يُـزْجِـي الـرَّكَـائِـبَـا
وَجَــاءَ إِلَــى أَرْضِ الْـعِـرَاقَـيْـنِ مُـبْـحِـرًا
وَكَــرَّ إِلَــى نَـجْـدٍ يَـجُـوبُ الـسَّـبَـاسِـبَـا
لِــيَـجْـمَـعَ مِـنْ أَبْـنَـاءِ يَـعْـرُبَ شَـمْـلَـهُـمْ
وَيَــقْــضِــيَ حَــقًّــا لِـلْـمَـوَاطِـنِ وَاجِـبَـا
أَخُــو هِــمَّــةٍ لَــوْ مَــدَّ بَـاعًـا إِلَـى الْـعُـلَا
لَأَوْشَــكَ مِــنْــهَــا أَنْ يَــنَـالَ الْـكَـوَاكِـبَـا
لَـــهُ قَـــلَـــمٌ عَـــزَّ الْــقَــرَائِــحَ شَــاعِــرًا
كَــمَــا ابْــتَــزَّ فُـرْسَـانَ الْـبَـلَاغَـةِ كَـاتِـبَـا
•••
لَــقَــدْ زُرْتَ نَـجْـدًا يَـا أَمِـيـنُ فَـقُـلْ لَـنَـا
أَتَــذْكُــرُ مِــنْ أَخْــبَــارِ نَـجْـدٍ جَـوَائِـبَـا؟
فَــمَــا حَــالَــةُ الْإِخْــوَانِ فِــيــهَـا فَإِنَّـنَـا
نَـرَى الـنَّـاسَ عَـنْـهُـمْ يَـذْكُـرُونَ الْغَرَائِبَا
فَـهَـلْ كَـفَّـرُوا مَـنْ لَـيْـسَ يُـرْسِـلُ لِحْيَةً
وَهَـلْ فَـسَّقُوا مَنْ لَيْسَ يُحْفِي الشَّوَارِبَا
وَمَـا أَنَـا مِـنْ قَـوْمٍ يَـدِيـنُـونَ بِـالـلِّـحَـى
وَلَــمْ يَــقْــبَـلُـوا إِلَّا مِـنَ الْـحَـلْـقِ تَـائِـبَـا
وَدَعْ عَــنْــكَ أَخْــبَــارَ الْــعِــرَاقِ فَإِنَّـنِـي
لَأَعْــلَــمُ مِــنْـهَـا مَـا يَـفُـوقُ الْـعَـجَـائِـبَـا
فَــوَيْـحًـا لِأَهْـلِ الـرَّافِـدَيْـنِ إِذِ انْـطَـوَوْا
عَـلَـى الْـيَأْسِ مِـنْ نُـورٍ يَـشُـقُّ الْـغَيَاهِبَا
لَــهُــمْ مَــلِــكٌ تَأْبَــى عِــصَــابَــةُ رَأْسِــهِ
لَـهَـا غَـيْـرُ سَـيْـفِ الـتَّـيْـمِـسِيِّينَ عَاصِبَا
لَــقَــدْ عَــاشَ فِـي عِـزٍّ بِـحَـيْـثُ أَذَلَّـهُـمْ
وَقَـدْ سَـاءَهُـمْ مِـنْ حَـيْـثُ سَـرَّ الْأَجَانِبَا
وَلَــيْــسَ لَــهُ مِــنْ أَمْــرِهِــمْ غَــيْـرَ أَنَّـهُ
يُــــعَــــدِّدُ أَيَّــــامًــــا وَيَأْخُـــذُ رَاتِـــبَـــا
تَــبَــوَّأَ عَــرْشَ الْــمُــلْــكِ لَا بِـحُـسَـامِـهِ
وَلَا كَـانَ فِـي يَـوْمٍ لَـهُ الـشَّـعْـبُ نَـاخِـبَا
وَلَــكِــنْ بِــطَــيَّــارَاتِ قَــوْمٍ تَــطَـايَـرَتْ
فَـكَـانَـتْ عَـلَـيْـنَـا مِـنْ شُـوَاظٍ سَـحَـائِبَا
أَلَا عَــدِّ عَــمَّــا فِــي الْــعِــرَاقِ فَإِنَّــنِــي
أَرَاهُ بِأَخْـــلَاقِ الـــزَّمَـــانِ مَـــعَـــايِـــبَــا
مَــعَــايِــبُ لَـوْ أَنِّـي هَـتَـكْـتُ سِـتَـارَهَـا
لَأَرْسَــلْــتُ مِــنْــهَـا لِـلْـمُـعَـانِـدِ حَـاصِـبَـا
فَــلَا تَــحْــسَــبَــنْــهُ أَنَّــهُ ذُو حُــكُـومَـةٍ
وَلَـوْ ضَـرَبُـوا ظُـلْـمًـا عَـلَـيْـهِ الـضَّـرَائِـبَـا
لَــئِــنْ أَلَّــفُــوا بِــالْــكِــذْبِ فِــيـهِ وِزَارَةً
فَإِنَّ بِــــهَــــا لِـــلْـــكَـــاذِبِـــيـــنَ مَآرِبَـــا
وَإِنِّـي لَأَهْـوَى الْـفَـجْـرَ إِنْ كَـانَ صَـادِقًـا
وَتُـنْـكِـرُ عَـيْـنِـي الْـفَـجْـرَ إِنْ كَـانَ كَـاذِبَا
•••
تَـــبَـــسَّـــمَ لُــبْــنَــانٌ بِــعَــوْدِ أَمِــيــنِــهِ
وَأَضْــحَــى لِأَذْيَــالِ الْـمَـسَـرَّةِ سَـاحِـبَـا
أَخَـا الْـفَـضْـلِ قَـدْ آنَـسْـتَ لُبْنَانَ حَاضِرًا
كَـمَـا كُـنْـتَ قَـدْ أَوْحَـشْـتَ لُـبْـنَانَ غَائِبَا
وَمَــا أَنْــتَ إِلَّا الْــبَــدْرُ يُــبْـهِـجُ طَـالِـعًـا
وَيُـــحْــزِنُ آفَــاقَ الْــمَــوَاطِــنِ غَــارِبَــا
مُـحَـيِّـيـكَ فِـي بَـغْـدَادَ إِذْ جِـئْـتَ قَادِمًا
يُـحَـيِّـيـكَ فِـي بَـيْـرُوتَ إِذْ جِـئْـتَ آيِـبَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤