بِعُلَاكَ يَخْتَالُ الزَّمَانُ تَبَخْتُرَا

Wave Image
بِـعُـلَاكَ يَـخْـتَـالُ الـزَّمَـانُ تَـبَـخْتُرَا
وَبِـقَـدْرِكَ الْأَسْـمَـى يَـتِـيـهُ تَـكَـبُّـرَا
وَمَــفَــاخِــرُ الْآبَـاءِ زِدْتَ جَـمَـالَـهَـا
كَــالـرَّوْضِ حَـيَّـاهُ الـرَّبِـيـعُ فَـنَـوَّرَا
حَـسْبُ الدِّيَارِ دِيَارِ مِصْرَ إِذَا دَجَى
لَـيْـلُ الْـخُـطُوبِ بِحُسْنِ رَأْيِكَ نَيِّرَا
وَكَـفَـى الـرَّعِـيَّـةَ أَنْ يَـقُومَ بِرَعْيِهَا
مَــوْلًــى يَـلَـذُّ بِأَنْ تَـنَـامَ وَيَـسْـهَـرَا
لِـلْـمُـلْـكِ سَـيْـفٌ مِنْكَ أُحْكِمَ صَقْلُهُ
وَبَـدَتْ بِـمَـتْـنَـيْـهِ خِـلَالُـكَ جَوْهَرَا
شَـهِـدَتْ سُـيُوفُ الْهِنْدِ حِينَ رَأَيْنَهُ
أَنَّ الـسُّـيُـوفَ بِـمِصْرَ أَكْرَمُ عُنْصُرَا
وَغَــدَتْ تُــقِــرُّ بِأَنَّ مَــاضِـيَ حَـدِّهِ
قَــدْ رَدَّ بَــاتِـرَهَـا الْـمُـصَـمِّـمَ أَبْـتَـرَا
«عَبَّاسُ» قَدْ سُسْتَ الْبِلَادَ سِيَاسَةً
سَـيُـحَـدِّثُ الـتَّارِيخُ عَنْهَا الْأَعْصُرَا
أَنْـفَـذْتَ حُـكْـمَـكَ بَـادِهًـا بِـمَـسَائِلٍ
دَقَّـتْ عَـلَـى الْـحُـكَمَاءِ أَنْ تُتَصَوَّرَا
طَـرِبَتْ لِحِكْمَتِهَا الشُّيُوخُ وَأَذْعَنَتْ
فَـلَـوَ انَّ «رَسْـطَـالِـيـسَ» ثَـمَّ لَكَبَّرَا
زَيَّـفْـتَ قَـوْلَ الْـمُـرْجِـفِـيـنَ مُـبَـيِّنًا
لِــلْــحَـقِّ نَـهْـجًـا كَـادَ أَنْ يَـتَـنَـكَّـرَا
وَبَـنَـيْـتَ سَـدًّا مِـنْ ذَكَـائِكَ دُونَهُمْ
فَأَرَيْـتَـنَـا «يَأْجُوجَ» «وَالْإِسْكَنَدْرَا»
يَـا صَـاحِـبَ الـنِّـيلِ الَّذِي جَرَّتْ بِهِ
مِـصْـرٌ عَـلَـى الْـبُلْدَانِ ذَيْلًا أَخْضَرَا
حَــقَّــقْــتَ آمَـالَ الْـبِـلَادِ وَجُـزْتَـهَـا
شَأْوًا وَمَـا جُـزْتَ الـشَّبَابَ الْأَنْضَرَا
رَامَـتْـكَ شِـبْـلًا كَـيْ تُـعِـزَّ عَـرِيـنَـهَا
فَأَبَــيْــتَ إِلَّا أَنْ تَـكُـونَ غَـضَـنْـفَـرَا
هِــمَــمٌ إِذَا مَــدَّتْ لِـمُـفْـتَـخَـرٍ يَـدًا
لَا تَـــرْتَــضِــى إِلَّا الْأَعَــزَّ الْأَكْــبَــرَا
وَعَـزِيـمَـةٌ مَـيْـمُـونَـةٌ لَـوْ لَامَـسَـتْ
صَـخْـرًا لَـعَـادَ الصَّخْرُ رَوْضًا أَزْهَرَا
لِـلـهِ كَـيْـفَ رَكَضْتَ فِي طُرُقِ الْعُلَا
فَـقَـطَـعْـتَـهَـا حِـيـنَ الْمُجَوِّدُ قَصَّرَا
لَــوْ أَنَّ غَـيْـرَكَ سَـالِـكٌ هَـضَـبَـاتِـهَـا
وَرَأَى مَـجَـاهِـلَ سُـبْـلِـهَـا لَـتَـعَـثَّـرَا
لَــكِـنَّ جَأْشَـكَ لَا يُـمَـكِّـنُ مَـنْـهَـجًـا
يُـفْـضِـي إِلَـى الْـعَـلْـيَاءِ أَنْ يَتَوَعَّرَا
يَـا لَـيْـتَ أَصْـلًا أَنْـتَ خَـيْرُ فُرُوعِهِ
يَـوْمًـا يُـرَدُّ إِلَـى الْـحَـيَـاةِ لِـيَـنْـظُرَا
وَيَـرَاكَ تَـبْـنِـي الْـمَـجْـدَ مِـثْلَ بِنَائِهِ
وَتَـذُودُ عَنْ حَوْضِ الْجُدُودِ مُظَفَّرَا
وَتُـحَـيِّـرُ الـدُّنْـيَـا بِـسِـيـرَتِـكَ الَّتِي
قَـدْ سَـارَهَـا قِـدْمًـا فَأَكْـبَرَهَا الْوَرَى
يَـا ابْـنَ الَّـذِيـنَ سَـمَـوْا لِأَبْعَدِ غَايَةٍ
فَـتَـسَنَّمُوا الْقُنَنَ الشَّوَامِخَ وَالذُّرَى
عَــزِّزْ بِــنَـاءَهُـمُ الَّـذِي قَـدْ وَطَّـدُوا
تُـشْـكَـرْ وَشَـيِّـدْهُ يَـشِـدْ لَكَ مَفْخَرَا
وَتَــوَلَّ تَــذْلِـيـلَ الـصِّـعَـابِ فَإِنَّـهَـا
مَــرْهُــونَــةٌ حَـتَّـى تَـقُـولَ وَتَأْمُـرَا
إِنَّ الَّـذِي جَـعَـلَ الْـعَـزَائِمَ بَعْضَ مَا
أُوتِـيـتَ، قَـدَّرَ أَنْ تُـعَـانَ وَتُـنْـصَـرَا
لَـمْ يَـخْـلُقِ اللهُ الشَّهَامَةَ فِي امْرِئٍ
إِلَّا لِــــخَــــيْــــرٍ قَـــدْ أَرَادَ وَدَبَّـــرَا
وَمُـغَـالِـبُ الْـعَـقَـبَـاتِ حَـتْمًا غَالِبٌ
إِلَّا إِذَا اطَّــرَحَ الــثَّــبَـاتَ وَأَقْـصَـرَا
بُـشْـرَى فَـشَـهْرُ الصَّوْمِ أَقْبَلَ بَاسِمًا
يُـهْـدِي إِلَـيْـكَ مِـنَ السَّلَامِ الْأَعْطَرَا
وَيُـثِـيـبُـكَ الْأَجْـرَ الْمُضَاعَفَ رَاحِلًا
إِذْ كُـنْـتَ أَفْضَلَ مَنْ يُثَابُ وَأَجْدَرَا
شَــهْــرٌ كَـمَـا زِنْـتَ الْإِمَـارَةَ نَـاشِـرًا
فِــيـنَـا لِـوَاءَ الْـعَـدْلِ زَانَ الْأَشْـهُـرَا
لِــلــهِ دَرُّ نَــدَاكُــمَــا فَــلَـقَـدْ جَـرَتْ
أَيَّـــامُـــهُ أَجْــرًا وَكَــفُّــكَ أَبْــحُــرَا
بُــشْـرَاكَ بِـالْـعِـيـدِ الـسَّـعِـيـدِ فَإِنَّـهُ
قَـدْ أَمَّ بَـابَـكَ رَاضِـيًـا مُـسْـتَـبْـشِرَا
وَرَأَى بِــنَــادِيــكَ الْــبَـهِـيِّ مَـهَـابَـةً
كَـتَبَتْ عَلَى جَنَبَاتِ عَرْشِكَ أَسْطُرَا
وَاهْــنَأْ فَإِنَّ لَــنَــا هَــنَــاءً طَــيِّــبًــا
فِــي أَنْ تُــسَــرَّ بِـهِ وَحَـظًّـا أَوْفَـرَا

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: كتب الشاعر هذه القصيدة تهنئة بعيد الفطر، رفعها إلى الخديو عباس الثاني سنة ١٨٩٣م.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

إسماعيل صبري باشا: ولد في مصر بمدينة القاهرة عام ١٨٥٤م، وتلقى الدروس الثانوية في المدارس المصرية، ونال شهادة الليسانس في الحقوق من كلية مدينة إكس في فرنسا سنة ١٨٧٨م، حيث وصلها مع إحدى البعثات الفرنسية، ولما عاد إلى مصر تنقل في مناصب القضاء والإدارة حيث شغل وظائف القضائيين، كما عُين رئيسًا لمحكمة الإسكندرية الأهلية، ثم محافظًا للإسكندرية، فوكيلًا لوزارة العدلية «الحقانية»، ولما بلغ الستين أحيل للتقاعد ففتح داره التي صارت منتدى الشعراء والأدباء.

يعد إسماعيل صبري من شعراء الطبقة الأولى في العصر الحديث، كان يكتب شعره على هوامش الكتب والمجلات، وينشره أصدقاؤه خلسة، حيث كان كثيرًا ما يمزق قصائده صائحًا: «إن أحسن ما عندي ما زال في صدري!» وقد امتاز شعره بقوة الخيال ورقة وعذوبة المعنى، وحب الفن والجمال، وخفة الروح، كان يكتب أحيانًا مقطوعات قصيرة، وأحيانًا أخرى قصائد طويلة، ولشعر صبري مسحة من الترف الحضري واللين والجلاء، وعلى الرغم من سهولة ألفاظه إلا أنه كان شعرًا محملًا بالمعاني الجليلة. كما كان نثره أشد تأثيرًا في النفس وأثبت أثرًا.

وقد نظم صبري الكثير من الشعر الغنائي والأدوار والمواويل، وقال في المديح والتهاني والتقاريض والهجاء، كما قال في الوصف والاجتماعات والسياسات والإلهيات والمراثي والأناشيد. كان شاعرنا وطنيًّا ومثاليًّا، فمثلًا لم يزر أي إنجليزي قط، وكانت له في السياسة مواقف مشرفة مثل وقعة حادثة دنشواي المؤلمة التي نظم فيها قصيدة معبرة، وقيل إن كرومر كان يريد التمهيد لجعله رئيسًا للوزارة؛ فرد عليه بالقول: «لن أكون رئيسًا للوزارة وأخسر ضميري!»

توفي عام ١٩٢٣م، ودفن في مقبرة الإمام الشافعي في القاهرة، وأقيم له حفل تأبين كبير تبارى فيه الشعراء والخطباء لمواقفه النزيهة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤