لَقِيتِ الرِّضَا وَاسْتَقْبَلَتْكِ الْبَشَائِرُ

Wave Image
لَـقِـيـتِ الـرِّضَـا وَاسْـتَـقْبَلَتْكِ الْبَشَائِرُ
فَـسَـعْـيُـكِ مَـشْـكُـورٌ وَفَـضْـلُـكِ بَاهِرُ
دُعَــاؤُكِ مَـقْـبُـولٌ وَصَـوْمُـكِ صَـالِـحٌ
وَحَــجُّـكِ مَـبْـرُورٌ وَعَـافِـيـكِ شَـاكِـرُ
إِذَا جِـئْـتِ رَبَّ الْـعَـرْشِ جَـلَّ جَـلَالُـهُ
وَنَـاغَـاكِ مِـنْـهُ وَاسِـعُ الـلُّـطْـفِ غَـافِرُ
فَــقُـولِـي لَـهُ يَـا رَبِّ مِـصْـرُ حَـزِيـنَـةٌ
يُــوَاثِــبُــهَــا مَــكْــرُوهُــهَـا وَيُـسَـاوِرُ
فَـعَـجِّـلْ لَـهَـا رَبِّ الْـخَـلَاصَ وَنَـجِّـهَا
فَــلَــيْــسَ لَــهَــا إِلَّاكَ حَــامٍ وَنَــاصِـرُ
•••
وَقُــولِــي لَـهُ بَـعْـدَ الـسُّـجُـودِ لِـذَاتِـهِ
وَتَـــمْـــجِــيــدِهِ يَــا رَبِّ إِنَّــكَ قَــادِرُ
فَـرِفْـقًـا بِـتَـوْفِـيـقٍ وَخَـلِّـصْ ثَـيَـابَـهُ
مِـنَ الْـوَقْـفِ إِنَّ الْـوَقْـفَ بَـاغٍ وَغَـادِرُ
وَأَخْـلِـفْ عَـلَـيْـهِ وَارْضَ عَـنْهُ وَأَرْضِهِ
وَرَحِّـبْ إِذَا أَلْـقَـى عَـصَـاهُ الْـمُـسَـافِرُ
•••
أَجَــوَّابَــةَ الْــقَـفْـرِ الْـمَـخُـوفِ لِـرَبِّـهَـا
تُـجَـاذِبُـهَـا شَـوْقًـا مِـنًـى وَالْـمَـشَـاعِرُ
كُـفِـفْـتِ فَمَا أَحْجَمْتِ عَنْ قَصْدِ بَيْتِهِ
وَخَـاطَـرْتِ نَـفْـلًا فِـيهِ فِيمَنْ يُخَاطِرُ
وَأَعْـجَـبُ شَـيْءٍ أَنْ يَـرَى الـلـهُ عَبْدَهُ
يَـجُـوبُ الْـفَـيَـافِي شَاكِرًا وَهْوَ صَابِرُ
وَلَـيْـسَ الْـهُـدَى أَنَّ الْـعُـيُـونَ بَـصِيرَةٌ
وَلَــكِــنَّــهُ أَنْ لَا تُــكَــفَّ الْــبَــصَــائِــرُ
تُــلَـبِّـيـهِ فَـوْقَ الْـبَـرِّ وَالْـبَـحْـرِ رَغْـبَـةً
وَلَا الـصَّـبْرُ مَدْخُولٌ وَلَا الشُّكْرُ قَاصِرُ
أَبُــوهَــا الــتَّـقِـيُّ «الْأَزْهَـرِيُّ» وَأُمُّـهَـا
مُـزَيْـنَـةُ تَـشْـدُو بِـاسْـمِـهَـا إِذْ تُـفَـاخِرُ
أَصَــوَّامَــةَ الْــعُــمْـرِ الْـمَـدِيـدِ زَهَـادَةً
وَرِزْقُـــكِ مَـــوْفُــورٌ وَزَادُكِ حَــاضِــرُ
وَبَــيْــتُــكِ لِـلْأَيْـتَـامِ رَوْضٌ وَمَـنْـهَـلٌ
وَسَــاحُــكِ لِــلْـعَـافِـيـنَ نَـادٍ وَسَـامِـرُ
وَقَــوَّامَــةَ الــلَّـيْـلِ الـطَّـوِيـلِ لِـرَبِّـهَـا
تُــنَــاغِــيـهِ عَـنْ شَـوْقٍ لَـهُ وَتُـسَـامِـرُ
وَوَجْهُكِ بِالْإِخْلَاصِ وَالصِّدْقِ مُشْرِقٌ
وَقَـلْـبُـكِ بِـالـتَّـوْحِـيـدِ وَالـذِّكْـرِ عَامِرُ
يَــنَــامُ عِـبَـادُ الـلـهِ مِـلْءَ جُـفُـونِـهِـمْ
وَجَــفْـنُـكِ مِـنْ تَـقْـوَاكِ بَـاكٍ وَسَـاهِـرُ
وَشَـمْـسُ الْـهُدَى ضَحَّاكَةٌ فِي جَبِينِهَا
وَبَـدْرُ الـتُّقَى مِنْ وَجْهِهَا السَّعْدُ سَافِرُ
وَجَـلَّ الـتُّـقَـى أَنْ لَـيْـسَ يَـظْهَرُ نُورُهُ
لَـقَـدْ طُـبِـعَـتْ فَـوْقَ الْوُجُوهِ السَّرَائِرُ
وَضَـافِـي الْـحِـجَى مُلْقٍ عَلَيْهَا رِوَاقَهُ
وَأَنْـــوَارُهَـــا أَسْـــتَـــارُهَـــا وَالْــمَآزِرُ
تَــلَــقَّــاكِ رَبُّ الْــعَــالَـمِـيـنَ بِـوَجْـهِـهِ
يُـحَـيِّـيـكِ مِـنْـهُ سَـاطِـعُ الـنُّـورِ قَاهِرُ
تَــظَــلُّ لَــهُ الْأَرْوَاحُ تَــهْــتَـزُّ غِـبْـطَـةً
كَـمَـا اهْـتَـزَّ فِـي كَـفِّ النَّسِيمِ الْأَزَاهِرُ
بَـــدَائِـــعُ أَنْـــوَارٍ وَآيَـــاتُ بَـــهْــجَــةٍ
تَـرِنُّ الْـحُـلَـى فِـيـهَـا وَتَشْدُو الْمَنَاظِرُ
لَـهَـا يَـرْكَـعُ الْـفِـكْـرُ الْـجَرِيءُ وَيَرْتَمِي
عَـلَـى قَـدَمَـيْـهَـا وَالْـخَـيَـالُ الْـمُغَامِرُ

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: الرثاء
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

محمد توفيق علي: شاعِرٌ مِصريٌّ يَنْتَمِي إِلى مَدْرَسةِ الإحْياءِ والبَعْثِ فِي الشِّعرِ العَرَبِي؛ تلكَ المَدْرَسةِ التِي وُصِفتْ بأنَّها أَحْيَتِ الشِّعرَ مِن مَرْقَدِه؛ حيثُ أعادَتْ بِناءَ القَصِيدةِ الشِّعريةِ بِناءً يُجدِّدُ فِي أَغْراضِها الشِّعريةِ ولا يَتَصرَّفُ فِي صُورتِها التَّقلِيديةِ المُتمثِّلةِ فِي وَحْدةِ الوَزنِ والقَافِية.

وُلِدَ محمد توفيق فِي قَرْيةِ «زاوية المصلوب» بمُحافَظةِ بني سويف عامَ ١٨٨١م أثناءَ الثَّوْرةِ العُرَابِية، وكانَ والِدُهُ مِن أَثْرياءِ الفَلَّاحِين، فأَلْحَقَه بِكُتَّابِ القَرْيةِ بِوَصْفِهِ أَوَّلَ بابٍ يُفْضِي إِلى مَدِينةِ العِلْمِ والدِّينِ فِي هَذا الزَّمَان، ثُم أَوفَدَهُ إلَى القاهِرة؛ فانْتَظَمَ بِمَدْرَسةِ «القِرَبِيَّة» حتَّى نالَ الشَّهادةَ الِابتِدَائِية، والْتَحقَ بَعدَها بِمَدرَسةِ الفُنُونِ والصَّنائِعِ فِي بولاق، ودَرَسَ بِها فُنونًا مِنَ الأَدَبِ العَرَبِي.

وكانَ القَدَرُ يَدَّخِرُ مُنْعطفًا آخَرَ فِي حَياةِ الشاعِر؛ إذِ اغْتنَمَ فُرصَةَ الإعْلانِ عَنِ الحَاجَةِ إِلى ضُبَّاطٍ بالمَدرَسةِ الحَرْبِية، فالْتَحَقَ بِها وتَخَرَّجَ ضَابِطًا عامَ ١٨٩٨م، ثُمَّ الْتَحَقَ بالجَيشِ المِصرِيِّ فِي السُّودان، وهُناكَ الْتَقَى بِشاعِرِ النِّيلِ حافظ إبراهيم ونَهَلَ مِن فَيْضِ شِعرِهِ الزَّاخِر، وبَعْدَ انْقِضاءِ مَهَمَّتِهِ فِي السُّودان عادَ إِلى مِصرَ وقرَّرَ أنْ يَهَبَ مَا بَقِيَ مِن عُمُرِهِ لِنَظْمِ الشِّعْر.

وعَلَى الرَّغْمِ ممَّا مُنِيَ بِه شاعِرُنا مِن ضائِقةٍ مالِيةٍ عصَفَتْ بثَرْوةِ أبيهِ وأَحالَتْهُ إِلى الفَقرِ والشَّقاءِ بَعدَ رَغَدٍ مِنَ النَّعِيمِ والثَّرَاء؛ فإنَّ ذلِكَ لَمْ يَمنَعْهُ مِن أنْ يُثرِيَ السَّاحةَ الأَدَبيةَ بالعَدِيدِ مِنَ الذَّخائِرِ الشِّعْرية؛ مِنْها دِيوانُهُ الكَبيرُ الذِي أَخرَجَهُ فِي خمسةِ أَجْزاء؛ هي: «قِفَا نَبْكِ»، و«السَّكَن»، و«الرَّوْضَة الفَيْحَاء»، و«تَسْبِيح الأَطْيَار»، و«تَرْنِيم الأَوْتَار».

وقَدْ وافَتْهُ المَنِيَّةُ عامَ ١٩٣٧م عَن عُمُرٍ ناهَزَ ٥٥ عامًا، ودُفِنَ فِي مَقْبرةِ أُسرَتِهِ الواقِعةِ عَلى مَشارِفِ الصَّحْراءِ شَرْقِيَّ النِّيل.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤