لَيْتَ التَّحَمُّلَ عَنْ ذُرَاكَ حُلُولُ

Wave Image
لَـيْـتَ الـتَّـحَـمُّـلَ عَـنْ ذُرَاكَ حُـلُـولُ
وَالـسَّـيْـرَ عَـنْ حَـلَـبٍ إِلَـيْـكَ رَحِـيلُ
يَــا ابْــنَ الَّــذِي بِــلِـسَـانِـهِ وَبَـيَـانِـهِ
هُـــدِيَ الْأَنَــامُ وَنُــزِّلَ الــتَّــنْــزِيــلُ
عَـنْ فَـضْـلِـهِ نَـطَقَ الْكِتَابُ وَبَشَّرَتْ
بِــقُــدُومِــهِ الــتَّــوْرَاةُ وَالْإِنْــجِـيـلُ
مِــنِّــي إِلَــيْـكَ مِـعَ الـرِّيَـاحِ تَـحِـيَّـةٌ
مَـشْـفُـوعَـةٌ وَمَـعَ الْـوَمِـيضِ رَسُولُ
فِـي الْـقَلْبِ ذِكْرُكَ لَا يَزُولُ وَإِنْ أَتَى
دُونَ اللِّــقَــاءِ سَــبَـاسِـبٌ وَهُـجُـولُ
إِنَّ الْـعَـوَائِـقَ عُـقْـنَ عَـنْـكَ رَكَـائِـبِي
فَــلَــهُــنَّ مِـنْ طَـرَبٍ إِلَـيْـكَ هَـدِيـلُ
أَشْـبَـهْـنَ فِـي الـشَّوْقِ الْحَمَامَ وَإِنَّمَا
طَــيَــرَانُــهُــنَّ تَــوَقُّــصٌ وَذَمِــيــلُ
مَــنْ قَــالَ إِنَّ الــنَّــيِّــرَاتِ عَـوَامِـلٌ
فَــبِــضِــدِّ ذَلِــكَ فِـي عُـلَاكَ يَـقُـولُ
يَــعْــمَــلْـنَ فِـيـمَـا دُونَـهُـنَّ بِـزَعْـمِـهِ
وَلَـــهُــنَّ دُونَــكَ مَــطْــلَــعٌ وَأُفُــولُ
لَـوْلَا انْـقِـطَـاعُ الْـوَحْـيِ بَـعْدَ مُحَمَّدٍ
قُــلْــنَــا مُــحَـمَّـدُ مِـنْ أَبِـيـهِ بَـدِيـلُ
هُــوَ مِــثْــلُــهُ فِـي الْـفَـضْـلِ إِلَّا أَنَّـهُ
لَـــمْ يَــأْتِــهِ بِــرِسَــالَــةٍ جِــبْــرِيــلُ
قُــلْ لِلَّــذِي عُـرِفَـتْ حَـقِـيـقَـتُـهُ بِـهِ
إِذْ لَا يُــقَــامُ عَــلَـى الـدَّلِـيـلِ دَلِـيـلُ
مَــا بَـالُ سَـابِـقَـةٍ يَـصِـلُّ لِـجَـامُـهَـا
أَرِنَــتْ وَعَــقْـدُ لِـجَـامِـهَـا مَـحْـلُـولُ
كَـالـطِّـرْفِ يُـقْـلِـقُـهُ الْـمِـرَاحُ صَبَابَةً
بِــالْــجَـرْيِ وَهْـوَ مُـقَـيَّـدٌ مَـشْـكُـولُ
أَكَــذَا الْــجِــيَــادُ إِذَا أَرَادَتْ مَــوْرِدًا
نَـضَـبَ الْـفُـرَاتُ لَـهَـا وَغَـاضَ النِّيلُ
حُـجِـبَـتْ فَـلَمْ يَرَهَا الَّذِي قِيدَتْ لَهُ
وَغَــدَتْ بِــآفَــاقِ الْــبِــلَادِ تَــجُـولُ
وَمِــنَ الْـعَـجَـائِـبِ أَنْ يُـسَـيِّـرَ آمِـلٌ
مِـدَحًـا وَلَـمْ يَـعْـلَـمْ بِـهَـا الْـمَـأْمُـولُ
مَــا كَــانَ يَــرْكَــبُ غَـيْـرَهَـا لَـوْ أَنَّـهُ
عُـرِضَ الْـقَـرِيضُ عَلَيْهِ وَهْوَ خُيُولُ
وَيَـصُـدُّهَـا قِـصَـرُ الْـعِـنَـانِ فَـمَـا لَهَا
يَـوْمَ الـرِّهَـانِ إِلَـى الْأَمِـيـرِ وُصُـولُ
وَالْـعِيسُ أَقْتَلُ مَا يَكُونُ لَهَا الصَّدَى
وَالْـمَـاءُ فَـوْقَ ظُـهُـورِهَـا مَـحْـمُـولُ
وَإِذَا نَـضَـتْ عَـنْ مَـتْـنِـهَا بُرْدَ الصِّبَا
مَـعْـشُـوقَـةٌ فَـإِلَـى الْـجَـفَـاءِ تَـؤُولُ
شَـابَـتْ فَـجُـدْ بِخِضَابِهَا وَابْعَثْ بِهَا
عَـجِـلًا إِلَـيْـهِ فَـلِلْـخِـضَـابِ نُـصُـولُ
فَهِيَ الَّتِي صِيغَتْ لَهَا مِنْ وَعْدِكَ الْـ
أَحْــجَـالُ أَمْـسِ وَفُـصِّـلَ الْإِكْـلِـيـلُ
وَكَـلَامُـكَ الْـمِـرْآةُ تَـصْدُقُ فِي الَّذِي
تَـحْـكِـي وَأَنْـتَ الـصَّـارِمُ الْمَصْقُولُ
لَا شَـانَ صَـفْـحَـيْـكَ النَّجِيعُ وَلَا بَدَا
لِلــنَّــاظِــرِيـنَ بِـمِـضْـرَبَـيْـكَ فُـلُـولُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو العلاء المَعَرِّي: شاعرٌ وفيلسوفٌ وأديبٌ عربيٌّ مِنَ العصرِ العبَّاسي، اشتُهِرَ بآرائِه وفلسفتِه المثيرةِ للجدلِ في وقْتِه.

وُلِدَ «أحمد بن عبد الله بن سليمان القُضاعي التنُوخي المَعَرِّي» المعروفُ ﺑ «أبي العلاء المَعَرِّي» عامَ ٣٦٣ﻫ بمَعَرَّةِ النُّعمانِ بسُوريا، وفقَدَ بصَرَه وهو صغيرٌ نتيجةً لمَرضِه بالجُدَري. أخَذَ علومَ القراءاتِ القرآنيةِ بإسنادٍ عنِ الشُّيوخ، كما تعلَّمَ الحديثَ في سنٍّ مُبكِّرة، وقالَ الشِّعرَ وهو ابنُ إحدى عشرةَ سنة، ورحلَ إلى بغدادَ عامَ ٣٩٨ﻫ فأقامَ بها سنةً وسبعةَ أَشْهُر، ثُم اعتزَلَ الناسَ لبعضِ الوقت؛ فلُقِّبَ ﺑ «رَهِينِ المَحْبسَيْن»؛ العَمَى والدَّار.

أمَّا شِعْرُه، وهو ديوانُ حكمتِه وفلسفتِه، فالمطبوعُ منه حتى الآن: «اللُّزوميَّات»، و«سِقْطُ الزَّنْد». وقد تُرجِمَ الكثيرُ من شِعْرِه إلى غيرِ العربيَّة، وأمَّا كُتبُه فكثيرةٌ وفِهرسُها في «مُعجَمِ الأُدَباء». من تَصانيفِه كتابُ «الأَيْك والغُصُون» في الأدب، يَزيدُ على مائةِ جُزْء، و«تاج الحُرَّة» في النساءِ وأخلاقِهنَّ وعِظاتِهِن، و«عَبَث الوَلِيد» شرَحَ فيه دِيوانَ البُحْتُريِّ ونقَدَه، و«رِسالة المَلائِكة» وهي صَغِيرة، و«رِسالة الغُفْران»، و«الفُصُول والغَايات».

عاش المعري متفلسفًا زاهدًا في الدنيا؛ إذ كانَ يَدعمُ حقوقَ الحيوانِ ويُحرِّمُ إِيلامَه، ولذا كان نباتيًا؛ فلمْ يَأكُلِ اللحمَ خمسًا وأربعينَ سنة، كما كانَ يَلبسُ خشِنَ الثِّياب، وكان له أراءه الخاصة في العقيدة، التي جعلت الآراء تختلف حول حقيقة إيمانه؛ إذ ذهب البعض إلى تكفيره واتهامه بالإلحاد، وإخراجِه مِنَ الإسلام، بينما دافَعَ عنه عميدُ الأدبِ العربيِّ «طه حسين» في عِدَّةِ كِتاباتٍ ومُؤلَّفات؛ أشْهرُها «معَ أبي العلاءِ في سجنِه». 

ظلَّ حبيسًا في بيتِه حتى وفاتِه عامَ ٤٤٩ﻫ بمنزلِه بمَعَرَّةِ النُّعْمان، وقد أَوْصى أن يُكتَبَ على قبْرِه عِبارة: «هذا جَناهُ أبي عليَّ، وما جَنيْتُ على أَحَد.» ويَقصدُ أنَّ أباه بزَواجِه من أمِّه أوْقَعَه في دارِ الدُّنيا. وقد وقَفَ على قبْرِه جمْعٌ غفيرٌ من أُدباءِ عصْرِه وشُعرائِه ورَثَوْه بثمانينَ مَرْثَاة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤