الشَّرِيدُ

Wave Image
أَطَـــلَّـــتِ الْآلَامُ مِـــنْ جُــحْــرِهِ
وَلُــفَّــتِ الْأَسْــقَــامُ فِـي طِـمْـرِهِ
بُــرْدَتُــهُ الــلَّــيْــلُ، عَــلَــى بَـرْدِهِ
وَكِــنُّــهُ الْــقَــيْــظُ، عَــلَـى حَـرِّهِ
مُــــشَــــرَّدٌ يَأْوِي إِلَـــى هَـــمِّـــهِ
إِذَا أَوَى الـــطَّــيْــرُ إِلَــى وَكْــرِهِ!
مَـا ذَاقَ حُـلْـوَ الـلَّـثْـمِ فِـي خَـدِّهِ
وَلَا حَــنَــانَ الْـمَـسِّ فِـي شَـعْـرِهِ
وَلَا حَــوَتْــهُ الْأُمُّ فِــي صَــدْرِهَـا
وَلَا أَبٌ نَـــاغَـــاهُ فِــي حِــجْــرِهِ
قَـدْ صَـبَـرَ الـنَّـفْـسَ عَـلَـى مَا بِهَا
وَانْـتَـظَـرَ الْـمَـوْعُـودَ مِـنْ صَـبْرِهِ
•••
الْـبَـطْـنُ مَـهْـضُومٌ، طَوَاهُ الطَّوَى
وَنَــامَ أَهْــلُ الْأَرْضِ عَــنْ نَـشْـرِهِ
وَالْــوَجْــهُ لِــلْــيَأْسِ بِــهِ نَــظْـرَةٌ
يَــقْـذِفُـهَـا الْـحِـقْـدُ عَـلَـى دَهْـرِهِ
جَــرَّحَــهُ الــدَّهْــرُ، فَــمِــنْ نَـابِـهِ
تِــلْــكَ الْأَخَـادِيـدُ، وَمِـنْ ظُـفْـرِهِ
قَــدْ كَــتَــبَ الــلــهُ عَــلَـى خَـدِّهِ
خَـطًّـا يَـبِـينُ الْبُؤْسُ فِي سَطْرِهِ
وَغَـارَ ضَـوْءُ الْـحِـسِّ مِـنْ عَـيْـنِهِ
وَفَــرَّ لَــمْــحُ الْأُنْــسِ مِـنْ ثَـغْـرِهِ
وَالْـبِـشْـرُ، أَيْنَ الْبِشْرُ؟ وَيْحِي لَهُ!
يَــا رَحْــمَــةَ الــلـهِ عَـلَـى بِـشْـرِهِ
يَـجُـرُّ رِجْـلَـيْـهِ بَـطِـيءَ الْـخُطَى
كَـالْـجُـعَـلِ الْـمَـكْـدُودِ مِـنْ جَـرِّهِ
إِنْ نَــامَ أَبْــصَــرْتَ بِــهِ كُــتْــلَــةً
تَــجْــمَــعُ سَــاقَـيْـهِ إِلَـى نَـحْـرِهِ
احْــتَـبَـسَـتْ «أَوَّاهُ» فِـي قَـلْـبِـهِ
وَاخْـتَـنَـقَتْ «وَيْلَاهُ» فِي صَدْرِهِ
وَجَـفَّ مَـاءُ الْـعَـيْـنِ فِـي مُـوقِهَا
مَـاذَا أَفَـادَ الْـعَـيْـنَ مِـنْ هَـمْـرِهِ؟
سَــالَــتْ بِـهِ نَـهْـرًا عَـلَـى لُـقْـمَـةٍ
فَــعَــادَ كَــالــسَّـائِـلِ فِـي نَـهْـرِهِ!
لَا يَـــجِــدُ الْــمَأْوَى، وَلَــوْ رَامَــهُ
أَحَــالَــهُ الــدَّهْــرُ عَــلَــى قَــبْـرِهِ
هُــنَــاكَ يَــثْــوِي هَــادِئًــا آمِــنًــا
مِـنْ شَـظَـفِ الْـعَيْشِ وَمِنْ وَعْرِهِ
فَـكَـمْ بِـصَـدْرِ الْـقَـبْرِ مِنْ ضَجْعَةٍ
أَحْـنَـى مِـنَ الـدَّهْـرِ وَمِـنْ نُـكْرِهِ!
•••
مَــتْــعَـبَـةُ الْإِنْـسَـانِ فِـي حِـسِّـهِ
وَشِــقْــوَةُ الْإِنْــسَـانِ مِـنْ فِـكْـرِهِ
كَـيْـفَ يُـرَجَّـى الـصَّـفْوُ مِنْ كَائِنٍ
الْــحَــمَأُ الْــمَــسْـنُـونُ فِـي ذَرِّهِ؟
لَـمْ يَـسْـمُ لِـلْأَمْـلَاكِ فِـي أَوْجِـهَـا
وَلَا هَــوَى لِـلْـوَحْـشِ فِـي قَـفْـرِهِ
رَامَ الـلُّـبَـابَ الْـمَحْضَ مِنْ سَعْيِهِ
فَــلَـمْ يَـنَـلْ مِـنْـهُ سِـوَى قِـشْـرِهِ
يَـسْـعَـى، وَمَـا يَـدْرِي إِلَـى نَـفْعِهِ
سَــعَــى حَـثِـيـثًـا، أَمْ إِلَـى ضَـرِّهِ
آمَــنْــتُ بِــالــلــهِ! فَــكَــمْ عَـالِـمٍ
أَعْـجَـزَهُ الْـمَـحْـجُـوبُ مِـنْ سِرِّهِ
•••
الـلـهَ فِـي طِـفْـلٍ غَـزَاهُ الـضَّـنَـى
بِأَدْهَــمِ الْــخَــطْــبِ وَمُــغْــبَــرِّهِ
فِــي ظُــلُـمَـاتٍ، مَـوْجُـهَـا زَاخِـرٌ
كَأَنَّــهُ ذُو الــنُّــونِ فِــي بَــحْــرِهِ
وَالـنَّـاسُ بِـالـشَّـاطِـئِ، مِنْ غَافِلٍ
أَوْ سَــاخِـرٍ، أَمْـعَـنَ فِـي سُـخْـرِهِ
وَالْـمَـوْجُ كَـالذُّؤْبَانِ حَوْلَ الْفَتَى
يَـــسُـــدُّ أُذْنَ الْأُفْـــقِ مِـــنْ زَأْرِهِ
نَــادَى، وَمَــا نَــادَى سِــوَى مَـرَّةٍ
حَــتَّـى طَـوَاهُ الْـيَـمُّ فِـي غَـمْـرِهِ
تَــظُــنُّــهُ طِــفْــلًا، فَإِنْ حَـقَّـقَـتْ
عَـيْـنَـاكَ، لَـمْ تَـعْـثُـرْ عَـلَى عُشْرِهِ
كَأَنَّـــهُ الــشَّــكُّ إِذَا مَــا مَــشَــى
أَوْ مَــا يَــرَى الـنَّـائِـمُ فِـي ذُعْـرِهِ
طَـغَـى بِـهِ الْـجُـوعُ، فَـفِي دَمْعِهِ
مَــا فَـعَـلَ الْـجُـوعُ، وَفِـي نَـبْـرِهِ
•••
وَاهًــا لِــكَــفٍّ لَـصِـقَـتْ بِـالـثَّـرَى
وَائْـتَـدَمَـتْ بِـالْـبُـؤْسِ مِنْ عَفْرِهِ
مَـاذَا عَـلَـى الْإِحْـسَـانِ لَـوْ رَدَّهَـا
نَـــدِيَّـــةَ الْأَطْـــرَافِ مِــنْ بِــرِّهِ؟
مَـاذَا عَـلَـى الْإِحْـسَـانِ لَـوْ رَدَّهَـا
رَطِــيـبَـةَ الْأَلْـسُـنِ مِـنْ شُـكْـرِهِ؟
كَــمْ بَـسْـمَـةٍ أَرْسَـلَـهَـا مُـحْـسِـنٌ
أَزْهَـى مِـنَ الـرَّوْضِ وَمِـنْ زَهْرِهِ!
وَلُــقْــمَــةٍ سَــدَّتْ فَــمًـا جَـائِـعًـا
رَجَّـحَـتِ الْـمِـيـزَانَ فِـي حَشْرِهِ!
وَمِـــنَّــةٍ كَــانَــتْ جَــنَــاحًــا لَــهُ
طَـــارَ بِـــهِ الــذَّائِــعُ مِــنْ ذِكْــرِهِ
وَدَمْــعَــةٍ يُــذْرِفُــهَــا مُــشْــفِـقًـا
أَصْـفَـى مِـنَ الْـمَـدْخُـورِ مِنْ دُرِّهِ
لَا تُـــزْهِـــرُ الْـــجَـــنَّــةُ إِلَّا بِــمَــا
يَــسْـفَـحُـهُ الْـبَـاكِـي عَـلَـى وِزْرِهِ
لَــوْ عَــرَفَ الْإِنْــسَــانُ مَـا أَجْـرُهُ
مَـا ضَـنَّ بِـالـنَّـفْـسِ عَـلَـى أَجْـرِهِ
يَـبْـقَـى قَـلِـيـلُ الْـمَـالِ مِنْ بَعْدِهِ
وَيَــذْهَــبُ الْــمَـالُ عَـلَـى كُـثْـرِهِ
بِـيـضُ أَيَـادِي الْـمَـرْءِ فِـي قَوْمِهِ
أَغْـلَـى مِـنَ الْـبِـيضِ وَمِنْ صُفْرِهِ
وَالْــحُــرُّ، لَا يَــنْــعَـمُ فِـي وَفْـرِهِ
حَـتَّـى يَـنَـالَ الـنَّـاسُ مِـنْ وَفْرِهِ
وَالْــمَــرْءُ، لَا يُــعْــرَفُ مِــقْــدَارُهُ
أَوْ تُــنْـبِـئُ الْأَحْـدَاثُ عَـنْ قَـدْرِهِ
وَالـنَّـاسُ كَـالْمَاءِ، فَمِنْ ضَحْضَحٍ
وَمِـنْ عَـمِـيـقٍ، حِـرْتُ فِي سَبْرِهِ
لَـيْـسَ الَّـذِي يُـنْـفِـقُ مِـنْ يُـسْـرِهِ
مِـثْـلَ الَّـذِي يُـنْـفِـقُ مِـنْ عُـسْـرِهِ
كَــمْ دِرْهَـمٍ أُلْـقِـيَ فِـي سِـجْـنِـهِ
وَلَــمْ يَـنَـلْ عَـفْـوًا مَـدَى عُـمْـرِهِ!
لَـمْ يَـرَ حُسْنَ الصُّبْحِ فِي شَمْسِهِ
وَلَا جَــمَــالَ الــلَّــيْـلِ فِـي بَـدْرِهِ
يَـطْـمَـعُ وَخْـزُ الْجُوعِ فِي وَصْلِهِ
وَيُـرْسِـلُ الـزَّفْـرَاتِ مِـنْ هَـجْـرِهِ
وَالْـمَـالُ كَـالْـخَـمْـرِ، إِذَا مَا طَغَى
ضَـاقَـتْ فِجَاجُ الْأَرْضِ عَنْ شَرِّهِ
مَـتَـى يَـهُـبُّ الْـعَـقْـلُ مِـنْ نَـوْمِهِ
أَوْ يَـسْـتَـفِـيقُ الْمَالُ مِنْ سُكْرِهِ؟
مَـتَـى أَرَى الـنَّـفْسَ وَقَدْ أُطْلِقَتْ
مِـنْ رِبْـقَـةِ الْـمَـالِ وَمِـنْ أَسْـرِهِ؟
مَتَى أَرَى الْحُبَّ كَضَوْءِ الضُّحَى
كُـلُّ امْـرِئٍ يَـسْـبَـحُ فِـي طُـهْرِهِ؟
مَـتَـى أَرَى الـنَّـاسَ وَقَـدْ نُـزِّهُـوا
عَـنْ شَـرَهِ الـذِّئْـبِ وَعَـنْ غَدْرِهِ؟
أُخُــوَّةُ الْــغُــصْــنِ إِلَــى صِـنْـوِهِ
وَبَــسْــمَــةُ الــزَّهْــرِ إِلَـى قَـطْـرِهِ
وَرَحْـــمَـــةٌ، رَفَّـــافَــةٌ لَــمْ تَــدَعْ
قَـلْـبًـا يُـوَارِي الـنَّـارَ فِـي صَخْرِهِ
لَا يُــحْـسَـدُ الْـجَـاهُ عَـلَـى مَـالِـهِ
أَوْ يُــنْـهَـرُ الْـبُـؤْسُ عَـلَـى فَـقْـرِهِ
•••
كَـمْ شَـارِدٍ فِـي مِـصْـرَ، يَـا كُـثْرَهُ
مِـنْ عَـدَدٍ، يَـسْـخَـرُ مِـنْ حَصْرِهِ!
ذَخِـــيـــرَةُ الْأُمَّـــةِ أَبْـــنَـــاؤُهَـــا
مَــاذَا أَفَـادَ الـنِّـيـلُ مِـنْ ذُخْـرِهِ؟
مَــاذَا أَفَــادَ الـنِّـيـلُ مِـنْ سَـاعِـدٍ
أَسْـرَعَ مِـنْ ضِـغْـثٍ إِلَـى كَسْرِهِ؟
وَأَرْجُــلٍ أَوْهَــنَ مِــنْ هَــمْــسَــةٍ
وَمِـنْ نَـسِـيـمِ الـصُّـبْـحِ فِي مَرِّهِ
وَمِــنْ فَــتَــاةٍ فَــجْـرُهَـا لَـيْـلُـهَـا
وَمِــنْ غُــلَامٍ ضَــلَّ فِـي فَـجْـرِهِ
أَلْــقَــتْــهُ مِــصْـرٌ هَـمَـلًا ضَـائِـعًـا
فَـصَـالَ يَـبْـغِـي الـثَّارَ مِنْ مِصْرِهِ
غَــاصَ مِــنَ الْآثَــامِ فِــي آسِــنٍ
يَــكْــرَعُ مِــلْءَ الْــفَــمِ مِـنْ مُـرِّهِ
أَسْـرَى مِـنَ الـلَّـيْـلِ، وَأَمْضَى يَدًا
مِـنْ عَـبَـثِ الـلَّـيْـلِ، وَمِـنْ مَـكْرِهِ
كَـمْ ضَـاقَ مِـنْ شِـقْـوَتِـهِ عَـصْرُهُ
وَضَـاقَ بِـالـسُّـخْـطِ عَلَى عَصْرِهِ!
شَـجًـا بِـحَـلْـقِ الْـوَطَـنِ الْمُفْتَدَى
وَشَـوْكَـةٌ كَـالـنَّـصْـلِ فِـي ظَـهْرِهِ
مَـدْرَسَـةُ الـنَّـشْـلِ وَسَـلِّ الْـمُـدَى
أَسَّـسَـهَـا الـشَّـيْـطَانُ فِي جُحْرِهِ
إِذَا هَـوَى الْـخُـلْقُ، وَضَاعَ الْحِجَا
فَــكُــلُّ شَــيْءٍ ضَـاعَ فِـي إِثْـرِهِ!
مَـنْ يُـصْـلِـحِ الْأُسْـرَةَ يُـصْلِحْ بِهَا
مَــا دَمَّــرَ الْإِفْــسَـادُ فِـي قُـطْـرِهِ
•••
جِــنَــايَــةُ الْــوَالِــدِ نَــبْــذُ ابْــنِـهِ
فِـي عُـسْـرِهِ، إِنْ كَـانَ، أَوْ يُـسْرِهِ
لَا تَــتْــرُكُ الــذِّئْــبَــةُ أَجْــرَاءَهَــا
وَلَا يَـغِـيـبُ الْـكَـلْـبُ عَـنْ وَجْرِهِ
الْــبَـيْـتُ صَـحْـرَاءُ إِذَا لَـمْ تَـجِـدْ
طُــفُــولَــةً تَــمْــرَحُ فِـي كِـسْـرِهِ
فَــعَــاقِــبُــوا الْآبَـاءَ إِنْ قَـصَّـرُوا
لَا بُـــدَّ لِـــلـــسَّــادِرِ مِــنْ زَجْــرِهِ
وَأَنْــقِــذُوا الــطِّـفْـلَ فَـمَـا ذَنْـبُـهُ
إِنْ جَـمَـحَ الْـوَالِـدُ فِـي خُـسْـرِهِ؟
رَبُّــوهُ، يَــنْــمُــو ثَــمَــرًا طَــيِّــبًـا
لَا يَــيْــئَــسُ الــزَّارِعُ مِــنْ بَـذْرِهِ
وَعَـــلِّـــمُــوهُ عَــمَــلًا صَــالِــحًــا
يَـشُـدُّ — إِنْ كَافَحَ — مِنْ أَزْرِهِ
رَبُّـوهُ فِـي الـرِّيـفِ لَـعَـلَّ الْـقُـرَى
تُــصْــلِـحُ مَـا أَعْـضَـلَ مِـنْ أَمْـرِهِ
الــنَّــفْـسُ مِـرْآةٌ وَغُـصْـنُ الـنَّـقَـا
يَـطِـيـبُ أَوْ يَـخْـبُـثُ مِـنْ جِذْرِهِ
لَـعَـلَّ هَـمْـسَ الْـغُـصْـنِ فِـي أُذْنِهِ
يُــنْــسِــيـهِ مَـا أَضْـمَـرَ مِـنْ ثَأْرِهِ
لَــعَــلَّ أَنْــفَــاسَ نَــسِــيـمِ الـرُّبَـا
فِــي صَــدْرِهِ، تُـبْـرِدُ مِـنْ جَـمْـرِهِ
الـنِّـيـلُ يَـسْـتَـنْـجِـدُ مُـسْـتَـنْصِرًا
فَأَسْـرِعُـوا الْـخَـطْـوَ إِلَـى نَـصْرِهِ
لَا يَـذْهَـبُ الْـمَـعْـرُوفُ فِـي لُجَّةٍ
وَلَا يَـكُـفُّ الْـمِـسْـكُ عَـنْ نَـشْـرِهِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: السريع
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤