الصِّحَافَةُ

Wave Image
لِـــكُـــلِّ زَمَـــانٍ مَـــضَـــى آيَـــةٌ
وَآيَــةُ هَــذَا الــزَّمَـانِ الـصُّـحُـفْ
لِــسَـانُ الْـبِـلَادِ وَنَـبْـضُ الْـعِـبَـادِ
وَكَـهْـفُ الْحُقُوقِ وَحَرْبُ الْجَنَفْ
تَـسِـيرُ مَسِيرَ الضُّحَى فِي الْبِلَادِ
إِذَا الْـعِـلْـمُ مَـزَّقَ فِـيـهَـا السَّدَفْ
وَتَــمْــشِــي تُــعَــلِّــمُ فِــي أُمَّــةٍ
كَــثِــيــرَةِ مَــنْ لَا يَـخُـطُّ الْأَلِـفْ
فَـيَـا فِـتْـيَـةَ الـصُّـحْفِ صَبْرًا إِذَا
نَـبَـا الـرِّزْقُ فِـيـهَـا بِكُمْ وَاخْتَلَفْ
فَإِنَّ الــسَّــعَـادَةَ غَـيْـرُ الـظُّـهُـورِ
وَغَــيْــرُ الــثَّـرَاءِ وَغَـيْـرُ الـتَّـرَفْ
وَلَـكِـنَّـهَـا فِـي نَـوَاحِـي الـضَّمِيرِ
إِذَا هُــوَ بِــالــلُّـؤْمِ لَـمْ يُـكْـتَـنَـفْ
خُذُوا الْقَصْدَ وَاقْتَنِعُوا بِالْكَفَافِ
وَخَـلُّـوا الْـفُـضُولَ يَغُلْهَا السَّرَفْ
وَرُومُــوا الــنُّــبُـوغَ فَـمَـنْ نَـالَـهُ
تَـلَـقَّـى مِنَ الْحَظِّ أَسْنَى التُّحَفْ
وَمَــا الــرِّزْقُ مُـجْـتَـنِـبٌ حِـرْفَـةً
إِذَا الْـحَـظُّ لَـمْ يَـهْجُرِ الْمُحْتَرِفْ
إِذَا آخَـتِ الْـجَـوْهَـرِيَّ الْحُظُوظُ
كَـفَـلْـنَ الْـيَـتِـيمَ لَهُ فِي الصَّدَفْ
وَإِنْ أَعْـرَضَـتْ عَنْهُ لَمْ يَحْلُ فِي
عُـيُـونِ الْـخَـرَائِـدِ غَـيْـرُ الْخَزَفْ
•••
رَعَــى الــلــهُ لَــيْــلَــتَــكُـمْ إِنَّـهَـا
تَـلَـتْ عِـنْـدَهُ لَـيْـلَـةَ الْـمُـنْـتَصَفْ
لَـقَـدْ طَـلَـعَ الْـبَـدْرُ مِـنْ جُـنْـحِـهَا
وَأَوْمَـا إِلَـى صُـبْـحِـهَـا أَنْ يَـقِـفْ
جَـلَـوْتُـمْ حَـوَاشِـيَـهَـا بِـالْـفُـنُونِ
فَــمِــنْ كُـلِّ فَـنٍّ جَـمِـيـلٍ طَـرَفْ
فَإِنْ تَـسْأَلُـوا مَـا مَـكَـانُ الْـفُنُونِ
فَـكَـمْ شَـرَفٍ فَـوْقَ هَـذَا الشَّرَفْ
أَرِيـكَـةُ «مُـولْـيِـيـرَ» فِيمَا مَضَى
وَعَـرْشُ «شِـكِسْبِيرَ» فِيمَا سَلَفْ
وَعُـودُ «ابْنِ سَاعِدَةٍ» فِي عُكَاظَ
إِذَا سَــالَ خَــاطِــرُهُ بِــالــطُّـرَفْ
فَــلَا يَــرْقَــيَــنْ فِــيـهِ إِلَّا فَـتًـى
إِلَـى دَرَجَـاتِ الـنُّـبُـوغِ انْـصَرَفْ
تُــعَـلِّـمُ حِـكْـمَـتُـهُ الْـحَـاضِـرِيـنَ
وَتُـسْـمِـعُ فِـي الْـغَـابِرِينَ النُّطَفْ
•••
حَـمِـدْنَـا بَـلَاءَكُـمُ فِـي الـنِّـضَـالِ
وَأَمْــسِ حَـمِـدْنَـا بَـلَاءَ الـسَّـلَـفْ
وَمَـنْ نَـسِـيَ الْـفَـضْـلَ لِلسَّابِقِينَ
فَـمَـا عَـرَفَ الْـفَـضْلَ فِيمَا عَرَفْ
أَلَــيْــسَ إِلَـيْـهِـمْ صَـلَاحُ الْـبِـنَـاءِ
إِذَا مَـا الْأَسَـاسُ سَـمَـا بِـالْـغُـرَفْ
فَـــهَـــلْ تَأْذَنُـــونَ لِـــذِي خَــلَّــةٍ
يَـفُـضُّ الـرَّيَـاحِينَ فَوْقَ الْجِيَفْ
فَأَيْــنَ «الــلِّــوَاءُ» وَرَبُّ الــلِّـوَاءِ
إِمَـامُ الـشَّـبَـابِ مِـثَـالُ الـشَّـرَفْ
وَأَيْــنَ الَّــذِي بَــيْــنَــكُـمْ شِـبْـلُـهُ
عَـلَـى غَـايَـةِ الْـحَـقِّ نِعْمَ الْخَلَفْ
وَلَا بُــدَّ لِــلْــغَــرْسِ مِــنْ نَــقْـلِـهِ
إِلَــى مَـنْ تَـعَـهَّـدَ أَوْ مَـنْ قَـطَـفْ
فَـلَا تَـجْـحَـدَنَّ يَـدَ الْـغَـارِسِـيـنَ
وَهَـذَا الْجَنَى فِي يَدَيْكَ اعْتَرَفْ
أُولَــئِــكَ مَــرُّوا كَـدُودِ الْـحَـرِيـرِ
شَـجَـاهَـا الـنَّـفَـاعُ وَفِـيـهِ التَّلَفْ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: المتقارب
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

أحمد شوقي: شاعر مصري، يُعَدُّ أحد أعظم شعراء العربية في مختلِف العصور، بايعه الأدباء والشعراء في عصره على إمارة الشعر فلقب ﺑ «أمير الشعراء». كان صاحب موهبة شعرية فَذَّةٍ، وقلم سَيَّال، لا يجد عناء في نظم الشعر، فدائمًا ما كانت المعاني تتدفق عليه كالنهر الجاري؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية، فبلغ نتاجه الشعري ما لم يبلغه تقريبًا أيُّ شاعر عربي قديم أو حديث، حيث وصل عدد أبيات شعره إلى ما يتجاوز ثلاثةً وعشرين ألف بيت وخمسمائة.

وُلد «أحمد شوقي علي» بحي الحنفي بالقاهرة في عام ١٨٦٨م، لأبٍ شركسي وأُمٍّ ذات أصول يونانية، لكنه نشأ وتربَّى في كنف جَدته لأمه التي كانت تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل. أُدخل شوقي في الرابعة من عمره الكُتَّاب فحفظ فيه قدرًا من القرآن، ثم انتقل بعدها ليُتِمَّ تعليمه الابتدائي، وأظهر الصبي في صغره ولعًا بالشعر، جعله يَنْكَبُّ على دواوين فحول الشعراء فيحفظ وينهل منها قدر ما يستطيع، ولما أتمَّ الخامسة عشرة من عمره التحق بقسم الترجمة الذي أُنشِئَ حديثًا بمدرسة الحقوق، سافر بعدها إلى فرنسا ليكمل دراسته القانونية، ورغم وجوده في باريس آنذاك، إلا أنه لم يُبْدِ سوى تأثرٍ محدودٍ بالثقافة الفرنسية، فلم ينبهر بالشعراء الفرنسيين أمثال: رامبو، وبودلير، وفيرلين. وظل قلبه معلقًا بالشعراء العرب وعلى رأسهم المتنبي.

يُعَدُّ أحمد شوقي من مؤسسي مدرسة الإحياء والبعث الشعرية مع كل من: محمود سامي البارودي، وحافظ إبراهيم، وعلي الجارم، وأحمد محرم. وقد التزم شعراء هذه المدرسة بنظم الشعر العربي على نهج القدماء، خاصة الفترة الممتدة بين العصر الجاهلي والعباسي، إلا أنه التزامٌ مازَجَه استحداث للأغراض الشعرية المتناوَلَة، التي لم تكُن معروفة عند القدماء، كالقصص المسرحي، والشعر الوطني، والشعر الاجتماعي. وقد نظم شوقي الشعر بكل أغراضه: المديح، والرثاء، والغزل، والوصف، والحكمة.

بايع الأدباء والشعراء أحمد شوقي أميرًا لهم في حفلٍ أُقِيمَ بالقاهرة عام ١٩٢٧م، وظل الرجل مَحَلَّ إعجاب وتقدير ليس فقط بين الخاصة من المثقَّفين والأدباء بل من عموم الناس أيضًا، وفي عام ١٩٣٢م رحل شوقي عن عالمنا، وفاضت رُوحُهُ الكريمة إلى بارئها عن عمر يناهز أربعة وستين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤