أَنَا كُلُّ الْوُجُودِ وَالْكَائِنَاتِ

Wave Image
أَنَــا كُــلُّ الْــوُجُــودِ وَالْــكَــائِــنَــاتِ
أَنَــــا كُــــلُّ الْأَرْوَاحِ كُـــلُّ الـــذَّوَاتِ
أَنَــا كُــلُّ الْــعُــقُـولِ بَـلْ كُـلُّ شَـيْءٍ
فِــي جَــمِــيــعِ الْأَزْمَــانِ وَالْأَوْقَـاتِ
لَــيْــسَ كُــلُّ الْــوُجُــودِ إِلَّا أَسَـامِـي
وَالْــمُــسَــمَّــى بِــكُــلِّ ذَلِــكَ ذَاتِــي
وَالْـتِـبَـاسِـي عَـلَـيْـكَ حَـيْـثُ لِبَاسِي
كُــلُّ شَــيْءٍ يُــلْــقِـيـكَ فِـي الْآفَـاتِ
يَــا بَــنِــي هَــذِهِ الْــعِــصَــابَــةِ إِنِّـي
جَــاعِــلٌ حُــبَّــكُـمْ مَـكَـانَ حَـيَـاتِـي
لِــي فُــؤَادٌ يَــحِــنُّ شَــوْقًـا إِلَـيْـكُـمْ
كُــلَّ حِــيــنٍ فِــي سَــائِـرِ الْـحَـالَاتِ
إِنَّـــمَـــا نَــحْــنُ وَاحِــدٌ نَــتَــجَــارَى
فِــي بِــحَـارِ الْـوُجُـودِ كَـالْـمَـوْجَـاتِ
لَــمَــحَــاتٌ تَــلُــوحُ مِــنْ نُــورِ أَمْــرٍ
وَبَــقَــاءُ الْـجَـمِـيـعِ فِـي الـلَّـمَـحَـاتِ
وَلِــعَــيْــنِ الْــعُــيُـونِ فِـي كُـلِّ شَأْنٍ
صُــوَرٌ تَــسْــتَــقِــلُّ عِــنْــدَ عِـدَاتِـي
وَالــتَّــجَـلِّـي فِـي كُـلِّ نَـوْعٍ مُـفِـيـدٌ
عَـكْـسُ مَـا نَـحْـنُ فِـيـهِ وَالْـحَقُّ آتِ
وَاقْــتِــرَابِــي تَــبَـاعُـدِي وَعُـلُـومِـي
عَـيْـنُ جَـهْـلِـي وَالـنَّـفْـيُ فِي إِثْبَاتِي
حَــبَّــذَا ضَـجَّـةُ الـسَّـمَـاعِ سُـحَـيْـرًا
إِنْ تَــكُــنْ بِــالــدُّفُــوفِ وَالــنَّـايَـاتِ
وَصَــرِيـرُ الـطُّـنْـبُـورِ وَالْـجَـنْـكِ لَـمَّـا
شَــاكَــلَــتْــهُ رَقِــيــقَــةُ الــنَّـغَـمَـاتِ
وَصِـيَـاحُ الـسِّـنْـطِـيـرِ لِـلَّـهْـوِ يَـدْعُـو
وَكُــئُــوسُ الــطِّـلَا بِأَيْـدِي الـسُّـقَـاةِ
مَــجْــلِـسٌ فِـيـهِ مَـوْسِـمٌ لِـلْأَمَـانِـي
وَهْـــوَ بِـــالْأُنْــسِ حُــفَّ وَالــلَّــذَّاتِ
سِــيَّــمَــا وَالْــمِــلَاحُ تَــخْـطُـرُ فِـيـهِ
بِـــوُجُــوهٍ مُــحْــمَــرَّةِ الْــوَجَــنَــاتِ
هَـــذِهِ هَـــذِهِ الْــمَــظَــاهِــرُ لَاحَــتْ
لَا خُـصُـوصُ الـشُّـخُـوصِ وَالْهَيْئَاتِ
صَـرَخَ الـنَّـايُ فَـاسْـتَـمِـعْ يَـا نَـدِيمِي
وَتَـــنَـــصَّــتْ لِــهَــذِهِ الــنَّــفَــخَــاتِ
وَتَأَمَّــلْ مَــا فِــي سَــمَــاعِــكَ مِـنْـهُ
وَخُـــذِ الْأَمْـــرَ مِــنْ يَــدِ الْأَصْــوَاتِ
صُــوَرٌ تِـلْـكَ فِـي الـسَّـمَـاعِ تَـجَـلَّـتْ
ثُــمَّ وَلَّــتْ وَمَــا لَــهَــا مِــنْ ثَــبَــاتِ
وَاضْطِرَابُ الْجُسُومِ بِالْوَجْدِ يَحْكِي
دَوَرَانَ الْأَفْــــلَاكِ بِـــالْـــحَـــرَكَـــاتِ
عَـــارِفُ الــلــهِ عَــارِفٌ كُــلَّ شَــيْءٍ
وَسِـــوَاهُ مِـــنْ جُـــمْــلَــةِ الْأَمْــوَاتِ
كَـثُـرَ الْـقَـوْلُ مِـنْ ذَوِي الْـجَهْلِ فِينَا
فَــالـصَّـوَابُ الـسُّـكُـوتُ بِـالْإِخْـبَـاتِ
قَــوْلُــهُــمْ صَــادِقٌ عَــلَـيْـهِـمْ لِأَنَّ الْـ
ـحُــكْــمَ فَــرْعٌ عَــنِ الــتَّــصَـوُّرِ آتِ
وَالَّـذِي نَـحْـنُ فِـيـهِ هُـمْ فِـي سِـوَاهُ
أَيْــنَ نُــورُ الْــهُـدَى مِـنَ الـظُّـلُـمَـاتِ
لَـــوْ يَـــحُــوزُونَ ذَرَّةً مِــنْ صَــوَابٍ
تَـــــرَكُـــــونَـــــا وَهَـــــذِهِ الْآيَــــاتِ
يَـا أَخِـي الْـعَـيْـنُ لَـوْ تَرَى بِكَ مَا بِي
كُـنْـتَ مِـثْـلِـي تَـفُـوهُ بِـالـشَّـطَـحَاتِ
أَنَــا صَــبٌّ أَهِــيــمُ فِــي كُـلِّ شَـيْءٍ
حَـيْـثُ أَلْـغَـيْـتُ جُـمْـلَـةَ الْـكَـائِـنَـاتِ
وَتَـــجَـــلَّـــتْ عَـــلَــيَّ ذَاتُ خِــمَــارٍ
نُــورُهَــا لَاحَ مِـنْ جَـمِـيـعِ جِـهَـاتِـي
وَأَنــا حَــافِــظٌ قَــضِــيَّــةَ حُــكْـمِـي
وَالْــحُــدُودَ الَّــتِــي بِــهِـنَّ نَـجَـاتِـي
فَــــلِــــهَـــذَا أُحِـــبُّ كُـــلَّ لَـــذِيـــذٍ
وَفُــؤَادِي يَــدُومُ فِــي الــشَّــهَـوَاتِ
وَأَنَـــا مُـــغْـــرَمٌ بِـــكُـــلِّ مَـــلِـــيــحٍ
فِــي حَـيَـاتِـي هُـنَـا وَبَـعْـدَ مَـمَـاتِـي
وَإِذَا لَامَـــنِـــي الْـــجَــهُــولُ أُنَــادِي
حَـسْـبُـكَ الْـجَـهْـلُ عَـنْ أَتَـمِّ صِفَاتِي

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: العثماني

عن الشاعر

عبد الغني النابلسي الدمشقي: شاعر، وفقيه، ورحَّالة، ومتصوِّف سوري، يرجع نسَبُه إلى «عمر بن الخطاب».

وُلد «عبد الغني النابلسي» في دمشق عام ١٦٤١م في بيتِ عِلم؛ فقد كان جدُّه مدرِّسًا لجامع «درويش باشا» وناظرًا لوَقْفه، وقد تَولى أبوه المهامَّ نفسَها بعد وفاة جدِّه. كان أبوه أولَ معلِّم له؛ فقد حفظ على يدَيه القرآنَ الكريم في سِن الخامسة، وحين بلَغ العاشرة حفظ كثيرًا من المقدِّمات والمنظومات مثل: «ألفية ابن مالك في النحو»، و«الشاطبية في القراءات»، و«الرحبانية في الفرائض»، و«الجَزرية في التجويد»، كما تابَع دروس «نجم الدين الغزي» في الحديث في الجامع الأموي، وحصل على أول إجازة عامة في الحديث.

عمل «النابلسي» مدرسًا في الجامع الأموي وهو في سِن العشرين من عمره، وحين بلغ الخامسةَ والعشرين ارتحل إلى أدرنة بالدولة العثمانية ثم زار إسطنبول، وبعد عودته عُيِّن قاضيًا في حي الميدان جنوب دمشق، لكنه استقال من منصبه ليتفرَّغ للتدريس والتأليف.

تَجاوَزت مُؤلَّفاته ثلاثمائة عمل مُوزَّعة بين الشِّعر وأدب الرحلات والفقه والتصوُّف والحديث والتفسير؛ ومن أبرزها: «إيضاح المقصود من وَحْدة الوجود»، و«الوجود الحق والخطاب الصدق»، و«التعبير في تفسير الأحلام»، و«ديوان الدواوين» وهو مجموعُ شِعره، و«أسرار الشريعة»، و«الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية»، و«ذخائر المواريث في الدلالة على مَواضع الحديث»، وغير ذلك من المصنَّفات الغنية التي تُعَد مصادرَ مهمة في مجالاتها.

اشتهر بالتصوُّف ومُجاهَدة النفس حتى وصل إلى مرتبة العارفين، وكان يَتبنى أفكارَ «محيي الدين بن عربي» ويُدافِع عنه ضدَّ مُنتقِديه، ودخَل في معركة حامية مع علماء وفقهاء عصره حول أفكاره الصوفية والقول بوَحْدة الوجود، وتَعرَّض على إثرها لأزمةٍ نفسية حادة في سن الأربعين، اضطرَّ على إثرها إلى الاعتزال في بيته لمدة سبع سنوات، قضاها في التأليف والتدريس، وأسدَل شَعره في أثنائها، وأرخى لحيتَه، وطلَّق زوجته، لكنه خرج بعدها إلى الناس الذين ازداد احترامُهم له بعدَ أن كانوا قد رمَوه بالحجارة قبل خلوته.

تُوفِّي «النابلسي» عام ١٧٣١م في دمشق، ودُفِن بالقبة التي بناها في بيته، والتي أُقيم عليها جامعٌ بعد ذلك.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤