لَعَمْرُكَ مَا الدُّنْيَا بِدَارِ بَقَاءِ

Wave Image
لَــعَــمْــرُكَ مَــا الــدُّنْــيَـا بِـدَارِ بَـقَـاءِ
كَـــفَــاكَ بِــدَارِ الْــمَــوْتِ دَارَ فَــنَــاءِ
فَــلَا تَــعْـشَـقِ الـدُّنْـيَـا أُخَـيَّ فَـإِنَّـمَـا
يُــرَى عَـاشِـقُ الـدُّنْـيَـا بِـجَـهْـدِ بَـلَاءِ
حَـــلَاوَتُــهَــا مَــمْــزُوجَــةٌ بِــمَــرَارَةٍ
وَرَاحَــتُــهَــا مَــمْــزُوجَــةٌ بِــعَــنَــاءِ
فَـلَا تَـمْـشِ يَـوْمًـا فِـي ثِيَابِ مَخِيلَةٍ
فَــإِنَّــكَ مِــنْ طِـيـنٍ خُـلِـقْـتَ وَمَـاءِ
لَــقَــلَّ امْــرُؤٌ تَــلْــقَــاهُ للــهِ شَــاكِـرًا
وَقَــلَّ امْــرُؤٌ يَــرضَــى لَـهُ بِـقَـضَـاءِ
وَللــهِ نَــعْــمَــاءٌ عَــلَــيْـنَـا عَـظِـيـمَـةٌ
وَللــهِ إِحْــسَــانٌ وَفَــضْــلُ عَــطَــاءِ
وَمَا الدَّهْرُ يَوْمًا وَاحِدًا فِي اخْتِلَافِهِ
وَمَــا كُــلُّ أَيَّــامِ الْــفَــتَــى بِــسَـوَاءِ
وَمَـــا هُــوَ إِلَّا يَــوْمُ بُــؤْسٍ وَشِــدَّةٍ
وَيَـــــوْمُ سُـــــرُورٍ مَــــرَّةً وَرَخَــــاءِ
وَمَــا كُــلُّ مَـا لَـمْ أَرْجُ أُحْـرَمُ نَـفْـعَـهُ
وَمَــا كُــلُّ مَــا أَرْجُــوهُ أَهْــلُ رَجَـاءِ
أَيَــا عَــجَــبًــا لِلـدَّهْـرِ لَا بَـلْ لِـرَيْـبِـهِ
يُــخَــرِّمُ رَيْــبُ الــدَّهْــرِ كُــلَّ إِخَـاءِ
وَشَـتَّـتَ رَيْـبُ الـدَّهْـرِ كُـلَّ جَـمَـاعَةٍ
وَكَــدَّرَ رَيْــبُ الــدَّهْــرِ كُــلَّ صَــفَـاءِ
إِذَا مَـا خَـلِـيـلِي حَلَّ فِي بَرْزَخِ الْبِلَى
فَــحَــسْــبِــي بِـهِ نَـأْيًـا وَبُـعْـدَ لِـقَـاءِ
أَزُورُ قُــبُــورَ الْــمُــتْـرَفِـيـنَ فَـلَا أَرَى
بَــهَــاءً وَكَــانُــوا قَــبْــلُ أَهْـلَ بَـهَـاءِ
وَكُــلُّ زَمَــانٍ وَاصِــلٌ بِــصَــرِيــمَــةٍ
وَكُـــلُّ زَمَــانٍ مُــلْــطَــفٌ بِــجَــفَــاءِ
يَـعِـزُّ دِفَـاعُ الْـمَـوْتِ عَـنْ كُـلِّ حِـيلَةٍ
وَيَــعْــيَــا بِــدَاءِ الْــمَــوْتِ كُـلُّ دَوَاءِ
وَنَـفْـسُ الْـفَـتَـى مَـسْـرُورَةٌ بِـنَـمَائِهَا
وَلِلــنَّــقْــصِ تَــنْـمُـو كُـلُّ ذَاتِ نَـمَـاءِ
وَكَـمْ مِـنْ مُـفَـدًّى مَـاتَ لَـمْ أَرَ أَهْـلَهُ
حَـــبَـــوْهُ وَلَا جَـــادُوا لَـــهُ بِــفِــدَاءِ
أَمَــامَــكَ يَــا نَــدْمَــانُ دَارُ سَــعَـادَةٍ
يَــدُومُ الْــبَــقَــا فِــيـهَـا وَدَارُ شَـقَـاءِ
خُـلِـقْـتَ لِإِحْـدَى الْـغَـايَـتَيْنِ فَلَا تَنَمْ
وَكُــنْ بَـيْـنَ خَـوْفٍ مِـنْـهُـمَـا وَرَجَـاءِ
وَفِـي الـنَّـاسِ شَرٌّ لَوْ بَدَا مَا تَعَاشَرُوا
وَلَــكِــنْ كَــسَــاهُ اللــهُ ثَـوْبَ غِـطَـاءِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: العباسي الأول

عن الشاعر

أبو العتاهية: شاعر عربي، يُعدُّ واحدًا من أهم شعراء العصر العباسي في بغداد، ولُقب بأشعر الإنس والجن لقدرته العالية على نظم الشعر في أي وقت وبشكلٍ ارتجالي.

هو «إسماعيل بن القاسم بن سويد»، وكنيته الأصلية «أبو إسحاق» ولكن الكُنية الأشهر له هي «أبو العتاهية»، وُلد في «عين التمر» وهي قرية بالمدينة المنورة في الحجاز عام ٧٤٨م لأب نبطيٍّ اشتغل بالحجامة، ولما ضاق الحال بأبيه انتقل بأسرته إلى الكوفة. كان «أبو العتاهية» يميل في تلك الفترة إلى حياة اللهو والبطالة حتى بدأ بالعمل مع أخيه زيد في صناعة الفخار والإتجار به.

برع في نظم الشعر في تلك الحقبة من حياته واشتهر به لدى جمهور شباب المحبين للشعر حتى وصل إلى قصور بغداد، وبالأخص قصر الخليفة المهدي الذي أعجب بشعره ، وقد عُرف عن «أبو العتاهية» التناقض في أسلوب حياته حيث ذكر المؤرخون أنه كان يعيش بين حياة المجون والفساد الذي وصل به حدَّ أن يُطلق عليه «مخنث أهل بغداد»، وبين حياة والورع والزهد والتقوى حتى أن له العديد من القصائد التي تُحقر من ملذات الدنيا الفانية وتُرغب في التقرب إلى الله، وعُرف عنه دمامة الوجه، وانتشرت قصة رفض جارية زوجة الخليفة المهدي له، رغم إفراده قصائد الغزل فيها.

وكان «أبو العتاهية» عظيم الموهبة غزير الانتاج الشعري، حتى أنه كان ينظم في اليوم مئة وخمسين بيتًا من الشعر، كما عُرف بأسلوبه السهل الممتنع الذي جعل أشعاره تنتقل عبر الأجيال دون صعوبة في فهم مفرداتها ومعانيها. واستمر «أبو العتاهية» في ملازمة الخلفاء المولعين بشعره فلزم الخليفة «هارون الرشيد»، وحاول في عهده أن ينقطع عن الشعر ولكن الرشيد أمره بالعودة إليه وحبسه حتى عاد، ولزم من بعده ابنه «الأمين» ثم «المأمون» إلى أن توفي عام ٨٢٥م في بغداد.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤