يَـا سَـارِيَ الـشِّـعْـرِ يَطْوِي الْجَوَّ فِي آنِ
وَيَــمْــلَأُ الْأُفْــقَ تَــغْــرِيــدًا بِأَلْــحَـانِـي
يَـخْـتَـالُ فِـي بُـرْدَةِ الْفُصْحَى وَتُسْعِدُهُ
بَــدَائِــعُ الْــحُــسْـنِ مِـنْ آيَـاتِ عَـدْنَـانِ
سِـرْ أَيُّـهَـا الـشِّـعْـرُ وَارْكَـبْ كُـلَّ نَـاجِيَةٍ
مِــنَ الــرِّيَــاحِ فَــقَــدْ أَلْــقَــتْ بِأَرْسَـانِ
سِـرْ بِـالـرِّيَـاضِ وَخُـذْ مِـنْـهَـا نَـضَـارَتَهَا
وَنَــاغِ مَــا شِــئْــتَ مِـنْ وَرْدٍ وَرَيْـحَـانِ
الْــكَــوْنُ أُذْنٌ لِــمَــا تُــلْــقِــيــهِ وَاعِـيَـةٌ
فَــامْــلَأْ مَــدَاهُ بِــصَــوْتٍ مِــنْـكَ رَنَّـانِ
وَبَــلِّــغِ الْأَرْضَ أَنَّــا فِــي حِـمَـى مَـلِـكٍ
صَــوْبُ الْــحَـيَـا وَنَـدَى كَـفَّـيْـهِ سِـيَّـانِ
وَإِنْ تَــزُرْ كَــعْــبَــةَ الْآمَــالِ مُــشْــرِقَـةً
مِـنْ «عَـابِـدِيـنَ» فَـطُـفْ مِـنْـهَـا بِأَرْكَانِ
وَقِـفْ وَأَطْـرِقْ خُشُوعًا أَنْتَ فِي قُدُسٍ
ضَـافِـي الْـمَـهَـابَـةِ عَالِي الشَّأْوِ وَالشَّانِ
قَــصْـرٌ بَـنَـاهُ بُـنَـاةُ الْـمَـجْـدِ مِـنْ هِـمَـمٍ
فَـــلَـــمْ يُـــطَــاوِلْ عُــلَاهُ أَيُّ بُــنْــيَــانِ
فَأَيْــنَ كِــسْـرَى وَمَـا أَعْـلَـى مَـشَـارِفَـهُ
فِـي بُـهْـرَةِ الْـمُـلْـكِ مِـنْ صَـرْحٍ وَإِيوَانِ
أَسَــاسُــهُ عَــزَمَــاتُ جَــلَّ خَــالِــقُــهَــا
لَا مَـا يَـرَى الـنَّـاسُ مِـنْ صَخْرٍ وَصَوَّانِ
يُــطِــلُّ مِــنْــهُ عَــلَــى آمَــالِــنَــا مَـلِـكٌ
يُـزْهَـى بِـهِ الـشَّـعْـبُ فِـي سِـرٍّ وَإِعْلَانِ
فِـي وَجْـهِـهِ قَـسَـمَـاتٌ قَـدْ دَلَـلْـنَ عَلَى
مَــا ضَـمَّـهُ الْـقَـلْـبُ مِـنْ نُـبْـلٍ وَإِيـمَـانِ
يَـا ابْـنَ الْأُلَـى بَـعَـثُـوا مِـصْـرًا لِنَهْضَتِهَا
وَأَيْــقَــظُــوا مِـنْ بَـنِـيـهَـا كُـلَّ وَسْـنَـانِ
وَأَرْسَـلُـوهَـا إِلَـى الْـعَـلْـيَـاءِ فَـانْـطَـلَقَتْ
تَـعْـدُو إِلَـى الْـمَـجْـدِ فِـي جِـدٍّ وَإِمْـعَانِ
كَأَنَّـهَـا تَـبْـتَـغِـي فِـي الـشَّمْسِ حَاجَتَهَا
أَوْ أَنَّـــهَـــا أُودِعَـــتْ سِــرًّا لِــكَــيْــوَانِ
آثَــارُهُـمْ فِـي ضِـفَـافِ الـنِّـيـلِ مَـاثِـلَـةٌ
أَبْـقَـى عَـلَـى الدَّهْرِ مِنْ رَضْوَى وَثَهْلَانِ
كَأَنَّـهَـا وَهْـيَ فِـي الْـوَادِي قَـدِ انْـتَثَرَتْ
عِـــقْـــدٌ تَــنَــاثَــرَ عَــنْ دُرٍّ وَعِــقْــيَــانِ
جَـاءُوا بِـمَـا عَـزَّ فِـي الْآذَانِ مَـسْـمَـعُـهُ
عَــنِ الْــمُــلُـوكِ وَلَـمْ تُـبْـصِـرْهُ عَـيْـنَـانِ
فِـي بَـاحَـةِ الـسِّـلْمِ كَانُوا رَحْمَةً وَهُدًى
وَفِــي الْــكَـرِيـهَـةِ كَـانُـوا أُسْـدَ خَـفَّـانِ
قَـدْ حَـاوَلُوا الصَّعْبَ حَتَّى ذَلَّ شَامِسُهُ
وَمَــالَ بِــالــرَّأْسِ عَــنْ يُـسْـرٍ وَإِمْـكَـانِ
غَفْرًا «فُؤَادُ» أَبَا «الْفَارُوقِ» إِنْ عَجَزَتْ
عَـــنْ عَـــدِّ آلَائِـــكَ الْـــغَـــرَّاءِ أَوْزَانِــي
حَـاوَلْـتُ تَصْوِيرَهَا جُهْدِي فَمَا اتَّسَعَتْ
لِــبَــعْــضِ ذَلِــكَ أَلْــوَاحِــي وَأَلْــوَانِــي
وَالْـبَـحْـرُ تُـبْـصِـرُ جُـزْءًا حَـوْلَ سَـاحِلِهِ
وَلَــيْــسَ فِــي دَرْكِــهِ طَــوْقٌ لِإِنْــسَـانِ
فِـي كُـلِّ يَـوْمٍ لَـكُـمْ فِـي مِـصْـرَ عَارِفَةٌ
فِــي طَـيِّـهَـا مِـنْ نَـدَاكُـمْ أَلْـفُ بُـرْهَـانِ
نَــشَــرْتَ فِــيـهَـا رُبُـوعَ الْـعِـلْـمِ زَاهِـرَةً
جَــلَالَــةُ الْــمُـلْـكِ فِـي عِـلْـمٍ وَعِـرْفَـانِ
غَـــرَسْـــتَـــهُ دَوْحَـــةً غَـــنَّــاءَ وَارِفَــةً
قَــرِيــبَــةَ الْــمُــتَــمَــنَّــى ذَاتَ أَفْــنَـانِ
وَسَــاسَــنَــا مِــنْــكَ رَأْيٌ زَانَــهُ خُــلُــقٌ
قَـدْ صَـاغَـهُ الـلـهُ مِـنْ رِفْـقٍ وَإِحْـسَـانِ
الــدِّيــنُ زَاهٍ وَوَجْــهُ الْــمُـلْـكِ مُـؤْتَـلِـقٌ
كَــالــرَّوْضِ جَــادَ ثَــرَاهُ صَـوْبُ هَـتَّـانِ
رَدَدْتَ لِــلُّـغَـةِ الْـفُـصْـحَـى بَـشَـاشَـتَـهَـا
مِــنْ بَــعْــدِ أَنْ هَـجَـرَتْـهَـا مُـنْـذُ أَزْمَـانِ
قَـدْ ذَكَّـرَتْـهَـا أَيَـادِيـكَ الَّـتِـي عَـظُـمَـتْ
مَــنَــازِلَ الْــعِــزِّ فِـي دَارَاتِ قَـحْـطَـانِ
أَوْلَـيْـتَـهَـا «مَـجْـمَـعًـا» طَابَتْ مَشَارِعُهُ
وَبَـــلَّ مِـــنْـــهُ صَــدَاهُ كُــلُّ صَــدْيَــانِ
أَعَـادَ فِـي مِـصْـرَ عَـهْـدًا لِلرَّشِيدِ مَضَى
أَيَّــامَ أَشْــرَقَــتِ الــدُّنْــيَـا ﺑِ «بَـغْـدَانِ»
سَــعَـتْ لِـسَـاحَـتِـكَ الـدُّنْـيَـا وَيَـمَّـمَـهَـا
جَـهَـابِـذُ الْـقَـوْمِ مِـنْ قَـاصٍ وَمِنْ دَانِي
هَـذِي الْإِذَاعَـةُ يَـا مَـوْلَايَ قَـدْ نَـطَـقَـتْ
بِـــمَـــا بَــذَلْــتَ بِإِفْــصَــاحٍ وَتِــبْــيَــانِ
مِـنْ قَـبْـلِـهَـا سَـارَ سَيْرَ الشَّمْسِ ذِكْرُكُمُ
يَــطْــوِي الْــجِــوَاءَ بِأَقْــطَــارٍ وَبُـلْـدَانِ
أَنْــشَأْتَــهَــا جَــنَّــةً غَــنَّــتْ بَــلَابِــلُــهَـا
وَغَـــرَّدَتْ بَـــيْـــنَ أَوْرَاقٍ وَأَغْـــصَـــانِ
فِــيــهَــا الــثَّــقَــافَـاتُ أَلْـوَانٌ مُـنَـوَّعَـةٌ
تُــزْجَـى إِلَـى الـشَّـعْـبِ مِـنْ آنٍ إِلَـى آنِ
قَـدْ أَصْـبَـحَـتْ مَـنْـهَـلًا يَـسْـعَى لِطَالِبِهِ
فَـاعْـجَـبْ إِلَـى مَـنْـهَـلٍ يَـسْـعَى لِظَمْآنِ
عِـشْ لِـلْـبِـلَادِ «أَبَـا الْفَارُوقِ» نُورَ هُدًى
وَأَعْـــلِ رَايَــتَــهَــا فِــي كُــلِّ مَــيْــدَانِ
وَعَــاشَ فَــارُوقُ لِــلــدُّنْـيَـا يُـجَـمِّـلُـهَـا
وَيَــزْدَهِــي بِــمُــحَــيَّــاهُ الْــجَــدِيـدَانِ
لَــمَّــا دَعَــوْهُ أَمِــيـرًا لِـلـصَّـعِـيـدِ سَـمَـا
بِــهِ الـصَّـعِـيـدُ وَأَضْـحَـى جِـدَّ جَـذْلَانِ
لَا زَالَ زِيـــنَـــةَ عَــهْــدٍ طَــابَ مَــوْرِدُهُ
مُــجَــمَّــلٍ بِــجَــلَالِ الْــمُــلْــكِ مُـزْدَانِ