دُرَّةُ التَّاجِ

Wave Image
هَـزَّتِ الْـبُـشْـرَى جَـنَاحَ الْخَافِقَيْنْ
وَمَـضَـتْ تَـخْـطِـرُ بَيْنَ الْمَشْرِقَيْنْ
وَتَـهَـادَى الـنِّـيـلُ نَـشْـوَانَ الْـهَوَىَ
يَـنْـثُـرُ الْأَزْهَـارَ فَـوْقَ الـشَّـاطِئَيْنْ
كَــمْ وَكَــمْ لِــلـهِ فِـي الـنَّـاسِ يَـدٌ
يَـعْـجِـزُ الـشُّـكْـرُ عَـلَـيْـهَا بِالْيَدَيْنْ
دُرَّةٌ مِـــــنْ سُـــــؤْدُدٍ لَامِـــــعَــــةٌ
ضَـمَّـهَـا الْـعَـرْشُ لِأَغْـلَـى دُرَّتَـيْـنْ
دُرَّةٌ لِـــلْـــمُــلْــكِ مَــا مَــاثَــلَــهَــا
كَـرَمُ الـتِّـبْـرِ وَلَا صَـفْـوُ الـلُّـجَـيْـنْ
وَشُـــــعَـــــاعٌ زَادَ فِــــي لَأْلَائِــــهِ
أَنَّــهُ مِــنْ لَــمَــحَــاتِ الــنَّـيِّـرَيْـنْ
وَشَـــذًى مِـــنْ زَهْـــرَةٍ نَـــاضِــرَةٍ
جَـمَّـلَـتْ فِي مِصْرَ أَزْهَى زَهْرَتَيْنْ
شَــرَفُ الــدَّوْحَــةِ لَاقَــى شَــرَفًـا
فَـنَـمَـا الْـفَـرْعُ شَـرِيـفَ الْـمَـنْبِتَيْنْ
قَــرَّتِ الْأَعْــيُــنُ لَــمَّــا أَنْــجَـبَـتْ
مِــصْــرُ لِـلـدُّنْـيَـا بِـهَـا قُـرَّةَ عَـيْـنْ
وَنَـجَـا فَـارُوقُـهَـا فَـاسْـتَـبْـشَـرَتْ
وَصَـفَـا الـدَّهْـرُ فَـكَـانَـتْ بُشْرَيَيْنْ
فَــاجْــتَـلَـتْ مِـصْـرُ مُـنَـاهَـا مَـرَّةً
ثُـمَّ عَـادَتْ فَـاجْـتَـلَـتْـهَـا مَـرَّتَـيْنْ
كَـمْ وَقَـفْـنَـا نَـرْتَـجِي الْبُشْرَى كَمَا
يُرْتَجَى بَدْرُ الدُّجَى فِي لَيْلِ غَيْنْ
وَاتَّـجَـهْـنَـا نَـحْـوَ عَـابْـدِيـنَ الَّـتِي
أَصْــبَــحَـتْ ثَـالِـثَـةً لِـلْـقِـبْـلَـتَـيْـنْ
صُــورَةٌ لِــلْــحُــبِّ مَــا أَصْـدَقَـهَـا
وَمِـنَ الـتَّـصْـوِيـرِ تَـزْيِـيـفٌ وَمَيْنْ
وَمَــشَـى أَجْـدَادُهَـا فِـي مَـوْكِـبٍ
زَاحَــمَ الـدَّهْـرُ بِـهِ بِـالْـمَـنْـكِـبَـيْـنْ
مَــوْكِــبٌ قَــدْ خَــفَـقَـتْ أَعْـلَامُـهُ
وَعَـلَـتْ فَـوْقَ مَـنَـاطِ الْـفَـرْقَـدَيْنْ
لَــمْ تَــرَ الْــعَــيْــنُ لَــهُ مِــثْـلًا وَلَا
خَــطَــرَتْ أَوْصَـافُـهُ فِـي أُذُنَـيْـنْ
يَـخْـطِـرُ الـتَّـارِيـخُ فِـيـهِ مِـثْـلَـمَـا
يَـخْـطِـرُ الْـفَارِسُ بَيْنَ الْجَحْفَلَيْنْ
فِـيـهِ مُـحْـيِـي مِـصْـرَ فِـي أَبْـنَائِهِ
زِيـنَـةِ الـدُّنْـيَـا وَفَـخْـرِ الْـمَـلَـوَيْـنْ
مَــنْ كَإِسْــمَــاعِــيــلَ فِــي آلَائِــهِ
أَوْ كَإِبْـرَاهِـيـمَ حَـامِـي الْـحَرَمَيْنْ
جَـذْوَةُ الْـحَـرْبِ إِذَا مَـا اشْـتَعَلَتْ
وَبَــدَا الـشَّـرُّ وَأَبْـدَى الـنَّـاجِـذَيْـنْ
جَـــمَـــعَ الـــضَّــادَ إِلَــى رَايَــتِــهِ
مُــذْ رَآهَــا أَثَــرًا مِـنْ بَـعْـدِ عَـيْـنْ
بَــدَّدَتْ دُهْــمُ الـلَّـيَـالِـي شَـمْـلَـهَـا
وَالــلَّــيَــالِــي كُــلُّـهَـا مِـنْ أَبَـوَيْـنْ
فَــحَــبَــاهَــا وَحْــدَةً مَـا عَـرَفَـتْ
فِـي الْـهَـوَى حَـدًّا لِأَقْـصَى بَلَدَيْنْ
وَصَــلَــتْ رَضْـوَى بِـلُـبْـنَـانَ كَـمَـا
مَـزَجَـتْ بِـالـنِّـيـلِ مَـاءَ الـرَّافِدَيْنْ
عَـــجَــبًــا مِــنْ آيَــةٍ كَــانَــتْ لَــهُ
أَصْــبَــحَـتْ بِـابْـنِ فُـؤَادٍ آيَـتَـيْـنْ
لَــيْــسَ لِــلْــعُــرْبِ سِـوَاهُ عَـاهِـلٌ
يَـبْـهَـرُ الـدُّنْـيَـا بِـعَـدْلِ الْـعُـمَـرَيْنْ
زَيَّــــنَــــتْــــهُ نَــــشْأَةٌ طَـــاهِـــرَةٌ
وَهْــوَ لِــلــطُّــهْـرِ وِلِـلـنَّـشْأَةِ زَيْـنْ
قَـــانِـــتٌ لِــلــهِ فِــي مِــحْــرَابِــهِ
لَـمْ يَـشُـبْ آمَـالَـهُ فِـي الـلـهِ رَيْـنْ
مَــلِــكٌ يَــجْــتَــابُ ثَـوْبَـيْ مَـلَـكٍ
أَيْـنَ مَـنْ يُـشْـبِهُهُ فِي النَّاسِ أَيْنْ
سَــرَقَ الــنِّـيـلُ الـنَّـدَى مِـنْ كَـفِّـهِ
فَأَسَــالَ الـتِّـبْـرَ فَـوْقَ الْـوَادِيَـيْـنْ
حُـــبُّـــهُ دَيْـــنٌ وَدِيـــنٌ لِـــلْــوَرَى
يَـا لَـهُ فِـي الْـحُبِّ مِنْ دِينٍ وَدَيْنْ
وَبَــنَــى الْــمُــلْــكَ أَبُــوهُ جَـاهِـدًا
فَــسَــمَــا فَـوْقَ بِـنَـاءِ الْـهَـرَمَـيْـنْ
عَـــلَــوِيُّ الْــعَــزْمِ إِنْ رَامَ الْــعُــلَا
لَـمْ يَـضِـقْ ذَرْعًا وَلَمْ يَمْسَسْهُ أَيْنْ
رَفَـــعَ الـــشِّــعْــرَ إِلَــى مَــنْــزِلَــةٍ
لَـمْ يَـنَـلْهَا فِي زَمَانِ ابْنِ الْحُسَيْنْ
دَوْلَــةٌ قَــامَــتْ تُــنَــاغِــي دَوْلَــةً
فَـنَـعِـمْـنَـا فِـي ظِـلَال الـدَّوْلَـتَـيْنْ
رُبَّـمَـا فِـي الـشِّـعْـرِ قَامَتْ صَفْحَةٌ
بِـالَّـذِي يَـعْـيَـا بِـهِ ذُو الصَّفْحَتَيْنْ
إِنَّــمَــا الــشِّــعْــرُ عَــلَــى كَـثْـرَتِـهِ
لَا تَـرَى فِـيـهِ سِوَى إِحْدَى اثْنَتَيْنْ
نَـــفْـــحَـــةٌ قُـــدْسِــيَّــةٌ أَوْ هَــذَرٌ
لَـيْـسَ فِـي الـشِّـعْرِ كَلَامٌ بَيْنَ بَيْنْ
•••
سَــلِــمَــتْ لِــلــتَّـاجِ أَصْـفَـى دُرَّةٍ
وَأَقَــرَّ الــلــهُ عَــيْــنَ الْــوَالِــدَيْـنْ
جَــمَــعَ الــلــهُ لَــهَـا الْـخَـيْـرَ كَـمَـا
جَـمَـعَ الـدُّنْـيَـا لَـنَـا فِـي مَـلِـكَـيْـنْ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الرمل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤