أَيَحْلُو لِمَنْ لَا صَبْرَ يُنْجِدُهُ صَبْرُ

Wave Image
أَيَــحْـلُـو لِـمَـنْ لَا صَـبْـرَ يُـنْـجِـدُهُ صَـبْـرُ
إِذَا مَــا انْــقَــضَــى فِـكْـرٌ أَلَـمَّ بِـهِ فِـكْـرُ
أَمُــمْــعِــنَـةً فِـي الْـعَـذْلِ رِفْـقًـا بِـقَـلْـبِـهِ
أَيَــحْــمِــلُ ذَا قَــلْــبٌ وَلَــوْ أَنَّـهُ صَـخْـرُ
أَطَــلْــنَ عَــلَـيْـهِ الـلَّـوْمَ حَـتَّـى تَـرَكْـنَـهُ
وَسَـــاعَــتُــهُ شَــهْــرٌ وَلَــيْــلَــتُــهُ دَهْــرُ
عَـذِيـرِي مِـنَ الـلَّائِـي يَلُمْنَ عَلَى الْهَوَى
أَمَا فِي الْهَوَى لَوْ ذُقْنَ طَعْمَ الْهَوَى عُذْرُ
وَمُــنْــكِـرَةٍ مَـا عَـايَـنَـتْ مِـنْ شُـجُـونِـهِ
وَلَا عَــجَــبٌ مَــا عَــايَــنَــتْــهُ وَلَا نُـكْـرُ
ويُـحْـمَـدُ فِي الْعَضْبِ الْبِلَى وَهْوَ قَاطِعٌ
وَيَـحْـسُـنُ فِـي الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ الضُّمْرُ
وَقَـــائِـــلَـــةٍ مَــاذَا دَهَــاكَ؟ تَــعَــجُّــبًــا
فَــقُــلْــتُ لَــهَــا يَـا هَـذِهِ أَنْـتِ وَالـدَّهْـرُ
أَبِــالْــبَـيْـنِ أَمْ بِـالْـهَـجْـرِ أَمْ بِـكِـلَـيْـهِـمَـا
تَـشَـارَكَ فِـيـمَـا سَـاءَنِـي الْـبَيْنُ وَالْهَجْرُ
يُــذَكِّــرُنِــي نَــجْــدًا حَــبِـيـبٌ بِأَرْضِـهَـا
فَـيَـا صَـاحِـبَـيْ نَـجْوَايَ هَلْ يَنْفَعُ الذِّكْرُ
تَــطَــاوَلَــتِ الْـكُـثْـبَـانُ بَـيْـنِـي وَبَـيْـنَـهُ
وَبَــاعَــدَ فِــيـمَـا بَـيْـنَـنَـا الْـبَـلَـدُ الْـقَـفْـرُ
مَــفَــاوِزُ لَا يُــعْــجِــزْنَ صَـاحِـبَ هِـمَّـةٍ
وَإِنْ عَـجِـزَتْ عَـنْـهَـا الْـغُـرَيْـرِيَّـةُ الصُّبْرُ
كَأَنَّ سَــفِــيــنًــا بَــيْــنَ فَــيْـدٍ وَحَـاجِـرٍ
يَــحُــفُّ بِــهِ مِــنْ آلِ قِــيــعَــانِـهِ بَـحْـرُ
عَــدَانِــيَ عَــنْــهُ ذَوْدُ أَعْــدَاءِ مَــنْــهَــلٍ
كَــثِــيــرٌ إِلَــى وُرَّادِهِ الــنَّــظَــرُ الــشَّـزْرُ
وَسُــمْــرُ أَعَـادٍ تَـلْـمَـعُ الْـبِـيـضُ بَـيْـنَـهَـا
وَبِــيــضُ أَعَــادٍ فِــي أَكُــفِّـهُـمُ الـسُّـمْـرُ
وَقَــوْمٌ مَــتَــى مَـا أَلْـقَـهُـمْ رَوِيَ الْـقَـنَـا
وَأَرْضٌ مَـتَـى مَـا أَغْـزُهَـا شَـبِـعَ الـنَّـسْرُ
وَخَـيْـلٌ يَـلُـوحُ الْـخَـيْـرُ بَـيْـنَ عُـيُـونِـهَا
وَنَـصْـلٌ مَـتَـى مَـا شِـمْـتُـهُ نَـزَلَ الـنَّصْرُ
إِذَا مَــا الْــفَـتَـى أَذْكَـى مُـغَـاوَرَةَ الْـعِـدَا
فَــكُــلُّ بِــلَادٍ حَــلَّ سَــاحَــتَــهَــا ثَــغْـرُ
وَيَـــوْمٍ كَأَنَّ الْأَرْضَ شَــابَــتْ لِــهَــوْلِــهِ
قَـطَـعْـتُ بِـخَـيْـلٍ حَـشْـوُ فُرْسَانِهَا صَبْرُ
تَــسِــيــرُ عَـلَـى مِـثْـلِ الْـمُـلَاءِ مُـنَـشَّـرًا
وَآثَـــارُهَـــا طَــرْزٌ لِأَطْــرَافِــهَــا حُــمْــرُ
أُشَــيِّــعُــهُ وَالــدَّمْـعُ مِـنْ شِـدَّةِ الْأَسَـى
عَــلَــى خَــدِّهِ نَـظْـمٌ وَفِـي نَـحْـرِهِ نَـثْـرُ
رَجَـعْـتُ وَقَـلْـبِـي فِـي سِـجَافِ غَبِيطِهِ
وَلِــي لَــفَــتَــاتٌ نَــحْــوَ هَـوْدَجِـهِ كُـثْـرُ
وَفِـيـمَـنْ حَـوَى ذَاكَ الْـحَـجِـيجُ خَرِيدَةٌ
لَـهَـا دُونَ عِطْفِ السِّتْرِ مِنْ صَوْنِهَا سَتْرُ
وَفِــي الْــكُــمِّ كَـفٌّ لَا يَـرَاهَـا عَـدِيـلُـهَـا
وَفِـي الْـخِـدْرِ وَجْـهٌ لَيْسَ يَعْرِفُهُ الْخِدْرُ
فَــهَــلْ عَــرَفَــاتٌ عَــارِفَــاتٌ بِــزَوْرِهَــا
وَهَـلْ شَـعَـرَتْ تِـلْـكَ الْـمَشَاعِرُ وَالْحِجْرُ
أَمَـا اخْـضَـرَّ مِـنْ رَيْـحَـانِ مَـكَّةَ مَا ذَوَى
أَمَـا عَـشَّـبَ الْـوَادِي أَمَـا نَـبَـتَ الـصَّخْرُ
سَـقَـى الـلـهُ قَـوْمًـا حَـلَّ رَحْـلُـكِ بَيْنَهُمْ
سَـــحَــائِــبَ لَا قُــلٌّ جَــدَاهَــا وَلَا نَــزْرُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو فراس الحمداني: هو شاعر وقائد عسكري وأمير بالدولة الحمدانية، عاصَر «المتنبي» ونافَسه في بلاط «سيف الدولة».

وُلد «أبو فراس الحارث بن حمدون الحمداني» في منبج بسوريا عام ٣٢١ﻫ/٩٣٣م، وقيل بالموصل شماليَّ العراق، وتَيتَّم وهو في الثالثة من عمره، فنشأ في رعاية ابن عمه «سيف الدولة»، فقرَّبه إليه حين رأى منه نبوغًا في شعره وقوةً وحُسن تخطيطٍ في المعارك.

كان «أبو فراس الحمداني» أحد أهم مُجالِسي «سيف الدولة» في مجلسه الخاص الذي كان يُدعى إليه الشعراء، وكان يُجزل له العطاءَ حتى منحه ضَيْعة في منبج، بالإضافة إلى توليته عليها وهو في السادسة عشرة من عمره.

جمع نَظمُ «أبي فراس» كلَّ ألوان الشعر، فكان فيه الغزل والفخر والرثاء والوصف والحِكم، وكان أعظمها «الروميات» التي نظَمها وهو في الأَسر، فأخرج فيها عميقَ مشاعره وأصدق أقواله.

حافَظ «أبو فراس الحمداني» على ممارسة هواية الصيد وعقد مجالس الشعر والأدب، وكانت له انتصاراتٌ عديدة على جيش الروم، وأُسر عدة مرات فدَاه فيها «سيف الدولة»، كان آخرها وهو عائد من إحدى رحلات الصيد، فجُرح وأُسر، وراسَل «سيف الدولة» أكثر من مرة حتى جفاه «سيف الدولة» بسبب وشاية بعض المقرَّبين منه، فطال الأَسر لأربع سنوات، فأرسل إليه قصيدته المشهورة: «أراك عصيَّ الدمع شِيمتُك الصبر»، وكان لهذه المدة من الأَسر أثرُها الكبير في صَقل موهبة «أبي فراس» وتهذيب وِجدانه الذي أخرج لنا «الروميات» (نسبةً إلى اسم السجن).

وبعد خروجه من الأَسر تولَّى حمص حتى وفاة «سيف الدولة» عام ٣٥٦ﻫ، فأصبح حاجبُ «سيف الدولة» وصيًّا على ابنه «أبي المعالي»، فوشى الحاجب ﺑ «أبي فراس»، فسيَّر إليه «أبو المعالي» جيشًا أرداه قتيلًا وقطع رأسه عام ٣٥٧ﻫ/٩٦٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤