الْوَطَنُ وَالْأَحْزَابُ

Wave Image
مَـتَـى نَـرْجُـو لِـغُـمَّـتِـنَـا انْكِشَافَا
وَقَـدْ أَمْـسَـى الـشِّقَاقُ لَنَا مَطَافَا
مَـلَأْنَـا الْـجَـوَّ بِالْجَدَلِ اصْطِخَابًا
وَكُــنَّــا قَــبْــلُ نَــمْـلَـؤُهُ هُـتَـافَـا
وَمَــا زِلْــنَــا نَــهِــيــمُ بِــكُـلِّ وَادٍ
مِــنَ الْأَقْـوَالِ نُـرْسِـلُـهَـا جُـزَافَـا
وَنُـرْجِـفُ فِـي الْـبِلَادِ بِكُلِّ رُعْبٍ
يَـهُـزُّ فَـرَائِـصَ الْأَمْـنِ ارْتِـجَـافَـا
وَنَـتَّـهِـمُ الْـحُـكُـومَـةَ بِـاعْتِسَافٍ
وَنَـحْـنُ أَشَـدُّ ظُـلْـمًـا وَاعْـتِسَافَا
وَكَـمْ مِنْ نَاعِبٍ فِي الْقَوْمِ يَدْعُو
بِـوَشْـكِ الْـبَـيْـنِ تَـحْسَبُهُ الْغُدَافَا
تَـبَـاكَـيْـنَـا عَلَى الْوَطَنِ اخْتِدَاعًا
فَأَنْـبَـتْـنَـا بَأَدْمُـعِـنَـا «الْـخِـلَافَـا»
أَجَـاعَـتْـنَـا الْـمَـطَـامِـعُ فَاخْتَلَفْنَا
لِـنَـمْـلَأَ فِـي مَـوَائِـدِنَـا الـصِّحَافَا
وَلَــكِــنَّـا مِـنَ الْـوَطَـنِ الْـمُـفَـدَّى
نَـخِـيـطُ عَـلَـى مَـطَـامِعِنَا غِلَافَا
•••
أَرَى أَنْـفَ الْـحَـوَادِثِ مُـشْـمَـخِرًّا
غَـدًا يَـتَـشَـمَّـمُ الْـحَدَثَ الْجِرَافَا
وَيُـوشِـكُ أَنْ يُـمَـزِّقَ مَـنْـخِـرَيْـهِ
عِــطَـاسٌ يَـمْـلَأُ الـدُّنْـيَـا رُعَـافَـا
فَـهَـلْ لِـوَزَارَةِ «الْـغَـازِي» اقْتِدَارٌ
تَــرُدُّ بِــهِ الْــهَــزَاهِــزَ وَالـنِّـقَـافَـا
•••
أَقُـولُ وَلَـوْ يَـسُـوءُ الْـقَوْمَ قَوْلِي
بَــيَـانًـا لِـلْـحَـقِـيـقَـةِ وَاعْـتِـرَافَـا
قَـدِ اخْـتَـلَـفَ الْـبَـرِيَّـةُ وَاخْتَلَفْنَا
فَـكُـنَّـا نَـحْـنُ أَسْـوَأَهَـا اخْـتِلَافَا
فَـــلَا تَـــغْــرُرْكَ أَحْــزَابٌ شِــدَادٌ
بِأَنَّ لَـــهُــمْ أَقَــاوِيــلًا لِــطَــافَــا
فَإِنَّ بَـوَاطِـنَ الْـقَـوْمِ احْـتِـرَاصٌ
وَإِنْ أَبْـدَتْ ظَـوَاهِـرُهُـمْ عَـفَـافَـا
وَمَـا اخْـتَـلَـفُـوا لِـمَصْلَحَةٍ وَلَكِنْ
لِــيَأْكُـلَ أَقْـوِيَـاؤُهُـمُ الـضِّـعَـافَـا
هُــوَ الــدِّيــنَـارُ مُـنْـيَـةُ كُـلِّ رَاجٍ
وَبُـغْـيَـةُ كُـلِّ مَـنْ دَأَبَ احْـتِـرَافَا
نَـحُـجُّ لِأَجْـلِـهِ بَـيْـتَ الْـمَـخَـازِي
وَنُـكْـثِـرُ حَـوْلَ كَـعْـبَـتِهِ الطَّوَافَا
تَــرَى كُــلَّ الْأَنَــامِ بِــهِ سُــكَـارَى
وَغَـيْـرَ هَـوَاهُ مَا ارْتَشَفُوا سُلَافَا
فَـحُـبُّ سِـوَاهُ فِـي الْأَفْـوَاهِ جَارٍ
وَلَــكِــنْ حُــبُّــهُ بَـلَـغَ الـشِّـغَـافَـا
هُـوَ الْـحَـرْبُ الَّـتِـي زَحَفَتْ إِلَيْهَا
كَـتَـائِـبُ كُـلِّ مَـنْ طَلَبَ الزِّحَافَا
وَكَــمْ قَـدَّرْنَ فِـي أَمَـلٍ مُـخَـافٍ
فَأَمَّـلَ صَـوْتُـهُ الْأَمَـلَ الْـمُـخَـافَـا
إِذَا خَـطَـبَ الْـوَضِيعُ بِهِ الْمَعَالِي
أَقَـامَ لَـهُ بَـنُـو الـشَّـرَفِ الـزِّفَـافَا
أَرَى الْأَحْـزَابَ مِنْ طَمَعٍ وَحِرْصٍ
قَدِ اخْتَرَقُوا إِلَى الْفِتَنِ السِّجَافَا
يُـجَانِفُ بَعْضُهُمْ فِي الرَّأْيِ بَعْضًا
وَبِـئْـسَ الـرَّأْيُ مَـا الْتَزَمَ الْجِنَافَا
لَـئِنْ خَطَّأْتُ مَنْ رَامُوا «اتِّحَادًا»
فَـمَا صَوَّبْتُ مَنْ رَامُوا «ائْتِلَافَا»
فَإِنَّ مَــشَــارِبَ الْـعُـدْوَانِ مِـنْـهَـا
كِـلَا الْـحِـزْبَـيْنِ يَرْتَشِفُ ارْتِشَافَا
وَهُـمْ كَأُولِـي الـدِّيَـانَةِ كُلُّ حِزْبٍ
يَــرَاهُ أَحَــقَّ بِــالْــحَـقِّ اتِّـصَـافَـا
وَمَـــاذَا نَــفْــعُ أَقْــوَالٍ سِــمَــانٍ
إِذَا أَفْــعَــالُـهُـمْ كَـانَـتْ عِـجَـافَـا
وَأَنَّــى يُــصْـلِـحُ الْأَوْطَـانَ قَـوْمٌ
بِـهَـا أَشْـتَـى تَـدَابُـرُهُـمْ وَصَـافَـا
فَـكُـنْ مِـنْـهُـمْ عَلَى طَرَفٍ بَعِيدًا
وَحَـاذِرْ أَنْ تَـكُـونَ لَـهُـمْ مُـضَافَا
فَـهُـمْ كَـالْـبَـحْـرِ يَـهْـلِـكُ رَاكِـبُوهُ
وَيَـسْـلَـمُ مِـنْـهُ مَـنْ لَزِمَ الضِّفَافَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤