اللهُ وَالْعِلْمُ

Wave Image
لِـمَـنْ ذَلِـكَ الْـمُـلْـكُ الَّـذِي عَـزَّ جَـانِـبُـهْ
لَـقَـدْ وَعَـظَ الْأَمْـلَاكَ وَالـنَّـاسَ صَاحِبُهْ
أَمُــلْــكُـكَ يَـا «إدْوَرْدُ» وَالْـمَـلِـكُ الَّـذِي
يَــغَــارُ عَــلَــيْــهِ وَالَّــذِي هُــوَ وَاهِــبُـهْ
أَرَادَ بِـــهِ أَمْـــرًا فَـــجَـــلَّــتْ صُــدُورُهُ
فَأَتْــبَــعَــهُ لُــطْــفًـا فَـجَـلَّـتْ عَـوَاقِـبُـهْ
رَمَـى وَاسْـتَـرَدَّ الـسَّـهْمَ وَالْخَلْقُ غَافِلٌ
فَــهَــلْ يَــتَّــقِــيـهِ خَـلْـقُـهُ أَوْ يُـرَاقِـبُـهْ
أَيَـبْـطُـلُ عِـيـدُ الـدَّهْـرِ مِـنْ أَجْـلِ دُمَّلٍ
وَتَـخْـبُـو مَـجَـالِـيـهِ وَتُـطْـوَى مَـوَاكِـبُهْ
وَيَــرْجِـعُ بِـالْـقَـلْـبِ الْـكَـسِـيـرِ وُفُـودُهُ
وَفِـيـهِـمْ مَـصَـابِـيـحُ الْـوَرَى وَكَـوَاكِبُهْ
وَتَـسْـمُـو يَـدُ الـدَّهْـرِ ارْتِـجَـالًا بِـبَأْسِـهَا
إِلَـى طُـنُـبِ الْأَقْـوَاسِ وَالـنَّصْرُ ضَارِبُهْ
وَيَـسْـتَـغْـفِـرُ الـشَّـعْـبُ الْـفَـخُـورُ لِـرَبِّهِ
وَيَـجْـمَـعُ مِـنْ ذَيْـلِ الْـمَخِيلَةِ سَاحِبُهْ؟
وَيُـحْـجَـبُ رَبُّ الْـعِـيـدِ سَـاعَـةَ عِـيدِهِ
وَتَــنْــقُــصُ مِــنْ أَطْــرَافِــهِـنَّ مَآرِبُـهْ؟
أَلَا هَـــكَـــذَا الـــدُّنْــيَــا وَذَلِــكَ وُدُّهَــا
فَــهَــلَّا تَأَنَّــى فِــي الْأَمَـانِـيِّ خَـاطِـبُـهْ
أَعَـــدَّ لَـــهَـــا إِدْوَرْدُ أَعْـــيَـــادَ تَــاجِــهِ
وَمَـا فِـي حِـسَـابِ الـلـهِ مَا هُوَ حَاسِبُهْ
مَـشَـتْ فِـي الـثَّـرَى أَنْبَاؤُهَا فَتَسَاءَلَت
مَــشَــارِقُــهُ عَــنْ أَمْــرِهَــا وَمَــغَـارِبُـهْ
وَكَـاثَـرَ فِـي الْـبَـرِّ الْـحَصَى مَنْ يَجُوبُهُ
وَكَـاثَـرَ مَـوْجَ الْـبَـحْـرِ فِي الْبَحْرِ رَاكِبُهْ
إِلَـى مَـوْكِـبٍ لَـمْ تُـخْـرِجِ الْأَرْضُ مِـثْلَهُ
وَلَــنْ يَــتَــهَـادَى فَـوْقَـهَـا مَـا يُـقَـارِبُـهْ
إِذَا سَـارَ فِـيـهِ سَـارَتِ الـنَّـاسُ خَـلْـفَـهُ
وَشَــدَّتْ مَــغَــاوِيـرَ الْـمُـلُـوكِ رَكَـائِـبُـهْ
تُـحِـيـطُ بِـهِ كَـالـنَّـمْـلِ فِـي الْـبَـرِّ خَيْلُهُ
وَتَـــمْــلَأُ آفَــاقَ الْــبِــحَــارِ مَــرَاكِــبُــهْ
نِــظَــامُ الْـمَـجَـالِـي وَالْـمَـوَاكِـبِ حَـلَّـهُ
زَمَـــانٌ وَشِـــيــكٌ رَيْــبُــهُ وَنَــوَائِــبُــهْ
فَـبَـيْـنَـا سَـبِـيـلُ الْقَوْمِ أَمْنٌ إِلَى الْمُنَى
إِذَا هُـوَ خَـوْفٌ فِـي الـظُّـنُـونِ مَـذَاهِبُهْ
إِذَا جَـاءَتِ الْأَعْـيَـادُ فِـي كُـلِّ مِـسْـمَـعٍ
تَـجُـوبُ الـثَّـرَى شَـرْقًـا وَغَـرْبًا جَوَائِبُهْ
رَجَـاءٌ فَـلَـمْ يَـلْـبَـثْ فَـخَـوْفٌ فَلَمْ يَدُمْ
سَـلِ الـدَّهْـرَ أَيُّ الْـحَـادِثَـيْـنِ عَـجَـائِبُهْ
فَـيَـا لَـيْـتَ شِـعْرِي أَيْنَ كَانَتْ جُنُودُهُ؟
وَكَـيْـفَ تَـرَاخَـتْ فِي الْفِدَاءِ قَوَاضِبُهْ؟
وَرُدَّتْ عَــلَــى أَعْــقَــابِــهِــنَّ سَـفِـيـنُـهُ
وَمَـا رَدَّهَـا فِـي الْـبَـحْرِ يَوْمًا مُحَارِبُهْ؟
وَكَــيْــفَ أَفَــاتَــتْـهُ الْـحَـوَادِثُ طِـلْـبَـةً
وَمَــا عَــوَّدَتْــهُ أَنْ تَــفُــوتَ رَغَـائِـبُـهْ؟
لَـكَ الْـمُـلْـكُ يَـا مَـنْ خَـصَّ بِـالْـعِزِّ ذَاتَهُ
وَمَـــنْ فَــوْقَ آرَابِ الْــمُــلُــوكِ مَآرِبُــهْ
فَــــلَا عَــــرْشَ إِلَّا أَنْـــتَ وَارِثُ عِـــزِّهِ
وَلَا تَــاجَ إِلَّا أَنْــتَ بِــالْــحَــقِّ كَـاسِـبُـهْ
وَآمَــنْــتُ بِــالْــعِـلْـمِ الَّـذِي أَنْـتَ نُـورُهُ
وَمِــنْــكَ أَيَــادِيــهِ وَمِــنْــكَ مَــنَـاقِـبُـهْ
تُــؤَامِــنُ مِــنْ خَــوْفٍ بِـهِ كُـلَّ غَـالِـبٍ
عَـلَـى أَمْـرِهِ فِـي الْأَرْضِ وَالـدَّاءُ غَالِبُهْ
سَلُوا صَاحِبَ الْمُلْكَيْنِ هَلْ مَلَكَ الْقُوَى
وَأُسْـدُ الـشَّـرَى تَـعْـنُـو لَـهُ وَتُـحَـازِبُـهْ؟
وَهَــلْ رَفَــعَ الــدَّاءَ الْـعُـضَـالَ وَزِيـرُهُ؟
وَهَـلْ حَـجَـبَ الْـبَـابَ الْـمُمَنَّعَ حَاجِبُهْ؟
وَهَــلْ قَــدَّمَــتْ إِلَّا دُعَــاءً شُــعُـوبُـهُ؟
وَسَـــاعَــفَ إِلَّا بِــالــصَّــلَاةِ أَقَــارِبُــهْ؟
هُــنَــالِــكَ كَــانَ الْـعِـلْـمُ يُـبـلِـي بَـلَاءَهُ
وَكَـانَ سِـلَاحُ الـنَّـفْـسِ تُـغْـنِـي تَجَارِبُهْ
•••
كَــرِيــمُ الـظُّـبَـا لَا يَـقْـرَبُ الـشَّـرَّ حَـدُّهُ
وَفِــي غَـيْـرِهِ شَـرُّ الْـوَرَى وَمَـعَـاطِـبُـهْ
إِذَا مَــرَّ نَــحْــوَ الْــمَــرْءِ كَــانَ حَـيَـاتَـهُ
كَإِصْـبَـعِ عِـيـسَـى نَـحْوَ مَيْتٍ يُخَاطِبُهْ
وَأَيْــسَــرُ مِـنْ جُـرْحِ الـصُّـدُودِ فِـعَـالُـهُ
وَأَسْـهَـلُ مِـنْ سَـيْـفِ الـلِّحَاظِ مَضَارِبُهْ
عَـجِـيـبٌ يُـرَجِّـي «مِـشْرَطًا» أَوْ يَهَابُهُ
مَـنِ الْـغَرْبُ رَاجِيهِ، مَنِ الشَّرْقُ هَائِبُهْ؟
فَـلَـوْ تُـفْـتَـدَى بِـالْـبِيضِ وَالسُّمْرِ فِدْيَةٌ
لَأَلْــقَـتْ قَـنَـاهَـا فِـي الْـبِـلَادِ كَـتَـائِـبُـهْ
وَلَـوْ أَنَّ فَـوْقَ الْـعِـلْـمِ تَـاجًـا لَـتَـوَّجُـوا
طَـبِـيـبًـا لَـهُ بِـالْأَمْـسِ كَـانَ يُـصَـاحِـبُهْ
فَآمَـــنْــتُ بِــالــلــهِ الَّــذِي عَــزَّ شَأْنُــهُ
وَآمَــنْــتُ بِــالْـعِـلْـمِ الَّـذِي عَـزَّ طَـالِـبُـهْ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: قال الشاعر هذه القصيدة بمناسبة تأجيل حفلة تتويج الملك إدورد السابع لإصابته بدمل.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

أحمد شوقي: شاعر مصري، يُعَدُّ أحد أعظم شعراء العربية في مختلِف العصور، بايعه الأدباء والشعراء في عصره على إمارة الشعر فلقب ﺑ «أمير الشعراء». كان صاحب موهبة شعرية فَذَّةٍ، وقلم سَيَّال، لا يجد عناء في نظم الشعر، فدائمًا ما كانت المعاني تتدفق عليه كالنهر الجاري؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية، فبلغ نتاجه الشعري ما لم يبلغه تقريبًا أيُّ شاعر عربي قديم أو حديث، حيث وصل عدد أبيات شعره إلى ما يتجاوز ثلاثةً وعشرين ألف بيت وخمسمائة.

وُلد «أحمد شوقي علي» بحي الحنفي بالقاهرة في عام ١٨٦٨م، لأبٍ شركسي وأُمٍّ ذات أصول يونانية، لكنه نشأ وتربَّى في كنف جَدته لأمه التي كانت تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل. أُدخل شوقي في الرابعة من عمره الكُتَّاب فحفظ فيه قدرًا من القرآن، ثم انتقل بعدها ليُتِمَّ تعليمه الابتدائي، وأظهر الصبي في صغره ولعًا بالشعر، جعله يَنْكَبُّ على دواوين فحول الشعراء فيحفظ وينهل منها قدر ما يستطيع، ولما أتمَّ الخامسة عشرة من عمره التحق بقسم الترجمة الذي أُنشِئَ حديثًا بمدرسة الحقوق، سافر بعدها إلى فرنسا ليكمل دراسته القانونية، ورغم وجوده في باريس آنذاك، إلا أنه لم يُبْدِ سوى تأثرٍ محدودٍ بالثقافة الفرنسية، فلم ينبهر بالشعراء الفرنسيين أمثال: رامبو، وبودلير، وفيرلين. وظل قلبه معلقًا بالشعراء العرب وعلى رأسهم المتنبي.

يُعَدُّ أحمد شوقي من مؤسسي مدرسة الإحياء والبعث الشعرية مع كل من: محمود سامي البارودي، وحافظ إبراهيم، وعلي الجارم، وأحمد محرم. وقد التزم شعراء هذه المدرسة بنظم الشعر العربي على نهج القدماء، خاصة الفترة الممتدة بين العصر الجاهلي والعباسي، إلا أنه التزامٌ مازَجَه استحداث للأغراض الشعرية المتناوَلَة، التي لم تكُن معروفة عند القدماء، كالقصص المسرحي، والشعر الوطني، والشعر الاجتماعي. وقد نظم شوقي الشعر بكل أغراضه: المديح، والرثاء، والغزل، والوصف، والحكمة.

بايع الأدباء والشعراء أحمد شوقي أميرًا لهم في حفلٍ أُقِيمَ بالقاهرة عام ١٩٢٧م، وظل الرجل مَحَلَّ إعجاب وتقدير ليس فقط بين الخاصة من المثقَّفين والأدباء بل من عموم الناس أيضًا، وفي عام ١٩٣٢م رحل شوقي عن عالمنا، وفاضت رُوحُهُ الكريمة إلى بارئها عن عمر يناهز أربعة وستين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤