مَا اسْتَعْبَدَ الْحِرْصُ مَنْ لَهُ أَدَبُ

Wave Image
مَـا اسْـتَـعْبَدَ الْحِرْصُ مَنْ لَهُ أَدَبُ
لِلْـمَـرْءِ فِـي الْـحِرْصِ هِمَّةٌ عَجَبُ
للــهِ عَـقْـلُ الْـحَـرِيـصِ كَـيْـفَ لَـهُ
فِـــي كُـــلِّ مَـــا لَا يَــنَــالُــهُ أَرَبُ
مَـا زَالَ حِـرْصُ الْحَرِيصِ يُطْمِعُهُ
فِـي دَرْكِـهِ الـشَّـيْءَ دُونَـهُ الطَّلَبُ
مَا طَابَ عَيْشُ الْحَرِيصِ قَطُّ وَلَا
فَـارَقَـهُ الـتَّـعْـسُ مِـنْـهُ وَالـنَّصَبُ
الْـبَـغْـيُ وَالْـحِـرْصُ وَالْـهَوَى فِتَنٌ
لَـمْ يَـنْـجُ مِـنْـهَـا عُـجْـمٌ وَلَا عَرَبُ
لَـيْـسَ عَـلَـى الْـمَـرْءِ فِـي قَنَاعَتِهِ
إِنْ هِـيَ صَـحَّـتْ أَذًى وَلَا نَـصَـبُ
مَـنْ لَـمْ يَـكُـنْ بِـالْـكَـفَـافِ مُقْتَنِعًا
لَــمْ تَــكْـفِـهِ الْأَرْضُ كُـلُّـهَـا ذَهَـبُ
مَـنْ أَمْـكَـنَ الـشَّـكَّ مِـنْ عَـزِيـمَتِهِ
لَــمْ يَـزَلِ الـرَّأْيُ مِـنْـهُ يَـضْـطَـرِبُ
مَـنْ عَـرَفَ الـدَّهْـرَ لَـمْ يَزَلْ حَذِرًا
يَـــحْـــذَرُ شِـــدَّاتِــهِ وَيَــرْتَــقِــبُ
مَـنْ لَـزِمَ الْـحِـقْـدَ لَـمْ يَـزَلْ كَـمِدًا
تُــغْــرِقُـهُ فِـي بُـحُـورِهَـا الْـكُـرَبُ
الْــمَــرْءُ مُــسْــتَــأْنِــسٌ بِـمَـنْـزِلَـةٍ
تُــقْــتَــلُ سُــكَّــانُـهَـا وَتُـسْـتَـلَـبُ
وَالْــمَــرْءُ فِــي لَــهْــوِهِ وَبَــاطِـلِـهِ
وَالْـمَـوْتُ فِـي كُـلِّ ذَاكَ مُـقْـتَـرِبُ
يَـا خَـائِـفَ الْـمَوْتِ زَالَ عَنْكَ صِبًا
وَالْـعُـجْـبُ وَاللَّـهْـوُ مِـنْكَ وَاللَّعِبُ
دَارُكَ تَــنْــعَــى إِلَــيْــكَ سَـاكِـنَـهَـا
قَـصْـرُكَ تُـبْـلِـي جَـدِيـدَهُ الْـحُقُبُ
يَـا جَـامِـعَ الْـمَـالِ مُـنْـذُ كَـانَ غَدًا
يَـأْتِـي عَـلَـى مَـا جَـمَـعْتَهُ الْحَرَبُ
إِيَّــاكَ أَنْ تَــأْمَــنَ الــزَّمَــانَ فَــمَـا
زَالَ عَــلَــيْــنَــا الـزَّمَـانُ يَـنْـقَـلِـبُ
إِيَّـــاكَ وَالـــظُّـــلْـــمَ إِنَّــهُ ظُــلَــمٌ
إِيَّــــاكَ وَالــــظَّــــنَّ إِنَّـــهُ كَـــذِبُ
بَـيْـنَـا تَـرَى الْـقَـوْمَ فِـي مَـحَلَّتِهِمْ
إِذْ قِـيـلَ بَـادُوا وَقِـيـلَ قَدْ ذَهَبُوا
إِنِّـي رَأَيْـتُ الـشَّـرِيـفَ مُـعْـتَـرِفًـا
مُــصْـطَـبِـرًا لِلْـحُـقُـوقِ إِذْ تَـجِـبُ
وَقَـدْ عَـرَفْـتُ اللِّـئَـامَ لَـيْـسَ لَـهُمْ
عَـــهْـــدٌ وَلَا خُــلَّــةٌ وَلَا حَــسَــبُ
احْــذَرْ عَــلَــيْــكَ اللِّــئَــامَ إِنَّــهُـمُ
لَـيْـسَ يُـبَـالُـونَ مِـنْـكَ مَـا رَكِـبُوا
فَـنِـصْـفُ خَـلْـقِ اللِّـئَامِ مُذْ خُلِقُوا
ذُلٌّ ذَلِـــيــلٌ وَنِــصْــفُــهُ شَــغَــبُ
فَـــرَّ مِـــنَ اللُّـــؤْمِ وَاللِّـــئَــامِ وَلَا
تَــدْنُ إِلَــيْــهِــمْ فَــإِنَّــهُــمْ جَـرَبُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: المنسرح
  • عصر القصيدة: العباسي الأول

عن الشاعر

أبو العتاهية: شاعر عربي، يُعدُّ واحدًا من أهم شعراء العصر العباسي في بغداد، ولُقب بأشعر الإنس والجن لقدرته العالية على نظم الشعر في أي وقت وبشكلٍ ارتجالي.

هو «إسماعيل بن القاسم بن سويد»، وكنيته الأصلية «أبو إسحاق» ولكن الكُنية الأشهر له هي «أبو العتاهية»، وُلد في «عين التمر» وهي قرية بالمدينة المنورة في الحجاز عام ٧٤٨م لأب نبطيٍّ اشتغل بالحجامة، ولما ضاق الحال بأبيه انتقل بأسرته إلى الكوفة. كان «أبو العتاهية» يميل في تلك الفترة إلى حياة اللهو والبطالة حتى بدأ بالعمل مع أخيه زيد في صناعة الفخار والإتجار به.

برع في نظم الشعر في تلك الحقبة من حياته واشتهر به لدى جمهور شباب المحبين للشعر حتى وصل إلى قصور بغداد، وبالأخص قصر الخليفة المهدي الذي أعجب بشعره ، وقد عُرف عن «أبو العتاهية» التناقض في أسلوب حياته حيث ذكر المؤرخون أنه كان يعيش بين حياة المجون والفساد الذي وصل به حدَّ أن يُطلق عليه «مخنث أهل بغداد»، وبين حياة والورع والزهد والتقوى حتى أن له العديد من القصائد التي تُحقر من ملذات الدنيا الفانية وتُرغب في التقرب إلى الله، وعُرف عنه دمامة الوجه، وانتشرت قصة رفض جارية زوجة الخليفة المهدي له، رغم إفراده قصائد الغزل فيها.

وكان «أبو العتاهية» عظيم الموهبة غزير الانتاج الشعري، حتى أنه كان ينظم في اليوم مئة وخمسين بيتًا من الشعر، كما عُرف بأسلوبه السهل الممتنع الذي جعل أشعاره تنتقل عبر الأجيال دون صعوبة في فهم مفرداتها ومعانيها. واستمر «أبو العتاهية» في ملازمة الخلفاء المولعين بشعره فلزم الخليفة «هارون الرشيد»، وحاول في عهده أن ينقطع عن الشعر ولكن الرشيد أمره بالعودة إليه وحبسه حتى عاد، ولزم من بعده ابنه «الأمين» ثم «المأمون» إلى أن توفي عام ٨٢٥م في بغداد.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤