أَيَّتُهَا الْكَعَابُ

Wave Image
فَــتَــنْــتِ الْــمَـلَائِـكَ قَـبْـلَ الْـبَـشَـرْ
وَهَـامَـتْ بِـكِ الـشَّـمْـسُ قَبْلَ الْقَمَرْ
وَسُــرَّ بِــكِ الـسَّـمْـعُ قَـبْـلَ الْـبَـصَـرْ
وَغَــنَّــى بِـكِ الـشِّـعْـرُ قَـبْـلَ الْـوَتَـرْ
فَأَنْــتِ بِــحُــسْــنِــكِ بِـنْـتُ الْـعِـبَـرْ
تَــــرِفُّ لِــــمَــــرْآكِ رُوحُ الْـــغَـــرَامْ
وَيَــهْــوَى طُــلُـوعَـكِ بَـدْرُ الـتِّـمَـامْ
لِــيَــطْــلُــعَ مِــثْــلَـكِ بِـالْإِحْـتِـشَـامْ
وَيَــرْقُــبَ خَــطْــرَةَ هَــذَا الْــقَـوَامْ
لِــكَــيْــمَــا يَـهُـبُّ نَـسِـيـمُ الـسَّـحَـرْ
تَـــمِـــيــلُ بِــقَــدِّكِ خَــمْــرُ الــدَّلَالْ
فَـيَـضْـحَـكُ فِـي مَـيْـلِـهِ الِاعْـتِـدَالْ
وَفِيهِ ارْتَقَى الْحُسْنُ عَرْشَ الْجَلَالْ
وَمِـنْـهُ الْـعُـقُـولُ غَـدَتْ فِـي عِـقَالْ
وَكَــمْ قَــدْ نَــهَــاهَــا وَكَـمْ قَـدْ أَمَـرْ
إِذَا الْــوَجْــهُ مِــنْــكِ بَــدَا لِـلْـعِـيَـانْ
لَـهُ سَـجَـدَ الْـعِـشْـقُ يَـرْجُـو الْأَمَـانْ
وَيَــخْــجَــلُ مِــنْ نُــورِهِ الــنَّـيِّـرَانْ
وَيَــعْــنُــو لَــهُ جَــبَــرُوتُ الــزَّمَـانْ
وَيَـخْـضَـعُ حَـتَّـى الْـقَـضَـا وَالْـقَـدَرْ
بِـكِ الْـحُـسْـنُ أُلْـبِـسَ ثَـوْبَ الْكَمَالْ
فَأَنْــتِ الْـحَـقِـيـقَـةُ وَهْـوَ الْـخَـيَـالْ
وَأَنْــتِ مَــلِــيــكَـةُ مُـلْـكِ الْـجَـمَـالْ
وَلَــوْ صَــوَّرُوكِ بِــلَــوْحِ الْــمِــثَــالْ
لَــكُــنْــتِ مَــلِــيــكَــةَ كُــلِّ الـصُّـوَرْ
يَـرُوحُ الـشِّـتَـاءُ وَتَـصْـحُـو الـسَّـمَـا
وَيَأْتِــي الــرَّبِــيــعُ بِــمَــا نَــمْــنَــمَـا
فَــيَــطْــلُــعُ فَــوْقَ الـثَّـرَى أَنْـجُـمَـا
وَيَــبْــتَــسِــمُ الــزَّهْــرُ بَـعْـدَ الـنَّـمَـا
فَأَنْـــتِ ابْــتِــسَــامَــةُ ذَاكَ الــزَّهَــرْ
فَــطَــرْفُــكِ بِـالْـفَـتْـرِ كَـمْ قَـدْ رَوَى
نَـــشِـــيـــدَ غَــرَامٍ يَــهُــدُّ الْــقُــوَى
وَمَــا أَنْــتِ شَــاعِــرَةٌ فِــي الْـهَـوَى
وَلَــكِــنَّـمَـا الـشِّـعْـرُ فِـيـكِ انْـطَـوَى
فَآيَــةُ حُــسْــنِــكِ إِحْــدَى الْــكُــبَـرْ
لِــسَــانُــكِ يَــسْــحَــرُ فِــي ظَـرْفِـهِ
وَجَــفْــنُــكِ يَــفْــتِـنُ فِـي ضَـعْـفِـهِ
وَقَـــدُّكِ يَـــخْــطِــرُ فِــي لُــطْــفِــهِ
فَــيُــطْــنِــبُ رِدْفُــكِ فِــي وَصْـفِـهِ
وَيُــوجِــزُهُ خَــصْـرُكِ الْـمُـخْـتَـصَـرْ
سَـقَـتْـكِ الْـكَـعَـابَـةُ صَـفْـوَ الـشَّبَابْ
وَغَــطَّــى مُــحَــيَّـاكِ مِـنْـهَـا نِـقَـابْ
فَأَنْـــتِ إِذَا قُــمْــتِ لِــلْإِنْــسِــيَــابْ
تَــبَــخْـتَـرْتِ فِـي خَـفَـرٍ وَالْـكَـعَـابْ
تُــضِــيءُ كَــعَــابَــتُــهَــا بِــالْـخَـفَـرْ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: شعر مقطوعي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: المتقارب
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤