يَا نَفْسُ لَا تَطْمَعِي فِي الصَّفْوِ وَالْجَزَلِ

Wave Image
يَـا نَـفْـسُ لَا تَـطْمَعِي فِي الصَّفْوِ وَالْجَزَلِ
وَانْــفِــي الْـمُـحَـالَ وَرُدِّي خَـاطِـرَ الْأَمَـلِ
لَـوْ لَـمْ تَـكُـونِـي بِـحُـسْـنِ الـظَّـنِّ مُـولَـعَةً
مَــا ضَــاعَ عُــمْـرُكِ فِـي كَـدٍّ وَفِـي عَـمَـلِ
قَــالُــوا يَــنَــالُ نَــصِـيـبًـا كُـلُّ مُـجْـتَـهِـدٍ
وَهَـا نَـصِـيـبُـكِ مِـنْ نَـصْـبٍ وَمِـنْ عَـطَـلِ
لَـيْـسَ اجْـتِـهَـادُ امْرِئٍ فِي النَّاسِ يُسْعِدُهُ
وَرُبَّـــمَـــا تَـــمَّـــتِ الْآمَــالُ بِــالْــكَــسَــلِ
حَــتَّــامَ أَزْرَعُ فِــي الــدُّنْــيَــا بِــلَا ثَــمَــرٍ
وَبِــالــتَّــعَــلُّــلِ تُــقْــضَــى مُــدَّةُ الْأَجَــلِ
هَــلَّا قَــضَـيْـتُ مِـنَ الْأَعْـمَـالِ لِـي وَطَـرًا
وَقَدْ مَضَى الْبَعْضُ مِنْ عُمْرِي عَلَى عَجَلِ
سَـعَـيْـتُ فِـي الـسَّـبْـقِ حَـتَّـى نِـلْـتُ أَوَّلَهُ
وَلَـــسْـــتُ أَعْـــلَـــمُ أَنَّ الْـــهَـــمَّ لِـــلْأُوَلِ
فَأَعْــقَــبَ الــدَّهْـرُ بَـعْـدَ الْـكَـدِّ لِـي نَـدَمًـا
وَهَــكَــذَا الــدَّهْــرُ فِــيــهِ خَــيْـبَـةُ الْأَمَـلِ
حَـــالِـــي لِـــكُـــلِّ لَــبِــيــبٍ أُسْــوَةٌ وَلَــهُ
فِـيـهِ الـنَّـصِـيـحَـةُ عِـنْـدَ الْـحَـادِثِ الْجَلَلِ
قَــدْ كُــنْــتُ بَــيْــنَ فُـتَـيَّـاتٍ إِذَا دُعِـيَـتْ
لِــلْــعِــلْــمِ كُــنْــتُ لَـهَـا كَـالـنُّـورِ لِـلْـمُـقَـلِ
فَــازَتْ بِــنَــيْــلِ أَمَــانِــيــهَــا بِــلَا تَــعَـبٍ
وَخَــيَّــبَ الــدَّهْــرُ آمَــالِـي فَـمَـا عَـمَـلِـي
وَقَـــدْ بُـــلِــيــتُ بِــقَــوْمٍ لَا ذَكَــاءَ لَــهُــمْ
لَـدَيْـهِـمُ الْـجِـدُّ فِـي الْـعَـلْـيَـاءِ كَـالْـكَـسَـلِ
وَالـصُّـبْـحُ كَـالـلَّـيْـلِ فِي عَيْنَيْ أَخِي رَمَدٍ
وَالْـفَـضْـلُ كَـالـنَّـقْصِ عِنْدَ الْمَعْشَرِ السَّفِلِ
مَـــاتَـــتْ لِـــذَلِــكَ آمَــالِــي فَــوَا أَسَــفًــا
وَالْـــعَــيْــشُ لَــذَّتُــهُ فِــي بَــارِقِ الْأَمَــلِ
وَقَــدْ رَمَـتْـنِـي الـلَّـيَـالِـي مِـنْ كِـنَـانَـتِـهَـا
بِأَحْــمَــقٍ سَــافِــلِ الْأَخْــلَاقِ مُــخْــتَـبِـلِ
كَــمْ صَــالَ يُــرْهِــقُــنِـي سَـعْـيًـا لِـمَأْرَبِـهِ
وَلَــوْ رَأَى خُــطَّــةَ الْإِنْـصَـافِ لَـمْ يَـصِـلِ!
أَصَــابَ قَــلْــبَ رَجَــائِـي وَاسْـتَـهَـانَ بِـهِ
فَـــيَــا لَــهُ قَــاتِــلًا لَــمْ يَــرْمِ بِــالْــوَجَــلِ
وَمُــجْــرِمُ الْــقَــوْمِ مَأْخُــوذٌ بِــفَــعْــلَـتِـهِ
وَذَاكَ تَــنْــصُــرُهُ الْأَقْــوَامُ فِـي الْـخَـطَـلِ
لَــوْ بِــالْـفَـضِـيـلَـةِ وَالْـبُـرْهَـانِ نَـاضَـلَـنِـي
لَارْتَــدَّ مِـنْ سَـاحَـةِ الْـهَـيْـجَـاءِ بِـالْـفَـشَـلِ
لَــكِــنْ بِــسُــلْــطَــتِــهِ وَالــدَّهْـرُ وَاهِـبُـهَـا
لِـــمَــنْ يَــشَــاءُ بِــلَا فَــضْــلٍ وَلَا عَــمَــلِ
لَا تَـحْـسَـبُـوهُ بِـسَـلْـبِـي الْـمَـالَ مُـقْـتَصِرًا
فَـــالْـــمَــالُ عَــارِيَــةٌ إِنْ تَأْتِ تَــرْتَــحِــلِ
لِــي عِــنْــدَهُ ثَأْرُ مَــوْتُــورٍ عَــلَــى شَـرَفٍ
إِنْ لَــمْ أَنَــلْــهُ فَإِنَّ الْــمَــوْتَ أَفْـضَـلُ لِـي
حَــتَّــامَ يَــا مِــصْـرُ مَـا فِـيـكِ أَخُـو ثِـقَـةٍ
يَـفُـوهُ بِـالـصِّـدْقِ فِـي تَـكْـذِيبِ مُنْتَحِلِ؟
يَــمُــدُّ لِــلْــحَــقِّ كَــفًّــا لَــيْـسَ يَـرْهَـبُـهَـا
ظُــلْــمُ الــظَّــلُــومِ وَلَا يَــغْـتَـرُّ بِـالْـحِـيَـلِ
كَــفَــى بِــجَــهْــلِ أَهَـالِـيـكِ انْـحِـيَـازُهُـمُ
إِلَــى الْــقَـوِيِّ وَإِنْ يَـعْـكُـفْ عَـلَـى الـذُّلُـلِ
أَخْــلَاقُــهُــمْ كَــصِــفَــاتِ الْـمَـاءِ حَـائِـلَـةٌ
يَــا شَــرَّ مُــنْــقَــلَــبٍ مِــنْــهَـا وَمُـنْـتَـقَـلِ
وَالْــمَــاءُ يُــغْــرِيـكِ بِـالْأَلْـوَانِ يَـسْـرِقُـهَـا
مِـــنَ الْإِنَـــاءِ وَأَشْــكَــالٍ عَــلَــى نِــحَــلِ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: بعد إلغاء مدرسة معلمات المنصورة.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

نبوية موسى: رائدةٌ مِصريةٌ بارزةٌ في مجالاتِ التَّعليمِ وحقوقِ المرأة.

وُلِدَتْ «نبوية موسى» في عامِ ١٨٨٦م بقريةِ «مجول» بمحافظةِ «القليوبية»، لأبٍ كانَ يعملُ ضابطًا بالجيشِ المصريِّ أُوفِدَ إلى السودانِ قبلَ ميلادِها بشهرَين، وتُوفِّيَ هناكَ فلمْ تَرَهُ ونشأَتْ يتيمةَ الأب.

شُغِفتْ منذُ صِغرِها بالتعليم، ولكنْ بسببِ التقاليدِ الاجتماعيةِ الصارمةِ السائدةِ آنَذاكَ لمْ يكُنْ يُسمَحُ للفَتياتِ أن يَلْتحقْنَ بالمدارسِ بسُهولة؛ لذلكَ تعلَّمتِ القراءةَ والكتابةَ في البيتِ بمُساعدةِ شقيقِها الأكبر، الذي كانَ كثيرًا ما يَقرأُ عليها دروسَه فتَحْفظُها مِنَ المرَّةِ الأُولى.

عندما بلغَتْ الثالثةَ عشرةَ مِن عمرِها أرادَت أن تَلتحِقَ بالمدرسة، إلا أنَّ أُسرتَها رفَضت بشدة، ولكنها احتالتْ بشتَّى السُّبُلِ لتضمَنَ لنفسِها مَقْعدًا دراسيًّا؛ فاضْطُرَّتْ إلى أن تسرقَ خاتمَ والدتِها لتُزوِّرَ موافقَتَها على الالتِحاق، وبالفعلِ بدأتْ في تَلقِّي الدروسِ ﺑ «المدرسةِ السنيةِ للبنات» لتنالَ شهادةَ التعليمِ الابتدائيِّ بتفوُّقٍ عامَ ١٩٠٣م.

بعدَ أن أتمَّتْ دراستَها بقسمِ المُعلِّماتِ عامَ ١٩٠٦م عُيِّنتْ مُعلِّمةً بمَدْرسة «عباس الابْتدائيَّة للبِنات» بالقاهِرة، ولكنَّها صُدِمَتْ عندما وجدَتْ أنَّ راتبَها نصفُ راتبِ زملائِها خرِّيجِي «مدرسةِ المُعلِّمين العُلْيا»، فتقدَّمتْ بشَكوى لوزارةِ المَعارف، التي رَدَّتْ بدَوْرِها بأنَّ سببَ ذلكَ هو حصولُ زملائِها الرجالِ على درجةِ «البكالوريا»، فقرَّرتْ أن تَدْرسَ لِنَيلِها بنفسِها؛ حيثُ لم يكُنْ هناكَ وقتَها مدارسُ فَتياتٍ للبكالوريا، فكانتْ هيَ أولَ فتاةٍ مِصريةٍ تَحصُلُ على هذهِ الشهادةِ عامَ ١٩٠٧م.

كانت قد بدأتْ في ذلكَ الوقتِ في كتابةِ مَقالاتٍ صحفيةٍ تتناولُ موضوعاتٍ تعليميةً واجتماعيةً وأدبية، وركَّزتِ اهتمامَها على قَضايا التعليمِ وتربيةِ الفتاةِ وتَثْقيفِها، كما ألَّفتْ بعضَ الكتبِ التي ضمَّتْ آراءَها وأفكارَها.

كانتْ «نبوية موسى» أوَّلَ ناظرةٍ مِصريةٍ لمَدْرسةٍ ابتدائية؛ مَدْرسةِ «المحمَّدية للبنات» بالفيوم، وقد بذلَتْ فيها مَجْهودًا كبيرًا لنَشرِ تعليمِ الفَتيات، وطبَّقتْ أسلوبًا أخلاقيًّا صارمًا ومُنضبطًا لتربيةِ الطالبات؛ لكَي تُشجِّعَ الأُسَرَ على إرسالِ بناتِهم للتعلُّمِ دونَ خوْفٍ عليهِن.

أنشأتْ «نبوية موسى» مطبعةً ومجلةً أُسبوعيةً نسائيةً باسمِ «الفتاة»، كما شارَكَتْ في العديدِ مِنَ المؤتَمراتِ التربويةِ والنِّسائية، وتُوفِّيتْ عامَ ١٩٥١م بعدَ حياةٍ حافِلةٍ بالعَطاء.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤