يَا شَاعِرَ الْكَوْنِ

Wave Image
يَـا شَـاعِـرَ الْـكَـوْنِ أَطْـلِـقْ مِنْ سَرَائِرِهِ
نُـورَ الْـحَـيَـاةِ فِـشْـعْـرٌ مِـنْـكَ يُـذْكِـيـهِ
لَــكَ الْــخَــلِــيــقَــةُ وَالْأَيَّــامُ مَــاثِــلَـةٌ
فَــمَــا نَأَتْ بِــمَــقَــالٍ أَنْــتَ بَــاغِــيــهِ
كَأَنَّـــهَـــا لَـــكَ بُــسْــتَــانٌ وَفَــاكِــهَــةٌ
تُـجْـنَـى وَخَـيْـرُ الْجَنَى مَا أَنْتَ جَانِيهِ
الْــفَــضْـلُ أَغْـلَـبُ مِـنْ غِـرٍّ يُـصَـاقِـبُـهُ
وَالْـعَـقْـلُ أَعْـدَى عَـلَـى غَـمْـرٍ يُـدَانِـيـهِ
فَـلَـمْ يَـضِـرْكَ جِـوَارٌ مِـنْ أَخِـي جَـهَـلٍ
الْـفِـكْـرُ عَـدْوَى وَجَـارُ الْـمَـرْءِ يُـعْـدِيـهِ
قَـدْ يُـنْـكِـرُ الْفَضْلَ بَيْنَ النَّاسِ صَاحِبُهُ
وَيَـمْـدَحُ الْـفَـضْـلَ بَـيْـنَ الـنَّاسِ بَاغِيهِ
كَـمْ أَكْـبَـرَ الـنَّـاسُ أَمْـرًا أَنْـتَ تُـصْـغِرُهُ
وَغَــابَ عَــنْــهُــمْ جَـلَالٌ أَنْـتَ تَـدْرِيـهِ
إِنْ يُـعْـظِـمُـوكَ فَبِالنَّفْسِ الَّتِي صَغُرَتْ
أَوْ يَــنْــظُـرُوا فَـبِـطَـرْفٍ أَنْـتَ ثَـانِـيـهِ
كَـالْـمَـرْءِ وَهْـوَ قَـعِـيـدٌ رَهْـنَ عَـرْصَـتِهِ
يَــخَــالُ خَــيْــرَ مَــكَــانٍ بَـيْـتُـهُ فِـيـهِ
لَـوْ أَنْصَفَ الْأَرْضَ قَالَ الْأَرْضُ وَاسِعَةٌ
وَالْــكَــوْنُ أَكْــبَــرُ مِـنْ زَعْـمٍ أُنَـاجِـيـهِ
يَــا نَــاطِــقًــا يَـذَرُ الْأَلْـبَـابَ صَـامِـتَـةً
كَأَنَّــمَــا فَــاهَ ذَاكَ الْــخُــلْـدَ مِـنْ فِـيـهِ
تُـذْكِـي الـذَّكَـاءَ بِـسِـحْـرٍ أَنْـتَ نَـافِـثُـهُ
حَــتَّــى لِــشِــدَّةِ مَـا تُـذْكِـيـهِ تُـفْـنِـيـهِ
تَــقَــصِّــيًــا لِــمَــعَــانٍ لَا انْـتِـهَـاءَ لَـهَـا
يَــفْـنَـى الـذَّكَـاءُ وَلَا تَـفْـنَـى مَـعَـانِـيـهِ
حَــتَّــى يَــظَــلَّ وَلَا ذِهْــنٌ يَــرَاكَ بِــهِ
لَــوْلَا بَــرِيــقُ خَــيَــالٍ أَنْــتَ مُــورِيـهِ
كَمَنْ يَرَى الشَّيْءَ لَا يَنْحُو سِوَاهُ فَيَخْـ
ـفَـى عَـنْـهُ حَـتَّـى كَأَنْ قَـدْ زَالَ بَـادِيهِ
إِطَــارُ شِــعْــرِكَ خُــلْــدٌ أَنْــتَ زَائِــنُــهُ
كَـوَاحَـةِ الْـخَـرْقِ زَيْـنٌ فِـي صَـحَـارِيهِ
أَصُـورَةُ الْـكَـوْنِ أَمْ ذَا الْـكَـوْنُ صُورَتُهُ
كَـالْآلِ يَـحْـكِـي ضِـيَـاءً أَنْـتَ مُـبْـدِيـهِ
أَوْ كَـالْـغَـدِيـرِ يُـرَى فِـي الْمَاءِ مُرْتَسِمًا
رَسْـمَ الـدَّرَارِيِّ يَـحْـكِـيـهَـا وَتَـحْـكِـيـهِ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: كتب الشاعر هذه القصيدة تحية إلى صديقه العقاد لظهور ديوانه الثاني.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عبد الرحمن شكري: شاعرٌ مِصْري، وأحدُ مُؤسِّسي مدرسةِ الديوانِ الشِّعرية، وصَفتْه الدكتورة «سهير القلماوي» بأنه الشَّاعرُ الذي أنزلَ العقلَ مِن على عَرشِه في إلهامِ الشُّعراء؛ فشِعْرُه خيالٌ مُتحرِّرٌ يرفضُ حدودَ الزمانِ والمكان. وقد أحدثَتْ أشعارُه نَقلةً تَجديدِيةً في مضمونِ الشِّعرِ العربي؛ فتحوَّلتْ به من شاطئِ العقلِ إلى بحرِ الخيال.

وُلِدَ «عبد الرحمن شكري عيَّاد» ببورسعيد عامَ ١٨٨٦م، لأسرةٍ ذاتِ أصولٍ مَغربِية، وقد كانَ لها دَورٌ مُؤثِّرٌ في حياتِه؛ حيثُ كانَ لزوجةِ أخيه «أحمد شكري» — المُولَعةِ برِوايةِ الحكاياتِ والأساطير — دورٌ في إثراءِ خيالِه، كما كانَ في مكتبةِ أبيه ما يُرضي نَهَمَه من دَواوينِ الشِّعر.

قَضى فَصْلًا من عُمرِه معَ أبيه ببورسعيد حتى نالَ الشَّهادةَ الابتدائية، ثُمَّ انتقلَ إلى الإسكندريةِ ليَلتحِقَ بمَدْرسةِ رأسِ التينِ الثانويةِ التي ظَلَّ بها أربعَ سَنواتٍ لينالَ منها الشَّهادةَ الثانويةَ (البكالوريا)، ثُم الْتَحقَ بمَدْرسةِ الحقوقِ إبَّانَ احتدامِ الحركةِ الوطنيةِ التي أتاحتْ له التعرُّفَ على «مصطفى كامل» زعيمِ الحركةِ الوطنيةِ في ذلكَ الوَقْت، والذي طلَبَ منه أنْ يعملَ مُحرِّرًا بجريدةِ «اللِّواء»، ونصَحَه أنْ يَلتحقَ بمدرسةِ المُعلِّمينَ فيَنهلَ من مَعِينِها ليكونَ عَوْنًا له في مَيْدانِ الصَّحافة.

وقد عطَّرَ «عبد الرحمن شكري» رَوْضةَ الأدبِ بالعديدِ من دواوينِه وقصائدِه، ومنها: دِيوانُ «ضَوْء الفَجر»، و«لَآلِئ الأَفْكار»، و«أناشيد الصِّبا»، و«زَهْر الرَّبيع»، و«الخَطَرات»، و«الأَفْنان»، و«أَزْهار الخَرِيف»، ونُشِر ديوانُه الثامنُ بعدَ مَوتِه ضمنَ الأعمالِ الكامِلة. بَدأَ شاعِرُنا صِراعَه معَ المرضِ صيفَ عامَ ١٩٥٧م، إلى أنْ صادَه الموتُ عامَ ١٩٥٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤