أَدِرْنَةُ

Wave Image
أدِرْنَـــةُ مَــهْــلًا فَإِنَّ الــظُّــبَــى
سَـتَـرْعَـى لَـكِ الْـعَـهْدَ وَالْمَوْثِقَا
وَدَاعًــا لِــمَـغْـنَـاكِ زَاهِـي الـرُّبَـا
وَدَاعًـا وَلَـكِـنْ إِلَـى الْـمُـلْـتَـقَـى
•••
عَــزَاءً لِــمَــسْــجِـدِكِ الْـجَـامِـعِ
أَفَــارَقَ مِــحْــرَابُــهُ الْــمِــنْـبَـرَا
وَهَــلْ فِـي مُـصَـلَّاهُ مِـنْ رَاكِـعٍ
يُــجِــيــبُ الْــمُــؤَذِّنَ إِنْ كَـبَّـرَا
فَــيَــا لَـسُـقُـوطِـكِ مِـنْ فَـاجِـعٍ
بِــهِ فَــجَــعَ الــدَّهْـرُ أُمَّ الْـقُـرَى
وَقَــبْــرَ الــنُّــبُــوَّةِ فِـي يَـثْـرِبَـا
وَمَثْوَى ضَجِيعَيْهِ مَثْوَى التُّقَى
وَمَـنْ فِـي الْـبَقِيعِ وَمَنْ فِي قُبَا
وَمَـنْ شَـهِـدُوا الْفَتْحَ وَالْخَنْدَقَا
•••
رُوَيْـــدًا أَدِرْنَـــةُ لَا تَــجْــزَعِــي
وَإِنْ قَــدْ أَمَــضَّــكِ هَــذَا الْأَذَى
إِذَا أَنْـتِ بِـالـسَّـيْـفِ لَمْ تَرْجِعِي
فَــلَا حَـبَّـذَا الْـعَـيْـشُ لَا حَـبَّـذَا
أَلَا أَنْـتِ «أَلْـزَاسُـنَـا» فَـاسْـمَعِي
وَنَـحْـنُ الْـفَرَنْسِيسُ مِنْ بَعْدِ ذَا
سَـلَامٌ عَـلَـى قُـطْـرِكِ الْـمُجْتَبَى
سَـلَامٌ عَـلَـى أُفْـقِـكِ الْـمُـنْـتَقَى
أَيُـمْـسِـي لِـشِـرْكِ الْـعِـدَا مَـلْـعَبًا
وَكَــانَ لِــتَـوْحِـيـدِنَـا مَـعْـبَـقَـا؟
•••
لَـقَـدْ حَـلَّ فِـيـهَـا لِـوَاءٌ مُـرِيـبْ
حُـلُـولَ الْـحَـقَـارَةِ بَـيْنَ الْجَلَالْ
فَـظَـلَّـتْ بِأَدْمُـعِـهَـا وَالـنَّـحِـيبْ
تَـنُـوحُ عَـلَـى نَـجْـمِـهَـا وَالْهِلَالْ
أَنَــنْــسَـى أَدِرْنَـةَ عَـمَّـا قَـرِيـبْ
إِذَنْ لَا بَـلَـغْـنَـا الْـعُـلَا وَالْكَمَالْ؟
فَـسَـوْفَ عَـلَى الرَّغْمِ مِنْ أُورُبَا
نَــقُــومُ لَــهَــا فَـيْـلَـقًـا فَـيْـلَـقَـا
فَــتُـبْـكِـي هَـزَاهِـزُنَـا الْـمَـغْـرِبَـا
وَتُـضْـحِـكُ أَسْـيَـافُـنَـا الْمَشْرِقَا
•••
أَرَى الـدَّهْـرَ أَنْـهَـضَ كُـلَّ الْـعِـدَا
عَـلَـى حِـينَ قَدْ قَعَدَ الْمُسْلِمُونْ
فَـكَـمْ جَـرَّعُـونَـا كُـئُوسَ الرَّدَى
وَنَـحْـنُ عَـلَـى كَيْدِهِمْ صَابِرُونْ
أَيَــحْـسُـنُ يَـا قَـوْمُ أَنْ نَـقْـعُـدَا
وَقَـدْ آنَ أَنْ يَـنْـهَـضَ الْقَاعِدُونْ
فَـسَـيْـلُ الْمَصَائِبِ غَطَّى الزُّبَى
وَغَــيْــمُ الـنَّـوَائِـبِ قَـدْ طَـبَّـقَـا
وَأَوْشَــكَــتِ الْأَرْضُ أَنْ تُـقْـلَـبَـا
وَصُــبْـحُ الْـقِـيَـامَـةِ أَنْ يُـفْـلَـقَـا
•••
دَعِ الْــغَــرْبَ يَـنْـعَـمُ فِـي بَـالِـهِ
وَإِنْ لَـقِـيَ الـشَّرْقُ مِنْهُ الْكُرُوبْ
وَلَا تَــــسْأَلَـــنْـــهُ بِأَفْـــعَـــالِـــهِ
فَـعَـهْـدُ الـتَّـمَـدُّنِ عَـهْـدٌ كَـذُوبْ
فَــنَــحْــنُ اغْــتَــرَرْنَـا بِأَقْـوَالِـهِ
وَلَـكِـنَّـنَـا بَـعْـدَ هَـذِي الْـحُرُوبْ
سَــنَأْبَــى عَــلَــيْــهِ أَشَــدَّ الْإِبَــا
فَإِمَّــا الْــفَــنَــاءُ وَإِمَّــا الْــبَــقَـا
وَنَــرْكَـبُ مِـنْ عَـزْمِـنَـا مَـرْكِـبَـا
وَنَـرْقَـى وَإِنْ صَـعُـبَ الْـمُرْتَقَى
•••
لَــقَــدْ آنَ يَـا قَـوْمُ تَـرْكُ الْـوَنَـى
وَتَــرْكُ الــشِّــقَــاقِ وَتَـرْكُ الـدَّدِ
إِلَــى كَــمْ نُــكَـابِـدُ هَـذَا الْـعَـنَـا
وَنَـخْـبِـطُ فِـي جَـهْـلِـنَا الْأَسْوَدِ
وَبِـالْـعِـلْـمِ مِـنْ قَـبْـلُ نِلْنَا الْمُنَى
وَفُـزْنَـا مِـنَ الْـعَـيْـشِ بِـالْأَرْغَـدِ
وَلَــكِــنَّــمَــا الْــعِـلْـمُ قَـدْ غَـرَّبَـا
فَـــلَا عَـــيْـــشَ إِلَّا إِذَا شَــرَّقَــا
فَــهُـبُّـوا إِلَـيْـهِ هُـبُـوبَ الـصَّـبَـا
عَــسَـى أَنْ يَـسُـحَّ وَيَـغْـدَوْدِقَـا

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: قال الرصافي هذه القصيدة لما سقطت أدرنة، وأخذها البلغار، وذلك في الحروب البلقانية العثمانية.
  • طريقة النظم: موشح
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: المتقارب
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤