أَعَاذِلُ إِنِّي إِنْ يَزِدْ جَاهِلِيَّةً

Wave Image
أَعَــــاذِلُ إِنِّـــي إِنْ يَـــزِدْ جَـــاهِـــلِـــيَّـــةً
شَــبَــابٌ يَــزِدْ فِــي جَــاهِــلِـيَّـتِـهِ عِـلْـمِـي
تَـعَـرَّفْـتَ حَـتَّـى كُـنْـتَ لِـلـتُّـرْبِ نَـاسِـبِـي
وَأَنْـكَـرْتَ حَـتَّـى صِرْتَ تَسْأَلُنِي مَا اسْمِي
وَفِـي مَـضْـحَـكِ الْـبَـرْقِ الـتِّـهَـامِـيِّ جِيرَةٌ
يَــسَــرْنَ بِــحُـسْـنٍ وَاتَّـفَـقْـنَ عَـلَـى سَـهْـمِ
نَــوَاعِــمُ يُــلْــقِــيـنَ الـثَّـقِـيـلَ مِـنَ الْـبُـرَى
وَيَـجْـعَـلْـنَ فِـي الْأَعْـنَـاقِ مُـسْـتَـثْـقَلَ الْإِثْمِ
مَــرَاسِــنُــهَــا أَمْــسَــتْ لِــنُـورٍ مَـرَاسِـيًـا
فَــمَــا تُــظْــلِــمُ الْأَبْـيَـاتُ إِلَّا مِـنَ الـظُّـلْـمِ
قَــسِــيــمَــاتُ حَــيٍّ أَوْ قَــسَــائِــمُ تَــاجِــرٍ
تُــكَــلِّـمُـهَـا خُـرْسُ الْـخَـلَاخِـيـلِ بِـالـضَّـمِّ
فَـــقَـــدْنَ رِجَـــالًا وَافْــتَــقَــرْنَ عَــشِــيَّــةً
إِلَــى لُــبْــسِ أَدْرَاعِ الْـحَـدِيـدِ عَـلَـى رَغْـمِ
قِـصَـارُ الْـخُـطَـى يَـدْرِمْـنَ أَوْ مِشْيَةَ الْقَطَا
فَـكَـيْـفَ إِذَا مَـا سِـرْنَ فِـي الْـحَـلَقِ الدُّرْمِ؟
هَــزَزْنَ لِــتَــقْــلِــيــبِ الــذَّوَابِــلِ أَذْرُعًــا
نَــوَافِــرَ مِــنْ هَــزِّ الْــمُــثَــقَّــفَــةِ الـصُّـمِّ
عَـــلَـــيْـــهَــا لِــدَاوُدَ بْــنِ آشَــى خَــوَاتِــمٌ
وَلَــمْ يُـعْـرِهَـا خُـزَّانُ فِـرْعَـوْنَ مِـنْ خَـتْـمِ
يَـرَى الـسَّـيْـفَ دُونَ الْـقِـرْنِ مِـنْ حَـلَقَاتِهَا
عَــلَــى دِقِّــهَـا مَـا دُونَ يَـاجُـوجَ مِـنْ رَدْمِ
وَجُـنْـدَ سُـلَـيْـمَـانٍ رَأَى الـسَّـيْـفُ حَـوْلَـهَـا
فَــحَــاذَرَ نَــمْــلٌ دَبَّ فِــيــهِ مِـنَ الْـحَـطْـمِ
تَـــعَـــلَّـــمَـــتِ الْإِقْــدَامَ بِــيــضٌ أَوَانِــسٌ
بِـبِـيـضٍ يُـحَـرِّضْـنَ الْـجَـبَـانَ عَـلَـى الْقُدْمِ
فَـهَـلْ وَجَـدَتْ حَـرَّ الـسَّـوَابِـغِ فِـي الْوَغَى
وَقَـدْ عَـجَـزَتْ فِـي السِّلْمِ عَنْ بَارِدِ السِّلْمِ؟
وَمَــا لِــحَــيِــيَّــاتِ الــنِّــسَــاءِ وَلُــبْــسِـهَـا
مَــلَابِــسَ حَــيَّــاتٍ خُــلِــقْــنَ مِــنَ الـسُّـمِّ
فَأَيْــنَ رِجَــالٌ كَــانَ يَــحْــمِــي عَــلَــيْـهِـمِ
حَـدِيـدٌ فَـيَـحْـمُـونَ الْـقَـطِـيـنَ كَـمَا يَحْمِي؟
مَــسَـا مِـيـرَ مَـجْـدٍ غَـيْـرِ مُـنْـهَـدِمِ الـذُّرَى
مَــسَــامِـيـرُ دِرْعٍ غَـيْـرِ طَـائِـشَـةِ الْـعَـزْمِ
تَــرَى كُــلَّ قَــضَّــاءِ الــنِّــجَــارِ أَلَانَــهَــا
لِـــقَــاءُ مُــلُــوكٍ مِــنْ نُــمَــارَةَ أَوْ لَــخْــمِ
وَلِــي عَــجَــبٌ مِــنْ مُــشْـتَـرَاةٍ بِـهَـجْـمَـةٍ
جُـمِـعْـنَ خِـيَـارًا وَهْـيَ تَـجْـمَـعُ فِـي هَـجْمِ
إِذَا نُــشِــرَتْ فَـاضَـتْ وَإِنْ طُـوِيَـتْ أَزَتْ
كَأَنَّـــكَ أَدْرَجْــتَ الــسَّــرَابَ عَــنِ الْأُكْــمِ
أَتَـتْ كَـرِدَاءِ الْـعَـصْـبِ يَـدْعُـو بِـهَا الْفَتَى
رَدَى الْعَضْبِ رَحْبَ النَّشْرِ مُحْتَقَرَ الْجِرْمِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو العلاء المَعَرِّي: شاعرٌ وفيلسوفٌ وأديبٌ عربيٌّ مِنَ العصرِ العبَّاسي، اشتُهِرَ بآرائِه وفلسفتِه المثيرةِ للجدلِ في وقْتِه.

وُلِدَ «أحمد بن عبد الله بن سليمان القُضاعي التنُوخي المَعَرِّي» المعروفُ ﺑ «أبي العلاء المَعَرِّي» عامَ ٣٦٣ﻫ بمَعَرَّةِ النُّعمانِ بسُوريا، وفقَدَ بصَرَه وهو صغيرٌ نتيجةً لمَرضِه بالجُدَري. أخَذَ علومَ القراءاتِ القرآنيةِ بإسنادٍ عنِ الشُّيوخ، كما تعلَّمَ الحديثَ في سنٍّ مُبكِّرة، وقالَ الشِّعرَ وهو ابنُ إحدى عشرةَ سنة، ورحلَ إلى بغدادَ عامَ ٣٩٨ﻫ فأقامَ بها سنةً وسبعةَ أَشْهُر، ثُم اعتزَلَ الناسَ لبعضِ الوقت؛ فلُقِّبَ ﺑ «رَهِينِ المَحْبسَيْن»؛ العَمَى والدَّار.

أمَّا شِعْرُه، وهو ديوانُ حكمتِه وفلسفتِه، فالمطبوعُ منه حتى الآن: «اللُّزوميَّات»، و«سِقْطُ الزَّنْد». وقد تُرجِمَ الكثيرُ من شِعْرِه إلى غيرِ العربيَّة، وأمَّا كُتبُه فكثيرةٌ وفِهرسُها في «مُعجَمِ الأُدَباء». من تَصانيفِه كتابُ «الأَيْك والغُصُون» في الأدب، يَزيدُ على مائةِ جُزْء، و«تاج الحُرَّة» في النساءِ وأخلاقِهنَّ وعِظاتِهِن، و«عَبَث الوَلِيد» شرَحَ فيه دِيوانَ البُحْتُريِّ ونقَدَه، و«رِسالة المَلائِكة» وهي صَغِيرة، و«رِسالة الغُفْران»، و«الفُصُول والغَايات».

عاش المعري متفلسفًا زاهدًا في الدنيا؛ إذ كانَ يَدعمُ حقوقَ الحيوانِ ويُحرِّمُ إِيلامَه، ولذا كان نباتيًا؛ فلمْ يَأكُلِ اللحمَ خمسًا وأربعينَ سنة، كما كانَ يَلبسُ خشِنَ الثِّياب، وكان له أراءه الخاصة في العقيدة، التي جعلت الآراء تختلف حول حقيقة إيمانه؛ إذ ذهب البعض إلى تكفيره واتهامه بالإلحاد، وإخراجِه مِنَ الإسلام، بينما دافَعَ عنه عميدُ الأدبِ العربيِّ «طه حسين» في عِدَّةِ كِتاباتٍ ومُؤلَّفات؛ أشْهرُها «معَ أبي العلاءِ في سجنِه». 

ظلَّ حبيسًا في بيتِه حتى وفاتِه عامَ ٤٤٩ﻫ بمنزلِه بمَعَرَّةِ النُّعْمان، وقد أَوْصى أن يُكتَبَ على قبْرِه عِبارة: «هذا جَناهُ أبي عليَّ، وما جَنيْتُ على أَحَد.» ويَقصدُ أنَّ أباه بزَواجِه من أمِّه أوْقَعَه في دارِ الدُّنيا. وقد وقَفَ على قبْرِه جمْعٌ غفيرٌ من أُدباءِ عصْرِه وشُعرائِه ورَثَوْه بثمانينَ مَرْثَاة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤