هَيْهَاتَ بَابِلُ مِنْ نَجْدٍ

Wave Image
هَـلْ مِـنْ مُـعِـيـنٍ عَلَى نَجْوَى وَوَسْوَاسِ
أَوْ مِــنْ سَــبِـيـلٍ إِلَـى تَـبْـرِيـدِ أَنْـفَـاسِـي
أَكِـرُّ طَـرْفِـيَ فِـي الْـمَـاضِـي فَـيَبْسِمُ لِي
وَأَنْـــثَـــنِـــي وَأَمَــامِــي جِــدُّ عَــبَّــاسِ
لَــيْــسَ الَّــذِي فَــاتَ أَيَّــامًــا أُعَــدِّدُهَــا
لَــكِــنَّــهُ الْـعُـمْـرُ وَا لَـهْـفِـي وَيَـا يَـاسِـي
وَالــدَّهْـرُ لَا فَـلَـتَـاتُ الـسَّـعْـدِ يُـرْجِـعُـهَـا
وَلَا يُــجَــدِّدُ مَــا يَــبْــلَــى مِــنَ الــنَّـاسِ
لَـوْ كَـانَ فِـي مُـقْـبِـلٍ مِـنْ مُـدْبِـرٍ عِـوَضٌ
لَـــمْ أُودِعِ الـــذَّمَّ لِـــلْأَيَّـــامِ أَطْــرَاسِــي
قَـضَـى لِـيَ الـدَّهْـرُ بَـلْـوَى فِـي تَـصَـرُّفِهِ
لَا بُــرْءَ مِــنْـهَـا وَعَـافَـى غَـيْـرَ ذِي بَـاسِ
قَــدْ كُـنْـتُ أَمْـرَحُ فِـي رَوْضٍ مَـطَـارِفُـهُ
مُـــطَـــرَّزٌ طَـــرْفُـــهَـــا بِــالْــوَرْدِ وَالْآسِ
أَرْضِـــي مُــفَــضَّــضَــةٌ رَيَّــا مُــذَهَّــبَــةٌ
وَفِــي سَــمَـائِـي نُـجُـومٌ هُـنَّ إِيـنَـاسِـي
إِنْ شِـئْـتُ غَـنَّـتْـنِـيَ الْأَطْـيَـارُ سَـاجِـعَـةً
أَوْ شِــئْـتُ كَـانَـتْ ثُـغُـورُ الْـوَرْدِ أَكْـوَاسِ
أَوْ شِــئْــتُ فِــي ظِـلِّ أَغْـصَـانٍ مُـهَـدَّلَـةٍ
تَـــحْـــنُـــو عَــلَــيَّ بِأَلْــوَانٍ وَأَجْــنَــاسِ
مَــلَأْتُ عَــيْــنِــيَ حُـسْـنًـا لَا مُـخَـالَـسَـةً
لَــكِــنْ مُــرَامَــقَــةً مَــلْأَى بِإِحْــسَـاسِـي
فَـالْآنَ قَـدْ ذَهَـبَ الْـعَـيْـشُ الـرَّقِـيقُ وَمَا
بُــدِّلْــتُ مِــنْــهُ سِــوَى جَـدْبٍ وَإِيـبَـاسِ
وَأَصْــبَــحَ الْـوَرْدُ يُـخْـفِـي حُـرَّ وَجْـنَـتِـهِ
عَـنِ الْـعُـيُـونِ وَيُـبْـدِي شَـوْكَـهُ الْـقَاسِي
عَــهْــدٌ تَــصَــرَّمَ لَــمْ أَظْــفَــرْ بِـمَأْرَبَـتِـي
مِـــنْـــهُ وَلَا أَوْرَقَــتْ أَعْــوَادُ أَغْــرَاسِــي
مَــا لِــلْــحَــمَـامِ يُـغَـنِّـيـنِـي عَـلَـى فَـنَـنٍ
غَــضِّ الــتَّـثَـنِّـي مُـنِـيـرِ الـنَّـوْرِ مَـيَّـاسِ
وَالرَّوْضُ كَيْفَ اكْتَسَى بِالْوَشْيِ مُحْتَفِلًا
وَرَاحَ فِـــيـــهِ وَقَـــلْـــبِـــي وَاجِـــدٌ آسِ
دُنْـيَـا تَـغَـيَّـضُ مِـنَ بِـشْـرِي وَتَـبْـسِمُ لِي
كَـالْـعَـضْـبِ مُـؤْتِـلَـقًـا يَـهْوِي إِلَى الرَّاسِ
هَـيْـهَـاتَ مَـا تَـحْـفِـلُ الـدُّنْـيَـا بِـمُـلْـتَهِفٍ
وَلَا تُـــبَـــالِـــي بِإِسْـــعَـــادٍ وَإِنْـــحَــاسِ
لَـنْ يَـخْـلَـعَ الـرَّوْضُ أَبْـرَادَ الْـحَـيَا جَزَعًا
وَيَــكْــتَــسِـي دَارِسَ الْأَفْـوَافِ لِـلـنَّـاسِ
أَوْ يَـعْـبَـسَ الـنَّـوْرُ مِـنْ شَـجْـوٍ يُهَضِّمُنِي
أَوْ يُـخْـرِسَ الـطَّـيْـرُ بَـلْبَالِي وَوَسْوَاسِي
إِنْ يَــسْـلُـبِ الـدَّهْـرُ مَـا أَوْلَاهُ مِـنْ هِـبَـةٍ
فَـشِـيـمَـةُ الـدَّهْـرِ إِعْـرَاءُ الْفَتَى الْكَاسِي
أَوْ يَـشْـعَـبِ الـصَّـبْـرُ أَكْـبَـادًا فَـيُـذْهِـلُـهَا
عَـنْ ذِكْـرِنَـا فَـفُـؤَادِي لَـيْـسَ بِـالـنَّـاسِـي
وَكَــيْـفَ أَنْـسَـاهُـمُ وَالْـقَـلْـبُ يَـتْـبَـعُـهُـمْ
عَـــلَـــى جَـــدِيـــدِ لُـــبَــانَــاتٍ وَأَدْرَاسِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

إبراهيم عبد القادر المازني: شاعرٌ وروائيٌّ وناقدٌ وكاتبٌ مصريٌّ مِن رُوَّادِ النهضةِ الأدبيةِ العربيةِ في العصرِ الحديث. استَطاعَ أن يجدَ لنفسِه مَكانًا مُتميِّزًا بين أقطابِ مُفكِّري عَصرِه، وأسَّسَ معَ كلٍّ مِن عباس العَقَّاد وعبد الرحمن شُكري «مدرسةَ الديوانِ» التي قدَّمتْ مفاهيمَ أدبيةً ونَقديةً جديدة، استوحَتْ رُوحَها مِن المدرسةِ الإنجليزيةِ في الأدَب.

وُلدَ «إبراهيم محمد عبد القادر المازني» في القاهرةِ عامَ ١٨٩٠م، ويَرجعُ أصلُه إلى قريةِ «كوم مازن» بمُحافظةِ المُنوفية. تخرَّجَ مِن مَدرسة المُعلِّمين عامَ ١٩٠٩م، وعملَ بالتدريسِ لكنه ما لبثَ أنْ ترَكَه ليَعملَ بالصحافة، حيثُ عملَ بجريدةِ الأخبار، وجريدةِ السياسةِ الأُسبوعية، وجريدةِ البلاغ، بالإضافةِ إلى صُحفٍ أُخرى، كما انتُخبَ عُضوًا في كلٍّ مِن مجمعِ اللغةِ العربيةِ بالقاهرةِ والمجمعِ العِلميِّ العربيِّ بدمشق، وساعَدَه دُخولُه إلى عالمِ الصحافةِ على انتشارِ كتاباتِه ومقالاتِه بينَ الناس.

قرَضَ في بدايةِ حياتِه الأدبيةِ العديدَ من دواوينِ الشعرِ ونَظْمِ الكلام، إلا أنه اتَّجهَ بعدَ ذلك إلى الكتابةِ النَّثريةِ واستغرقَ فيها، فقدَّمَ تُراثًا غَزيرًا من المقالاتِ والقصصِ والرِّوايات. عُرِفَ ناقدًا مُتميِّزًا، ومُترجِمًا بارعًا، فترجمَ مِنَ الإنجليزيةِ إلى العربيةِ العديدَ مِن الأعمالِ كالأَشعارِ والرواياتِ والقصص، وقالَ العقادُ عنه: «إنَّني لمْ أَعرفْ فيما عرفتُ مِن ترجماتٍ للنَّظمِ والنثرِ أديبًا واحدًا يفوقُ المازنيَّ في الترجمةِ مِن لغةٍ إلى لغةٍ شِعرًا ونثرًا.»

تميَّزَ أُسلوبُه سواءٌ في الكتابةِ الأدبيةِ أو الشِّعريةِ بالسخريةِ اللاذعةِ والفكاهة، واتَّسمَ بالسلاسةِ والابتعادِ عَنِ التكلُّف، كما تميَّزتْ موضوعاتُه بالعمقِ الذي يدلُّ على سعةِ اطِّلاعِه، ولا ريبَ في ذلك؛ فقد شملَتْ قراءاتُه العديدَ مِن كُتبِ الأدبِ العربيِّ القديم، والأدبِ الإنجليزيِّ أيضًا، هذا بالإضافةِ إلى قراءتِه الواسعةِ في الكُتبِ الفلسفيةِ والاجتماعية. وعمَدَ المازنيُّ في مدرستِه الأدبيةِ إلى وصفِ الحياةِ كما هي، دونَ إقامةِ معاييرَ أخلاقية، فكانَ في بعض كتاباتِهِ خارجًا عن التقاليدِ والأَعرافِ السائدةِ والمُتداوَلة.

وقد رحلَ المازنيُّ عن عالَمِنا في شهرِ أغسطس من عامِ ١٩٤٩م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤