دَعِ الرَّبْعَ مَا لِلرَّبْعِ فِيكَ نَصِيبُ

Wave Image
دَعِ الـرَّبْـعَ مَـا لِلـرَّبْـعِ فِـيـكَ نَـصِيبُ
وَمَـا إِنْ سَـبَـتْـنِـي زَيْـنَـبٌ وَكَـعُـوبُ
وَلَــكِـنْ سَـبَـتْـنِـي الْـبَـابِـلِـيَّـةُ إِنَّـهَـا
لِـمِـثْـلِـيَ فِـي طُـولِ الـزَّمَانِ سَلُوبُ
جَـفَـا الْـمَـاءُ عَـنْـهَا فِي الْمِزَاجِ لِأَنَّهَا
خَـيَـالٌ لَـهَـا بَـيْـنَ الْـعِـظَـامِ دَبِـيـبُ
إِذَا ذَاقَـهَـا مَـنْ ذَاقَـهَـا حَـلَّـقَـتْ بِـهِ
فَــلَــيْــسَ لَــهُ عَــقْــلٌ يُـعَـدُّ أَدِيـبُ
وَلَـيْـلَـةِ دَجْـنٍ قَـدْ سَـرَيْـتُ بِـفِـتْـيَةٍ
تُــنَــازِعُــهَـا نَـحْـوَ الْـمُـدَامِ قُـلُـوبُ
إِلَــى بَــيْــتِ خَـمَّـارٍ وَدُونَ مَـحَـلِّـهِ
قُــصُــورٌ مُــنِــيــفَـاتٌ لَـنَـا وَدُرُوبُ
فَـفُـزِّعَ مِـنْ إِدْلَاجِـنَـا بَـعْـدَ هَـجْـعَـةٍ
وَلَـيْـسَ سِـوَى ذِي الْـكِـبْرِيَاءِ رَقِيبُ
تَــنَـاوَمَ خَـوْفًـا أَنْ تَـكُـونَ سِـعَـايَـةٌ
وَعَــاوَدَهُ بَــعْــدَ الــرُّقَــادِ وَجِــيـبُ
وَلَــمَّـا دَعَـوْنَـا بِـاسْـمِـهِ طَـارَ ذُعْـرُهُ
وَأَيْـقَـنَ أَنَّ الـرَّحْـلَ مِـنْـهُ خَـصِـيبُ
وَبَـادَرَ نَـحْـوَ الْـبَـابِ سَـعْـيًـا مُـلَـبِّـيًا
لَــهُ طَــرَبٌ بِــالــزَّائِـرِيـنَ عَـجِـيـبُ
فَـأَطْـلَـقَ عَـنْ نَـابَيْهِ وَانْكَبَّ سَاجِدًا
لَـنَـا وَهْـوَ فِـيـمَـا قَـدْ يَـظُنُّ مُصِيبُ
وَقَـالَ ادْخُـلُـوا حُـيِّـيتُمُ مِنْ عِصَابَةٍ
فَــمَــنْــزِلُـكُـمْ سَـهْـلٌ لَـدَيَّ رَحِـيـبُ
وَجَــاءَ بِــمِــصْــبَــاحٍ لَــهُ فَــأَنَــارَهُ
وَكُــلُّ الَّـذِي يَـبْـغِـي لَـدَيْـهِ قَـرِيـبُ
فَـقُـلْـنَـا أَرِحْـنَـا هَـاتِ إِنْ كُنْتَ بَائِعًا
فَـإِنَّ الـدُّجَـى عَـنْ مُـلْـكِـهِ سَـيَغِيبُ
فَـأَبْـدَى لَـنَـا صَـهْـبَـاءَ تَـمَّ شَـبَـابُـهَـا
لَــهَــا مَــرَحٌ فِــي كَـأْسِـهَـا وَوُثُـوبُ
فَــلَـمَّـا جَـلَاهَـا لِلـنَّـدَامَـى بَـدَا لَـهَـا
نَــسِــيــمُ عَـبِـيـرٍ سَـاطِـعٍ وَلَـهِـيـبُ
فَـجَـاءَ بِـهَـا تَـحْـدُو بِـهَـا ذَاتُ مِزْهَرٍ
يَــتُـوقُ إِلَـيْـهَـا الـنَّـاظِـرُونَ رَبِـيـبُ
كَـثِـيـبٌ عَـلَاهُ غُـصْنُ بَانٍ إِذَا مَشَى
تَــكَــادُ لَــهُ صُــمُّ الْـجِـبَـالِ تُـنِـيـبُ
وَأَقْـبَـلَ مَـحْـمُـودُ الْـجَـمَالِ مُقَرْطَقٌ
إِلَـى كَـاسِـهَـا لَا عَـيْـبَ فِـيـهِ أَرِيـبُ
يَـشَـمُّ الـنَّـدَامَـى الْـوَرْدَ مِنْ وَجَنَاتِهِ
فَـلَـيْـسَ بِـهِ غَـيْـرُ الْـمَـلَاحَـةِ طِـيبُ
فَـمَـا زَالَ يَـسْـقِـيـنَـا بِـكَـأْسٍ مُجِدَّةٍ
تُــوَلِّــي وَأُخْــرَى بَـعْـدَ ذَاكَ تَـئُـوبُ
وَغَـنَّـى لَـنَـا صَـوْتًـا بِـلَـحْـنٍ مُـرَجَّـعٍ
سَـرَى الْـبَـرْقُ غَـرْبِـيًّـا فَـحَنَّ غَرِيبُ
فَـمَـنْ كَـانَ مِـنَّـا عَاشِقًا فَاضَ دَمْعُهُ
وَعَــاوَدَهُ بَــعْــدَ الـسُّـرُورِ نَـحِـيـبُ
فَـمِـنْ بَـيْـنِ مَسْرُورٍ وَبَاكٍ مِنَ الْهَوَى
وَقَـدْ لَاحَ مِـنْ ثَـوْبِ الـظَّلَامِ غُيُوبُ
وَقَـدْ غَابَتِ الشِّعْرَى الْعَبُورُ وَأَقْبَلَتْ
نُـجُـومُ الـثُّـرَيَّـا بِـالـصَّـبَـاحِ تَـثُـوبُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: العباسي الأول

عن الشاعر

أبو نواس: هو أحد أبرز الشعراء العرب في العصر العباسي، وأشهرُ شعراء الشعر الخَمْري في تاريخ الأدب العربي كله؛ حيث اشتهر بحبه الشديد للخمر ووَصْفه ببراعةٍ وكثرة الحديث عنه، لدرجةِ أنه أفرَدَ له في أدبه بابًا مستقلًّا.

وُلِد «الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن الصباح الحكمي المذحجي» عام ١٣٩ﻫ/٧٥٦م ﺑ «الأهواز»، لأب دمشقي وأم فارسية، ولكنه نشأ بالبصرة وهو في عمر العامين. تُوفِّي أبوه وهو في سنٍّ صغيرة، فربَّته أمه وجعلته يعمل في العطارة وهو صبي، وأثناء عمله تعلَّم اللغةَ والأدب والشعر على يد أحد الشيوخ بالكتاب، هذا فضلًا عن دراسته علومَ الفقه والحديث وأحكام القرآن.

في سن الثلاثين من عمره، انتقل «أبو نواس» من البصرة إلى بغداد مقر الخلافة العباسية ومحط آمال الشعراء العرب وقتَذاك، وأصبح على علاقةٍ وطيدة بخلفاء «بني العباس» ومدَحهم في قصائده، خاصةً الخليفة «الأمين»؛ حيث كان نديمًا له.

أما عن شعره، فكان «أبو نواس» شُعُوبيًّا يزدري العربَ ويسخر من شِعرهم التقليدي المتمثِّل في الوقوف على الأطلال وبكاء الأحِبَّة، فدعا إلى التجديد فكان أول مَن هجَرَ الألفاظَ البدوية في شعره واستخدم الألفاظَ الحضَرية بدلًا منها، وقد غلب على قصائده ألوان الغزل والمدح، فضلًا عن الهجاء والرثاء والزهد.

تُوفِّي «أبو نواس» في عام ١٩٨ﻫ/٨١٤م، ودُفِن في تل اليهود غرب بغداد.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤