وَجْهٌ تَعَدَّدَ فِي الْمَرَائِي

Wave Image
وَجْـهٌ تَـعَـدَّدَ فِـي الْـمَـرَائِي
وَبِــهِ تَــحَــيَّــرَ كُــلُّ رَائِـي
وَالْــــكَـــائِـــنَـــاتُ بِأَمْـــرِهِ
مَـوْجٌ عَـلَـى صَـفَحَاتِ مَاءِ
وَالْأَمْـــــرُ أَمْـــــرٌ وَاحِـــــدٌ
فِـيـهِ الـتَّـقَـارُبُ وَالـتَّـنَائِي
إِنَّ الْـــعَـــوَالِـــمَ كُـــلَّـــهَــا
بِــظُــهُــورِهَـا وَالِاخْـتِـفَـاءِ
فِـــي سُــرْعَــةٍ وَتَــقَــلُّــبٍ
مِـثْـلُ الْـكِـتَـابَةِ فِي الْهَوَاءِ
قَــدْ خَـطَّـهَـا الْـقَـلَـمُ الَّـذِي
هُـوَ بَـابُ دِيـوَانِ الْـعَـطَـاءِ
بِـــمِـــدَادِ أَنْـــوَارِ الْــوُجُــو
دِ الْـحَـقِّ مِنْ يَدِ ذِي الْعَلَاءِ
قَـــلَـــمٌ لَـــهُ عَــدَدُ الْــوَرَى
أَسْــنَــانُ رَقْــمٍ وَانْــتِـشَـاءِ
صَــبَــغَ الْإِرَادَةَ طِــبْــقَ مَـا
فِي الْأَرْضِ يَظْهَرُ وَالسَّمَاءِ
يَــا بَــاطِــنًــا هُــوَ ظَــاهِـرٌ
فِــي كُــلِّ خَـتْـمٍ وَابْـتِـدَاءِ
إِنِّــــــي وَإِنَّـــــكَ وَاحِـــــدٌ
وَاثْــنَــانِ عِــنْــدَ الِانْـثِـنَـاءِ
مَـنْ لِـي بِـمَـجْـهُـولِ الْعِدَى
عَــرَفَــتْــهُ كُــلُّ الْأَوْلِــيَــاءِ
إِنْ غَــابَ عَــنْ أَغْــيَــارِنَــا
هُــوَ عِــنْــدَنَـا مِـلْءُ الْإِنَـاءِ
يُـشْـقِـي وَيُـسْـعِدُ مَنْ يَشَا
بِــالــدَّاءِ جَــاءَ وَبِــالــدَّوَاءِ
هُـوَ بِـالـتَّـكَـبُّـرِ فِـي الـشِّعَا
رِ وَبِـالـتَّـعَـاظُـمِ فِي الرِّدَاءِ
وَهُــوَ الْــجَـلِـيـسُ بِـذِكْـرِهِ
لِــلْــعَــارِفِــيــنَ وَبِـالـثَّـنَـاءِ
غَــنَّــى بِــمَــنْ غَـنَّـى وَقَـدْ
طِــبْــنَــا بِــهِ لَا بِــالْــغِـنَـاءِ
وَبَــدَا بِــكُــلِّ مُــهَــفْــهَــفٍ
زَاكِـي الْـمَـلَاحَـةِ وَالْـبَـهَـاءِ
وَبِــهِ الْــقُــلُـوبُ تَـهَـيَّـمَـتْ
لَا بِـالْـمُـوَشَّـحِ فِـي الْـقَـبَاءِ
قَــمَــرٌ مَــحَــا ظُــلُــمَـاتِـنَـا
بِــطُــلُـوعِـهِ وَقْـتَ الـلِّـقَـاءِ
حَــــتَّــــى رَأَيْــــنَـــاهُ بِـــهِ
فِــي كُــلِّ أَنْـوَاعِ الـضِّـيَـاءِ
شَـمْـسٌ وَكُـلُّ الْـخَـلْـقِ فِي
أَنْــوَارِهَــا مِــثْــلُ الْــهَـبَـاءِ
طَـلَـعَـتْ فَأَعْـدَمَتِ السِّوَى
وَالْــكَــوْنُ آلَ إِلَـى الْـفَـنَـاءِ
حَــتَّــى تَـجَـلَّـى فِـي غَـمَـا
ئِـمِ بَـاطِـلٍ غَـيْـبُ الْـعَـمَـاءِ
فَـاخْـتَـصَّ قَـوْمًـا بِـالـضَّـلَا
لِ وَعَــمَّــنَــا بِــالِاهْــتِــدَاءِ
وَالْـكَـشْـفُ جَـاءَ بِـعَـسْـكَـرٍ
وَالْــكَــوْنُ خَــفَّـاقُ الـلِّـوَاءِ
وَالــطَّــبْـلُ أَجْـسَـامُ الْـمَـلَا
وَالــزَّمْــرُ أَرْوَاحُ الْــفَـضَـاءِ
وَبِـــمَـــوْكِــبِ الْأَمْــلَاكِ حَـ
ـفَّ الْـغَـيْبُ سُلْطَانَ الْوَفَاءِ
هَــذَا فَــكَــيْــفَ عُــقُـولُـنَـا
لَا تَـضْـمَـحِـلُّ مِـنَ الْـهَـنَـاءِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: مجزوء الكامل
  • عصر القصيدة: العثماني

عن الشاعر

عبد الغني النابلسي الدمشقي: شاعر، وفقيه، ورحَّالة، ومتصوِّف سوري، يرجع نسَبُه إلى «عمر بن الخطاب».

وُلد «عبد الغني النابلسي» في دمشق عام ١٦٤١م في بيتِ عِلم؛ فقد كان جدُّه مدرِّسًا لجامع «درويش باشا» وناظرًا لوَقْفه، وقد تَولى أبوه المهامَّ نفسَها بعد وفاة جدِّه. كان أبوه أولَ معلِّم له؛ فقد حفظ على يدَيه القرآنَ الكريم في سِن الخامسة، وحين بلَغ العاشرة حفظ كثيرًا من المقدِّمات والمنظومات مثل: «ألفية ابن مالك في النحو»، و«الشاطبية في القراءات»، و«الرحبانية في الفرائض»، و«الجَزرية في التجويد»، كما تابَع دروس «نجم الدين الغزي» في الحديث في الجامع الأموي، وحصل على أول إجازة عامة في الحديث.

عمل «النابلسي» مدرسًا في الجامع الأموي وهو في سِن العشرين من عمره، وحين بلغ الخامسةَ والعشرين ارتحل إلى أدرنة بالدولة العثمانية ثم زار إسطنبول، وبعد عودته عُيِّن قاضيًا في حي الميدان جنوب دمشق، لكنه استقال من منصبه ليتفرَّغ للتدريس والتأليف.

تَجاوَزت مُؤلَّفاته ثلاثمائة عمل مُوزَّعة بين الشِّعر وأدب الرحلات والفقه والتصوُّف والحديث والتفسير؛ ومن أبرزها: «إيضاح المقصود من وَحْدة الوجود»، و«الوجود الحق والخطاب الصدق»، و«التعبير في تفسير الأحلام»، و«ديوان الدواوين» وهو مجموعُ شِعره، و«أسرار الشريعة»، و«الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية»، و«ذخائر المواريث في الدلالة على مَواضع الحديث»، وغير ذلك من المصنَّفات الغنية التي تُعَد مصادرَ مهمة في مجالاتها.

اشتهر بالتصوُّف ومُجاهَدة النفس حتى وصل إلى مرتبة العارفين، وكان يَتبنى أفكارَ «محيي الدين بن عربي» ويُدافِع عنه ضدَّ مُنتقِديه، ودخَل في معركة حامية مع علماء وفقهاء عصره حول أفكاره الصوفية والقول بوَحْدة الوجود، وتَعرَّض على إثرها لأزمةٍ نفسية حادة في سن الأربعين، اضطرَّ على إثرها إلى الاعتزال في بيته لمدة سبع سنوات، قضاها في التأليف والتدريس، وأسدَل شَعره في أثنائها، وأرخى لحيتَه، وطلَّق زوجته، لكنه خرج بعدها إلى الناس الذين ازداد احترامُهم له بعدَ أن كانوا قد رمَوه بالحجارة قبل خلوته.

تُوفِّي «النابلسي» عام ١٧٣١م في دمشق، ودُفِن بالقبة التي بناها في بيته، والتي أُقيم عليها جامعٌ بعد ذلك.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤