مُصَابِي جَلِيلٌ وَالْعَزَاءُ جَلِيلُ

Wave Image
مُـصَـابِـي جَـلِـيـلٌ وَالْـعَـزَاءُ جَـلِيلُ
وَظَــنِّــي بِـأَنَّ اللـهَ سَـوْفَ يُـزِيـلُ
جِـرَاحٌ تَـحَـامَـاهَـا الْأُسَـاةُ مَـخَافَةً
وَسُــقْـمَـانِ بَـادٍ مِـنْـهُـمَـا وَدَخِـيـلُ
وَأَسْــرٌ أُقَـاسِـيـهِ وَلَـيْـلٌ نُـجُـومُـهُ
أَرَى كُــلَّ شَــيْءٍ غَــيْـرَهُـنَّ يَـزُولُ
تَـطُولُ بِيَ السَّاعَاتُ وَهْيَ قَصِيرَةٌ
وَفِــي كُــلِّ دَهْـرٍ لَا يَـسُـرُّكَ طُـولُ
تَـنَـاسَـانِـيَ الْأَصْـحَـابُ إِلَّا عُصَيْبَةً
سَـتَـلْـحَـقُ بِـالْأُخْـرَى غَـدًا وَتَحُولُ
وَإِنَّ الَّـذِي يَـبْـقَى عَلَى الْعَهْدِ مِنْهُمُ
وَإِنْ كَــثُــرَتْ دَعْــوَاهُــمُ لَـقَـلِـيـلُ
أُقَـلِّـبُ طَـرْفِي لَا أَرَى غَيْرَ صَاحِبٍ
يَـمِـيـلُ مَـعَ الـنَّـعْـمَـاءِ حَـيْثُ تَمِيلُ
وَمِـنْـهَـا نَـرَى أَنَّ الْـمُـتَـارِكَ مُحْسِنٌ
وَأَنَّ خَــلِــيــلًا لَا يَــضُــرُّ خَــلِـيـلُ
تَـصَـفَّحْتُ أَقْوَالَ الرِّجَالِ فَلَمْ يَكُنْ
إِلَـى غَـيْرِ شَاكٍ فِي الزَّمَانِ وُصُولُ
أَكُـلُّ خَـلِـيـلٍ أَنْـكَـدٌ غَـيْـرُ مُـنْـصِفٍ
وَكُــلُّ زَمَــانٍ بِــالْــكِــرَامِ بَــخِـيـلُ
نَـعَـمْ دَعَتِ الدُّنْيَا إِلَى الْغَدْرِ دَعْوَةً
أَجَــابَ إِلَــيْــهَــا عَــالِـمٌ وَجَـهُـولُ
وَفَـارَقَ عَـمْـرُو بْـنُ الـزُّبَـيْـرِ خَلِيلَهُ
وَخَـلَّـى أَمِـيـرَ الْـمُـؤْمِـنِـيـنَ عَـقِيلُ
فَـيَـا حَـسْرَتِي مَنْ لِي بِخِلٍّ مُوَافِقٍ
أَقُــولُ بِــشَــجْـوِي تَـارَةً وَيَـقُـولُ
وَإِنَّ وَرَاءَ الــسِّــتْــرِ أُمًّـا بُـكَـاؤُهَـا
عَـلَـيَّ وَإِنْ طَـالَ الـزَّمَـانُ طَـوِيـلُ
فَـيَـا أُمَّـنَـا لَا تُـخْـطِـئِـي الْأَجْـرَ إِنَّهُ
عَـلَـى قَـدَرِ الـصَّـبْرِ الْجَمِيلِ جَزِيلُ
أَمَـا لَـكِ فِـي ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ أُسْوَةٌ
بِـمَـكَّـةَ وَالْـحَـرْبُ الْـعَـوَانُ تَـجُـولُ
أَرَادَ ابْـنُـهَـا أَخْـذَ الْأَمَانِ فَلَمْ تُجِبْ
وَتَــعْــلَــمُ عِــلْــمًــا أَنَّــهُ لَــقَـتِـيـلُ
تَـأَسَّـيْ كَـفَـاكِ اللـهُ مَـا تَـحْـذَرِيـنَهُ
فَـقَـدْ غَـالَ هَـذَا النَّاسَ قَبْلَكِ غُولُ
وَكُـونِـي كَـمَـا كَـانَـتْ بِأُحْدٍ صَفِيَّةٌ
وَلَـمْ يُـشْـفَ مِـنْـهَـا بِـالْـبُـكَاءِ غَلِيلُ
وَلَـوْ رَدَّ يَـوْمًـا حَـمْزَةَ الْخَيْرِ حُزْنُهَا
إِذًا لَـــعَـــلَـــتْــهَــا رَنَّــةٌ وَعَــوِيــلُ
لَـقِـيـتُ نُـجُومَ اللَّيْلِ وَهْيَ صَوَارِمٌ
وَخُـضْـتُ سَـوَادَ اللَّـيْلِ وَهْوَ يَهُولُ
وَلَـمْ أَرْعَ لِلـنَّـفْـسِ الْـكَـرِيـمَـةِ خِلَّةً
عَـشِـيَّـةَ لَـمْ يَـعْـطِـفْ عَـلَـيَّ خَلِيلُ
وَلَـكِـنْ لَـقِـيتُ الْمَوْتَ حَتَّى تَرَكْتُهَا
وَفِـيـهَـا وَفِـي حَـدِّ الْـحُسَامِ فُلُولُ
وَمَـنْ لَـمْ يُـوَقِّ اللـهُ فَـهْـوَ مُـمَـزَّقٌ
وَمَــنْ لَــمْ يُـعِـزَّ اللـهُ فَـهْـوَ ذَلِـيـلُ
وَمَـنْ لَـمْ يُـرِدْهُ اللـهُ فِـي الْأَمْرِ كُلِّهِ
فَـلَـيْـسَ لِـمَـخْـلُـوقٍ إِلَـيْـهِ سَـبِـيـلُ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: ثقل أبو فراس من الجراح التي نالته ويئس من نفسه، فكتب بهذه القصيدة إلى والدته يعزيها.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو فراس الحمداني: هو شاعر وقائد عسكري وأمير بالدولة الحمدانية، عاصَر «المتنبي» ونافَسه في بلاط «سيف الدولة».

وُلد «أبو فراس الحارث بن حمدون الحمداني» في منبج بسوريا عام ٣٢١ﻫ/٩٣٣م، وقيل بالموصل شماليَّ العراق، وتَيتَّم وهو في الثالثة من عمره، فنشأ في رعاية ابن عمه «سيف الدولة»، فقرَّبه إليه حين رأى منه نبوغًا في شعره وقوةً وحُسن تخطيطٍ في المعارك.

كان «أبو فراس الحمداني» أحد أهم مُجالِسي «سيف الدولة» في مجلسه الخاص الذي كان يُدعى إليه الشعراء، وكان يُجزل له العطاءَ حتى منحه ضَيْعة في منبج، بالإضافة إلى توليته عليها وهو في السادسة عشرة من عمره.

جمع نَظمُ «أبي فراس» كلَّ ألوان الشعر، فكان فيه الغزل والفخر والرثاء والوصف والحِكم، وكان أعظمها «الروميات» التي نظَمها وهو في الأَسر، فأخرج فيها عميقَ مشاعره وأصدق أقواله.

حافَظ «أبو فراس الحمداني» على ممارسة هواية الصيد وعقد مجالس الشعر والأدب، وكانت له انتصاراتٌ عديدة على جيش الروم، وأُسر عدة مرات فدَاه فيها «سيف الدولة»، كان آخرها وهو عائد من إحدى رحلات الصيد، فجُرح وأُسر، وراسَل «سيف الدولة» أكثر من مرة حتى جفاه «سيف الدولة» بسبب وشاية بعض المقرَّبين منه، فطال الأَسر لأربع سنوات، فأرسل إليه قصيدته المشهورة: «أراك عصيَّ الدمع شِيمتُك الصبر»، وكان لهذه المدة من الأَسر أثرُها الكبير في صَقل موهبة «أبي فراس» وتهذيب وِجدانه الذي أخرج لنا «الروميات» (نسبةً إلى اسم السجن).

وبعد خروجه من الأَسر تولَّى حمص حتى وفاة «سيف الدولة» عام ٣٥٦ﻫ، فأصبح حاجبُ «سيف الدولة» وصيًّا على ابنه «أبي المعالي»، فوشى الحاجب ﺑ «أبي فراس»، فسيَّر إليه «أبو المعالي» جيشًا أرداه قتيلًا وقطع رأسه عام ٣٥٧ﻫ/٩٦٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤