مَجْدِي فِي الْمَعَامِعِ

Wave Image
بِـبِـيـضِ الْـهِـنْـدِ وَالسُّمْرِ الْعَوَالِي
غَــرَامِــي لَا بِــرَبَّــاتِ الْـحِـجَـالِ
وَأَفْــدِي يَـوْمَ أَقْـتَـحِـمُ الْـمَـنَـايَـا
بِآمَــالِــي وَإِنْ عَـظُـمَـتْ وَمَـالِـي
فَفِي صَهَوَاتِ ذَاتِ الرَّكْضِ عِزِّي
وَمَـجْـدِي فِـي الْـمَـعَامِعِ وَالْقِتَالِ
غُـذِيـتُ بِـدَرِّهَـا وَخُـلِـقْـتُ مِـنْـهَا
وَفِــيــهَــا نَــشْأَتِــي وَلَـهَـا مَآلِـي
فَـكَـيْـفَ أَصُـدُّ نَفْسِي عَنْ هَوَاهَا
وَأَلْــهُــو بِــالْــغَــزَالَــةِ وَالْــغَـزَالِ
تَـرَكْـتُ الْـغَـانِـيَـاتِ لِـمَـنْ تَـوَانَى
وَبِـتُّ أَجِـدُّ فِـي طَـلَـبِ الْـمَعَالِي
وَقَــائِــلَــةٍ غَــدَاةَ أَشُــدُّ رَحْــلِـي
رُوَيْــدَكَ مَــا أَشَــدَّكَ لِــلــرِّحَــالِ
أَتَــفْــتَأُ بِـالْـهَـوَاجِـرِ مُـسْـتَـهَـامًـا
وَتَــهْـجُـرُ بَـرْدَ هَـاتِـيـكَ الـظِّـلَالِ
وَتَــقْــتَـحِـمُ الـظَّـلَامَ وَلَا أَنِـيـسٌ
سِــوَى زُرْقِ الْأَسِــنَّـةِ وَالـنِّـصَـالِ
وَيَــغْــشَـى مَـا تُـؤَمِّـلُـهُ صُـرُوفٌ
تُـقَـصِّـرُ مِـنْ مَـسَـاعِـيكَ الطِّوَالِ
إِلَامَ تَــبِــيـعُ نَـفْـسَـكَ بِـالْأَمَـانِـي
وَقَـدْرُ الـنَّـفْـسِ لَـوْ فَـكَّرْتَ غَالِي
تُـجَـشِّـمُـهَـا الْـمَـعَـاطِبَ كُلَّ يَوْمٍ
وَتُــطْــمِــعُــهَــا بِإِدْرَاكِ الْـمُـحَـالِ
فَـقُـلْـتُ لَـهَـا فَـدَيْـتُـكِ لَا تَـلُومِي
أَلَـيْـسَ مَـصِـيـرُ عَـزْمِـي لِـلزَّوَالِ
أَتَـخْـشَـيْـنَ الـظَّـلَامَ عَـلَـى هُمَامٍ
أَقَــلُّ مُــرَادِهِ صَــعْــبُ الْــمَـنَـالِ
فَـلَـيْـتَـكِ تَـنْـظُـرِينَ غِرَارَ سَيْفِي
وَقَـدْ وَثَـبَ الـرِّعَالُ عَلَى الرِّعَالِ
تَــرَيْـنَ دَمًـا يَـفِـيـضُ وَسَـائِـلَاتٍ
كَـرِيـمَـاتٍ مِـنَ الْـمُـهَـجِ الْـغَوَالِي
وَلَـيْـتَـكِ تَـشْهَدِينَ سِنَانَ رُمْحِي
إِذَا طَــاعَــنْــتُ أَبْــطَـالَ الـنِّـزَالِ
أَرُدُّ عَــلَــيْــهِ أَشْــتَــاتَ الْـمَـنَـايَـا
وَأَنْــظِــمُ فِــيـهِ أَفْـئِـدَةَ الـرِّجَـالِ
هَـبِـيـنِـي قَـدْ قَـضَـيْتُ وَخَبَّأَتْنِي
سَـوَافِـي الـرِّيـحِ فِي كَبِدِ الرِّمَالِ
فَـكَـمْ وَارَى الـثَّـرَى قَـبْلِي كَرِيمًا
وَكَـمْ ثَـكِـلَـتْ كَـوَالِـدَتِـي مِـثَالِي
سَأَقْـدَحُ زَنْدَ جِدِّي فِي الدَّيَاجِي
وَأَضْـرِبُ فِـي الْـمَـهَامِهِ وَالْجِبَالِ
وَأُوقِـفُ فِـي سَـبِيلِ الْمَجْدِ نَفْسًا
تَــمَــنَّـى مِـثْـلَـهَـا أُسْـدُ الـدِّحَـالِ
وَأَلْـــقَــى كُــلَّ حَــادِثَــةٍ بِــعَــزْمٍ
تَــزَعْـزَعُ مِـنْـهُ أَفْـئِـدَةُ الـلَّـيَـالِـي
فَإِنْ أَنَــلِ الَّـذِي أَرْجُـو فَـمِـثْـلِـي
جَــدِيــرٌ أَنْ يَـبِـيـتَ مَـعَ الْـهِـلَالِ
وَمَـا هَـمِّـي بِـكَـدْحِـي جَـمْعُ مَالٍ
فَـكَـمْ فَـرَّقْـتُ مِـنْ نَـشَـبٍ وَمَالِ
وَهَـمِّـي أَنْ أَمُـوتَ عَـلَى جَوَادِي
وَقَـــدْ أوْطَأْتُـــهُ تَــاجَ الْــجَــلَالِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

محمد توفيق علي: شاعِرٌ مِصريٌّ يَنْتَمِي إِلى مَدْرَسةِ الإحْياءِ والبَعْثِ فِي الشِّعرِ العَرَبِي؛ تلكَ المَدْرَسةِ التِي وُصِفتْ بأنَّها أَحْيَتِ الشِّعرَ مِن مَرْقَدِه؛ حيثُ أعادَتْ بِناءَ القَصِيدةِ الشِّعريةِ بِناءً يُجدِّدُ فِي أَغْراضِها الشِّعريةِ ولا يَتَصرَّفُ فِي صُورتِها التَّقلِيديةِ المُتمثِّلةِ فِي وَحْدةِ الوَزنِ والقَافِية.

وُلِدَ محمد توفيق فِي قَرْيةِ «زاوية المصلوب» بمُحافَظةِ بني سويف عامَ ١٨٨١م أثناءَ الثَّوْرةِ العُرَابِية، وكانَ والِدُهُ مِن أَثْرياءِ الفَلَّاحِين، فأَلْحَقَه بِكُتَّابِ القَرْيةِ بِوَصْفِهِ أَوَّلَ بابٍ يُفْضِي إِلى مَدِينةِ العِلْمِ والدِّينِ فِي هَذا الزَّمَان، ثُم أَوفَدَهُ إلَى القاهِرة؛ فانْتَظَمَ بِمَدْرَسةِ «القِرَبِيَّة» حتَّى نالَ الشَّهادةَ الِابتِدَائِية، والْتَحقَ بَعدَها بِمَدرَسةِ الفُنُونِ والصَّنائِعِ فِي بولاق، ودَرَسَ بِها فُنونًا مِنَ الأَدَبِ العَرَبِي.

وكانَ القَدَرُ يَدَّخِرُ مُنْعطفًا آخَرَ فِي حَياةِ الشاعِر؛ إذِ اغْتنَمَ فُرصَةَ الإعْلانِ عَنِ الحَاجَةِ إِلى ضُبَّاطٍ بالمَدرَسةِ الحَرْبِية، فالْتَحَقَ بِها وتَخَرَّجَ ضَابِطًا عامَ ١٨٩٨م، ثُمَّ الْتَحَقَ بالجَيشِ المِصرِيِّ فِي السُّودان، وهُناكَ الْتَقَى بِشاعِرِ النِّيلِ حافظ إبراهيم ونَهَلَ مِن فَيْضِ شِعرِهِ الزَّاخِر، وبَعْدَ انْقِضاءِ مَهَمَّتِهِ فِي السُّودان عادَ إِلى مِصرَ وقرَّرَ أنْ يَهَبَ مَا بَقِيَ مِن عُمُرِهِ لِنَظْمِ الشِّعْر.

وعَلَى الرَّغْمِ ممَّا مُنِيَ بِه شاعِرُنا مِن ضائِقةٍ مالِيةٍ عصَفَتْ بثَرْوةِ أبيهِ وأَحالَتْهُ إِلى الفَقرِ والشَّقاءِ بَعدَ رَغَدٍ مِنَ النَّعِيمِ والثَّرَاء؛ فإنَّ ذلِكَ لَمْ يَمنَعْهُ مِن أنْ يُثرِيَ السَّاحةَ الأَدَبيةَ بالعَدِيدِ مِنَ الذَّخائِرِ الشِّعْرية؛ مِنْها دِيوانُهُ الكَبيرُ الذِي أَخرَجَهُ فِي خمسةِ أَجْزاء؛ هي: «قِفَا نَبْكِ»، و«السَّكَن»، و«الرَّوْضَة الفَيْحَاء»، و«تَسْبِيح الأَطْيَار»، و«تَرْنِيم الأَوْتَار».

وقَدْ وافَتْهُ المَنِيَّةُ عامَ ١٩٣٧م عَن عُمُرٍ ناهَزَ ٥٥ عامًا، ودُفِنَ فِي مَقْبرةِ أُسرَتِهِ الواقِعةِ عَلى مَشارِفِ الصَّحْراءِ شَرْقِيَّ النِّيل.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤