هَـاجَ شَـوْقَ الْـوَالِـهِ الْـمُـضْـطَـرِبِ
حُــلُــمٌ شَــقَّ ظَــلَامَ الْــحُــجُــبِ
جَــرَّدَ الــلَّــيْــلُ عَــلَــيْـهِ غَـيْـهَـبًـا
فَــتَــخَــطَّـى عَـقَـبَـاتِ الْـغَـيْـهَـبِ
زَارَنِــي وَالــلَّــيْــلُ فِــي غَـفْـوَتِـهِ
يَــتَــمَــطَّـى عَـنْ دِثَـارِ الـسُّـحُـبِ
طَــائِــفٌ إِنْ رُمْــتَــهُ لَــمْ تَــلْــقَـهُ
وَهْـوَ مِـنْ جَـفْـنِـكَ بَـيْـنَ الْـهُدُبِ!
بَــارِعُ الــرِّيــشَــةِ حَــتَّــى لَـتَـرَى
غَـائِـبَ الـشَّـخْـصِ كَأَنْ لَـمْ يَـغِبِ
بَــسَــمَــاتُ الــرَّوْضِ مِـنْ أَلْـوَانِـهِ
وَسَـــنَــا الْــكَأْسِ وَدُرُّ الْــحَــبَــبِ
فِــي يَـدَيْـهِ مِـجْـهَـرٌ مِـنْ عَـجَـبٍ
تُــفْــتَـحُ الْـعَـيْـنُ بِـهِ عَـنْ عَـجَـبِ
قُــلْـتُ: هَـذِي جَـنَّـةٌ؟ أَمْ مَـا أَرَى؟
أَمْ تَـــهَـــاوِيـــلُ خَــيَــالٍ كَــذِبِ؟
أَمْ أَنَـــا غَــيْــرِي؟ وَإِلَّا مَــنْ أَنَــا؟
أَمْ هُـوَ الـسِّـحْـرُ غَـدَا يَـلْعَبُ بِي؟
مَـا الَّـذِي يَـبْـدُو لِـعَـيْـنِـي سَـامِـقًا
يَــتَـحَـدَّى سَـبَـحَـاتِ الْـكَـوْكَـبِ؟
أَرْضُــهُ مِــسْــكٌ، وَفِــي تُــرْبَــتِـهِ
يَــنْــبُــتُ الْـفَـنُّ مَـكَـانَ الْـعُـشُـبِ
وَإِذَا شَــــادٍ يُــــغَــــنِّــــي مَــــرِحٌ
لُـؤْلُـئِـيُّ الـصَّـوْتِ، حُـلْـوُ الْمَذْهَبِ
صَـاحَ: ذَا لُـبْـنَـانُ فَـانْـزِلْ سَـفْحَهُ
قُــلْــتُ: مَــا لِـي غَـيْـرُهُ مِـنْ أَرَبِ
هُــوَ عِــرِّيــسٌ لِآسَــادِ الْــحِــمَـى
وَكِـــنَـــاسٌ لِـــظِـــبَــاءِ الــرَّبْــرَبِ
قَــدْ تَــمَــنَّــاهُ الْــهَــوَى مِـنْ بُـعُـدٍ
كَــيْــفَ لَـوْ أَبْـصَـرَهُ عَـنْ كَـثَـبِ؟!
الْأَزَاهِــــيــــرُ بِــــهِ مِـــنْ قُـــبَـــلٍ
وَالْــيَــنَــابِــيــعُ رَحِــيـقُ الْـعِـنَـبِ
وَقُــدُودُ الْــهِــيـفِ فِـي رَوْضَـاتِـهِ
قُــضُــبٌ تَــمْــرَحُ بَـيْـنَ الْـقُـضُـبِ
جُــمِــعَــتْ لَــيْــلَاتُــهُ مِــنْ دَعَـجٍ
وَسَــنَــا إِصْــبَــاحِــهِ مِــنْ لَــبَــبِ
وَسَـــجَـــايَــا أَهْــلِــهِ أَنْــسَــامُــهُ
كَــمْ نَـعِـمْـنَـا بِـشَـذَاهَـا الـطَّـيِّـبِ!
كَــتَـبَ الْـمَـجْـدُ لَـهُـمْ تَـارِيـخَـهُـمْ
فِـي جَـبِـيـنِ الـدَّهْرِ لَا فِي الْكُتُبِ
كُـــلُّ شَـــهْــمٍ أَرْيَــحِــيٍّ أَغْــلَــبٍ
مِـــنْ كَــرِيــمٍ أَرْيَــحِــيٍّ أَغْــلَــبِ
بَــيْــنَ عَــدْنَــانَ وَغَــسَّــانَ لَــهُـمْ
نَــسَــبٌ يَــرْفَــعُ شَأْوَ الــنَّــسَــبِ
نَــصَــبُــوا فِـي كُـلِّ أَرْضٍ رَايَـهُـمْ
مَا دَرَوْا فِي الْمَجْدِ مَعْنَى النَّصَبِ
وَأَذَلُّـوا الـصَّـعْـبَ فِـي رِحْـلَاتِـهِـمْ
أَيُّ صَـعْـبٍ عِـنْـدَهُـمْ لَـمْ يُـرْكَبِ؟
وَطَــوَوْا شَــرْقًـا بِـشَـرْقٍ، وَجَـرَى
سَـيْـلُـهُـمْ يَـزْحَـمُ شَـطَّ الْـمَـغْـرِبِ
يَــنْــزَحُ الــنَّــازِحُ مَـا فِـي رَحْـلِـهِ
غَـــــيْــــرُ إِقْــــدَامٍ وَعَــــزْمٍ ذَرِبِ
وَرَجَـــاءٍ بِـــرَجَـــاءٍ يَـــلْـــتَــقِــي
وَكِــــفَـــاحٍ لِـــلِـــقَـــاءِ الـــنُّـــوَبِ
رَأْسُ مَــالِ الْـمَـرْءِ مَـا فِـي رَأْسِـهِ
مِــنْ ذَكَــاءٍ، لَا حُــطَــامُ الـنَّـشَـبِ
مَـلَـكُـوا الـدُّنْـيَـا فَـلَـمَّـا جَـمَـحَـتْ
مَـــلَـــكُـــوهَـــا بِـــرَفِــيــعِ الْأَدَبِ
لَــيْــسَ لِــلــسَّـيْـفِ عَـلَـى حِـدَّتِـهِ
صَـوْلَـةُ الـشِّـعْـرِ وَوَخْـزُ الْـخُـطَبِ
هَـذَّبُـوا الْـفُـصْـحَـى وَلَمُّوا شَمْلَهَا
بَـعْـدَ أَنْ كَانَتْ صَدًى فِي سَبْسَبِ
جَـمَّـعُـوهَـا حُـلْـوَةَ الْـجَـرْسِ كَـمَا
تَـجْـمَـعُ الـنَّـحْـلَـةُ حُـلْـوَ الـضَّـرَبِ
أَنْــتَ يَــا لُــبْــنــانُ عَــزْمٌ ونُــهًـى
لَـسْـتَ مِـنْ صَخْرٍ وَلَا مِنْ حَصَبِ!
كُــلَّــمَــا أَطْــلَــعْـتَ لَـيْـلًا شَـفَـقًـا
مُــوِّهَــتْ صَــفْــحَـتُـهُ بِـالـذَّهَـبِ
ظَــنَّــتِ الْــغِــيــدُ وَمَــا أَجْـرَأَهَـا!
أَنَّــهُ مِــنْ خَــدِّهَــا الْـمُـخْـتَـضِـبِ
سِــحْــرُ شِـعْـرٍ وَمَـجَـالِـي فِـتْـنَـةٍ
وَعُــيُــونٌ أُغْــرِمَــتْ بِــالــلَّــعِـبِ
وَابْــتِــسَـامٌ فِـيـهِ أَشْـرَاكُ الْـهَـوَى
وَحَــدِيــثٌ فِــيـهِ عُـذْرُ الْـمُـذْنِـبِ
أَيْـنَ قَـلْـبِـي؟ غَـصَـبُـوهُ، فَـاسْأَلُوا
«جَـارَةَ الْـوَادِي» عَـنِ الْـمُـغْتَصِبِ
وَاشْـفَـعُـوا لِي، وَاحْذَرُوا غَضْبَتَهَا
آهِ مِــنْ صَــوْلَــةِ هَــذَا الْـغَـضَـبِ!
ثُــمَّ قُــولُــوا: مُــسْـتَـهَـامٌ وَصِـبٌ
وَيْــلَــتَــا لِـلْـمُـسْـتَـهَـامِ الْـوَصِـبِ
طَـــائِــرٌ غَــرَّدَ فِــي دَوْحَــتِــكُــمْ
عَــلَّــمَ الْأَطْـيَـارَ مَـعْـنَـى الـطَّـرَبِ
طَــارَ مِــنْ مَــصْــرَ يُــحَـيِّـي أُمَّـةً
تَـوَّجَـتْ بِـالْـمَـجْـدِ هَـامَ الْـحِـقَبِ
قَــاهِــرِيٌّ أَخْــجَــلَــتْ أَلْــحَــانُــهُ
رَنَّــةَ الْــعُــودِ، وَشَــدْوَ الْــقَـصَـبِ
خُـــلِـــقَـــتْ أَوْتَـــارُهُ قُــدْسِــيَّــةً
مِـنْ حَـنَـانِ الْـحُـبِّ، لَا مِنْ عَصَبِ
فَـارْحَـمِـي مُـغْـتَـرِبًـا لَـيْسَ اسْمُهُ
فِــي رُبَــا لُــبْــنَــانَ بِــالْـمُـغْـتَـرِبِ
جَـاءَ يَـبْـغِـي الْحُبَّ لَا الْحَبَّ فَهَلْ
جَـاوَزَ الْـمِـسْـكِـيـنُ حَـدَّ الـطَّلَبِ؟
فَـنَـصَـبْـتِ الْـفَـخَّ خَـدَّاعَ الْـمُـنَـى
خَـشِـنَ الْـكَـفِّ، حَـدِيـدَ الْـمِـخْلَبِ
وَأَتَــى هَــيْــمَــانَ يَــشْـدُو وَاثِـبًـا
لَــيْــتَــهُ فِــي يَــوْمِــهِ لَـمْ يَـثِـبِ!
فَــارْتَــمَــى بَـيْـنَ جَـنَـاحٍ هَـائِـضٍ
وَجَــنَــاحٍ خَــافِــقٍ مُــضْــطَــرِبِ
وَاجِــبَ الْــقَــلْــبِ، وَلَـوْلَا نَـظْـرَةٌ
عَـــرَضَــتْ لَاهِــيَــةً لَــمْ يَــجِــبِ
أَطْــلِــقِــيــهِ وَابْــعَــثِــي آمَــالَــهُ
وَثَــوَابَ الــلــهِ فِـيـهِ احْـتَـسِـبِـي
هَـلْ عَـلَـى الْـهَـاتِـفِ بِـالْحُسْنِ إِذَا
مَــا شَــدَا مِــنْ حَـرَجٍ أَوْ عَـتَـبِ؟
قَــدْ بَــرَاهُ الــسُّــقْــمُ إِلَّا فَــضْـلَـةً
مِـــنْ فُــؤَادٍ حَــائِــرٍ مُــلْــتَــهِــبِ