اقْتِبَالُ الرَّبِيعِ فِي بَسَمَاتِهْ

Wave Image
اقْــتِــبَــالُ الــرَّبِــيـعِ فِـي بَـسَـمَـاتِـهْ
نَــبَّــهَ الْــكَــوْنَ بَـعْـدَ طُـولِ سُـبَـاتِـهْ
يَــنْــثُــرُ الــزَّهْـرَ كَـالـدَّنَـانِـيـرِ غَـضًّـا
أَيْــنَ حُــرُّ الــنُّــضَــارِ مِــنْ زَهَــرَاتِـهْ
قَـدْ سَـئِـمْـنَـا دُجَـى الـشِّـتَـاءِ فَـجِئْنَا
نَــرْشُـفُ الـنُّـورَ مِـنْ سَـنَـا لَـمَـحَـاتِـهْ
وَخَــلَــعْــنَــا الــدِّثَــارَ مِــثْــلَ أَسِـيـرٍ
حُــلَّ مِــنْ قَــيْــدِهِ وَمِــنْ وَخَــزَاتِــهْ
قَــدْ ظَــنَــنَّــاهُ فِــي الــشِّـتَـاءِ وِقَـاءً
فَــجَــمَــعْـنَـا الـشِّـتَـاءَ فِـي طَـيَّـاتِـهْ
تَـبْـخَـلُ الْـكَـفُّ أَنْ تُـشِـيـرَ مِـنَ الْـبَـرْ
دِ وَيَـخْـشَـى الْـمَـقْـرُورُ مِـنْ لَـفَـتَـاتِهْ
جَــمَــدَتْ صَــوْلَـةُ الـلِّـسَـانِ وَكَـادَتْ
تَــجْــمُــدُ الْــهَـاتِـفَـاتُ مِـنْ كَـلِـمَـاتِـهْ
وَاخْـتَـفَى الطَّيْرُ وَاخْتَفَى كُلُّ صَوْتٍ
مَـــوْصِـــلِــيِّ الْأَدَاءِ فِــي لَــهَــوَاتِــهْ
وَرَأَيْـنَـا الْأَشْـجَـارَ يَـسْـلُـبُـهَـا الْـحُسْـ
ـنُ سَــنَــا حَــلْــيِـهِ وَسِـحْـرَ شِـيَـاتِـهْ
مَـــالَ فِــيــهَــا بِــرَأْسِــهِ كُــلُّ فَــرْعٍ
بَــاحِــثًـا فِـي الـتُّـرَابِ عَـنْ وَرَقَـاتِـهْ
يَـهْـرَمُ الـدَّهْـرُ فِـي الـشِّـتَـاءِ وَيَـلْقَى
مَـا مَـضَـى فِـي الـرَّبِـيعِ مِنْ صَبَوَاتِهْ
هُـوَ تَـخْـتُ الْـوُجُـودِ غَـنَّـى بِهِ الطَّيْـ
ـرُ فَــهَــزَّ الْــغُــصُــونَ فِـي دَوْحَـاتِـهْ
سَــايَــرَتْــهُ الْأَزْهَــارُ تَـهْـفُـو يَـمِـيـنًـا
وَشِــمَــالًا عَــلَــى هَــوَى نَــغَــمَــاتِـهْ
وَإِذَا صَـفَّـقَ الْـغَـدِيـرُ انْـثَـنَـى الْـغُصْـ
ـنُ نَـضِـيـرَ الـشَّـبَـابِ فِـي رَقَـصَـاتِـهْ
•••
هَاتِ عَهْدَ الشَّبَابِ إِنْ غَاصَ فِي الْمَا
ءِ وَإِنْ غَــابَ فِــي الـسَّـمَـاءِ فَـهَـاتِـهْ
هَـمَـسَـاتُ الشَّبَابِ فِي النَّفْسِ أَحْلَى
مِـنْ حَـدِيـثِ الْـهَـوَى وَمِـنْ هَـمَسَاتِهْ
نَــارُهُ تَــطْــرُدُ الْــهُــمُـومَ فَـتَـمْـضِـي
خَــافِــقَـاتِ الْـجَـنَـانِ مِـنْ جَـمَـرَاتِـهْ
نَــارُهُ تَــصْــهَــرُ الْــعَــزِيــمَـةَ سَـيْـفًـا
تَــتَــوَقَّــى الـسُّـيُـوفُ وَقْـعَ شَـبَـاتِـهْ
مَــا أُحَــيْــلَــى وُثُــوبَـهُ وَهْـوَ مَـاضٍ
يَــتَــحَــدَّى الــزَّمَــانَ فِـي فَـتَـكَـاتِـهْ
نَــفَــحَــاتُ الــشَّــبَــابِ أَيْـنَ تَـوَلَّـتْ
لَـهْـفَ نَـفْـسِـي عَـلَـى شَـذَى نَفَحَاتِهْ!
قَـــدَحٌ قَـــدْ حَـــلَـــتْ أَوَائِـــلُــهُ رَشْـ
ـفًـا وَذُقْـنَـا الْـمُـرَّيْـنِ فِـي أُخْـرَيَـاتِـهْ
مَــا أُرَانِــي مِــنْ غَــيْـرِهِ غَـيْـرَ ثَـوْبٍ
ضَــــمَّ أَرْدَانَــــهُ عَــــلَـــى عِـــلَّاتِـــهْ
رُبَّ شَــيْـخٍ فِـي عَـالَـمِ الـطِّـبِّ حَـيٌّ
وَيَـــرَاهُ الـــزَّمَـــانُ مِـــنْ أَمْـــوَاتِـــهْ
الــشَّــبَـابُ الـشَّـبَـابُ نُـورٌ مِـنَ الـلـهِ
وَرِيــــحٌ تَـــهُـــبُّ مِـــنْ جَـــنَّـــاتِـــهْ
•••
يَـا شَـبَـابَ الْـحِـمَـى وَيَا جُنْدَهُ الْأَحْـ
ـرَارَ إِنْ فَـتَّـشَ الْـحِـمَـى عَـنْ كُـمَـاتِهْ
زَاحِــمُـوا فِـي وَلِـيـمَـةِ الـدَّهْـرِ أَرْسَـا
لًا، وَلَا تَــكْــتَــفُــوا بِــجَــمْـعِ فُـتَـاتِـهْ
الـطُّـمُـوحُ الْـحَيَاةُ، وَالْمَجْدُ فِي الدُّنْـ
ـيَــا مُــبَــاحٌ لِــطَــالِــبِــي قَـصَـبَـاتِـهْ
لَا يَــنَــالُ الْـفَـتَـى مَـدَى الْـمَـجْـدِ إِلَّا
بِــمَــضَــاءٍ يُــرْبِــي عَــلَــى وَثَـبَـاتِـهْ
الـــذِّرَاعُ الْأَزَلُّ وَالـــسَّــاعِــدُ الْــمَــفْـ
ـتُــولُ ذُخْــرُ الـشَّـبَـابِ فِـي أَزَمَـاتِـهْ
تَـسْـخَـرُ الـرِّيـحُ بِـالـضَّعِيفِ مِنَ النَّبْـ
ـتِ وَتَـخْـشَـى الْـقَـوِيَّ مِـنْ بَـاسِقَاتِهْ
امْــلِــكُــوا الــدَّهْــرَ إِنَّــهُ لَا يُــوَاتِــي
غَــيْــرَ عَــزْمٍ يَــفُــلُّ مِــنْ عَــزَمَـاتِـهْ
عَــلَّــمَــتْــنَــا الْأَيَّــامُ أَنَّ الَّــذِي يُــحْـ
ـسِـنُ يَـلْـقَـى الْـجَـزَاءَ عَـنْ حَـسَـنَاتِهْ
ذَهَـبَ الـنَّـوْمُ فَـالَّـذِي يُـغْـمِـضُ الْعَيْـ
ـنَــيْــنِ يَــا تَــعْــسَــهُ وَيَــا وَيْــلَاتِـهْ!
أَسْـرِعُـوا فَـالـزَّمَـانُ مَـاضٍ وَكَـمْ مِنْ
مُــبْــطِـئٍ قَـدْ طَـوَاهُ فِـي عَـجَـلَاتِـهْ
وَاطْـرُقُـوا الْـبَـابَ، كُـلُّ بَـابٍ كَـفِـيـلٌ
بِــــوُلُــــوجٍ لِــــمَـــنْ دَرَى دَقَّـــاتِـــهْ
قَـدْ يَـطُولُ السُّرَى عَلَى الْمُدْلِجِ السَّا
رِي فَــيُــدْنِــيــهِ مِـنْ مَـدَى غَـايَـاتِـهْ
لَا تُــنَـالُ الْـعُـلَا بِـ «لَـيْـتَ» و«لَـكِـنْ»
وَعُــكُــوفِ الْــفَــتَــى عَــلَـى مِـرْآتِـهْ
آلَــةُ الْــفَـوْزِ هِـمَّـةٌ تَـطْـحَـنُ الـصَّـخْـ
ـرَ وَتَـسْـمُـو لِـلـنَّـجْـمِ فِـي سَـبَـحَـاتِهْ
ابْــتَــنُــوا لِــلْــعُـلَا وَلِـلـنِّـيـلِ مَـجْـدًا
وَاسْـكُـبُـوا مِـنْ حَـيَـاتِكُمْ فِي حَيَاتِهْ
•••
لَــكُــمُ فِــي مَــلِــيــكِـكُـمْ خَـيْـرُ دَاعٍ
تَــسْـتَـجِـيـبُ الْـمُـنَـى إِلَـى دَعَـوَاتِـهْ
قُــدْوَةٌ لِـلـشَّـبَـابِ قَـدْ عَـرَفَ الْـجِـيـ
ـلُ طَــرِيـقَ الْـحَـيَـاةِ مِـنْ خُـطُـوَاتِـهْ
مَــرَّةً سَـامِـقًـا عَـلَـى صَـهْـوَةِ الْـخَـيْـ
ـلِ وَأُخْــرَى مُــطَـامِـنًـا فِـي صَـلَاتِـهْ
لَـمْ نَـرَ الْـبَـدْرَ قَـبْـلَـهُ يَـعْـتَـلِـي الْـعَـرْ
شَ وَيُــمْـسِـي الْـجَـلَالُ مِـنْ هَـالَاتِـهْ
أَوْ شَـهِـدْنَـا نُورًا عَلَى الْأَرْضِ يَمْشِي
الْــهُــدَى وَالْــيَـقِـيـنُ مِـنْ مِـشْـكَـاتِـهْ
أَوْ عَـهِـدْنَـا تَـاجًـا عَـلَـى مَفْرِقِ الشَّمْـ
ـسِ يُــشِــعُّ الْإِيــمَــانُ مِـنْ خَـرَزَاتِـهْ
كُـنْ كَـمَـا شِـئْـتَ أَيُّـهَـا الـشِّـعْـرُ فَـنَّـا
نًـا فَـلَـنْ تَـسْـتَـطِـيـعَ لَـمْـحَ صِـفَـاتِـهْ
هُـوَ خَـلْـقٌ مِـنَ الْـكَـمَـالِ الْـمُـصَـفَّـى
مَـــنْ رَآهُ رَأَى الْـــكَـــمَـــالَ بِـــذَاتِــهْ
الــنَّــدَى وَالْــحَــنَـانُ فِـي بَـسَـمَـاتِـهْ
وَالْــعُــلَا وَالْــجَــلَالُ فِـي قَـسَـمَـاتِـهْ
يَـا مَـلِـيـكًـا أَعْلَى الْحَدِيثَ مِنَ الْمَجْـ
ـدِ وَأَحْــيَــا قَــدِيــمَــهُ مِــنْ رُفَــاتِـهْ
إِنَّ عِـيـدَ الْـجُـلُـوسِ أَشْرَقَ فِي الْكَوْ
نِ شُــرُوقَ الــرَّبِــيــعِ فِـي رَوْضَـاتِـهْ
الْــمُــنَــى الْــيَـانِـعَـاتُ مِـنْ ثَـمَـرَاتِـهْ
وَجَــمَــالُ الــزَّمَــانِ فِــي لَـحَـظَـاتِـهْ
يَـزْدَهِـي الـنِّـيـلُ بِـالْـمَـلِـيكِ الْمُرَجَّى
خَــيْــرِ أَبْــطَــالِـهِ وَحَـامِـي حُـمَـاتِـهْ
إِنْ تَــكُــنْ مِـصْـرُ قَـبْـلَـهُ هِـبَـةَ الـنِّـيـ
ـلِ فَــقَــدْ صَـارَ نِـيـلُـهَـا مِـنْ هِـبَـاتِـهْ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤