ضَيْفُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ

Wave Image
رَضِـــيَ الْـــمُـــسْـــلِـــمُــونَ وَالْإِسْــلَامُ
فَـــرْعَ عُـــثْـــمَـــانَ دُمْ فِــدَاكَ الــدَّوَامُ
كَــيْــفَ نُــحْــصِــي عَـلَـى عُـلَاكَ ثَـنَـاءً
لَــــكَ مِــــنْـــكَ الـــثَّـــنَـــاءُ وِالْإِكْـــرَامُ
هَــلْ كَــلَامُ الْــعِـبَـادِ فِـي الـشَّـمْـسِ إِلَّا
أَنَّــهَــا الــشَّــمْــسُ لَـيْـسَ فِـيـهَـا كَـلَامُ
وَمَـــكَـــانُ الْإِمَـــامِ أَعْـــلَـــى وَلَـــكِــنْ
بِأَحَــــادِيــــثِــــهِ يَــــتِــــيــــهُ الْأَنَـــامُ
إِيــهِ «عَــبْــدَ الْــحَــمِــيـدِ» جَـلَّ زَمَـانٌ
أَنْــــتَ فِـــيـــهِ خَـــلِـــيـــفَـــةٌ وَإِمَـــامُ
مَــا رَأَتْ مِــثْـلَ ذَا الَّـذِي تَـبْـتَـنِـي الْأَقْـ
ـوَامُ مَــــجْـــدًا وَلَـــنْ يَـــرَى الْأَقْـــوَامُ
دَوْلَـــةٌ شَـــادَ رُكْـــنَـــهَـــا أَلْـــفُ عَـــامٍ
وَمِــــئَــــاتٌ تُــــعِــــيــــدُهَـــا أَعْـــوَامُ
وَأَسَــاسٌ مِــنْ عَــهْـدِ عُـثْـمَـانَ يُـبْـنَـى
فِـــي ثَـــمَـــانٍ وَمِـــثْـــلُـــهُـــنَّ يُــقَــامُ
حِــكْــمَــةٌ حَــالَ كُــلُّ هَــذَا الــتَّـجَـلِّـي
دُونَــــهَـــا أَنْ تَـــنَـــالَـــهَـــا الْأَفْـــهَـــامُ
يَسْأَلُ النَّاسُ عِنْدَهَا النَّاسَ هَلْ فِي النَّـ
ـاسِ ذُو الْـــمُـــقْــلَــةِ الَّــتِــي لَا تَــنَــامُ
أَمْ مِــنَ الــنَّـاسِ بَـعْـدُ، مَـنْ قَـوْلُـهُ وَحْـ
ـيٌ كَــــرِيــــمٌ وَفِــــعْــــلُــــهُ إِلْــــهَـــامُ
صَـــدَقَ الْـــخَــلْــقُ أَنْــتَ هَــذَا وَهَــذَا
يَـــا عَـــظِـــيــمًــا مَــا جَــازَهُ إِعْــظَــامُ
شَــــرَفٌ بَــــاذِخٌ وَمُــــلْـــكٌ كَـــبِـــيـــرٌ
وَيَـــمِـــيـــنٌ بُـــسْـــطٌ وَأَمْــرٌ جُــسَــامُ
«عُـــمَـــرٌ» أَنْـــتَ بَـــيْـــدَ أَنَّـــكَ ظِـــلٌّ
لِــــلْـــبَـــرَايَـــا وَعِـــصْـــمَـــةٌ وَسَـــلَامُ
مَــا تَــتَــوَّجْــتَ بِــالْــخِــلَافَــةِ حَــتَّـى
تُــــوِّجَ الْــــبَــــائِـــسُـــونَ وَالْأَيْـــتَـــامُ
وَسَـرَى الْـخِـصْـبُ وَالـنَّـمَـاءُ وَوَافَى الْـ
ـبِــشْــرُ وَالــظِّــلُّ وَالْــجَـنَـى وَالْـغَـمَـامُ
وَتَـــلَــقَّــى الْــهِــلَالَ مِــنْــكَ جَــبِــيــنٌ
فِـــيـــهِ حُـــسْــنٌ وَبِــالْــعُــفَــاةِ غَــرَامُ
فَــــسَـــلَامٌ عَـــلَـــيْـــهِـــمُ وَعَـــلَـــيْـــهِ
يَــــوْمَ حَــــيَّــــتْــــهُــــمُ بِــــهِ الْأَيَّـــامُ
وَبَــدَا الْـمُـلْـكُ مُـلْـكُ عُـثْـمَـانَ مِـنْ عَـلْـ
ـيَـــاكَ فِـــي الـــذِّرْوَةِ الَّـــتِــي لَا تُــرَامُ
يُـــهْــرَعُ الْــعَــرْشُ وَالْــمُــلُــوكُ إِلَــيْــهِ
وَبَــنُــو الْــعَــصْــرِ وَالْــوُلَاةُ الْــفِــخَــامُ
هَـــكَـــذَا الـــدَّهْـــرُ حَـــالَــةٌ ثُــمَّ ضِــدٌّ
مَــــا لِــــحَــــالٍ مَـــعَ الـــزَّمَـــانِ دَوَامُ
وَلَأَنْـــــتَ الَّــــذِي رَعِــــيَّــــتُــــهُ الْأُسْـ
ـدُ وَمَــــسْــــرَى ظِـــلَالِـــهَـــا الْآجَـــامُ
أُمَّـــةُ الـــتُّـــرْكِ وَالْـــعِـــرَاقُ وَأَهْـــلُـــو
هُ وَلُـــبْـــنَـــانُ وَالـــرُّبَـــى وَالْــخِــيَــامُ
عَـــالَـــمٌ لَـــمْ يَــكُــنْ لِــيُــنْــظَــمَ لَــوْلَا
أَنَّـــكَ الـــسِّـــلْــمُ وَسْــطَــهُ وَالْــوِئَــامُ
هَـذَّبَـتْـهُ الـسُّـيُـوفُ فِـي الـدَّهْـرِ وَالْـيَوْ
مَ أَتَــــمَّــــتْ تَــــهْـــذِيـــبَـــهُ الْأَقْـــلَامُ
أَيَـــقُـــولُـــونَ سَــكْــرَةٌ لَــنْ تَــجَــلَّــى
وَقُــــعُــــودٌ مَـــعَ الْـــهَـــوَى وَقِـــيَـــامُ
لَـــيَــذُوقُــنَّ لِــلْــمُــهَــلْــهِــلِ صَــحْــوًا
تَـــشْــرُفُ الْــكَأْسُ عِــنْــدَهُ وَالْــمُــدَامُ
وَضَــعَ الــشَّــرْقُ فِــي يَــدَيْــكَ يَــدَيْـهِ
وَأَتَـــتْ مِـــنْ حُـــمَـــاتِـــهِ الْأَقْـــسَـــامُ
بِــــالْــــوَلَاءِ الَّـــذِي تُـــرِيـــدُ الْأَيَـــادِي
وَالْـــوَلَاءِ الَّـــذِي يُـــرِيـــدُ الْـــمَـــقَـــامُ
غَـــيْـــرَ غَـــاوٍ أَوْ خَــائِــنٍ أَوْ حَــسُــودٍ
بَــــرِئَــــتْ مِــــنْ أُولَــــئِـــكَ الْأَحْـــلَامُ
كَــيْــفَ تُــهْــدَى لِــمَــا تَـشِـيـدُ عُـيُـونٌ
فِــي الــثَّــرَى مِـلْـؤُهَـا حَـصًـى وَرَغَـامُ
مُـــقَـــلٌ عَـــانَـــتِ الــظَّــلَامَ طَــوِيــلًا
فَــعَــمَــاهَــا فِــي أَنْ يَــزُولَ الــظَّــلَامُ
قَـدْ تَـعِـيـشُ النُّفُوسُ فِي الضَّيْمِ حَتَّى
لَـــتَـــرَى الـــضَّــيْــمَ أَنَّــهَــا لَا تُــضَــامُ
أَيُّـــهَـــا الــنَّــافِــرُونَ عُــودُوا إِلَــيْــنَــا
وَلِــــجُــــوا الْــــبَـــابَ إِنَّـــهُ الْإِسْـــلَامُ
غَــرَضٌ أَنْــتُــمُ وَفِــي الــدَّهْــرِ سَــهْـمٌ
يَــوْمَ لَا تَــدْفَــعُ الــسِّــهَــامَ الــسِّــهَـامُ
نِــمْــتُــمُ ثُــمَّ تَــطْــلُــبُــونَ الْــمَـعَـالِـي
وَالْــمَــعَــالِــي عَــلَــى الــنِّــيَـامِ حَـرَامُ
شَــرُّ عَــيْـشِ الـرِّجَـالِ مَـا كَـانَ حُـلْـمًـا
قَـــدْ تُـــسِـــيـــغُ الْــمَــنِــيَّــةَ الْأَحْــلَامُ
وَيَـــبِـــيـــتُ الـــزَّمَـــانُ أَنْـــدَلُــسِــيًّــا
ثُـــمَّ يُـــضْـــحِـــي وَنَــاسُــهُ أَعْــجَــامُ
•••
عَـــالِـــيَ الْـــبَـــابِ هَــزَّ بَــابُــكُ مِــنَّــا
فَــسَــعَــيْــنَــا وَفِــي الــنُّـفُـوسِ مَـرَامُ
وَتَــجَــلَّــيْــتَ فَــاسْـتَـلَـمْـنَـا كَـمَـا لِـلـنَّـ
ـاسِ بِــالــرُّكْــنِ ذِي الْــجَـلَالِ اسْـتِـلَامُ
نَــسْــتَــمِــيــحُ الْإِمَــامَ نَـصْـرًا لِـمِـصْـرٍ
مِــثْــلَـمَـا يَـنْـصُـرُ الْـحُـسَـامَ الْـحُـسَـامُ
فَـــلِـــمِـــصْــرٍ وَأَنْــتَ بِــالْــحُــبِّ أَدْرَى
بِــكَ يَـا حَـامِـيَ الْـحِـمَـى اسْـتِـعْـصَـامُ
يَـــشْــهَــدُ الــلــهُ لِــلــنُّــفُــوسِ بِــهَــذَا
وَكَـــفَـــاهَـــا أَنْ يَـــشْـــهَـــدَ الْـــعَــلَّامُ
وَإِلَــى الــسَّــيِّــدِ الْــخَــلِـيـفَـةِ نَـشْـكُـو
جَــــــوْرَ دَهْــــــرٍ أَحْــــــرَارُهُ ظُــــــلَّامُ
وَعَــــدُوهَـــا لَـــنَـــا وُعُـــودًا كِـــبَـــارًا
هَــلْ رَأَيْــتَ الْــقُــرَى عَـلَاهَـا الْـجَـهَـامُ
فَــمَــلِــلْــنَــا وَلَــمْ يَــكُ الـدَّاءُ يَـحْـمِـي
أَنْ تَـــــمَـــــلَّ الْأَرْوَاحُ وَالْأَجْـــــسَــــامُ
يَــمْــنَــعُ الْــقَــيْــدُ أَنْ نَــقُـومَ فَـهَـلْ تَـا
جٌ فَـــبِـــالـــتَّـــاجِ لِـــلْـــبِـــلَادِ قِـــيَــامُ
فَــارْفَــعِ الــصَّــوْتَ إِنَّــهَــا هِـيَ مِـصْـرٌ
وَارْفَـــعِ الـــصَّـــوْتَ إِنَّـــهَـــا الْأَهْـــرَامُ
وَارْعَ مِـــصْــرًا وَلَــمْ تَــزَلْ خَــيْــرَ رَاعٍ
فَــــلَــــهَــــا بِــــالَّــــذِي أَرَتْـــكَ زِمَـــامُ
إِنَّ جُــــهْـــدَ الْـــوَفَـــاءِ مَـــا أَنْـــتَ آتٍ
فَـــلْـــيَــقُــمْ فِــي وَفَــائِــكَ الْــخُــدَّامُ
وَلْــيَــصُــولُــوا بِــمَـنْ لَـهُ الـدَّهْـرُ عَـبْـدٌ
وَلَــــهُ الــــسَّــــعْــــدُ تَـــابِـــعٌ وَغُـــلَامُ
فَـــالـــلِّـــوَاءُ الَّـــذِي تَـــلَــقَّــوْا رَفِــيــعٌ
وَالْأُمُـــورُ الَّـــتِـــي تَـــوَلَّـــوْا عِـــظَــامُ
مَــنْ يُــرِدْ حَــقَّــهُ فَــلِــلْــحَــقِّ أَنْــصَــا
رٌ كَـــثِـــيـــرٌ وَفِـــي الـــزَّمَـــانِ كِـــرَامُ
لَا تَـــرُوقَـــنَّ نَـــوْمَــةُ الْــحَــقِّ لِــلْــبَــا
غِـــي فَـــلِــلْــحَــقِّ هَــبَّــةٌ وَانْــتِــقَــامُ
إِنَّ لِـــلْــوَحْــشِ وَالْــعِــظَــامُ مُــنَــاهَــا
لَـــمَـــنَـــايَــا أَسْــبَــابُــهُــنَّ الْــعِــظَــامُ
رَافِــعَ الــضَّــادِ لِــلــسُّــهَــا هَـلْ قَـبُـولٌ
فَــيُــبَــاهِــي الــنُّــجُـومَ هَـذَا الـنِّـظَـامُ
قَــامَــتِ الــضَّـادُ فِـي فَـمِـي لَـكَ حُـبًّـا
فَـــهْـــيَ فِــيــهِ تَــحِــيَّــةٌ وَابْــتِــسَــامُ
إِنَّ فِـــي «يَـــلْــدِزَ» الْــهُــدَى لَــخِــلَالًا
أَنَــا صَــبٌّ بِــلُــطْــفِــهَــا مُــسْــتَــهَــامُ
قَــدْ تَــجَــلَّــتْ لِــخَــيْــرِ بَــدْرٍ أَقَــلَّــتْ
فِــــي كَــــمَــــالٍ بَــــدَتْ لَــــهُ أَعْـــلَامُ
فَـــالْــزَمِ الــتِّــمَّ أَيُّــهَــا الْــبَــدْرُ دَوْمًــا
وَالْـــزَمِ الْـــبَـــدْرَ أَيُّـــهَـــذَا الـــتَّـــمَــامُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

أحمد شوقي: شاعر مصري، يُعَدُّ أحد أعظم شعراء العربية في مختلِف العصور، بايعه الأدباء والشعراء في عصره على إمارة الشعر فلقب ﺑ «أمير الشعراء». كان صاحب موهبة شعرية فَذَّةٍ، وقلم سَيَّال، لا يجد عناء في نظم الشعر، فدائمًا ما كانت المعاني تتدفق عليه كالنهر الجاري؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية، فبلغ نتاجه الشعري ما لم يبلغه تقريبًا أيُّ شاعر عربي قديم أو حديث، حيث وصل عدد أبيات شعره إلى ما يتجاوز ثلاثةً وعشرين ألف بيت وخمسمائة.

وُلد «أحمد شوقي علي» بحي الحنفي بالقاهرة في عام ١٨٦٨م، لأبٍ شركسي وأُمٍّ ذات أصول يونانية، لكنه نشأ وتربَّى في كنف جَدته لأمه التي كانت تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل. أُدخل شوقي في الرابعة من عمره الكُتَّاب فحفظ فيه قدرًا من القرآن، ثم انتقل بعدها ليُتِمَّ تعليمه الابتدائي، وأظهر الصبي في صغره ولعًا بالشعر، جعله يَنْكَبُّ على دواوين فحول الشعراء فيحفظ وينهل منها قدر ما يستطيع، ولما أتمَّ الخامسة عشرة من عمره التحق بقسم الترجمة الذي أُنشِئَ حديثًا بمدرسة الحقوق، سافر بعدها إلى فرنسا ليكمل دراسته القانونية، ورغم وجوده في باريس آنذاك، إلا أنه لم يُبْدِ سوى تأثرٍ محدودٍ بالثقافة الفرنسية، فلم ينبهر بالشعراء الفرنسيين أمثال: رامبو، وبودلير، وفيرلين. وظل قلبه معلقًا بالشعراء العرب وعلى رأسهم المتنبي.

يُعَدُّ أحمد شوقي من مؤسسي مدرسة الإحياء والبعث الشعرية مع كل من: محمود سامي البارودي، وحافظ إبراهيم، وعلي الجارم، وأحمد محرم. وقد التزم شعراء هذه المدرسة بنظم الشعر العربي على نهج القدماء، خاصة الفترة الممتدة بين العصر الجاهلي والعباسي، إلا أنه التزامٌ مازَجَه استحداث للأغراض الشعرية المتناوَلَة، التي لم تكُن معروفة عند القدماء، كالقصص المسرحي، والشعر الوطني، والشعر الاجتماعي. وقد نظم شوقي الشعر بكل أغراضه: المديح، والرثاء، والغزل، والوصف، والحكمة.

بايع الأدباء والشعراء أحمد شوقي أميرًا لهم في حفلٍ أُقِيمَ بالقاهرة عام ١٩٢٧م، وظل الرجل مَحَلَّ إعجاب وتقدير ليس فقط بين الخاصة من المثقَّفين والأدباء بل من عموم الناس أيضًا، وفي عام ١٩٣٢م رحل شوقي عن عالمنا، وفاضت رُوحُهُ الكريمة إلى بارئها عن عمر يناهز أربعة وستين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤