وُقُوفُكَ فِي الدِّيَارِ عَلَيْكَ عَارُ

Wave Image
وُقُـوفُـكَ فِـي الـدِّيَارِ عَلَيْكَ عَارُ
وَقَــدْ رُدَّ الـشَّـبَـابُ الْـمُـسْـتَـعَـارُ
أَبَــعْــدَ الْأَرْبَــعِــيـنَ مُـحَـرَّمَـاتٌ
تَـمَـادٍ فِـي الـصَّـبَـابَـةِ وَاغْـتِـرَارُ
نَــزَعْـتُ عَـنِ الـصِّـبَـا إِلَّا بَـقَـايَـا
يُـحَـفِّـدُهَـا عَـلَـى الشَّيْبِ الْعُقَارُ
وَطَــالَ اللَّـيْـلُ بِـي وَلَـرُبَّ دَهْـرٍ
نَــعِــمْــتُ بِــهِ لَــيَـالِـيـهِ قِـصَـارُ
وَنَـدْمَـانِـي الـسَّـرِيـعُ إِلَـى لِقَائِي
عَـلَـى عَـجَـلٍ وَأَقْـدَاحِـي الْكِبَارُ
عَـشِـقْـتُ بِـهَـا عَـوَارِيَّ اللَّـيَـالِـي
أَحَـقُّ الْـخَـيْـلِ بِـالـرَّكْـضِ الْمُعَارُ
وَكَــمْ مِـنْ لَـيْـلَـةٍ لَـمْ أُرْوَ مِـنْـهَـا
حَــنَــنْــتُ لَــهَـا وَأَرَّقَـنِـي ادِّكَـارُ
قَـضَـانِـي الـدَّيْنَ مَاطِلُهُ وَوَافَى
إِلَــيَّ بِـهَـا الْـفُـؤَادُ الْـمُـسْـتَـطَـارُ
فَـبِـتُّ أَعُـلُّ خَـمْـرًا مِـنْ رُضَـابٍ
لَــهَـا سُـكْـرٌ وَلَـيْـسَ لَـهَـا خُـمَـارُ
إِلَــى أَنْ رَقَّ ثَــوْبُ اللَّــيْـلِ عَـنَّـا
وَقَـالَـتْ قُـمْ فَـقَـدْ بَـرَدَ الـسُّـوَارُ
وَوَلَّـتْ تَـسْـرِقُ اللَّحَظَاتِ نَحْوِي
بِـمُـلْـتَـفَـتٍ كَـمَـا الْـتَفَتَ الصُّوَارُ
دَنَـا ذَاكَ الـصَّـبَـاحُ فَـلَسْتُ أَدْرِي
أَشَـــوْقٌ كَــانَ مِــنْــهُ أَمْ ضِــرَارُ
وَقَدْ عَادَيْتُ ضَوْءَ الصُّبْحِ حَتَّى
لِـطَـرْفِـي عَـنْ مَـطَـالِـعِـهِ ازْوِرَارُ
وَمُـضْـطَـغِـنٍ يُـرَاوِدُ فِـيَّ عَـيْـبًـا
سَــيَــلْــقَــاهُ إِذَا سُــكِـنَـتْ وَبَـارُ
وَأَحْــسَــبُ أَنَّـهُ سَـيَـجُـرُّ حَـرْبًـا
عَــلَــى قَــوْمٍ ذُنُــوبُـهُـمُ صِـغَـارُ
كَـمَـا خَـزِيَـتْ بِـرَاعِـيـهَـا نُـمَـيْـرٌ
وَجَــرَّ عَــلَـى بَـنِـي أَسَـدٍ يَـسَـارُ
وَكَـمْ يَـوْمٍ وَصَـلْـتُ بِـفَـجْـرِ لَيْلٍ
كَـأَنَّ الـرَّكْـبَ تَـحْـتَـهُـمَـا صِـدَارُ
إِذَا انْـحَـسَـرَ الـظَّـلَامُ امْـتَدَّ لَيْلٌ
كَـــأَنَّـــا وِرْدُهُ وَهُـــوَ الْــبِــحَــارُ
يَـمُـوجُ عَـلَـى الـنَّوَاظِرِ فَهْوَ مَاءٌ
وَيَــلْـفَـحُ بِـالْـهَـوَاجِـرِ فَـهْـوَ نَـارُ
إِذَا مَـا الْـعِـزُّ أَصْـبَـحَ فِـي مَـكَانٍ
سَــمَــوْتُ لَــهُ وَإِنْ بَـعُـدَ الْـمَـزَارُ
مُـقَـامِـي حَـيْـثُ لَا أَهْـوَى قَلِيلٌ
وَنَـوْمِـي عِـنْـدَ مَـنْ أَقْـلِـي غِرَارُ
أَبَـتْ لِـي هِـمَّـتِـي وَغِرَارُ سَيْفِي
وَعَــزْمِـي وَالْـمَـطِـيَّـةُ وَالْـقِـفَـارُ
وَنَــفْــسٌ لَا تُـجَـاوِرُهَـا الـدَّنَـايَـا
وَعِــرْضٌ لَا يَــرِفُّ عَــلَــيْـهِ عَـارُ
وَقَـوْمٌ مِـثْـلُ مَـنْ صَـحِبُوا كِرَامٌ
وَخَـيْـلٌ مِـثْـلُ مَـنْ حَمَلَتْ خِيَارُ
وَكَــمْ بَــلَــدٍ شَــتَـتْـنَـاهُـنَّ فِـيـهِ
ضُـحًـى وَعَـلَا مَـنَـابِـرَهُ الْـغُـبَـارُ
وَخَــيْــلٍ خَـفَّ جَـانِـبُـهَـا فَـلَـمَّـا
ذُكِــرْنَــا بَــيْـنَـهَـا نُـسِـيَ الْـفِـرَارُ
وَكَـمْ مَـلِـكٍ نَـزَعْـنَـا الْـمُـلْكَ مِنْهُ
وَجَـــبَّـــارٍ بِـــهَـــا دَمُــهُ جُــبَــارُ
وَكُـــنَّ إِذَا أَغَــرْنَ عَــلَــى دِيَــارٍ
رَجَـعْـنَ وَمِـنْ طَـرَائِـدِهَـا الدِّيَارُ
فَـقَـدْ أَصْـبَـحْـنَ وَالـدُّنْيَا جَمِيعًا
لَــنَــا دَارٌ وَمَــنْ تَــحْــوِيـهِ جَـارُ
إِذَا أَمْــسَــتْ نِــزَارُ لَـنَـا عَـبِـيـدًا
فَـــإِنَّ الـــنَّــاسَ كُــلَّــهُــمُ نِــزَارُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو فراس الحمداني: هو شاعر وقائد عسكري وأمير بالدولة الحمدانية، عاصَر «المتنبي» ونافَسه في بلاط «سيف الدولة».

وُلد «أبو فراس الحارث بن حمدون الحمداني» في منبج بسوريا عام ٣٢١ﻫ/٩٣٣م، وقيل بالموصل شماليَّ العراق، وتَيتَّم وهو في الثالثة من عمره، فنشأ في رعاية ابن عمه «سيف الدولة»، فقرَّبه إليه حين رأى منه نبوغًا في شعره وقوةً وحُسن تخطيطٍ في المعارك.

كان «أبو فراس الحمداني» أحد أهم مُجالِسي «سيف الدولة» في مجلسه الخاص الذي كان يُدعى إليه الشعراء، وكان يُجزل له العطاءَ حتى منحه ضَيْعة في منبج، بالإضافة إلى توليته عليها وهو في السادسة عشرة من عمره.

جمع نَظمُ «أبي فراس» كلَّ ألوان الشعر، فكان فيه الغزل والفخر والرثاء والوصف والحِكم، وكان أعظمها «الروميات» التي نظَمها وهو في الأَسر، فأخرج فيها عميقَ مشاعره وأصدق أقواله.

حافَظ «أبو فراس الحمداني» على ممارسة هواية الصيد وعقد مجالس الشعر والأدب، وكانت له انتصاراتٌ عديدة على جيش الروم، وأُسر عدة مرات فدَاه فيها «سيف الدولة»، كان آخرها وهو عائد من إحدى رحلات الصيد، فجُرح وأُسر، وراسَل «سيف الدولة» أكثر من مرة حتى جفاه «سيف الدولة» بسبب وشاية بعض المقرَّبين منه، فطال الأَسر لأربع سنوات، فأرسل إليه قصيدته المشهورة: «أراك عصيَّ الدمع شِيمتُك الصبر»، وكان لهذه المدة من الأَسر أثرُها الكبير في صَقل موهبة «أبي فراس» وتهذيب وِجدانه الذي أخرج لنا «الروميات» (نسبةً إلى اسم السجن).

وبعد خروجه من الأَسر تولَّى حمص حتى وفاة «سيف الدولة» عام ٣٥٦ﻫ، فأصبح حاجبُ «سيف الدولة» وصيًّا على ابنه «أبي المعالي»، فوشى الحاجب ﺑ «أبي فراس»، فسيَّر إليه «أبو المعالي» جيشًا أرداه قتيلًا وقطع رأسه عام ٣٥٧ﻫ/٩٦٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤