أَبَا الْفَضْلِ كَيْفَ تَنَاسَيْتَنِي

Wave Image
أَبَـا الْـفَـضْـلِ كَـيْـفَ تَـنَـاسَـيْـتَنِي
وَمَـا كُـنْـتَ تَـعْـدِلُ نَـهْـجَ الـرَّشَادِ
فَــأَوْرَدْتَ قَــوْمًـا رِوَاءَ الـصُّـدُورِ
وَحــلَّأْتَ مِــثْــلِــي وَإِنِّـي لَـصَـادِ
لَــقَــدْ أَيْــأَسَــتْــنِـيَ مِـنْ وُدِّكَ الْـ
ـحَـقِـيـقَـةُ إِنْ كَـانَ ذَا بِـاعْـتِـمَـادِ
مَـنَـحْـتُـكَ قَـلْـبِـي وَعَـانَـدْتُ فِيـ
ـكَ مَـنْ لَا يَـهُـونُ عَـلَـيْـهِ عِـنَادِي
أَظَـــلُّ نَــهَــارِيَ وَالْــحَــاسِــدُوكَ
كَـــأَنِّــي وَإِيَّــاهُــمُ فِــي جِــهَــادِ
وَيُــجْــدِبُ ظَــنِّــيَ فِــيـمَـنْ أَوَدُّ
وَظَـنِّـيَ فِـيـكَ خَـصِـيـبُ الْـمَرَادِ
إِلَـــى أَنْ رَأَيْـــتُ جَـــفَــاءً يَــدُلُّ
أَنَّ اعْــتِــقَــادَكَ غَـيْـرُ اعْـتِـقَـادِي
فَــيَــا لَــيْـتَـنِـي لَـمْ أَكُـنْ قَـبْـلَـهَـا
شَـغَـفْـتُ بِـحُـبِّـكَ يَـوْمًـا فُـؤَادِي
فَــإِنَّ الْــقَــطِــيـعَـةَ أَشْـهَـى إِلَـيَّ
إِذَا أَنَـــا لَــمْ أَنْــتَــفِــعْ بِــالْــوِدَادِ
بَــلَــوْتُ الْأَنَــامَ فَــمَــا إِنْ رَأَيْـتُ
خَــلِــيــلًا يَــصِـحُّ مَـعَ الْإِنْـتِـقَـادِ
وَلَـــوْلَا شَــمَــاتَــةُ مَــنْ لَامَــنِــي
عَـلَـى بَـثِّ شُـكْـرِكَ فِـي كُـلِّ نَـادِ
وَقَـــوْلُـــهُــمُ وَدَّ غَــيْــرَ الْــوَدُودِ
فَـجُـوزِي عَـلَـى قُـرْبِـهِ بِـالْـبِـعَـادِ
لَـمَـا كُـنْـتُ مِـنْ بَـعْدِ نَيْلِ الصَّفَاءِ
لِأَرْغَـبَ فِـي الـنَّـائِـلِ الْـمُـسْـتَفَادِ
وَمَـا بِـيَ أَنْ يَـرْدَعَ الـشَّـامِـتِـيـنَ
وِصَـالُـكَ بِـرِّي وَحُـسْـنَ افْتِقَادِي
وَلَــكِــنْ لِــكَــيْ يَــعْـلَـمُـوا أنَّـنِـي
شَـكَـرْتُ حَـقِـيـقًـا بِشُكْرِ الْأَيَادِي
وَلَــمْ أَمْــنَــحِ الْــحَــمْــدَ إِلَّا امْـرَأً
أَحَــقَّ بِــهِ مِــنْ جَـمِـيـعِ الْـعِـبَـادِ
وَمَـا كُـنْـتَ لَـوْ لَـمْ أَعُمْ فِي نَدَاكَ
لِأُثْنِي عَلَى الرَّوْضِ قَبْلَ ارْتِيَادِي
وَأَنَّـــكَ أَهْـــلٌ لِأَنْ تَـــقْـــتَـــنِــي
ثَــنَــائِـيَ قَـبْـلَ اقْـتِـنَـاءِ الْـعَـتَـادِ
فَــلَا يُــحْـفِـظَـنَّـكَ أَنِّـي عَـتَـبْـتُ
فَـتَـمْـنَـعَـنِـي مِـنْ بُـلُـوغِ الْـمُـرَادِ
فَــــإِنَّ الْـــبِـــلَادَ إِذَا أَجْـــدَبَـــتْ
فَـمَـا تَـسْـتَـغِـيـثُ بِـغَـيْـرِ الْـعِـهَادِ
إِذَا مَــا تَـجَـافَـى الْـكِـرَامُ الـشِّـدَا
دُ عَـنَّـا فَـمَـنْ لِلْـخُـطُـوبِ الشِّدَادِ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: أمر القاضي أبو الفضل بنُ أبي الدوح القاضيَ جلال الملك أن يفرِّق على أهل دار العلم ذهبًا، فلم يصل الشاعرَ منه شيء، فلما كتب الشاعر هذه الأبيات إلى أبي الفضل — الذي كان متوليًا دار العلم — أعطاه من ماله.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: المتقارب
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

هو أحمد بن محمد بن علي بن يحيى التغلبي، يُعَد أحد رُواد الأدب العربي، وأشهر شعراء الشام الذين ساهموا في النهضة الشعرية التي شهدها العصر العباسي الثاني، اتسم شِعره بحُسن البيان، وجزالة العبارة، وعُمق المعنى.

وُلد في دمشق سنة ٤٥٠ﻫ/ ١٠٥٨م، حين كانت تحت سيطرة الدولة الفاطمية، ونشأ وترعرع بها؛ فدرس علوم اللغة، والكتابة، ونَظَم فيها أُولى قصائده. وظل بها حتى سيطر عليها السلاجقة فهاجر منها إلى حماة، وكان عُمره آنذاك ثمانية عشر عامًا، ومكث في حماة مدةً قاربت اثنتَي عشرة سنة، واتصل بأميرها «محمد بن مانك» وعمل عنده كاتبًا، ثم انتقل إلى شينيز ومدح أميرها «علي بن مقلد بن منقذ»، ومنها إلى حلب السورية، وهناك التقى ﺑ «ابن حيُّوس» أشهر شعراء زمانه، ولازَمه مدةً حتى صار امتدادًا لشِعره، ثم اتجه غربًا إلى طرابلس الليبية التي أقام فيها مدةً قاربت عشر سنوات، وفيها ذاع صِيتُه، ووصلت شُهرته الآفاق، ونَظَم أبدع قصائده وأشهرها، وتَقرَّب من حاكمها «جلال الدين بن عمار»، ثم عاد ثانيةً إلى دمشق وحط فيها رِحاله، وصاحَب وزيرها السلجوقي «هبة الله بن بديع الأصفهاني».

سُمي ﺑ «ابن الخياط» لاشتغال أبيه بحرفة الخياطة، وسُمي بالكاتب لاشتغاله بالكتابة؛ حيث عمل كاتبًا لدى أمراء الدولة العباسية، كما نَظَم الشعر بأغراضه المتنوعة، كالهِجاء، والرِّثاء، والغزَل، ولكنَّ النصيب الأوفر من قصائده كان في المديح، حتى اشتُهر بذلك؛ فذكَرَته كُتُب المؤرخين المعاصرين بأنه من الشعراء المُجيدين، امتَدح الناس، وطاف البلاد، ودخل بلاد العجم وامتَدح أهلها. وصل إلينا ديوانه الذي حوى أبهى قصائد الشعر العربي، وأعذب العبارات، وأبلغ المعاني.

تُوفِّي «ابن الخياط» بدمشق في ١١ رمضان ٥١٧ﻫ/١ نوفمبر ١١٢٣م، عن عُمرٍ يُناهز سبعًا وستين سنة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤