سَامَحْتُ دَهْرِي

Wave Image
أَنْــتَ يَــا عِــرْفَـانُ لَا تَـعْـ
ـرِفُ هَـمًّـا ضَـافَ صَدْرِي
مُــنْــذُ مَــا شَـرَّفْـتَ دَارِي
زَائِــــرًا فَـــازْدَادَ قَـــدْرِي
كَـانَ ذَاكَ الـلُّـطْـفُ مِـنْكُمْ
لَـسْـتُ أَنْـسَـى مُـنْـذُ شَهْرِ
إِذْ تَــجَــلَّــى حِـيـنَ حَـيَّـا
عَــنْ سَـنَـا شَـمْـسٍ وَبَـدْرِ
وَتَــهَــادَى عَــنْ رَطِــيـبٍ
مُــثْــمِــرِ الْأَفْــنَـانِ نَـضْـرِ
عَــارِضًــا مِـنْ وَجْـنَـتَـيْـهِ
طَـــاقَـــتَـــيْ وَرْدٍ وَزَهْــرِ
يَـخْـتِـمُ الْـيَاقُوتُ مِنْ فِيـ
ـهِ عَـــلَـــى شَـــهْـــدٍ وَدُرِّ
وَيُـدِيـرُ الْـكَأْسَ مِـنْ لَـحْـ
ـظَـيْـهِ مِـنْ خَـمْـرٍ وَسِـحْرِ
وَجْــهُــهُ لِـلـرَّوْضِ أَهْـدَى
رَوْضَ تُـــفَّـــاحٍ وَعِـــطْــرِ
أَنَــا مِــنْ شَـوْقٍ إِلَـى عَـيْـ
ـنَــيْـهِ فِـي بَأْسٍ وَخُـسْـرِ
وَمِــنَ الْـوَحْـشَـةِ بَـعْـدَ الْـ
أُنْـــسِ فِـــي غَـــمٍّ وَشَــرِّ
رَوْضَتِي قَدْ أَصْبَحَتْ مِنْ
بُــعْــدِهِ نَــارِي وَجَــمْــرِي
يَـنْـطَـفِـي فِـيـهَا سِرَاجِي
لَــيْــتَ بَــدْرَ الـتِّـمِّ يَـدْرِي
يَــتَـبَـارَى تَـحْـتَـهَـا الْـنِّـيـ
ـلَانِ مِـــنْ دَمْـــعٍ وَنَــهْــرِ
أَنَـا لَا أَجْـحَـدُ نُـعْـمَى اللهِ
فِـــي سِـــرِّي وَجَـــهْـــرِي
وَلَــهُ أَشْــكُــرُ فِــي الْـحَـا
لَــيْــنِ مِـنْ يُـسْـرٍ وَعُـسْـرِ
أَكْــثَــرُ الـنَّـاسِ احْـتِـمَـالًا
بَلْ يَغِيظُ الْخَطْبَ صَبْرِي
إِنَّــمَــا شَــوْقِــي لِـعَـيْـنَـيْـ
ـهِ سَـــقَـــانِـــي كُــلَّ مُــرِّ
هَـــكَـــذَا الْأَيَّــامُ يَــا عِــرْ
فَــانُ لَا تَــصْــفُــو لِــحُــرِّ
رُبَّ «غَـالٍ» لَـيْـسَ تَـغْـلُو
أَدْمُــعِــي فِــيـهِ وَعُـمْـرِي
وَلَــقَـدْ تُـصْـبِـحُ «أَغْـلَـى»
أَنْــتَ لَــوْ تَــكْــتُـمُ سِـرِّي
•••
لَـيْـسَ لِـي سِرٌّ سِوَى التَّقْـ
ـوَى فَـلَا يَـغْـرُرْكَ شِـعْـرِي
أَطْــهَــرُ الـنَّـاسِ وَلَا فَـخْـ
ـرَ وَفَـوْقَ الْـمِـسْكِ طُهْرِي
رُبَّـــمَـــا أَدْنَـــتْ كِــعَــابٌ
ثَـغْـرَهَـا عِـشْـقًـا لِـثَـغْـرِي
فَــتَــنَــاءَيْــتُ وَعِــنْـدَ الْـ
ـحُـورِ يَـوْمَ الـدِّينِ أَجْرِي
وَلَـــوَ انِّـــي لَـــمْ أَرُعْــهَــا
قَـامَ عِـنْـدَ الْحُسْنِ عُذْرِي
•••
إِنَّــمَــا لِــلــشِّــعْـرِ عِـنْـدِي
قِـــيــمَــةٌ بِــالــدُّرِّ تُــزْرِي
وَبَـدِيـعُ الْـحُـسْـنِ يُـوحِي
مُــعْــجِــزًا مِـنْـهُ لِـفِـكْـرِي
فَــلِــهَــذَا أَسْــتَــحِـلُّ الـلَّـ
ـحْــظَ مِــنْ شَــفْـعٍ وَوَتْـرِ
وَعَـسَـى مَـنْ يُـنْـطِقُ الْبُلْـ
ـبُـــلَ أَنْ يَـــغْــفِــرَ وِزْرِي
كُــلَّــمَــا فَــكَّـرْتُ فِـي زَوْ
رَتِـكُـمْ سَـامَـحْـتُ دَهْـرِي

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: مجزوء الرمل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

محمد توفيق علي: شاعِرٌ مِصريٌّ يَنْتَمِي إِلى مَدْرَسةِ الإحْياءِ والبَعْثِ فِي الشِّعرِ العَرَبِي؛ تلكَ المَدْرَسةِ التِي وُصِفتْ بأنَّها أَحْيَتِ الشِّعرَ مِن مَرْقَدِه؛ حيثُ أعادَتْ بِناءَ القَصِيدةِ الشِّعريةِ بِناءً يُجدِّدُ فِي أَغْراضِها الشِّعريةِ ولا يَتَصرَّفُ فِي صُورتِها التَّقلِيديةِ المُتمثِّلةِ فِي وَحْدةِ الوَزنِ والقَافِية.

وُلِدَ محمد توفيق فِي قَرْيةِ «زاوية المصلوب» بمُحافَظةِ بني سويف عامَ ١٨٨١م أثناءَ الثَّوْرةِ العُرَابِية، وكانَ والِدُهُ مِن أَثْرياءِ الفَلَّاحِين، فأَلْحَقَه بِكُتَّابِ القَرْيةِ بِوَصْفِهِ أَوَّلَ بابٍ يُفْضِي إِلى مَدِينةِ العِلْمِ والدِّينِ فِي هَذا الزَّمَان، ثُم أَوفَدَهُ إلَى القاهِرة؛ فانْتَظَمَ بِمَدْرَسةِ «القِرَبِيَّة» حتَّى نالَ الشَّهادةَ الِابتِدَائِية، والْتَحقَ بَعدَها بِمَدرَسةِ الفُنُونِ والصَّنائِعِ فِي بولاق، ودَرَسَ بِها فُنونًا مِنَ الأَدَبِ العَرَبِي.

وكانَ القَدَرُ يَدَّخِرُ مُنْعطفًا آخَرَ فِي حَياةِ الشاعِر؛ إذِ اغْتنَمَ فُرصَةَ الإعْلانِ عَنِ الحَاجَةِ إِلى ضُبَّاطٍ بالمَدرَسةِ الحَرْبِية، فالْتَحَقَ بِها وتَخَرَّجَ ضَابِطًا عامَ ١٨٩٨م، ثُمَّ الْتَحَقَ بالجَيشِ المِصرِيِّ فِي السُّودان، وهُناكَ الْتَقَى بِشاعِرِ النِّيلِ حافظ إبراهيم ونَهَلَ مِن فَيْضِ شِعرِهِ الزَّاخِر، وبَعْدَ انْقِضاءِ مَهَمَّتِهِ فِي السُّودان عادَ إِلى مِصرَ وقرَّرَ أنْ يَهَبَ مَا بَقِيَ مِن عُمُرِهِ لِنَظْمِ الشِّعْر.

وعَلَى الرَّغْمِ ممَّا مُنِيَ بِه شاعِرُنا مِن ضائِقةٍ مالِيةٍ عصَفَتْ بثَرْوةِ أبيهِ وأَحالَتْهُ إِلى الفَقرِ والشَّقاءِ بَعدَ رَغَدٍ مِنَ النَّعِيمِ والثَّرَاء؛ فإنَّ ذلِكَ لَمْ يَمنَعْهُ مِن أنْ يُثرِيَ السَّاحةَ الأَدَبيةَ بالعَدِيدِ مِنَ الذَّخائِرِ الشِّعْرية؛ مِنْها دِيوانُهُ الكَبيرُ الذِي أَخرَجَهُ فِي خمسةِ أَجْزاء؛ هي: «قِفَا نَبْكِ»، و«السَّكَن»، و«الرَّوْضَة الفَيْحَاء»، و«تَسْبِيح الأَطْيَار»، و«تَرْنِيم الأَوْتَار».

وقَدْ وافَتْهُ المَنِيَّةُ عامَ ١٩٣٧م عَن عُمُرٍ ناهَزَ ٥٥ عامًا، ودُفِنَ فِي مَقْبرةِ أُسرَتِهِ الواقِعةِ عَلى مَشارِفِ الصَّحْراءِ شَرْقِيَّ النِّيل.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤