حَنِينُ طَائِرٍ

Wave Image
طَــائِــرٌ يَــشْــدُو عَـلَـى فَـنَـنِ
جَــدَّدَ الــذِّكْـرَى لِـذِي شَـجَـنِ
قَـــامَ وَالْأَكْـــوَانُ صَــامِــتَــةٌ
وَنَـسِـيـمُ الـصُّـبْـحِ فِـي وَهَـنِ
هَـاجَ فِـي نَـفْـسِي وَقَدْ هَدَأَتْ
لَـــوْعَـــةً لَـــوْلَاهُ لَـــمْ تَــكُــنِ
هَـــزَّهُ شَـــوْقٌ إِلَـــى سَــكَــنٍ
فَــبَــكَــى لِــلْأَهْـلِ وَالـسَّـكَـنِ
وَيْـــكَ لَا تَـــجْــزَعْ لِــنَــازِلَــةٍ
مَــا لِـطَـيْـرِ الْـجَـوِّ مِـنْ وَطَـنِ
قَـدْ يَـرَاكَ الـصُّـبْـحُ فِـي حَلَبٍ
وَيَــرَاكَ الــلَّــيْــلُ فِــي عَـدَنِ
أَنْـتَ فِـي خَـضْـرَاءَ ضَـاحِـكَةٍ
مِــنْ بُـكَـاءِ الْـعَـارِضِ الْـهَـتِـنِ
أَنْــتَ فِــي شَــجْــرَاءَ وَارِفَـةٍ
تَــارِكٌ غُــصْــنًــا إِلَـى غُـصُـنِ
عَــابِــثٌ بِــالــزَّهْـرِ مُـغْـتَـبِـطٌ
نَـاعِـمٌ فِـي الْـحَـلِّ وَالـظَّـعَـنِ
فِــي ظِــلَالٍ حَــوْلَــهَــا نَــهَـرٌ
غَــيْــرُ مَــسْــنُــونٍ وَلَا أَسِــنِ
فِـي يَـدَيْـكَ الـرِّيـحُ تُـرْسِـلُـهَـا
كَــيْــفَــمَــا تَـهْـوَى بِـلَا رَسَـنِ
•••
يَــا سُــلَـيْـمَـانَ الـزَّمَـانِ أَفِـقْ
لَــيْــسَ لِــلَّــذَّاتِ مِــنْ ثَــمَـنِ
وَابْــعَــثِ الْأَلْــحَـانَ مُـطْـرِبَـةً
يَــا حَــيَــاةَ الْــعَــيْـنِ وَالْأُذُنِ
غَــنِّ بِــالــدُّنْــيَــا وَزِيــنَـتِـهَـا
وَنِــظَــامِ الْــكَــوْنِ وَالـسُّـنَـنِ
وَبِــقِــيــعَــانٍ هَــبَـطْـتَ بِـهَـا
وَبِــمَــا شَــاهَــدْتَ مِـنْ مُـدُنِ
وَبِأَزْهَـــارِ الـــصَّـــبَــاحِ وَقَــدْ
نَـهَـضَـتْ مِـنْ غَـفْـوَةِ الْـوَسَـنِ
وَبِــــقَـــلْـــبٍ شَـــفَّـــهُ وَلَـــهٌ
حَــافِــظٍ لِــلْـعَـهْـدِ لِـمْ يَـخُـنِ
كُـلُّ شَـيْءٍ فِـي الـدُّنَـا حَـسَـنٌ
أَيُّ شَــيْءٍ لَــيْـسَ بِـالْـحَـسَـنِ
خَــالِــقُ الْأَكْــوَانِ كَــالِــئُــهَــا
وَاسِــعُ الْإِحْــسَــانِ وَالْـمِـنَـنِ
•••
كَـــانَ لِـــي إِلْـــفٌ فَأَبْـــعَــدَهُ
قَـــدَرٌ عَـــنِّـــي وَأَبْـــعَــدَنِــي
أَنَــــا مَـــدَّ الـــدَّهْـــرِ أَذْكُـــرُهُ
وَهْــوَ مَــدَّ الـدَّهْـرِ يَـذْكُـرُنِـي
قَـدْ بَـنَـيْـنَـا الْـعُـشَّ مِـنْ مُـهَجٍ
غُــسِـلَـتْ مِـنْ حَـوْبَـةِ الـدَّرَنِ
مِــنْ لَــدُنْــهُ الْــوُدُّ أَخَــلَـصُـهُ
وَالْـوَفَـا وَالـطُّـهْـرُ مِـنْ لَـدُنِـي
كَــانَــتِ الْأَطْــيَــارُ تَـحْـسُـدُهُ
جَــنَّــةَ الْـمَأْوَى وَتَـحْـسُـدُنِـي
وَظَـــنَــنَّــا أَنْ نَــعِــيــشَ بِــهِ
عِـيـشَـةَ الْـمُـسْـتَـعْـصِمِ الْأَمِنِ
فَــرَمَــتْ كَــفُّ الــزَّمَــانِ بِــهِ
فَـــكَأَنَّ الْـــعُــشَّ لَــمْ يَــكُــنِ
طَـارَ مِـنْ حَـوْلِـي وَخَـلَّـفَـنِـي
لِــلْــجَــوَى وَالْـبَـثِّ وَالْـحَـزَنِ
وَنَأَى عَـــنِّــي وَمَــا بَــرِحَــتْ
نَـازِعَـاتُ الـشَّـوْقِ تَـطْـرُقُـنِـي
وَمَــضَـى وَالْـوَجْـدُ يَـسْـبِـقُـهُ
وَدُمُــوعُ الْـعَـيْـنِ تَـسْـبِـقُـنِـي
•••
إِنْ تَــزُرْ يَــا طَــيْــرُ دَوْحَــتَـهُ
بَــيْــنَ زَهْــرٍ نَــاضِـرٍ وَجَـنِـي
وَشَـهِـدْتَ «التِّمْسَ» مُضْطَرِبًا
وَاثِـــبًــا كَــالــصَّــافِــنِ الْأَرِنِ
عَــبِــثَــتْ رِيـحُ الـشَّـمَـالِ بِـهِ
فَـطَـغَـى غَـيْـظًـا عَـلَى السُّفُنِ
فَــانْــشُـدِ الْأَطْـيَـارَ وَاحِـدَهَـا
فِـي الْحُلَى وَالْحُسْنِ وَالْجَدَنِ
وَتَــرَيَّــثْ فِــي الْــمَــقَـالِ لَـهُ
قَـدْ يَـكُـونُ الْمَوْتُ فِي اللَّسَنِ
صِـفْ لَـهُ يَـا طَـيْـرُ مَـا لَـقِـيَتْ
مُـهْـجَـتِي فِي الْحُبِّ مِنْ غَبَنِ
صِــفْ لَــهُ رُوحًــا مُــعَــذَّبَــةً
ضَــاقَ عَــنْ آلَامِــهَــا بَــدَنِـي
صِــفْ لَــهُ عَــيْــنًــا مُـقَـرَّحَـةً
لِأَبِـــيِّ الـــدَّمْــعِ لَــمْ تَــصُــنِ
•••
يَــا خَــلِـيـلِـي وَالْـهَـوَى إِحَـنٌ
لَا رَمَـــاكَ الـــلـــهُ بِـــالْإِحَـــنِ
إِنْ رَأَيْــتَ الْــعَــيْـنَ نَـاعِـسَـةً
فَــتَــرَقَّــبْ يَــقْــظَـةَ الْـفِـتَـنِ
أَوْ رَأَيْــتَ الْــقَــدَّ فِـي هَـيَـفٍ
فَـاتَّـخِـذْ مَـا شِـئْـتَ مِـنْ جُنَنِ
قَــدْ نَــعِـمْـنَـا بِـالْـهَـوَى زَمَـنًـا
وَشَـــقِـــيــنَــا آخِــرَ الــزَّمَــنِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الرمل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤