بَـكَـيْـنَـا الـنُّـضَـارَ الْـحُـرَّ وَالْحَسَبَ العِدَّا
بَـكَـيْـنَـا، فَـمَـا أَغْـنَـى الْـبُـكَاءُ وَلَا أَجْدَى
بَــكَــيْـنَـا لَـعَـلَّ الـدَّمْـعَ يُـطْـفِـئُ حُـرْقَـةً
مِـنَ الـشَّـوْقِ، فَـازْدَادَتْ بِـتَـذْرَافِهِ وَقْدَا
حُـشَـاشَـةُ نَـفْـسٍ صُـوِّرَتْ فِـي مَـدَامِـعٍ
وَجَـذْوَةُ نَـارٍ فِـي الْـحَـشَا سُمِّيَتْ وَجْدَا
وَلَـــوْعَــةُ مَــكْــلُــومِ الْــفُــؤَادِ وِسَــادُهُ
يَــحِــنُّ لَــهُ قُــرْبًــا فَــيُــوسِــعُــهُ صَـدَّا
يُـقَـلِّـبُ طَـرْفًـا فِـي الـظَّـلَامِ مِنَ الْأَسَى
وَيُــرْسِـلُ فِـي الْآفَـاقِ أَنْـفَـاسَـهُ صَـهْـدَا
بَــكَــيْــنَـا وَمَـا تَـبْـكِـي الـرِّجَـالُ، وَإِنَّـمَـا
يَـعُـودُ الْـفَـتَـى لِـلـطَّـبْـعِ إِنْ لَمْ يَجِدْ بُدَّا
هُـوَ الْـقَـدَرُ الْـمَـاضِـي إِذَا انْسَابَ سَهْمُهُ
فَــلَــنْ يَــسْـتَـطِـيـعَ الْـعَـالَـمُـونَ لَـهُ رَدَّا
هُـوَ الـدَّهْـرُ، مَـا بَـضَّـتْ بِـخَـيْـرٍ يَـمِـيـنُهُ
يُــجَــمِّــعُــنَــا سَـهْـوًا، وَيَـنْـثُـرُنَـا عَـمْـدَا
يُـجَـرِّدُ سَـيْـفًـا فِـي الـظَّـلَامِ مِـنَ الرَّدَى
وَيَـخْـبِـطُ لَا يُـبْـقِـي مَـلِـيـكًـا وَلَا عَـبْدَا!
مُــصَــابٌ أَصَـابَ الْـهَـاشِـمِـيَّـةَ سَـهْـمُـهُ
وَهَــدَّ مِــنَ الْــعَــلْــيَــاءِ أَرْكَــانَــهَـا هَـدَّا
وَغَــالَ شَـبَـابَ الْـمُـلْـكِ فِـي عُـنْـفُـوَانِـهِ
وَأَطْـفَأَ نُـورَ الـشَّـمْـسِ وَاخْـتَرَمَ الْمَجْدَا
وَطَــــارَ بِأَحْـــلَامٍ، وَفَـــرَّقَ أَنْـــفُـــسًـــا
شَـعَـاعًـا، تَـرَى نُـورَ الـسَّـبِـيلِ وَمَا تُهْدَى
حُـشُـودٌ عَـلَـى الْآلَامِ وَالْـحُـزْنِ تَـلْـتَـقِي
يُــقَـاسِـمُ حَـشْـدٌ فِـي رَزِيـئَـتِـهِ حَـشْـدَا
فَــفِــي كُــلِّ قَــلْــبٍ مَأْتَــمٌ وَمَــنَــاحَــةٌ
وَفِــي كُــلِّ دَارٍ أَنَّــةٌ تَــصْــدَعُ الـصَّـلْـدَا
وَفِــي كُــلِّ أَرْضٍ لِــلْــعُـرُوبَـةِ صَـيْـحَـةٌ
إِذَا رَدَّدَتْــهَــا أَبْــكَــتِ الــتُّـرْكَ وَالْـهِـنْـدَا
فَــقَــدْنَــاهُ رَيَّــانَ الـشَّـبَـابِ تَـضَـوَّعَـتْ
شَـــمَـــائِـــلُـــهُ مِـــسْــكًــا وَآثَــارُهُ نَــدَّا
فَـقَـدْنَـاهُ وَالْأَحْـدَاثُ تَـغْـشَـى غُـيُـومُـهَا
وَتَــنْــتَــظِــمُ الْآفَــاقَ عَــابِــسَــةً رُبْــدَا
فَــقَــدْنَــاهُ وَالْآمَــالُ تُــومِــي بِإِصْــبَــعٍ
إِلَــيْــهِ، وَتَــمْــتَــدُّ الْــعُــيُــونُ لَــهُ مَــدَّا
فَــقَــدْنَــاهُ أَزْهَــى مَــا نَــكُـونُ بِـمِـثْـلِـهِ
وَأَعْــلَــى بِــهِ كَــعْــبًـا وَأَقْـوَى بِـهِ زَنْـدَا
فَـقَـدْنَـاهُ سَـيْـفًـا هَـاشِـمِـيًّـا إِذَا سَـطَـتْ
سُــيُـوفُ الـلَّـيَـالِـي كَـانَ أَرْهَـفَـهَـا حَـدَّا
حُــسَــامٌ بِــكَــفِّ الــلــهِ كَــانَ صِــيَـالُـهُ
فَأَصْـبَـحَـتِ الْأَرْضُ الـطَّـهُـورُ لَـهُ غِـمْدَا
وَرُوحٌ سَـرَى الـسَّـارُونَ فِـي نُـورِ هَـدْيِهِ
فَـلَـمْ يُـخْـطِـئُـوا لِلْمَجْدِ نَهْجًا وَلَا قَصْدَا
أَطَــلَّ عَــلَــيْـهِـمْ مِـنْ بَـعِـيـدٍ فَـشَـمَّـرُوا
إِلَــى قِــمَّــةِ الــدُّنْــيَـا غَـطَـارِفَـةً جُـرْدَا
إِذَا بَـــعُـــدَتْ آمَـــالُـــهُـــمْ فَـــتَـــرَدَّدُوا
دَعَـاهُـمْ إِلَـى الْإِقْدَامِ، فَاسْتَقْرَبُوا الْبُعْدَا
يَـقُـودُهُـمُ «الْـغَـازِي» إِلَـى خَـيْـرِ غَـايَـةٍ
فَأَكْــرِمْ بِــهِ مَــلْـكًـا وَأَكْـرِمْ بِـهِـمْ جُـنْـدَا
نُـــسُــورٌ إِذَا طَــارُوا لِــيَــوْمِ كَــرِيــهَــةٍ
وَإِنْ بَـطَـشُـوا يَوْمَ الْوَغَى بَطَشُوا أُسْدَا
سَـلِ الـسَّـيْـفَ عَـنْهُمْ كَيْفَ صَالَ بِكَفِّهِمْ
شُـيُـوخًـا لَـهُـمْ قَـلْـبُ الْجَلَامِيدِ أَوْ مُرْدَا
كَأَنَّ غُــبَــارَ الــنَّــصْــرِ فِــي لَــهَـوَاتِـهِـمْ
سُـلَافٌ مِـنَ الْـفِـرْدَوْسِ مَازَجَتِ الشَّهْدَا
أُولَــئِــكَ أَبْــنَــاءُ الْــفُــتُـوحِ الَّـتِـي زَهَـا
بِـهَـا الـدِّيـنُ، وَاجْـتَـاحَ الْـمَمَالِكَ وَامْتَدَّا
لَـهُـمْ فِـي سِـجِـلِّ الْـمَـجْـدِ أَوَّلُ صَـفْحَةٍ
كَــفَـاتِـحَـةِ الْـقُـرْآنِ قَـدْ مُـلِـئَـتْ حَـمْـدَا
وَمَـنْ كَـتَـبَ الـنَّـصْـرَ الْـمُـبِـيـنَ بِـسَـيْفِهِ
عَـلَـى جَـبْـهَـةِ الـدُّنْـيَـا فَقَدْ كَتَبَ الْخُلْدَا
حَــمَــامَــةَ وَادِي الــرَّافِــدَيْـنِ تَـرَفَّـقِـي
بَـعَـثْـتِ الْـجَـوَى مَـا كَـانَ مِـنْهُ وَمَا جَدَّا
حَـنَـانَـكِ، إِنَّ الـصَّـبْـرَ مِـنْ زِيـنَـةِ الْـفَتَى
إِذَا غَـاصَ فِـي ظَـلْـمَـائِـهِ الْأَمْـرُ وَاشْتَدَّا
طَــرَحْــنَــا رِدَاءَ الْــيَأْسِ عَــنَّـا بَـوَاسِـلًا
وَإِنْ هَـــزَّنَـــا يَـــوْمُ الْـــعِـــرَاقِ وَإِنْ أَدَّا
حَـمَـامَـةَ وَادِي الـرَّافِـدَيْنِ ابْعَثِي الْهَوَى
حَـنِـيـنًـا فَـمَـا أَحْلَى الْحَنِينَ وَمَا أَشْدَى
فَــفِــي الــنِّــيــلِ أَرْوَاحٌ تَـرِفُّ خَـوَافِـقٌ
تُــقَــاسِـمُـكِ الـتَّـارِيـخَ وَالـدِّيـنَ وَالْـوُدَّا
ظِــمَــاءٌ إِلَــى مَــاءٍ بِــدِجْــلَــةَ سَـلْـسَـلٍ
تَــوَدُّ بِــنُــورِ الْــعَــيْــنِ لَــوْ رَأَتِ الـوِرْدَا
إِذَا مَــسَّــتِ الْــبَأْسَــاءُ أَذْيَــالَ دِجْــلَــةٍ
قَرَأْتَ الْأَسَى فِي صَفْحَةِ النِّيلِ وَالْكَمْدَا
وَإِنْ طُـرِفَـتْ عَـيْـنٌ بِـبَـغْـدَادَ مِـنْ قَـذًى
رَأَيْــتَ بِــمِـصْـرٍ أَعْـيُـنًـا مُـلِـئَـتْ سُـهْـدَا
إِخَـاءٌ عَـلَـى الْـفُـصْـحَـى تَـوَثَّـقَ عَـقْـدُهُ
وَشُــدَّتْ عَـلَـى الْإِيـمَـانِ أَطْـرَافُـهُ شَـدَّا
لَــنَــا فِـي صَـمِـيـمِ الْـمَـجْـدِ خَـيْـرُ أُبُـوَّةٍ
زُهِــيــنَـا بِـهَـا أَصْـلًا وَتَـاهَـتْ بِـنَـا وُلْـدَا
مَـضَـى الْـهَـاشِـمِـيُّ الـسَّـمْحُ زَيْنُ شَبَابِهِ
وَأَعْـــرَقُــهُــمْ خَــالًا وَأَكْــرَمُــهُــمْ جَــدَّا
أَطَـلَّـتْ شُـمُـوسُ الـدِّيـنِ مِنْ حُجُرَاتِهِمْ
عَـلَـى الْـكَـوْنِ، لَا وَهْـدًا تَـرَكْنَ وَلَا نَجْدَا
خَــطَـطْـنَـا لَـهُ لَـحْـدًا فَـضَـاقَ بِـنَـفْـسِـهِ
وَإِنَّ لَـــهُ فِــي كُــلِّ جَــانِــحَــةٍ لَــحْــدَا
فَـتًـى تَـنْـبُـتُ الْآمَـالُ مِـنْ غَـيْـثِ كَـفِّـهِ
فَــلِــلَّــهِ مَــا أَوْلَــى وَلِــلَّــهِ مَــا أَسْــدَى
أَتَــيْــنَــا إِلَــى بَـغْـدَادَ وَالْـقَـلْـبُ وَاجِـفٌ
يَـــهُـــزُّ جَـــنَــاحًــا لَا يَــقَــرُّ وَلَا يَــهْــدَا
تُـطَـوِّحُـنَـا الـصَّـحْـرَاءُ لَـيْـسَ بَـعِـيـدُهُـا
بِـــدَانٍ وَلَـــمْ نَــعْــرِفْ لِآخِــرِهَــا حَــدَّا
كَأَنَّ الــرِّمَــالَ الْــجَــاثِــمَــاتِ بِأَرْضِــهَـا
جِــمَــالٌ أَنَـاخَـتْ لَا تُـسَـاقُ وَلَا تُـحْـدَى
عَـدَدْنَـا بِـهَـا الـسَّـاعَـاتِ حَـتَّـى تَـرَكْـنَـنَا
وَقَــدْ سَــئِــمَـتْ مِـنْـهَـا أَصَـابِـعُـنَـا عَـدَّا
أَتَــيْــنَــا نُــؤَدِّي لِــلْــعُــرُوبَــةِ حَــقَّــهَــا
يُــسَــابِــقُ وَفْــدٌ فِــي تَــلَــهُّــفِـهِ وَفْـدَا
يُــحَــمِّــلُــنَــا الــنِّــيــلُ الْـوَفِـيُّ تَـحِـيَّـةً
وَيُــهْــدِي مِـنَ الْآمَـالِ أَكْـرَمَ مَـا يُـهْـدَى
عَـزَاءً، مَـضَـى «الْـغَـازِي» كَـرِيـمًـا لِـرَبِّـهِ
فَـمَـا أَعْـظَـمَ الْـجُـلَّـى، وَمَا أَفْدَحَ الْفَقْدَا
عَـزَاءً، فَـفِـيـنَـا فَـيْـصَـلٌ شِـبْـلُ فَـيْـصَلٍ
نَـرَى فِـي ثَـنَـايَـا وَجْـهِـهِ الْأَسَـدَ الْـوَرْدَا
لَــهُ فِــي اسْـمِـهِ أَوْفَـى اتِّـصَـالٍ بِـجَـدِّهِ
فَــيَــا حُـسْـنَـهُ فَأْلًا، وَيَـا صِـدْقَـهُ وَعْـدَا
بَـدَا نَـجْـمُـهُ فِـي الـشَّـرْقِ يُـمْـنًا وَرَحْمَةً
وَأَشْــرَقَ فِــي الْأَيَّــامِ طَــالِــعُـهُ سَـعْـدَا
عَـــهِــدْتُــمْ إِلَــى «عَــبْــدِ الْإِلَــهِ» وَإِنَّــهُ
لَأَكْــرَمُ مَـنْ يَـرْعَـى الْـقَـرَابَـةَ وَالْـعَـهْـدَا
إِذَا رَنَـــتِ الْآمَـــالُ كَـــانَ ثِـــمَـــالَـــهَــا
وَإِنْ حَـــارَتِ الْآرَاءُ كَـــانَ لَــهَــا رُشْــدَا
سَـلَامٌ عَـلَى «الْغَازِي» سَلَامٌ عَلَى النَّدَى
إِذَا مَـا بَـكَـى مِـنْ بَـعْـدِهِ الـتِّـرْبَ وَالـنِّدَّا