آمَالٌ كِبَارٌ

Wave Image
إِلَــى الْإِسْــكَــنْــدَرِيَّـةِ يَـا قِـطَـارُ
فَــلِــي فِــي الـرَّمْـلِ آمَـالٌ كِـبَـارُ
هُـنَـالِـكَ كَـعْـبَـةٌ لِـلْـمَـجْـدِ يُسْعَى
لَــهَــا وَ«مُــحَــمَّــدٌ» حَــيٌّ يُــزَارُ
وَزِيــرٌ عَــهْــدُنَــا فِــيــهِ سَـعِـيـدٌ
كَـعَـهْـدِ الـرَّوْضِ طَـالَـعَـهَا الْقِطَارُ
هَـمَـتْ عَـدْلًا سَـمَـاءُ الـنِّيلِ حَتَّى
أَقَـامَ الْـخِـصْـبُ وَانْـهَـمَـرَ الْيَسَارُ
وَسَــارَ إِلَــى الْأَمَــامِ بِــنَــا زَمَـانٌ
قَـرِيـبُ الْـخَـطْـوِ مَـسْـلَـكُـهُ عِثَارُ
فَـرَوْضُ الْـعِلْمِ ضَاحِكَةُ الْأَقَاحِي
تُــطَــالِــعُـهَـا مِـنَ الـدِّيَـمِ الْـغِـزَارُ
وَسَــاحُ الْأَمْـنِ آنِـسَـةُ الـنَّـوَاحِـي
تَـسَـاوَى الـلَّـيْـلُ فِـيـهَـا وَالـنَّـهَـارُ
وَلَا ضَـوْضَـاءَ تَـصْـدَعُـنَـا بِـمِـصْرٍ
أُبِـيـدَ الْـجَـهْـرُ وَانْـقَـطَـعَ الـسِّرَارُ
وَرَاحَ الـشَّـعْـبُ يَـسْـتَبِقُ الْمَعَالِي
عَــلَــى هَــدْيٍ وَأَنْـتَ لَـهُ الْـمَـنَـارُ
أَرِقْـتُ وَذَادَ عَـيْـنِـي عَـنْ كَـرَاهَـا
حَـشًـا قَـلِـقَـتْ وَقَـلْـبٌ مُـسْتَطَارُ
وَجِـسْـمٌ فِـي سَـبِيلِ الْمَجْدِ عَانٍ
بِـــنَـــفْــسٍ لَا يَــقِــرُّ لَــهَــا قَــرَارُ
وَقَــدْ هَــبَّــتْ تُـجَـادِلُـنِـي فَـتَـاةٌ
طِــوَالُ ذُيُـولِ حُـجَّـتِـهَـا قِـصَـارُ
تَـقُـولُ أَبِـالـرَّحِـيـلِ هَـمَـمْـتَ هَلَّا
أَمَــضَّـتْـكَ الْـمَـوَامِـي وَالْـقِـفَـارُ؟
زَمَـانَ تَـغُـوصُ فِـي لُـجَجِ الْمَنَايَا
مُــخَــاطَــرَةً إِذَا انْـعَـقَـدَ الْـغُـبَـارُ
وَكَــمْ أَحْــرَزْتَ مَــالًا أَوْ عَــقَــارًا
فَـقُـلْـتُ لَـهَـا وَمَـا يُـغْـنِي الْعَقَارُ؟
إِذَا أَثْـرَى الْـفَـتَـى عِـرْضًـا وَدِيـنًا
فَـلَـيْـسَ عَـلَـيْـهِ فِي الْإِمْلَاقِ عَارُ
أَفِـي الْإِسْـكَـنْـدَرِيَّـةِ تَـعْـذُلِـيـنِـي
فَــكَـيْـفَ إِذَا تَـعَـرَّضَـتِ الْـبِـحَـارُ
إِذَا امْـتَـلَأَتْ فِـجَاجُ السَّعْيِ مِنِّي
فَأَهْــوَنُ مَــا خَــلَا مِـنِّـي الـدِّيَـارُ
فَـمَـا بِـالْـبِـيضِ فِي الْأَغْمَادِ قَطْعٌ
وَلَا لِــلــزَّنْــدِ لَــوْلَا الْــقَــدْحُ نَــارُ
ذَرِيـنِـي وَالْـخُـطُوبَ فَإِنَّ عَزْمِي
لَــهُ فِــي ذِمَّــةِ الْــعَــلْــيَــاءِ ثَــارُ
فَلَيْسَ يَهَابُ صَرْفَ الدَّهْرِ بَأْسِي
صُـرُوفُ الـدَّهْـرِ أَكْـبَـرُهَا الصَّغَارُ
إِذَا كَـانَـتْ حَـيَـاتِـي مِـنْ سَـعِـيـرٍ
فَأَيْــسَـرُ مَـا يُـكَـايِـدُنِـي الـشَّـرَارُ
خَـدَمْـتُ حُكُومَةَ السُّودَانِ حَتَّى
بَــلِــيــتُ وَفُــلَّ حَــدِّي وَالْـغِـرَارُ
فَـصَـبْـرًا لِـلْـخُطُوبِ فَرُبَّ خَطْبٍ
طَـغَـى فَـلَـوَى بِـشِـدَّتِـهِ اصْـطِبَارُ
فَـلَـيْـسَ يُـضَامُ فِي الْقُطْرَيْنِ حُرٌّ
لَــهُ مِــنْ نَــاظِــرِ الــنُّــظَّـارِ جَـارُ
رَعَـى حَـقَّ الـنُّـهَـى فَـهَمَتْ عَلَيْنَا
غُــيُــوثُ لُـهًـا بَـوَادِرُهَـا انْـهِـمَـارُ
وَمَــدَّ ظِــلَالَ سَـرْحَـتِـهِ عَـلَـيْـنَـا
فَــرُحْــنَــا وَالـنَّـعِـيـمُ لَـنَـا شِـعَـارُ
لَـقَـدْ أَكْـرَمْـتَ «حَـافِـظَـنَا» فَبِتْنَا
أُسَــارَى حَــيْــثُ لَـذَّ لَـنَـا الْإِسَـارُ
وَزِنْـتَ بِـصَـدْرِ «مَـطْرَانٍ» وِسَامًا
كَـمَـا بِـالْـمِـعْـصَـمِ ازْدَانَ الـسِّـوَارُ
وَهَـا أَنَـا ذَا بَـلَـغْـتُـكَ مُـسْـتَـثِـيبًا
وَبَــيْــنَ جَـوَانِـحِـي هِـمَـمٌ حِـرَارُ
فَإِنْ أَمْـطَرْتَنِي اسْتَحْيَيْتَ رَوْضًا
لَـــهَـــا أَرَجٌ بِـــذِكْـــرِكَ وَازْدِهَــارُ
وَأَشْـهَـدُ أَنَّ عَـصْـرَكَ عَـصْـرُ خَيْرٍ
يَـحِـقُّ عَـلَـى الْـعُـصُورِ لَهُ الْفَخَارُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

محمد توفيق علي: شاعِرٌ مِصريٌّ يَنْتَمِي إِلى مَدْرَسةِ الإحْياءِ والبَعْثِ فِي الشِّعرِ العَرَبِي؛ تلكَ المَدْرَسةِ التِي وُصِفتْ بأنَّها أَحْيَتِ الشِّعرَ مِن مَرْقَدِه؛ حيثُ أعادَتْ بِناءَ القَصِيدةِ الشِّعريةِ بِناءً يُجدِّدُ فِي أَغْراضِها الشِّعريةِ ولا يَتَصرَّفُ فِي صُورتِها التَّقلِيديةِ المُتمثِّلةِ فِي وَحْدةِ الوَزنِ والقَافِية.

وُلِدَ محمد توفيق فِي قَرْيةِ «زاوية المصلوب» بمُحافَظةِ بني سويف عامَ ١٨٨١م أثناءَ الثَّوْرةِ العُرَابِية، وكانَ والِدُهُ مِن أَثْرياءِ الفَلَّاحِين، فأَلْحَقَه بِكُتَّابِ القَرْيةِ بِوَصْفِهِ أَوَّلَ بابٍ يُفْضِي إِلى مَدِينةِ العِلْمِ والدِّينِ فِي هَذا الزَّمَان، ثُم أَوفَدَهُ إلَى القاهِرة؛ فانْتَظَمَ بِمَدْرَسةِ «القِرَبِيَّة» حتَّى نالَ الشَّهادةَ الِابتِدَائِية، والْتَحقَ بَعدَها بِمَدرَسةِ الفُنُونِ والصَّنائِعِ فِي بولاق، ودَرَسَ بِها فُنونًا مِنَ الأَدَبِ العَرَبِي.

وكانَ القَدَرُ يَدَّخِرُ مُنْعطفًا آخَرَ فِي حَياةِ الشاعِر؛ إذِ اغْتنَمَ فُرصَةَ الإعْلانِ عَنِ الحَاجَةِ إِلى ضُبَّاطٍ بالمَدرَسةِ الحَرْبِية، فالْتَحَقَ بِها وتَخَرَّجَ ضَابِطًا عامَ ١٨٩٨م، ثُمَّ الْتَحَقَ بالجَيشِ المِصرِيِّ فِي السُّودان، وهُناكَ الْتَقَى بِشاعِرِ النِّيلِ حافظ إبراهيم ونَهَلَ مِن فَيْضِ شِعرِهِ الزَّاخِر، وبَعْدَ انْقِضاءِ مَهَمَّتِهِ فِي السُّودان عادَ إِلى مِصرَ وقرَّرَ أنْ يَهَبَ مَا بَقِيَ مِن عُمُرِهِ لِنَظْمِ الشِّعْر.

وعَلَى الرَّغْمِ ممَّا مُنِيَ بِه شاعِرُنا مِن ضائِقةٍ مالِيةٍ عصَفَتْ بثَرْوةِ أبيهِ وأَحالَتْهُ إِلى الفَقرِ والشَّقاءِ بَعدَ رَغَدٍ مِنَ النَّعِيمِ والثَّرَاء؛ فإنَّ ذلِكَ لَمْ يَمنَعْهُ مِن أنْ يُثرِيَ السَّاحةَ الأَدَبيةَ بالعَدِيدِ مِنَ الذَّخائِرِ الشِّعْرية؛ مِنْها دِيوانُهُ الكَبيرُ الذِي أَخرَجَهُ فِي خمسةِ أَجْزاء؛ هي: «قِفَا نَبْكِ»، و«السَّكَن»، و«الرَّوْضَة الفَيْحَاء»، و«تَسْبِيح الأَطْيَار»، و«تَرْنِيم الأَوْتَار».

وقَدْ وافَتْهُ المَنِيَّةُ عامَ ١٩٣٧م عَن عُمُرٍ ناهَزَ ٥٥ عامًا، ودُفِنَ فِي مَقْبرةِ أُسرَتِهِ الواقِعةِ عَلى مَشارِفِ الصَّحْراءِ شَرْقِيَّ النِّيل.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤