وَيْلٌ لِلشَّجِيِّ مِنَ الْخَلِيِّ

Wave Image
هَــلْ لِــلْــجَــوَى وَقْــعٌ بِــقَــلْــبِـكَ رَائِـقٌ
تَــرْضَــاهُ لِــي بِــبِــعَــادِكَ الْــمَــمْــلُـولِ؟
أَمْ كُـنْـتُ مَـعْـرُوفًـا بِإِفْـكِـي فِـي الْـوَرَى
فَـوَضَـعْـتَ صِـدْقِـي مَـوْضِـعَ الـتَّضْلِيلِ!
أَمْ أَنْتَ تَكْذِبُ فِي الْحَدِيثِ وَفِي الْهَوَى
إِمَّــا شَــكَــوْتَ لَــوَاعِــجًــا لِــخَــلِــيـلِ؟
فَــحَـسِـبْـتَ أَنَّ الْـخَـلْـقَ مِـثْـلَـكَ خَـادِعٌ
يَــحْــكِــي الْــهَــوَى بِـبَـيَـانِـهِ الْـمَـبْـذُولِ
خِــلْــتَ الْأَنِــيــنَ تَــرَنُّــمًـا، وَلَـوَاعِـجِـي
إِفْــكَ الْـقَـرِيـضِ، وَمُـشْـتَـكًـى لِـحَـمُـولِ
أَنَّــى اتَّــهَــمْــتَ فَــصَــاحَــةً كَــذَّبْــتَـهَـا
مَــنْ ذَا يُــعِــيــرُ فَـهَـاهَـةَ الْـمَـفْـضُـولِ؟
فَــلَـعَـلَّ فِـي بَـعْـضِ الْـفَـهَـاهَـةِ شَـافِـعًـا
يَأْتِـــي إِلَـــيْـــكَ بِـــحُـــجَّـــةٍ وَدَلِـــيــلِ
يَــا لَــيْــتَ أَنَّ الــشِّـعْـرَ لَـيْـسَ يُـجِـيـدُهُ
غَــيْــرُ الــشَّــقِــيِّ بِــلَــوْعَــةِ الْـمَـتْـبُـولِ
كَــذِّبْ وُلُــوعِــي بِـالْـفَـضَـائِـلِ وَالـنُّـهَـى
وَبِــكُــلِّ أَمْــرٍ فِــي الْــحَــيَــاةِ جَــلِــيـلِ
وَارْتَـبْ بِـصِـدْقِـي فِـي الْـمَقَالِ وَلَا تَدَعْ
لِــلــشَّــكِّ مَــسْــرًى فِـي شَـكَـاةِ غَـلِـيـلِ
أَشْـقَـى الْأَنَـامِ مَـنِ اسْـتُـرِيـبَ بِـصِـدْقِهِ
فِــي نَــحْـسِـهِ مِـنْ مُـشْـتَـكًـى وَعَـوِيـلِ
أَفَـئِـنْ رَأَيْـتَ عَـلَـى الـطَّـرِيـقِ مُـبَـضَّـعًـا
تَـــرْجُـــو لَـــهُ لَــوْ رَاحَ غَــيْــرَ قَــتِــيــلِ
وَلَــئِــنْ رَأَيْــتَ أَخَــا الـسَّـقَـامِ رَحِـمْـتَـهُ
وَوَدِدْتَ لَـــوْ يَــلْــقَــاكَ غَــيْــرَ عَــلِــيــلِ
أَوْ نَــاحَــتِ الــثَّــكْــلَـى رَثَـيْـتَ لِـرُزْئِـهَـا
تَــبْــغِــي فِــدَاءَ وَحِــيــدِهَــا بِــبَــدِيــلِ
وَإِذَا اشْـتَـكَـى الْـعَـافِـي الـضَّرِيكُ بَرَرْتَهُ
وَكَـشَـفْـتَ ضُـرَّ الْـمُـجْـتَـدِي الْـمَـخْذُولِ
وَتَــوَدُّ لَــوْ تَــنْــفِــي الْأَذَى عَــنْ أَنْـفُـسٍ
رَاحَــتْ بِــجَــدٍّ فِــي الْــحَــيَــاةِ ذَلِــيـلِ
رَحَـمَـاتُ نَـفْـسِـكَ قَـدْ وَسِـعْـنَ مَـنَـادِحًا
لِــلْــكَــوْنِ غَــيْــرَ فُــؤَادِيَ الْــمَــعْــلُــولِ
وَلَأَنْـــتَ أَبْـــصَـــرُ بِـــالْـــفُـــؤَادِ وَدَائِــهِ
وَأَلَـــطُّ مِـــنْـــكَ بِـــثَـــاكِــلٍ وَقَــتِــيــلِ
أَفَـــكُـــلُّ حَـــيٍّ مِــنْــكَ أَقْــرَبُ شُــقَّــةً
وَأَحَـــقُّ بِـــالْـــحُـــرُمَــاتِ وَالــتَّأْمِــيــلِ
مِــنْ عَــاشِــقٍ قَــدْ خَــبَّــرَتْـكَ لِـحَـاظُـهُ
مَــا لَــمْ تُــخَــبِّــرْ قَــبْــلُ عَـيْـنُ خَـلِـيـلِ
فَـاقْـرِنْ لِـحَـاظَ الْـعَـاشِـقِـيـكَ بِـلَحْظَتِي
وَاظْــفَــرْ لَــهَــا مِـنْ لَـحْـظِـهِـمْ بِـمَـثِـيـلِ
هَــيْــهَـاتَ فَـاتَ الـنَّـاظِـرِيـنَ لَـوَاعِـجِـي
وَمَــضَـوْا بِـسُـؤْرِ صَـبَـابَـتِـي وَغَـلِـيـلِـي
الْــحُــبُّ كَــوْنٌ لَــمْ تَــسَــعْــهُ بِــرَحْـمَـةٍ
يَـــا وَيْــحَ حُــبٍّ ظَــلَّ غَــيْــرَ قَــلِــيــلِ
لَـــوْ كَـــانَ أَمْــرًا هَــيِّــنًــا لَــوَسِــعْــتُــهُ
وَرَحِــمْــتُ قَــلْــبًــا مِــنْـهُ غَـيْـرَ عَـلِـيـلِ
قَــدْ كُـنْـتُ أَبْـغِـي مِـنْـكَ سَـمْـعًـا وَاعِـيًـا
فَــظَــلِــلْــتُ بَــيْــنَ الْــيَأْسِ وَالـتَّأْمِـيـلِ
وَبَـعَـثْـتُ شِـعْـرِي مُـوقِـظًـا لَكَ مِنْ كَرًى
عَــنْ لَــوْعَــتِــي وَلَـوَاعِـجِـي وَغَـلِـيـلِـي
تَـالـلـهِ لَـسْـتَ بِـمُـسْـعِـدٍ لِـي فِـي الْـهَوَى
وَلَـــئِـــنْ دَعَــوْتُ بِــبُــوقِ إِسْــرَافِــيــلِ
لَـــمْ يَـــبْـــقَ إِلَّا أَنْ أُنِـــيــمَ خَــوَاطِــرِي
كَــالــطِّــفْــلِ رَاحَ بِــحَــسْــرَةٍ وَعَــوِيـلِ
تَــشْــدُو لَـهُ الـظِّـئْـرُ الـرَّءُومُ فَـيَـنْـثَـنِـي
طَــلْــقَ الْــمُــحَــيَّــا، قَــانِــعًــا بِــقَـلِـيـلِ
لَــهْــفِـي لَـوَ انَّ الْـقَـلْـبَ مِـثْـلُ وَلِـيـدِهَـا
نَــسِــيَ الْأَسَــى وَأَصَــاخَ لِــلــتَّــعْـلِـيـلِ
لَا يَــخْــدَعَــنَّــكَ أَنْ بَــدَوْتُ تَــجَــلُّــدِي
مَــــا ذَاكَ إِلَّا حَــــيْـــرَتِـــي وَذُهُـــولِـــي
وَلَــكَــمْ ذَخَــرْتُ لِــلُــقْــيَــةٍ لَــكَ قَـوْلَـةً
فَإِذَا بَـــدَوْتَ نَـــسِـــيـــتُ كُـــلَّ دَلِــيــلِ
وَأَوَدُّ لَـــوْ أَدْعُـــوكَ إِمَّـــا لُـــحْـــتَ لِـــي
فَأَرُدَّ عَـــنْـــكَ بِــحَــيْــرَةِ الْــمَــخْــبُــولِ
لَــهْــفًــا لِــصَــادٍ خِــيــلَ غَــيْــرَ مُـحَـوِّمٍ
وَلِــمُــقْــبِــلٍ قَــدْ خِــيــلَ جِــدَّ مَــلُــولِ
وَبِـــوُدِّهِ لَــوْ كُــنْــتَ أَنْــتَ جَــلِــيــسَــهُ
فِــي لَــيْــلَــةٍ وَصَــبِــيــحَــةٍ وَمَــقِــيـلِ
ظَــفِــرَ الْــخَــلِــيُّ بِــنُــهْــزَةٍ مَــا نَــالَـهَـا
أَحْــجَــى رُعَــاةِ الْــحُـسْـنِ بِـالـتَّـنْـوِيـلِ
إِنَّ الْـخَـلِـيَّ هُـوَ الْـجَـرِيءُ عَـلَـى الْـمُـنَى
حَــيْـثُ الـشَّـجِـيُّ لِـخَـيْـبَـةِ الْـمَـخْـذُولِ
حُــرِمَ الــشَّــجِــيُّ تَــصَـافِـيًـا وَتَـدَانِـيًـا
وَمَــضَــى الْــخَــلِــيُّ بِــغَـايَـةِ الـتَّأْمِـيـلِ
وَالــصَّــبُّ مَــسْــبُــوبٌ بِــبَــادِي حُــبِّــهِ
حَــيْــثُ الْــخَــلِــيُّ لِــعِــزَّةِ الــتَّـبْـجِـيـلِ
وَلَــعَــلَّ مَــسْــعُــودًا أَحَــقُّ بِــخَــيْــبَــةٍ
مِـــنْ عَــاشِــقٍ عَــفِّ الْــغَــرَامِ نَــبِــيــلِ
جَــوْرُ الْــقَـضَـاءِ وَهَـلْ يُـجِـيـرُكَ غَـافِـلٌ
عَـــنْ جَـــوْرِهِ بِــفَــطَــانَــةٍ وَكَــفِــيــلِ؟

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عبد الرحمن شكري: شاعرٌ مِصْري، وأحدُ مُؤسِّسي مدرسةِ الديوانِ الشِّعرية، وصَفتْه الدكتورة «سهير القلماوي» بأنه الشَّاعرُ الذي أنزلَ العقلَ مِن على عَرشِه في إلهامِ الشُّعراء؛ فشِعْرُه خيالٌ مُتحرِّرٌ يرفضُ حدودَ الزمانِ والمكان. وقد أحدثَتْ أشعارُه نَقلةً تَجديدِيةً في مضمونِ الشِّعرِ العربي؛ فتحوَّلتْ به من شاطئِ العقلِ إلى بحرِ الخيال.

وُلِدَ «عبد الرحمن شكري عيَّاد» ببورسعيد عامَ ١٨٨٦م، لأسرةٍ ذاتِ أصولٍ مَغربِية، وقد كانَ لها دَورٌ مُؤثِّرٌ في حياتِه؛ حيثُ كانَ لزوجةِ أخيه «أحمد شكري» — المُولَعةِ برِوايةِ الحكاياتِ والأساطير — دورٌ في إثراءِ خيالِه، كما كانَ في مكتبةِ أبيه ما يُرضي نَهَمَه من دَواوينِ الشِّعر.

قَضى فَصْلًا من عُمرِه معَ أبيه ببورسعيد حتى نالَ الشَّهادةَ الابتدائية، ثُمَّ انتقلَ إلى الإسكندريةِ ليَلتحِقَ بمَدْرسةِ رأسِ التينِ الثانويةِ التي ظَلَّ بها أربعَ سَنواتٍ لينالَ منها الشَّهادةَ الثانويةَ (البكالوريا)، ثُم الْتَحقَ بمَدْرسةِ الحقوقِ إبَّانَ احتدامِ الحركةِ الوطنيةِ التي أتاحتْ له التعرُّفَ على «مصطفى كامل» زعيمِ الحركةِ الوطنيةِ في ذلكَ الوَقْت، والذي طلَبَ منه أنْ يعملَ مُحرِّرًا بجريدةِ «اللِّواء»، ونصَحَه أنْ يَلتحقَ بمدرسةِ المُعلِّمينَ فيَنهلَ من مَعِينِها ليكونَ عَوْنًا له في مَيْدانِ الصَّحافة.

وقد عطَّرَ «عبد الرحمن شكري» رَوْضةَ الأدبِ بالعديدِ من دواوينِه وقصائدِه، ومنها: دِيوانُ «ضَوْء الفَجر»، و«لَآلِئ الأَفْكار»، و«أناشيد الصِّبا»، و«زَهْر الرَّبيع»، و«الخَطَرات»، و«الأَفْنان»، و«أَزْهار الخَرِيف»، ونُشِر ديوانُه الثامنُ بعدَ مَوتِه ضمنَ الأعمالِ الكامِلة. بَدأَ شاعِرُنا صِراعَه معَ المرضِ صيفَ عامَ ١٩٥٧م، إلى أنْ صادَه الموتُ عامَ ١٩٥٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤