بِأَبِي وَرُوحِي النَّاعِمَاتِ الْغِيدَا

Wave Image
بِأَبِــي وَرُوحِـي الـنَّـاعِـمَـاتِ الْـغِـيـدَا
الْــبَـاسِـمَـاتِ عَـنِ الْـيَـتِـيـمِ نَـضِـيـدَا
الـــرَّانِـــيَـــاتِ بِــكُــلِّ أَحْــوَرَ فَــاتِــرٍ
يَـذَرُ الْـخَـلِـيَّ مِـنَ الْـقُـلُـوبِ عَـمِـيـدَا
الــرَّاوِيَـاتِ مِـنَ الـسُّـلَافِ مَـحَـاجِـرًا
الـــنَّـــاهِـــلَاتِ سَــوَالِــفًــا وَخُــدُودَا
الـلَّاعِـبَـاتِ عَـلَـى الـنَّـسِـيـمِ غَـدَائِـرًا
الــرَّاتِــعَــاتِ مَــعَ الــنَّــسِـيـمِ قُـدُودَا
أَقْـبَـلْـنَ فِـي ذَهَـبِ الْأَصِـيـلِ وَوَشْيِهِ
مِــلْءَ الْــغَــلَائِــلِ لُــؤْلُــؤًا وَفَــرِيــدَا
يَـحْـدِجْـنَ بِـالْـحَـدَقِ الْحَوَاسِدِ دُمْيَةً
كَــظِــبَـاءِ وَجْـرَةَ مُـقْـلَـتَـيْـنِ وَجِـيـدَا
حَـوَتِ الْـجَـمَـالَ فَـلَـوْ ذَهَبْتَ تَزِيدُهَا
فِي الْوَهْمِ حُسْنًا مَا اسْتَطَعْتَ مَزِيدَا
لَــوْ مَــرَّ بِـالْـوِلْـدَانِ طَـيْـفُ جَـمَـالِـهَـا
فِـي الْـخُـلْـدِ خَـرُّوا رُكَّـعًـا وَسُـجُـودَا
أَشْـهَـى مِـنَ الْـعُـودِ الْـمُـرَنِّـمِ مَـنْـطِقًا
وَأَلَــــذُّ مِــــنْ أَوْتَــــارِهِ تَــــغْـــرِيـــدَا
لَـوْ كُـنْـتَ سَـعْـدًا مُـطْلِقَ السُّجَنَاءِ لَمْ
تُـطْـلِـقْ لِـسَـاحِـرِ طَـرْفِـهَـا مَـصْـفُودَا
مَـا قَـصَّـرَ الـرُّؤَسَـاءُ عَـنْـهُ سَـعَـى لَـهُ
سَــعْــدٌ فَــكَــانَ مُــوَفَّــقًــا وَرَشِـيـدَا
يَـا مِـصْـرُ أَشْـبَـالُ الْـعَـرِيـنِ تَرَعْرَعَتْ
وَمَـشَـتْ إِلَـيْـكِ مِـنَ السُّجُونِ أُسُودَا
قَـاضِـي الـسِّـيَـاسَـةِ نَـالَـهُـمْ بِـعِـقَـابِهِ
خَـشِـنَ الْـحُكُومَةِ فِي الشَّبَابِ عَتِيدَا
أَتَـتِ الْـحَـوَادِثُ دُونَ عَـقْـدِ قَـضَـائِهِ
فَـــانْـــهَــارَ بَــيِّــنَــةً وَدُكَّ شَــهِــيــدَا
تَـقْـضِـي الـسِّـيَـاسَـةُ غَـيْـرَ مَالِكَةٍ لِمَا
حَــكَــمَــتْ بِــهِ نَـقْـضًـا وَلَا تَـوْكِـيـدَا
قَــالُــوا أَتَــنْــظِـمُ لِـلـشَّـبَـابِ تَـحِـيَّـةً
تَـبْـقَـى عَـلَـى جِـيـدِ الـزَّمَـانِ قَصِيدَا
قُــلْــتُ الــشَّــبَــابُ أَتَــمُّ عِـقْـدِ مَآثِـرٍ
مِــنْ أَنْ أَزِيــدَهُــمُ الــثَّــنَـاءَ عُـقُـودَا
قَــبِـلَـتْ جُـهُـودَهُـمُ الْـبِـلَادُ وَقَـبَّـلَـتْ
تَــاجًــا عَــلَــى هَــامَـاتِـهِـمْ مَـعْـقُـودَا
خَـرَجُـوا فَـمَـا مَـدُّوا حَـنَـاجِـرَهُمْ وَلَا
مَــنُّــوا عَــلَـى أَوْطَـانِـهِـمْ مَـجْـهُـودَا
خَـفِـيَ الْأَسَـاسُ عَنِ الْعُيُونِ تَوَاضُعًا
مِــنْ بَـعْـدِ مَـا رَفَـعَ الْـبِـنَـاءَ مَـشِـيـدَا
مَــا كَــانَ أَفْــطَـنَـهُـمْ لِـكُـلِّ خَـدِيـعَـةٍ
وَلِــــكُـــلِّ شَـــرٍّ بِـــالْـــبِـــلَادِ أُرِيـــدَا
لَــمَّــا بَــنَــى الـلـهُ الْـقَـضِـيَّـةَ مِـنْـهُـمُ
قَـامَـتْ عَـلَـى الْـحَـقِّ الْـمُـبِينِ عَمُودَا
جَــادُوا بِأَيَّــامِ الــشَّـبَـابِ وَأَوْشَـكُـوا
يَــتَـجَـاوَزُونَ إِلَـى الْـحَـيَـاةِ الْـجُـودَا
طَـلَـبُـوا الْـجَـلَاءَ عَـلَى الْجِهَادِ مَثُوبَةً
لَــمْ يَـطْـلُـبُـوا أَجْـرَ الْـجِـهَـادِ زَهِـيـدَا
وَالــلــهِ مَــا دُونَ الْــجَــلَاءِ وَيَــوْمِـهِ
يَــوْمٌ تُــسَــمِّــيــهِ الْــكِــنَــانَـةُ عِـيـدَا
وَجَـدَ الـسَّـجِـيـنُ يَـدًا تُـحَـطِّـمُ قَيْدَهُ
مَــنْ ذَا يُــحَــطِّــمُ لِــلْــبِــلَادِ قُـيُـودَا
رَبِـحَـتْ مِـنَ «التَّصْرِيحِ» أَنَّ قُيُودَهَا
قَــدْ صِـرْنَ مِـنْ ذَهَـبٍ وَكُـنَّ حَـدِيـدَا
أَوَمَـا تَـرَوْنَ عَـلَـى «الْـمَـنَـابِـعِ» عُـدَّةً
لَا تَـنْـجَـلِـي وَعَـلَـى الـضِّـفَافِ عَدِيدَا
يَـا فِـتْـيَةَ النِّيلِ السَّعِيدِ خُذُوا الْمَدَى
وَاسْـتَأْنِـفُـوا نَـفَـسَ الْـجِـهَـادِ مَـدِيدَا
وَتَـنَـكَّـبُـوا الْـعُـدْوَانَ وَاجْتَنِبُوا الْأَذَى
وَقِـفُـوا بِـمِـصْـرَ الْـمَـوْقِـفَ الْمَحْمُودَا
الْأَرْضُ أَلْــيَــقُ مَــنْــزِلًا بِــجَــمَــاعَـةٍ
يَــبْــغُــونَ أَسْـبَـابَ الـسَّـمَـاءِ قُـعُـودَا
أَنْـــتُـــمْ غَــدًا أَهْــلُ الْأُمُــورِ وَإِنَّــمَــا
كُــنَّــا عَــلَــيْـكُـمْ فِـي الْأُمُـورِ وُفُـودَا
فَـابْـنُـوا عَـلَـى أُسُسِ الزَّمَانِ وَرُوحِهِ
رُكْــنَ الْــحَــضَـارَةِ بَـاذِخًـا وَشَـدِيـدَا
الْــهَـدْمُ أَجْـمَـلُ مِـنْ بِـنَـايَـةِ مُـصْـلِـحٍ
يَـبْـنِـي عَـلَـى الْأُسُسِ الْعِتَاقِ جَدِيدَا
وَجْـهُ الْـكِـنَـانَـةِ لَـيْـسَ يُـغْضِبُ رَبَّكُمْ
أَنْ تَــجْــعَــلُــوهُ كَــوَجْـهِـهِ مَـعْـبُـودَا
وَلُّـوا إِلَـيْـهِ فِـي الـدُّرُوسِ وُجُـوهَكُمْ
وَإِذَا فَــرَغْــتُــمْ وَاعْــبُــدُوهُ هُـجُـودَا
إِنَّ الَّــذِي قَــسَــمَ الْــبِــلَادَ حَــبَــاكُـمُ
بَــلَــدًا كَأَوْطَــانِ الــنُّـجُـومِ مَـجِـيـدَا
قَــدْ كَــانَ وَالــدُّنْــيَــا لُــحُـودٌ كُـلُّـهَـا
لِــلْــعَــبْــقَــرِيَّــةِ وَالْــفُــنُـونِ مُـهُـودَا
•••
مَـــجْـــدُ الْأُمُـــورِ زَوَالُـــهُ فِــي زَلَّــةٍ
لَا تَــرْجُ لِاسْــمِــكَ بِــالْأُمُــورِ خُـلُـودَا
الْــفَــرْدُ بِــالـشُّـورَى وَبِـاسْـمِ نَـدِيِّـهَـا
لَـفَـظَ «الْـخَـلِيفَةَ» فِي الظَّلَامِ شَرِيدَا
خَـلَـعَـتْـهُ دُونَ الْـمُـسْـلِـمِـيـنَ عِصَابَةٌ
لَـمْ يَـجْـعَـلُـوا لِـلْـمُـسْـلِـمِـيـنَ وُجُـودَا
يَــقْــضُــونَ ذَلِـكَ عَـنْ سَـوَادٍ غَـافِـلٍ
خُــلِــقَ الــسَّـوَادُ مُـضَـلَّـلًا وَمَـسُـودَا
جَـعَـلُـوا مَـشِـيـئَـتَـهُ الْـغَـبِـيَّـةَ سُـلَّـمًا
نَــحْــوَ الْأُمُــورِ لِــمَــنْ أَرَادَ صُــعُـودَا
إِنِّـي نَـظَـرْتُ إِلَـى الـشُّعُوبِ فَلَمْ أَجِدْ
كَــالْــجَــهْـلِ دَاءً لِـلـشُّـعُـوبِ مُـبِـيـدَا
الْــجَــهْــلُ لَا يَــلِــدُ الْـحَـيـاةَ مَـوَاتُـهُ
إِلَّا كَـــمَـــا تَـــلِـــدُ الـــرِّمَــامُ الــدُّودَا
لَـمْ يَـخْـلُ مِـنْ صُـوَرِ الْـحَـيَـاةِ وَإِنَّـمَا
أَخْــطَــاهُ عُــنْـصُـرُهَـا فَـمَـاتَ وَلِـيـدَا
وَإِذَا سَـبَـى الْـفَـرْدُ الْـمُـسَـلَّطُ مَجْلِسًا
أَلْــفَــيْــتَ أَحْــرَارَ الــرِّجَــالِ عَـبِـيـدَا
وَرَأَيْــتَ فِــي صَـدْرِ الـنَّـدِيِّ مُـنَـوِّمًـا
فِــي عُــصْــبَــةٍ يَــتَـحَـرَّكُـونَ رُقُـودَا
الْــحَــقُّ سَــهْــمٌ لَا تَــرِشْــهُ بِـبَـاطِـلٍ
مَـا كَـانَ سَـهْـمُ الْـمُـبْـطِـلِـيـنَ سَـدِيدَا
وَالْــعَــبْ بِــغَــيْـرِ سِـلَاحِـهِ فَـلَـرُبَّـمَـا
قَــتَــلَ الــرِّجَــالَ سِــلَاحُــهُ مَـرْدُودَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

أحمد شوقي: شاعر مصري، يُعَدُّ أحد أعظم شعراء العربية في مختلِف العصور، بايعه الأدباء والشعراء في عصره على إمارة الشعر فلقب ﺑ «أمير الشعراء». كان صاحب موهبة شعرية فَذَّةٍ، وقلم سَيَّال، لا يجد عناء في نظم الشعر، فدائمًا ما كانت المعاني تتدفق عليه كالنهر الجاري؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية، فبلغ نتاجه الشعري ما لم يبلغه تقريبًا أيُّ شاعر عربي قديم أو حديث، حيث وصل عدد أبيات شعره إلى ما يتجاوز ثلاثةً وعشرين ألف بيت وخمسمائة.

وُلد «أحمد شوقي علي» بحي الحنفي بالقاهرة في عام ١٨٦٨م، لأبٍ شركسي وأُمٍّ ذات أصول يونانية، لكنه نشأ وتربَّى في كنف جَدته لأمه التي كانت تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل. أُدخل شوقي في الرابعة من عمره الكُتَّاب فحفظ فيه قدرًا من القرآن، ثم انتقل بعدها ليُتِمَّ تعليمه الابتدائي، وأظهر الصبي في صغره ولعًا بالشعر، جعله يَنْكَبُّ على دواوين فحول الشعراء فيحفظ وينهل منها قدر ما يستطيع، ولما أتمَّ الخامسة عشرة من عمره التحق بقسم الترجمة الذي أُنشِئَ حديثًا بمدرسة الحقوق، سافر بعدها إلى فرنسا ليكمل دراسته القانونية، ورغم وجوده في باريس آنذاك، إلا أنه لم يُبْدِ سوى تأثرٍ محدودٍ بالثقافة الفرنسية، فلم ينبهر بالشعراء الفرنسيين أمثال: رامبو، وبودلير، وفيرلين. وظل قلبه معلقًا بالشعراء العرب وعلى رأسهم المتنبي.

يُعَدُّ أحمد شوقي من مؤسسي مدرسة الإحياء والبعث الشعرية مع كل من: محمود سامي البارودي، وحافظ إبراهيم، وعلي الجارم، وأحمد محرم. وقد التزم شعراء هذه المدرسة بنظم الشعر العربي على نهج القدماء، خاصة الفترة الممتدة بين العصر الجاهلي والعباسي، إلا أنه التزامٌ مازَجَه استحداث للأغراض الشعرية المتناوَلَة، التي لم تكُن معروفة عند القدماء، كالقصص المسرحي، والشعر الوطني، والشعر الاجتماعي. وقد نظم شوقي الشعر بكل أغراضه: المديح، والرثاء، والغزل، والوصف، والحكمة.

بايع الأدباء والشعراء أحمد شوقي أميرًا لهم في حفلٍ أُقِيمَ بالقاهرة عام ١٩٢٧م، وظل الرجل مَحَلَّ إعجاب وتقدير ليس فقط بين الخاصة من المثقَّفين والأدباء بل من عموم الناس أيضًا، وفي عام ١٩٣٢م رحل شوقي عن عالمنا، وفاضت رُوحُهُ الكريمة إلى بارئها عن عمر يناهز أربعة وستين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤