لَقَدْ جَاوَزَتْ فِيكَ مِقْدَارَهَا

Wave Image
لَــقَــدْ جَــاوَزَتْ فِــيــكَ مِــقْــدَارَهَــا
خُــطُــوبٌ قَــضَـتْ مِـنْـكَ أَوْطَـارَهَـا
وَكَـــيْـــفَ تَـــرَقَّــتْ إِلَــى مُــهْــجَــةٍ
يَــــوَدُّ الـــرَّدَى لَـــوْ غَـــدَا جَـــارَهَـــا
سَـمَـتْ هِـمَّـةُ الْـخَـطْـبِ حَـتَّـى إِلَيْكَ
لَــقَــدْ عَــظَّــمَ الــدَّهْــرُ أَخْــطَــارَهَــا
وَمَــنْ ذَا الَّــذِي يَــأْمَــنُ الــنَّــائِـبَـاتِ
وَقَــدْ أَنْــشَــبَــتْ فِــيــكَ أَظْــفَـارَهَـا
سَـــمَـــاحُــكَ أَثْــكَــلَــهَــا صَــرْفَــهَــا
فَـــجَـــاءَتْـــكَ طَـــالِـــبَـــةً ثَـــارَهَـــا
سَـــتَــبْــكِــيــكَ مَــا عُــمِّــرَتْ دَوْلَــةٌ
دَعَـــتْــكَ الْــمَــكَــارِمُ مُــخْــتَــارَهَــا
فَــمَــنْ لِــحِــمَــاهَــا إِذَا مَــا الْــعَــدُوُّ
أَمَّـــــتْ كَـــــتَـــــائِـــــبُـــــهُ دَارَهَــــا
وَمَـنْ يَـشْـهَـدُ الْـحَـرْبَ غَـيْـرُ الْجَبَانِ
إِذَا الْـــخَـــوْفُ غَــيَّــبَ أَنْــصَــارَهَــا
وَمَــنْ يَـجْـعَـلُ الـسَّـيْـفَ مِـنْ دُونِـهَـا
حِـــجَـــابًـــا يُـــمِــيــطُ بِــهِ عَــارَهَــا
وَمَــــنْ ذَا يُـــكَـــثِّـــرُ حُـــسَّـــادَهَـــا
وَمَــــنْ ذَا يُــــقَــــلِّلُ أَنْــــظَــــارَهَـــا
وَمَـــــــــــنْ لِلْأُمُــــــــــورِ إِذَا أُورِدَتْ
فَــلَــمْ يَــمْــلِــكِ الْــقَــوْمُ إِصْــدَارَهَـا
وَمَــنْ ذَا يُــطِــيــلُ قِــرَاعَ الْــخُـطُـو
بِ حَـــتَّـــى يُـــقَـــصِّــرَ أَعْــمَــارَهَــا
سَــقَــى اللــهُ فِــي كُــلِّ يَــوْمٍ ثَــرَاكَ
حَـــيَـــاءَ الـــسَّـــمَــاءِ وَأَمْــطَــارَهَــا
تَـــوَلَّـــى كَـــمَـــا أَقْــلَــعَــتْ دِيــمَــةٌ
وَأَوْدَعَـــــــتِ الْأَرْضَ آثَـــــــارَهَــــــا
مَــضَــتْ وَاقْــتَــضَـتْ شُـكْـرَ آلَائِـهَـا
نَـــسِـــيـــمَ الـــرِّيَـــاضِ وَنُـــوَّارَهَـــا
خِــلَائِــقُ إِنْ بَــانَ مِــنْــهَــا الْــعِـيَـانُ
رَوَتْـــنَـــا الـــصَّـــنَــائِــعُ أَخْــبَــارَهَــا
أَرَى كُـــلَّ يَـــوْمٍ مِـــنَ الْــحَــادِثَــاتِ
لَـــنَــا وَقْــعَــةً نَــصْــطَــلِــي نَــارَهَــا
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي — وَمَا نَفْعُ لَيْتَ —
مَـــتَـــى تَــضَــعُ الْــحَــرْبُ أَوْزَارَهَــا
وَحَـــتَّـــامَ ذِمَّـــةُ هَـــذِي الْــجُــسُــو
مِ لَا يَـــرْهَــبُ الْــمَــوْتُ إِخْــفَــارَهَــا
تُـــفِـــيــتُ الْــمَــقَــادِيــرُ أَرْوَاحَــهَــا
وَتُــبْــلِــي عَــلَــى الــدَّهْـرِ أَبْـشَـارَهَـا
هَـــرَبْــنَــا بِــأَنْــفُــسِــنَــا وَالْــقَــضَــا
ءُ يَــسْــبِــقُ بِــالْــمَـشْـيِ إِحْـضَـارَهَـا
وَمَــا اعْــتَــرَفَــتْ أَنْــفُـسٌ بِـالْـحِـمَـا
مِ لَـــوْ كَـــانَ يَـــقْـــبَـــلُ إِنْـــكَــارَهَــا
إِذَا أَقْــبَــلَــتْ بِــالْــفَــتَــى عِــيــشَـةٌ
تَــــوَقَّــــعَ بِــــالْـــمَـــوْتِ إِدْبَـــارَهَـــا
وَكَــيْــفَ يُــحَــاوِلُ صَــفْــوَ الْــحَـيَـا
ةِ مَـــنْ لَــيْــسَ يُــمْــنَــحُ أَكْــدَارَهَــا
وَمَـــا عُــمْــرُ مَــنْ أَدْرَكَــتْــهُ الْــوَفَــا
ةُ إِلَّا كَـــــمَــــرْحَــــلَــــةٍ سَــــارَهَــــا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: المتقارب
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

هو أحمد بن محمد بن علي بن يحيى التغلبي، يُعَد أحد رُواد الأدب العربي، وأشهر شعراء الشام الذين ساهموا في النهضة الشعرية التي شهدها العصر العباسي الثاني، اتسم شِعره بحُسن البيان، وجزالة العبارة، وعُمق المعنى.

وُلد في دمشق سنة ٤٥٠ﻫ/ ١٠٥٨م، حين كانت تحت سيطرة الدولة الفاطمية، ونشأ وترعرع بها؛ فدرس علوم اللغة، والكتابة، ونَظَم فيها أُولى قصائده. وظل بها حتى سيطر عليها السلاجقة فهاجر منها إلى حماة، وكان عُمره آنذاك ثمانية عشر عامًا، ومكث في حماة مدةً قاربت اثنتَي عشرة سنة، واتصل بأميرها «محمد بن مانك» وعمل عنده كاتبًا، ثم انتقل إلى شينيز ومدح أميرها «علي بن مقلد بن منقذ»، ومنها إلى حلب السورية، وهناك التقى ﺑ «ابن حيُّوس» أشهر شعراء زمانه، ولازَمه مدةً حتى صار امتدادًا لشِعره، ثم اتجه غربًا إلى طرابلس الليبية التي أقام فيها مدةً قاربت عشر سنوات، وفيها ذاع صِيتُه، ووصلت شُهرته الآفاق، ونَظَم أبدع قصائده وأشهرها، وتَقرَّب من حاكمها «جلال الدين بن عمار»، ثم عاد ثانيةً إلى دمشق وحط فيها رِحاله، وصاحَب وزيرها السلجوقي «هبة الله بن بديع الأصفهاني».

سُمي ﺑ «ابن الخياط» لاشتغال أبيه بحرفة الخياطة، وسُمي بالكاتب لاشتغاله بالكتابة؛ حيث عمل كاتبًا لدى أمراء الدولة العباسية، كما نَظَم الشعر بأغراضه المتنوعة، كالهِجاء، والرِّثاء، والغزَل، ولكنَّ النصيب الأوفر من قصائده كان في المديح، حتى اشتُهر بذلك؛ فذكَرَته كُتُب المؤرخين المعاصرين بأنه من الشعراء المُجيدين، امتَدح الناس، وطاف البلاد، ودخل بلاد العجم وامتَدح أهلها. وصل إلينا ديوانه الذي حوى أبهى قصائد الشعر العربي، وأعذب العبارات، وأبلغ المعاني.

تُوفِّي «ابن الخياط» بدمشق في ١١ رمضان ٥١٧ﻫ/١ نوفمبر ١١٢٣م، عن عُمرٍ يُناهز سبعًا وستين سنة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤