يَا شَبَابَ الدِّيَارِ

Wave Image
غَـالِ فِـي قِـيـمَـةِ ابْـنِ بُـطْرُسَ غَالِي
عَـلِـمَ الـلـهُ لَـيْـسَ فِـي الْـحَـقِّ غَـالِي
نَـحْـتَـفِـي بِـالْأَدِيـبِ وَالْـحَـقُّ يَقْضِي
وَجَــــلَالُ الْأَخْــــلَاقِ وَالْأَعْــــمَــــالِ
أَدَبُ الْأَكْــــثَــــرِيـــنَ قَـــوْلٌ وَهَـــذَا
أَدَبٌ فِـــي الـــنُّــفُــوسِ وَالْأَفْــعَــالِ
يُـظْـهِـرُ الْـمَـدْحُ رَوْنَـقَ الـرَّجُـلِ الْـمَـا
جِـدِ كَـالـسَّـيْـفِ يَـزْدَهِـي بِـالـصِّـقَالِ
رُبَّ مَــدْحٍ أَذَاعَ فِـي الـنَّـاسِ فَـضْـلًا
وَأَتَــــاهُــــمْ بِــــقُــــدْوَةٍ وَمِــــثَـــالِ
وَثَــنَــاءٍ عَــلَــى فَــتًــى عَــمَّ قَــوْمًـا
قِـيـمَـةُ الْـعِـقْـدِ حُـسْـنُ بَـعْضِ اللَّآلِي
إِنَّـــمَـــا يَـــقْـــدِرُ الْـــكِـــرَامَ كَــرِيــمٌ
وَيُــقِــيــمُ الــرِّجَــالُ وَزْنَ الــرِّجَــالِ
وَإِذَا عَـــظَّـــمَ الْـــبِـــلَادَ بَـــنُـــوهَـــا
أَنْـــزَلَـــتْـــهُـــمْ مَـــنَـــازِلَ الْإِجْــلَالِ
تَــوَّجَــتْ هَــامَــهُـمْ كَـمَـا تَـوَّجُـوهَـا
بِـــكَــرِيــمٍ مِــنَ الــثَّــنَــاءِ وَغَــالِــي
إِنَّــمَــا «وَاصِــفٌ» بِــنَــاءٌ مِــنَ الْأَخْـ
ـلَاقِ فِــي دَوْلَــةِ الْــمَــشَـارِقِ عَـالِـي
وَنَــجِــيــبٌ مُــهَــذَّبٌ مِــنْ نَـجِـيـبٍ
هَــــذَّبَــــتْـــهُ تَـــجَـــارِبُ الْأَحْـــوَالِ
وَاهِــبُ الْــمَــالِ وَالـشَّـبَـابِ لِـمَـا يَـنْـ
ـفَـــعُ لَا لِـــلْـــهَـــوَى وَلَا لِــلــضَّــلَالِ
وَمُـذِيـقُ الْـعُـقُـولِ فِـي الْـغَـرْبِ مِـمَّا
عَـصَـرَ الْـعُـرْبُ فِي السِّنِينَ الْخَوَالِي
فِي كِتَابٍ حَوَى الْمَحَاسِنَ فِي الشِّعْـ
ـرِ وَأَوْعَــــى جَــــوَائِـــزَ الْأَمْـــثَـــالِ
مِــنْ صِـفَـاتٍ كَأَنَّـهَـا الْـعَـيْـنُ صِـدْقًـا
فِـــي أَدَاءِ الْـــوُجُـــوهِ وَالْأَشْـــكَــالِ
وَنَــسِــيــبٍ تُــحَــاذِرُ الْــغِــيـدُ مِـنْـهُ
شَــرَكَ الْــحُــسْــنِ أَوْ شِـبَـاكَ الـدَّلَالِ
وَنِــــظَــــامٍ كَأَنَّـــهُ فَـــلَـــكُ الـــلَّـــيْـ
ـلِ إِذَا لَاحَ وَهْــوَ بِــالــزَّهْــرِ حَــالِــي
وَبَــيَــانٍ كَــمَـا تَـجَـلَّـى عَـلَـى الـرُّسْـ
ـلِ تَــجَــلَّــى عَــلَــى رُعَــاةِ الــضَّـالِ
مَــا عَــلِــمْـنَـا لِـغَـيْـرِهِـمْ مِـنْ لِـسَـانٍ
زَالَ أَهْـــلُـــوهُ وَهْـــوَ فِـــي إِقْــبَــالِ
بَـــلِـــيَـــتْ هَـــاشِـــمٌ وَبَــادَتْ نِــزَارٌ
وَالــلِّــسَـانُ الْـمُـبِـيـنُ لَـيْـسَ بِـبَـالِـي
كُــــلَّـــمَـــا هَـــمَّ مَـــجْـــدُهُ بِـــزَوَالٍ
قَــامَ فَــحْــلٌ فَــحَــالَ دُونَ الــزَّوَالِ
•••
يَــا بَـنِـي مِـصْـرَ لَـمْ أَقُـلْ أُمَّـةَ الْـقِـبْـ
ـطِ فَـــهَـــذَا تَـــشَـــبُّــثٌ بِــمُــحَــالِ
وَاحْـتِـيَـالٌ عَـلَـى خَـيَـالٍ مِـنَ الْـمَجْـ
ـدِ وَدَعْــوَى مِــنَ الْـعِـرَاضِ الـطِّـوَالِ
إِنَّــمَــا نَــحْــنُ مُــسْـلِـمِـيـنَ وَقِـبْـطًـا
أُمَّـــةٌ وُحِّـــدَتْ عَـــلَـــى الْأَجْـــيَــالِ
سَــبَــقَ الــنِّــيــلُ بِــالْأُبُــوَّةِ فِــيــنَــا
فَـــهْـــوَ أَصْــلٌ وَآدَمُ الْــجَــدُّ تَــالِــي
نَـحْـنُ مِـنْ طِـيـنَـةِ الْـكَرِيمِ عَلَى اللهِ
وَمِــــنْ مَـــائِـــهِ الْـــقَـــرَاحِ الـــزُّلَالِ
مَــرَّ مَــا مَــرَّ مِــنْ قُــرُونٍ عَــلَــيْــنَـا
رُسَّـــفًــا فِــي الْــقُــيُــودِ وَالْأَغْــلَالِ
وَانْـقَـضَـى الـدَّهْـرُ بَـيْـنَ زَغْرَدَةِ الْعُرْ
سِ وَحَـــثْـــوِ الـــتُّـــرَابِ وَالْإِعْــوَالِ
مَــا تَــحَــلَّــى بِـكُـمْ يَـسُـوعُ وَلَا كُـنَّـ
ـا لِــــطَــــهَ وَدِيــــنِـــهِ بِـــجَـــمَـــالِ
وَتُــضَــاعُ الْــبِــلَادُ بِــالــنَّـوْمِ عَـنْـهَـا
وَتُــــضَـــاعُ الْأُمُـــورُ بِـــالْإِهْـــمَـــالِ
يَــا شَــبَــابَ الــدِّيَـارِ مِـصْـرُ إِلَـيْـكُـمْ
وَلِــــوَاءُ الْـــعَـــرِيـــنِ لِـــلْأَشْـــبَـــالِ
كُـــلَّـــمَــا رُوِّعَــتْ بِــشُــبْــهَــةِ يَأْسٍ
جَـــعَـــلَـــتْــكُــمْ مَــعَــاقِــلَ الْآمَــالِ
هَــيِّــئُــوهَــا لِــمَــا يَــلِــيــقُ بِـمَـنْـفٍ
وَكَـــــرِيـــــمِ الْآثَـــــارِ وَالْأَطْـــــلَالِ
هَـــيِّـــئُـــوهَـــا لِــمَــا أَرَادَ «عَــلِــيٌّ»
وَتَــمَـنَّـى عَـلَـى الـظُّـبَـى وَالْـعَـوَالِـي
وَانْـهَـضُـوا نَـهْـضَـةَ الـشُّـعُـوبِ لِدُنْيَا
وَحَــــيَـــاةٍ كَـــبِـــيـــرَةِ الْأَشْـــغَـــالِ
وَإِلَــى الــلــهِ مَـنْ مَـشَـى بِـصَـلِـيـبٍ
فِــي يَــدَيْــهِ وَمَــنْ مَــشَــى بِـهِـلَالِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

أحمد شوقي: شاعر مصري، يُعَدُّ أحد أعظم شعراء العربية في مختلِف العصور، بايعه الأدباء والشعراء في عصره على إمارة الشعر فلقب ﺑ «أمير الشعراء». كان صاحب موهبة شعرية فَذَّةٍ، وقلم سَيَّال، لا يجد عناء في نظم الشعر، فدائمًا ما كانت المعاني تتدفق عليه كالنهر الجاري؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية، فبلغ نتاجه الشعري ما لم يبلغه تقريبًا أيُّ شاعر عربي قديم أو حديث، حيث وصل عدد أبيات شعره إلى ما يتجاوز ثلاثةً وعشرين ألف بيت وخمسمائة.

وُلد «أحمد شوقي علي» بحي الحنفي بالقاهرة في عام ١٨٦٨م، لأبٍ شركسي وأُمٍّ ذات أصول يونانية، لكنه نشأ وتربَّى في كنف جَدته لأمه التي كانت تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل. أُدخل شوقي في الرابعة من عمره الكُتَّاب فحفظ فيه قدرًا من القرآن، ثم انتقل بعدها ليُتِمَّ تعليمه الابتدائي، وأظهر الصبي في صغره ولعًا بالشعر، جعله يَنْكَبُّ على دواوين فحول الشعراء فيحفظ وينهل منها قدر ما يستطيع، ولما أتمَّ الخامسة عشرة من عمره التحق بقسم الترجمة الذي أُنشِئَ حديثًا بمدرسة الحقوق، سافر بعدها إلى فرنسا ليكمل دراسته القانونية، ورغم وجوده في باريس آنذاك، إلا أنه لم يُبْدِ سوى تأثرٍ محدودٍ بالثقافة الفرنسية، فلم ينبهر بالشعراء الفرنسيين أمثال: رامبو، وبودلير، وفيرلين. وظل قلبه معلقًا بالشعراء العرب وعلى رأسهم المتنبي.

يُعَدُّ أحمد شوقي من مؤسسي مدرسة الإحياء والبعث الشعرية مع كل من: محمود سامي البارودي، وحافظ إبراهيم، وعلي الجارم، وأحمد محرم. وقد التزم شعراء هذه المدرسة بنظم الشعر العربي على نهج القدماء، خاصة الفترة الممتدة بين العصر الجاهلي والعباسي، إلا أنه التزامٌ مازَجَه استحداث للأغراض الشعرية المتناوَلَة، التي لم تكُن معروفة عند القدماء، كالقصص المسرحي، والشعر الوطني، والشعر الاجتماعي. وقد نظم شوقي الشعر بكل أغراضه: المديح، والرثاء، والغزل، والوصف، والحكمة.

بايع الأدباء والشعراء أحمد شوقي أميرًا لهم في حفلٍ أُقِيمَ بالقاهرة عام ١٩٢٧م، وظل الرجل مَحَلَّ إعجاب وتقدير ليس فقط بين الخاصة من المثقَّفين والأدباء بل من عموم الناس أيضًا، وفي عام ١٩٣٢م رحل شوقي عن عالمنا، وفاضت رُوحُهُ الكريمة إلى بارئها عن عمر يناهز أربعة وستين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤