أُسْتَاذِي الْأَدِيبُ

Wave Image
نَـزَعْـتُ عَـنِ الـتَّـغَـزُّلِ وَالـنَّسِيبِ
وَمِـلْـتُ عَـنِ الْـحَـبِيبَةِ وَالْحَبِيبِ
وَخَـالَـفْتُ الْهَوَى وَأَطَعْتُ رُشْدِي
وَتُـبْـتُ عَـنِ الْـمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ
أَغَـارَ الْـغَـانِـيَـاتُ عَـلَـى شَـبَـابِـي
وَكَـادَ يَـفُـوتُـنِـي مِـنْـهُ نَـصِـيـبِي
فَـهَـلْ عَـلِـمَ الْـحِـسَانُ الْيَوْمَ أَنِّي
نَـزَلْـتُ عَـنِ الـشَّـبِـيـبَـةِ لِلْمَشِيبِ
إِذَا مَـا شَـعْـرَةٌ ضَـحِـكَـتْ بِفَوْدِي
فَـلَا يُـغْـنِـي بُـكَـايَ وَلَا نَـحِـيـبِي
لَـئِـنْ أَمْـسَـتْ بِـيَ الْأَيَّـامُ تَـجْرِي
عَـلَـى الـدُّنْـيَـا إِلَـى شَأْوٍ قَـرِيـبِ
فَإِنِّـي قَـدْ قَـنِـعَـتُ مِـنَ الـلَّـيَـالِي
بِإِخْــلَاصِــي لِأُسْـتَـاذِي الْأَدِيـبِ
بِإِخْـلَاصِـي لِـفَـاضِلِ ذِي الْأَيَادِي
وَذِي الْـعَـزَمَـاتِ وَالـرَّأْيِ النَّجِيبِ
أَخٌ يَــرْعَــى وِدَادِي حِـيـنَ أَدْنُـو
وَيَـحْـفَـظُ حِـيـنَ أَنْأَى لِـلْـمَـغِيبِ
إِذَا نَـظَـرَ اسْـتَـقَـرَّ الـلَّـحْـظُ مِـنْهُ
عَـلَـى سُـبُـلِ الـضَّـمَائِرِ وَالْغُيُوبِ
إِذَا مَـا جَـرَّتِ الْـخَـيْـلُ الْـعَـوَالِـي
إِلَـى يَـوْمٍ مِـنَ الْـهَـيْـجَـا عَصِيبِ
وَضَـرَّسَـتِ الْـجَـلِـيـدَ بِـخِنْصَرَيْهِ
مُـغَـادَاةُ الْـحُـرُوبِ مِـنَ الْحُرُوبِ
وَأَظْـلَـمَـتِ الْـمَـنَـايَـا وَادْلَـهَـمَّـتْ
فَـثَـوْبُ الـصَّـبْـرِ مُنْشَقُّ الْجُيُوبِ
أَضَـافَ الْـبِـيضَ وَالسُّمْرَ الْعَوَالِي
لِـسَـاحَـاتٍ مِـنَ الْـعَـزْمِ الـصَّلِيبِ
وَسَــارَ إِلَــى مُــلَاقَــاةِ الْـمَـنَـايَـا
مَـسِـيـرَ الـذُّعْرِ فِي قَلْبِ الْمُرِيبِ
شُـــجَـــاعٌ غَـــيْــرَ أَنَّ لَــهُ أَنَــاةً
نَـفَـتْ عَـنْ بَأْسِـهِ كُـلَّ الْـعُـيُـوبِ
جَــمِــيـلٌ غَـيْـرَ أَنَّ بِـهِ شُـحُـوبًـا
وَكُـلُّ الْـحُسْنِ فِي هَذَا الشُّحُوبِ
كَـرِيـمُ الْـجِـدِّ مَـحْـسُودُ السَّجَايَا
مُـصَفَّى الْمَجْدِ كَالذَّهَبِ الرَّغِيبِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

محمد توفيق علي: شاعِرٌ مِصريٌّ يَنْتَمِي إِلى مَدْرَسةِ الإحْياءِ والبَعْثِ فِي الشِّعرِ العَرَبِي؛ تلكَ المَدْرَسةِ التِي وُصِفتْ بأنَّها أَحْيَتِ الشِّعرَ مِن مَرْقَدِه؛ حيثُ أعادَتْ بِناءَ القَصِيدةِ الشِّعريةِ بِناءً يُجدِّدُ فِي أَغْراضِها الشِّعريةِ ولا يَتَصرَّفُ فِي صُورتِها التَّقلِيديةِ المُتمثِّلةِ فِي وَحْدةِ الوَزنِ والقَافِية.

وُلِدَ محمد توفيق فِي قَرْيةِ «زاوية المصلوب» بمُحافَظةِ بني سويف عامَ ١٨٨١م أثناءَ الثَّوْرةِ العُرَابِية، وكانَ والِدُهُ مِن أَثْرياءِ الفَلَّاحِين، فأَلْحَقَه بِكُتَّابِ القَرْيةِ بِوَصْفِهِ أَوَّلَ بابٍ يُفْضِي إِلى مَدِينةِ العِلْمِ والدِّينِ فِي هَذا الزَّمَان، ثُم أَوفَدَهُ إلَى القاهِرة؛ فانْتَظَمَ بِمَدْرَسةِ «القِرَبِيَّة» حتَّى نالَ الشَّهادةَ الِابتِدَائِية، والْتَحقَ بَعدَها بِمَدرَسةِ الفُنُونِ والصَّنائِعِ فِي بولاق، ودَرَسَ بِها فُنونًا مِنَ الأَدَبِ العَرَبِي.

وكانَ القَدَرُ يَدَّخِرُ مُنْعطفًا آخَرَ فِي حَياةِ الشاعِر؛ إذِ اغْتنَمَ فُرصَةَ الإعْلانِ عَنِ الحَاجَةِ إِلى ضُبَّاطٍ بالمَدرَسةِ الحَرْبِية، فالْتَحَقَ بِها وتَخَرَّجَ ضَابِطًا عامَ ١٨٩٨م، ثُمَّ الْتَحَقَ بالجَيشِ المِصرِيِّ فِي السُّودان، وهُناكَ الْتَقَى بِشاعِرِ النِّيلِ حافظ إبراهيم ونَهَلَ مِن فَيْضِ شِعرِهِ الزَّاخِر، وبَعْدَ انْقِضاءِ مَهَمَّتِهِ فِي السُّودان عادَ إِلى مِصرَ وقرَّرَ أنْ يَهَبَ مَا بَقِيَ مِن عُمُرِهِ لِنَظْمِ الشِّعْر.

وعَلَى الرَّغْمِ ممَّا مُنِيَ بِه شاعِرُنا مِن ضائِقةٍ مالِيةٍ عصَفَتْ بثَرْوةِ أبيهِ وأَحالَتْهُ إِلى الفَقرِ والشَّقاءِ بَعدَ رَغَدٍ مِنَ النَّعِيمِ والثَّرَاء؛ فإنَّ ذلِكَ لَمْ يَمنَعْهُ مِن أنْ يُثرِيَ السَّاحةَ الأَدَبيةَ بالعَدِيدِ مِنَ الذَّخائِرِ الشِّعْرية؛ مِنْها دِيوانُهُ الكَبيرُ الذِي أَخرَجَهُ فِي خمسةِ أَجْزاء؛ هي: «قِفَا نَبْكِ»، و«السَّكَن»، و«الرَّوْضَة الفَيْحَاء»، و«تَسْبِيح الأَطْيَار»، و«تَرْنِيم الأَوْتَار».

وقَدْ وافَتْهُ المَنِيَّةُ عامَ ١٩٣٧م عَن عُمُرٍ ناهَزَ ٥٥ عامًا، ودُفِنَ فِي مَقْبرةِ أُسرَتِهِ الواقِعةِ عَلى مَشارِفِ الصَّحْراءِ شَرْقِيَّ النِّيل.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤