مَشْرُوعُ مِلْنَر

Wave Image
اثْــنِ عِـنَـانَ الْـقَـلْـبِ وَاسْـلَـمْ بِـهِ
مِــنْ رَبْـرَبِ الـرَّمْـلِ وَمِـنْ سِـرْبِـهِ
وَمِــنْ تَــثَـنِّـي الْـغِـيـدِ عَـنْ بَـانِـهِ
مُــرْتَــجَّــةِ الْأَرْدَافِ عَــنْ كُــثْـبِـهِ
ظِــبَــاؤُهُ الْــمُـنْـكَـسِـرَاتُ الـظُّـبَـا
يَــغْــلِــبْــنَ ذَا الــلُّــبِّ عَـلَـى لُـبِّـهِ
بِـيـضٌ رِقَـاقُ الْـحُـسْنِ فِي لَمْحَةٍ
مِــنْ نَــاعِــمِ الــدُّرِّ وَمِــنْ رَطْـبِـهِ
ذَوَابِــلُ الــنَّــرْجِــسِ فِـي أَصْـلِـهِ
يَــوَانِــعُ الْــوَرْدِ عَــلَــى قُــضْــبِـهِ
زِنَّ عَـلَـى الْأَرْضِ سَـمَـاءَ الـدُّجَى
وَزِدْنَ فِـي الْـحُـسْـنِ عَـلَـى شُهْبِهِ
يَــمْـشِـيـنَ أَسْـرَابًـا عَـلَـى هِـيـنَـةٍ
مَـشْـيَ الْـقَـطَـا الْآمِـنِ فِـي سِرْبِهِ
مِــنْ كُـلِّ وَسْـنَـانَ بِـغَـيْـرِ الْـكَـرَى
تَــنْــتَــبِــهُ الْآجَــالُ مِــنْ هُــدْبِــهِ
جَــفْــنٌ تَــلَــقَّــى مَــلَــكَــا بَــابِـلٍ
غَــرَائِــبَ الــسِّـحْـرِ عَـلَـى غَـرْبِـهِ
يَـا ظَـبْـيَـةَ الـرَّمْـلِ وُقِـيتِ الْهَوَى
وَإِنْ سَـعَـتْ عَـيْـنَـاكِ فِـي جَـلْـبِـهِ
وَلَا ذَرَفْــتِ الــدَّمْــعَ يَــوْمًــا وَإِنْ
أَسْـرَفْـتِ فِـي الـدَّمْعِ وَفِي سَكْبِهِ
هَذِي الشَّوَاكِي النُّجْلُ صِدْنَ امْرَأً
مُـلْـقَـى الـصِّـبَـا أَعْـزَلَ مِـنْ غَـرْبِهِ
صَــــيَّـــادَ آرَامٍ رَمَـــاهُ الْـــهَـــوَى
بِـــشَـــادِنٍ لَا بُـــرْءَ مِـــنْ حُـــبِّــهِ
شَــابَ وَفِــي أَضْــلُـعِـهِ صَـاحِـبٌ
خِـلْـوٌ مِـنَ الـشَّـيْـبِ وَمِـنْ خَطْبِهِ
وَاهٍ بِــجَــنْــبِــي خَــافِــقٌ كُــلَّـمَـا
قُــلْــتُ تَــنَــاهَـى لَـجَّ فِـي وَثْـبِـهِ
لَا تَــنْــثَــنِــي الْآرَامُ عَــنْ قَــاعِـهِ
وَلَا بَــنَــاتُ الـشَّـوْقِ عَـنْ شِـعْـبِـهِ
حَـمَّـلْـتُـهُ فِـي الْـحُـبِّ مَا لَمْ يَكُنْ
لِــيَــحْــمِـلَ الْـحُـبُّ عَـلَـى قَـلْـبِـهِ
مَــا خَــفَّ إِلَّا لِــلْــهَــوَى وَالْــعُــلَا
أَوْ لِــجَــلَالِ الْــوَفْــدِ فِــي رَكْـبِـهِ
أَرْبَـــعَـــةٌ تَـــجْــمَــعُــهُــمْ هِــمَّــةٌ
يَــنْــقُــلُـهَـا الْـجِـيـلُ إِلَـى عَـقْـبِـهِ
قِــطَـارُهُـمْ كَـالْـقَـطْـرِ هَـزَّ الـثَّـرَى
وَزَادَهُ خِــصْــبًــا عَــلَـى خِـصْـبِـهِ
لَــوْلَا اسْــتِـلَامُ الْـخَـلْـقِ أَرْسَـانَـهُ
شَـبَّ فَـنَـالَ الـشَّـمْـسَ مِنْ عُجْبِهِ
كُـــلُّـــهُـــمُ أَغْـــيَـــرُ مِـــنْ وَائِــلٍ
عَــلَــى حِــمَــاهُ وَعَــلَــى شَـعْـبِـهِ
لَــوْ قَــدَرُوا جَــاءُوكُــمُ بِــالـثَّـرَى
مِــنْ قُـطْـبِـهِ مُـلْـكًـا إِلَـى قُـطْـبِـهِ
وَمَـا اعْـتِـرَاضُ الْحَظِّ دُونَ الْمُنَى
مِــنْ هَـفْـوَةِ الْـمُـحْـسِـنِ أَوْ ذَنْـبِـهِ
وَلَــيْـسَ بِـالْـفَـاضِـلِ فِـي نَـفْـسِـهِ
مَــنْ يُــنْـكِـرُ الْـفَـضْـلَ عَـلَـى رَبِّـهِ
مَـا بَـالُ قَـوْمِـي اخْـتَـلَـفُوا بَيْنَهُمْ
فِـي مِـدْحَـةِ الْـمَـشْـرُوعِ أَوْ ثَـلْـبِهِ
كَأَنَّـــهُــمْ أَسْــرَى، أَحَــادِيــثُــهُــمْ
فِـي لَـيِّـنِ الْـقَـيْـدِ وَفِـي صُـلْـبِـهِ؟
يَــا قَــوْمِ هَــذَا زَمَــنٌ قَــدْ رَمَــى
بِـالْـقَـيْـدِ وَاسْـتَـكْـبَـرَ عَـنْ سَحْبِهِ
لَـــوْ أَنَّ قَــيْــدًا جَــاءَهُ مِــنْ عَــلٍ
خَــشِــيــتُ أَنْ يَأْبَــى عَـلَـى رَبِّـهِ
وَهَـــذِهِ الــضَّــجَّــةُ مِــنْ نَــاسِــهِ
جِــــنَـــازَةُ الـــرِّقِّ إِلَـــى تُـــرْبِـــهِ
مَـنْ يَـخْـلَـعِ الـنِّـيـرَ يَـعِـشْ بُـرْهَةً
فِــي أَثَــرِ الــنِّــيــرِ وَفِــي نَــدْبِـهِ
يَـا نَـشَأَ الْـحَـيِّ، شَـبَـابَ الْـحِـمَى
سُــلَالَــةَ الْــمَــشْـرِقِ مِـنْ نُـجْـبِـهِ
بَــنِـي الْأُلَـى أَصْـبَـحَ إِحْـسَـانُـهُـمْ
دَارَتْ رَحَـى الْـفَـنِّ عَـلَـى قُـطْـبِـهِ
مُـوسَـى وَعِـيـسَـى نَـشَآ بَـيْـنَـهُمْ
فِــي سَـعَـةِ الْـفِـكْـرِ وَفِـي رُحْـبِـهِ
وَعَـــالَـــجَـــا أَوَّلَ مَـــا عَــالَــجَــا
مِــنْ عِــلَــلِ الْــعَــالَــمِ أَوْ طِــبِّــهِ
مَــا نَــسِــيَـتْ مِـصْـرُ لَـكُـمْ بِـرَّهَـا
فِـي حَـازِبِ الْأَمْـرِ وَفِـي صَـعْـبِـهِ
مَـــزَّقْـــتُـــمُ الْــوَهْــمَ وَأَلَّــفْــتُــمُ
أَهِـــلَّـــةَ الــلــهِ عَــلَــى صُــلْــبِــهِ
حَــتَّــى بَــنَــيْــتُــمْ هَـرَمًـا رَابِـعًـا
مِــنْ فِــئَــةِ الْــحَـقِّ وَمِـنْ حِـزْبِـهِ
يَـوْمٌ لَـكُـمْ يَـبْـقَـى ﮐَ «بَـدْرٍ» عَلَى
أَنْــصَــارِ سَـعْـدٍ وَعَـلَـى صَـحْـبِـهِ
قَــدْ صَـارَتِ الْـحَـالُ إِلَـى جِـدِّهَـا
وَانْــتَــبَــهَ الْــغَــافِــلُ مِـنْ لِـعْـبِـهِ
الــلَّــيْــثُ، وَالْـعَـالَـمُ مِـنْ شَـرْقِـهِ
فِــي هَـيْـبَـةِ الـلَّـيْـثِ إِلَـى غَـرْبِـهِ
قَــضَــى بِأَنْ نَــبْـنِـي عَـلَـى نَـابِـهِ
مُــلْــكَ بَــنِــيــنَــا وَعَـلَـى خِـلْـبِـهِ
وَنَــبْــلُــغَ الْــمَـجْـدَ عَـلَـى عَـيْـنِـهِ
وَنَــدْخُــلَ الْــعَــصْـرَ إِلَـى جَـنْـبِـهِ
وَنَــصِــلَ الــنَّــازِلَ فِــي سِــلْـمِـهِ
وَنَــقْــطَــعَ الــدَّاخِـلَ فِـي حَـرْبِـهِ
وَنَــصْــرِفَ الــنِّــيــلَ إِلَــى رَأْيِــهِ
يَــقْــسِـمُـهُ بِـالْـعَـدْلِ فِـي شِـرْبِـهِ
يُــبِـيـحُ أَوْ يَـحْـمِـي عَـلَـى قُـدْرَةٍ
حَـقَّ الْـقُـرَى وَالـنَّـاسِ فِـي عَذْبِهِ
أَمْــرٌ عَــلَـيْـكُـمْ أَوْ لَـكُـمْ فِـي غَـدٍ
مَــا سَــاءَ أَوْ مَــا سَــرَّ مِــنْ غِـبِّـهِ
لَا تَــسْــتَــقِــلُّــوهُ فَــمَــا دَهْـرُكُـمْ
بِــحَــاتِــمِ الْــجُــودِ وَلَا كَــعْــبِــهِ
نَــسْــمَــعُ بِــالْــحَــقِّ وَلَـمْ نَـطَّـلِـعْ
عَــلَــى قَــنَــا الْـحَـقِّ وَلَا قُـضْـبِـهِ
يَـنَـالُ بِـالـلِّـيـنِ الْـفَـتَـى بَعْضَ مَا
يَــعْــجِــزُ بِـالـشَّـدَّةِ عَـنْ غَـصْـبِـهِ
فَإِنْ أَنِــسْــتُـمْ فَـلْـيَـكُـنْ أُنْـسُـكُـمْ
فِـي الـصَّـبْـرِ لِـلـدَّهْـرِ وَفِـي عَتْبِهِ
وَفِـي احْتِشَامِ الْأُسْدِ دُونَ الْقَذَى
إِذَا هِــيَ اضْــطُــرَّتْ إِلَـى شُـرْبِـهِ
قَـدْ أَسْـقَـطَ الـطَّـفْـرَةَ فِـي مُـلْـكِهِ
مَـنْ لَـيْـسَ بِـالْـعَـاجِـزِ عَـنْ قَـلْـبِهِ
يَـــا رُبَّ قَـــيْـــدٍ لَا تُـــحِــبُّــونَــهُ
زَمَـــانُـــكُــمْ لَــمْ يَــتَــقَــيَّــدْ بِــهِ
وَمَـطْـلَـبٍ فِـي الـظَّـنِّ مُـسْـتَـبْعَدٍ
كَــالــصُّـبْـحِ لِـلـنَّـاظِـرِ فِـي قُـرْبِـهِ
وَالْــيَأْسُ لَا يَـجْـمُـلُ مِـنْ مُـؤْمِـنٍ
مَـا دَامَ هَـذَا الْـغَـيْـبُ فِـي حُجْبِهِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: السريع
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

أحمد شوقي: شاعر مصري، يُعَدُّ أحد أعظم شعراء العربية في مختلِف العصور، بايعه الأدباء والشعراء في عصره على إمارة الشعر فلقب ﺑ «أمير الشعراء». كان صاحب موهبة شعرية فَذَّةٍ، وقلم سَيَّال، لا يجد عناء في نظم الشعر، فدائمًا ما كانت المعاني تتدفق عليه كالنهر الجاري؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية، فبلغ نتاجه الشعري ما لم يبلغه تقريبًا أيُّ شاعر عربي قديم أو حديث، حيث وصل عدد أبيات شعره إلى ما يتجاوز ثلاثةً وعشرين ألف بيت وخمسمائة.

وُلد «أحمد شوقي علي» بحي الحنفي بالقاهرة في عام ١٨٦٨م، لأبٍ شركسي وأُمٍّ ذات أصول يونانية، لكنه نشأ وتربَّى في كنف جَدته لأمه التي كانت تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل. أُدخل شوقي في الرابعة من عمره الكُتَّاب فحفظ فيه قدرًا من القرآن، ثم انتقل بعدها ليُتِمَّ تعليمه الابتدائي، وأظهر الصبي في صغره ولعًا بالشعر، جعله يَنْكَبُّ على دواوين فحول الشعراء فيحفظ وينهل منها قدر ما يستطيع، ولما أتمَّ الخامسة عشرة من عمره التحق بقسم الترجمة الذي أُنشِئَ حديثًا بمدرسة الحقوق، سافر بعدها إلى فرنسا ليكمل دراسته القانونية، ورغم وجوده في باريس آنذاك، إلا أنه لم يُبْدِ سوى تأثرٍ محدودٍ بالثقافة الفرنسية، فلم ينبهر بالشعراء الفرنسيين أمثال: رامبو، وبودلير، وفيرلين. وظل قلبه معلقًا بالشعراء العرب وعلى رأسهم المتنبي.

يُعَدُّ أحمد شوقي من مؤسسي مدرسة الإحياء والبعث الشعرية مع كل من: محمود سامي البارودي، وحافظ إبراهيم، وعلي الجارم، وأحمد محرم. وقد التزم شعراء هذه المدرسة بنظم الشعر العربي على نهج القدماء، خاصة الفترة الممتدة بين العصر الجاهلي والعباسي، إلا أنه التزامٌ مازَجَه استحداث للأغراض الشعرية المتناوَلَة، التي لم تكُن معروفة عند القدماء، كالقصص المسرحي، والشعر الوطني، والشعر الاجتماعي. وقد نظم شوقي الشعر بكل أغراضه: المديح، والرثاء، والغزل، والوصف، والحكمة.

بايع الأدباء والشعراء أحمد شوقي أميرًا لهم في حفلٍ أُقِيمَ بالقاهرة عام ١٩٢٧م، وظل الرجل مَحَلَّ إعجاب وتقدير ليس فقط بين الخاصة من المثقَّفين والأدباء بل من عموم الناس أيضًا، وفي عام ١٩٣٢م رحل شوقي عن عالمنا، وفاضت رُوحُهُ الكريمة إلى بارئها عن عمر يناهز أربعة وستين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤