لِسَائِلِ دَمْعِي مِنْ هَوَاكَ جَوَابُ

Wave Image
لِــسَــائِــلِ دَمْــعِــي مِــنْ هَــوَاكَ جَـوَابُ
فَــمَــا ضَــرَّ أَنْ لَــوْ كَــانَ مِــنْــكَ ثَـوَابُ
بِــعَـيْـنِـي هِـلَالٌ مِـنْ جَـبِـيـنِـكَ مُـشْـرِقٌ
وَفِـي الْـقَـلْـبِ مِـنْ عَـذْلِ الْعَذُولِ شِهَابُ
لَـئِـنْ كَـانَ مِـنْ جِـنْـسِ الْـخَطَا لَكَ نِسْبَةٌ
فَإِنَّ شِـــفَـــائِـــي فِـــي هَــوَاكَ صَــوَابُ
وَإِنْ كَـانَ فِـي تُـفَّـاحِ خَـدَّيْـكَ مُـجْـتَـنًى
فَــفِــي الــرِّيــقِ مِـنْ تُـفَّـاحِـهِـنَّ شَـرَابُ
وَإِنْ كُـنْـتُ مَـجْـنُـونًـا بِـعِـشْـقِـكَ هَـائِـمًا
فَإِنِّــي بِــنُــبْــلِ الْــمُــقْــلَـتَـيْـنِ مُـصَـابُ
تُــعَــبِّـرُ عَـنْ وَجْـدِي سُـطُـورُ مَـدَامِـعِـي
كَأَنَّــــكَ يَــــا خَــــدِّي لَـــهُـــنَّ كِـــتَـــابُ
إِذَا كَــانَ يُــعْــزَى لِابْــنِ مُـقْـلَـةَ خَـطُّـهَـا
فَــمَــا مِــنْــهُــمَــا لِــلْــقَـارِئِـيـنَ عُـجَـابُ
عَـلَـى ضَـيِّـقِ الْـعَـيْـنَـيْـنِ تَـسْفَحُ مُقْلَتِي
وَيُــــطْـــرِبُـــنِـــي لَا زَيْـــنَـــبٌ وَرَبَـــابُ
فَـــيَـــا رَشَأَ الْأَتْـــرَاكِ لَا سِـــرْبَ عَــامِــرٍ
فُــؤَادِيَ مِــنْ سُــكْــنَـى الـسُّـلُـوِّ خَـرَابُ
بِــوَجْــهِــكَ مِــنْ مَــاءِ الْـمَـلَاحَـةِ مَـوْرِدٌ
لِـــظَـــامٍ وَسِـــرْبُ الْــعَــامِــرِيِّ سَــرَابُ
إِذَا زُرْتَــنِــي فَــالــرُّوحُ وَالْــمَــالُ هَــيِّـنٌ
وَكُـــلُّ الَّـــذِي فَـــوْقَ الـــتُّـــرَابِ تُــرَابُ
سَـقَـى الـلـهُ عَـهْـدِي بِـالْـحَبِيبِ وَبِالصِّبَا
سَــحَــابًــا كَأَنَّ الْــوَدْقَ فِــيــهِ حَــبَــابُ
فَـقَـدْتُ الْـهَـوَى لَـمَّـا فَـقَـدْتُ شَـبِـيـبَتِي
وَأَوْجَـــعُ مَـــفْـــقُـــودٍ هَــوًى وَشَــبَــابُ
وَكَــانَ يَـصِـيـدُ الـظَّـبْـيَ فَـاحِـمُ لِـمَّـتِـي
وَأَغْـــرَبُ مَـــا صَــادَ الــظِّــبَــاءَ غُــرَابُ
وَلَـوْ كُـنْـتُ مِنْ أَهْلِ الْمُدَاجَاةِ فِي الْهَوَى
لَــكَــانَ بِــدَمْـعِـي لِـلْـمَـشِـيـبِ خِـضَـابُ
وَإِنِّــي لَــمِــمَّــنْ زَادَ فِـي الْـغَـيِّ سَـعْـيُـهُ
وَطَـــوَّلَ حَـــتَّـــى آنَ مِـــنْـــهُ مَـــتَــابُ
إِلَــهِـيَ فِـي حُـسْـنِ الـرَّجَـا لِـيَ مَـذْهَـبٌ
وَقَـــدْ آنَ لِـــلـــرَّاجِـــي إِلَــيْــكَ ذَهَــابُ
أَغِــثْــنِــي فَإِنَّ الْـعَـفْـوَ لِـي مِـنْـكَ جَـنَّـةٌ
وَغِــثْـنِـي فَإِنَّ الـلُّـطْـفَ مِـنْـكَ سَـحَـابُ
وَأَيِّــدْ أَيَــادِي ابْــنِ الْــخَــلِــيــفَــةِ إِنَّـهَـا
إِذَا زَهَـــدَتْ فِـــيـــنَـــا الْــكِــرَامُ رِغَــابُ
أَيَــادِي عَــلِـيٍّ رَحْـمَـةُ الـلـهِ فِـي الْـوَرَى
فَإِنْ يَـــبْــغِ بَــاغِــيــهِــمْ فَــهُــنَّ عَــذَابُ
عَــلِـيَّ الـذُّرَى وَالْإِسْـمِ وَالـنَّـسَـبِ الَّـذِي
يُــعَــنْــعِــنُ لِــلْــخَـطَّـابِ فِـيـهِ خِـطَـابُ
فَـيَـا لَـكَ مِـنْ بَـيْـتٍ عَـلِـيٍّ قَـدِ اعْـتَـلَـتْ
بِــهِ فَــوْقَ أَكْــتَــافِ الــنُّــجُــومِ قِــبَـابُ
مِـنَ الْـقَـوْمِ فِـي بَـطْـحَـاءِ مَـكَّـةَ مَـنْـزِلٌ
لَــهُــمْ وَفِــنًــا حَــوْلَ الـشِّـعَـابِ شِـعَـابُ
حَــمَــتْ عُــقْـدَةَ الْإِسْـلَامِ بَـدْءًا وَعَـوْدَةً
كَـــتِــيــبَــةُ مُــلْــكٍ مِــنْــهُــمُ وَكِــتَــابُ
فَــكَــمْ مَــرَّةٍ بَــاتُــوا لِـحَـرْبٍ فَـجَـدَّلُـوا
وَعَــادُوا إِلَــى نَــادِي الــنَّــدَى فَأَثَــابُــوا
بِأَلْـــسُـــنِ نِـــيــرَانٍ لَــهُــمْ وَقَــوَاضِــبٍ
إِذَا مَـــا دَعَـــوْا نَــادِي الــنِّــدَاءِ أَنَــابُــوا
وَأَقْـــلَامِ عَـــدْلٍ فِــي بُــحُــورِ أَنَــامِــلٍ
لَــهُــمْ بَــيْــنَ أَمْــوَاجِ الــدُّرُوعِ عُــبَــابُ
مَـضَـى عُـمَـرُ الْـفَـارُوقُ وَهْـيَ كَـمَـا تَرَى
غُـــصُــونٌ بِأَوْطَــانِ الْــمُــلُــوكِ رِطَــابُ
فَأَحْــسِــنْ بِــهَــا فِــي رَاحَــةٍ عَــلَــوِيَّـةٍ
كَــمَـا افْـتَـرَّ عَـنْ لَـمْـعِ الْـبُـرُوقِ سَـحَـابُ
تَــوَاتَــرَ لَــفْــظًــا كَــالْــجُـمَـانِ سَـحَـابُـهُ
عَـلَـى جَـانِـبِ الْـمُـلْـكِ الْـعَـقِـيـمِ سِحَابُ
يُـــنَـــقِّـــبُ عَــنْ رَأْيٍ بِــهَــا وَفَــوَاضِــلٍ
سَــفِـيـرٌ عَـنِ الْـمَـعْـنَـى الْـخَـفِـيِّ نِـقَـابُ
مَـهِـيـبُ الـشَّـظَـى يَخْشَى صَرِيرَ يَرَاعِهِ
ظُــبَــا الْــبِــيـضِ حَـتَّـى لَا يَـطِـنَّ ذُبَـابُ
فَـيَـا لَـيْـتَ يَـحْـيَـى الْآنَ يَحْيَا فَيَجْتَنِي
مَــحَــاسِــنَ مِــنْــهَــا خَــيْــلُـهُ وَشَـبَـابُ
وَكَــاتِــبِ سِــرٍّ لِــلْــمُــلُــوكِ مُــحَــجَّــبٍ
وَمَــا لِــلــنَّــدَى عَــنْ زَائِــرِيــهِ حِـجَـابُ
عُـطَـارِدُ دُهْـمِ الْـمُـشْـتَـرِي غَـيْـرُ خَـاسِـرٍ
إِذَا بِــيــعَ حَــمْــدٌ فِــي الْــوَرَى وَثَــوَابُ
وَذُو الْــقَــلَـمِ الْـمَـاضِـي الـثَّـنَـا فَـكَأَنَّـمَـا
لَـهُ الـسَّـيْـفُ مِـنْ فَـرْطِ الْـمُـضَـاءِ قِـرَابُ
مَــــوَارِدُهُ شَــــهْــــدٌ إِذَا شِــــيـــمَ بِـــرُّهُ
وَإِنْ شِــيــمَ حَــرْبٌ فَــالْــمَــوَارِدُ صَـابُ
تُــخَــافُ وَتُــرْجَــى يَـا مُـسَـطِّـرَ كُـتْـبِـهِ
كَأَنَّـــــــكَ رَوْضٌ أَوْ كَأَنَّـــــــكَ غَـــــــابُ
كَـذَا يَـا بْـنَ فَـضْـلِ الـلـهِ تَـدْعُـو لِـمُـلْكِهَا
مُــلُــوكٌ إِذَا شَــامُـوا الـظُّـنُـونَ أَصَـابُـوا
فَــرِيـدَ الْـعُـلَا هَـلْ أَنْـتَ مُـصْـغٍ لِـنَـاظِـمٍ
فَــرِيــدِ الــثَّــنَــا كَـالـتِّـبْـرِ لَـيْـسَ يُـعَـابُ
لِأُعْــرِضَ عَــنْ رَجْــوَايَ عَــطْــفَـكَ مَـرَّةً
فَأَعْـــرَضَ عَـــنِّـــي سَـــادَةٌ وَصِــحَــابُ
وَأَوْهَــمَــنِــي حِــرْمَــانُــهُـمْ لِـيَ حَـاجَـةً
أَهُــــبُّ لِأَشْــــكُــــو حَــــرَّهَـــا فَأَهَـــابُ
وَكَابَدْتُ فِي الْمَثْنَى مِنَ الْعُرْبِ مُشْتَكِي
كَــمَــا قِــيـلَ لَـمْ تُـلْـبَـسْ عَـلَـيْـهِ ثِـيَـابُ
وَإِنِّـي وَإِنْ شِـيـبَـتْ حَـيَـاتِـي وَأَعْـرَضُوا
وَحَــقِّــكَ مَــا لِــيَ غَــيْــرَ بَــابِــكَ بَــابُ
فَــلَــيْــتَــكَ تَــحْــلُـو وَالْـحَـيَـاةُ مَـرِيـرَةٌ
وَلَــيْــتَــكَ تَــرْضَــى وَالْأَنَــامُ غِــضَــابُ
وَحَـقِّـكَ مَـا حَـقِّـي سِـوَى الـصُّـبْـحِ نَـيِّرٌ
وَلَــكِــنَّــمَــا حَــظِّــي عَــلَــيْــكَ ضَـبَـابُ
يُــغَــنِّـي بِـمَـدْحِـي فِـيـكَ حَـادٍ وَسَـامِـرٌ
فَـــطَـــابَـــتْ عَــلَــيْــهِ رِحْــلَــةٌ وَإِيَــابُ
وَأَنْــتَ الَّــذِي أَنْــطَــقْــتَــنِــي بِــبَــدَائِـعٍ
بِــغَــيْــظِ أُنَــاسٍ قَــدْ ظَـفِـرْتُ وَخَـابُـوا
فَـــمَـــا الــنَّــظْــمُ إِلَّا مَــا أُحَــرِّرُ فَــاتِــنٌ
وَمَــا الْــبَــيْــتُ إِلَّا مَــا سَــكَـنْـتُ يَـبَـابُ
إِلَـيْـكَ الـنُّـهَـى قَـوْلِـي لِـمَـنْ قَـالَ مُـلْجِمٌ
وَخَــفَّ لَــهُ فِــي الْــخَــافِــقَــيْـنِ رِكَـابُ
فَـــدُونَـــكَ مِـــنْــهُ كُــلُّ سَــيَّــارَةٍ لَــهَــا
مَــقَــرٌّ عَــلَــى أُفْــقِ الــسُّــهَــا وَجَـنَـابُ
عَــلَا فَــوْقَ عِــرْنِـيـنِ الْـغَـزَالَـةِ كَـعْـبُـهَـا
وَزَاحَــمَــتِ الــسِّــتِّــيــنَ وَهْــيَ كِـعَـابُ
وَدُمْ يَـا مَـدِيـدَ الْـفَـضْـلِ مُـنْشَرِحَ النَّدَى
عَـلَـى الْـخَـلْـقِ لَا يَـفْـنَـى لَـدَيْـكَ طِـلَابُ
تُــهَــنِّــيـكَ بِـالْأَعْـوَامِ مُـذْهَـبَـةُ الْـحُـلَـى
عَــلَــى الْــيُــمْــنِ مِــنْــهَـا جُـبَّـةٌ وَإِهَـابُ
لَـهَـا مِـنْ هِـلَالٍ فِـي الْـعِـدَا حَـدُّ خَـنْـجَرٍ
وَفِــي الـرِّفْـدِ مِـنْ نَـوْعِ الـزَّكَـاةِ نِـصَـابُ

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: المدح
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: المملوكي

عن الشاعر

ابن نباتة المصري: شاعر من شعراء العصر المملوكي في مصر، ذاع صِيته في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي).

وُلد «محمد بن محمد بن محمد بن الحسن الجذامي الفارقي المصري» جمال الدين المُكَنَّى بأبي بكر والشهير ﺑ «ابن نباتة المصري» سنة ٦٨٦ﻫ/١٢٨٧م في «زقاق القناديل» في الفسطاط بالقاهرة، وكان أبوه وجده من شيوخ الحديث، وأصلهم يرجع إلى «ميافارقين» من ذرية الخطيب عبد الرحيم بن محمد بن نباتة.

نشأ ابن نباتة في بيت ثري وبين أسرة ظاهرة‌ الجاه والنفوذ، في ظل أبٍ عطوف ذاع صيتُه في العلم والفضل والأدب وكثيرًا ما نرى أصداءً لفخر الشاعر بأبيه وآله في شعره. وقد تبدَّت أُولى براعم موهبته الشعرية في الثالثة عشرة‌ من عمره، مترافقة مع إقباله الشديد على توسيع مداركه وتغذية ثقافته الدينية والأدبية. وفي سنة ٧١٥ﻫ‍ انتقل ابن نباتة لسُكنى الشام ووَلِيَ نظارة القمامة بالقدس أيام زيارة المسيحيين لها، واتصل في تلك الفترة بالملك المؤيد وقال فيه شعرًا كثيرًا، وحين رجع إلى القاهرة سنة ٧٦١ﻫ كان صاحب سر السلطان «الناصر حسن».

له ديوان شعر جُمع بعد وفاته وطُبع لأول مرة سنة ١٩٠١م بالقاهرة، وقد ضمَّ مجموع دواوينه وأوراقه الشعرية، ومنها: «القطر النباتي»، و«جلاسة القطر»، و«سوق الرقيق»، و«ظرائف الزيادة». كتب فيها في مختلف الأغراض الشعرية التي ميَّزت عصره، شاملة المدح والغزل والخمريات والرثاء والهجاء والوصف والشكوی والحنين إلی الوطن. وله كذلك مؤلَّفات أخرى نثرية، من بينها: «سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون»، و«سجع المطوق»، و«مطلع الفوائد»، و«المفاخرة بين السيف والقلم»، و«سلوك دول الملوك» وغيرها، وأورد الصلاح الصفدي في «ألحان السواجع» مراسلاته معه.

تُوُفِّيَ ابن نباتة المصري في منزله بزقاق القناديل في القاهرة سنة ٧٦٨ﻫ/١٣٦٦م إثر معاناة مع المرض.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤