مَا نَخَلَتْ جَارَتُنَا وُدَّهَا

Wave Image
مَـــا نَـــخَـــلَـــتْ جَـــارَتُـــنَــا وُدَّهَــا
يَــوْمَ تَــرَاءَتْ بِــكَــثِـيـبِ الـنُّـخَـيْـلْ
قَــامَــتْ أَمَــامَ الـرِّجْـلِ مِـثْـلَ الَّـتِـي
تَــامَـتْ أَبَـا الـنَّـجْـمِ غَـدَاةَ الـرُّحَـيْـلْ
مَـا صَـاحِـبُ الـسَّـيْـفِ سَـعَـى نَـمْـلُهُ
مِــنْ رَبَّــةِ الــدُّمْــلُــجِ ذَاتِ الـنُّـمَـيْـلْ
لَــــقَــــدْ رَآنِــــي لَابِــــسًـــا نَـــثْـــرَةً
أَسْـحَـبُ مِنْهَا فِي الْوَغَى فَضْلَ ذَيْلْ
يَــحْــسَــبُــهَــا الــضَّــبُّ إِذَا أُلْـقِـيَـتْ
فِـي أَرْضِـهَـا الْـغَـبْـرَاءِ عُـثْـنُونَ سَيْلْ
يَـــشْــتَــدُّ خَــوْفًــا بَــعْــدَ إِخْــبَــارِهِ
حُــسَــيْــلَــهُ عَــنْـهَـا وَأُمَّ الْـحُـسَـيْـلْ
مَــــاذِيَّــــةٌ هَــــمَّ بِـــهَـــا عَـــاسِـــلٌ
مِــنَ الْــقَــنَــا لَا عَـاسِـلٌ مِـنْ هُـذَيْـلْ
دَقَّــــتْ وَمَـــا رَقَّـــتْ وَلَـــكِـــنَّـــهَـــا
جَـاءَتْ كَـمَـا رَاقَـكَ ضَـحْـضَاحُ غَيْلْ
فَــمَــنْ لِــبِــسْــطَـامِ بْـنِ قَـيْـسٍ بِـهَـا
ذَخِــيــرَةً أَوْ عَــامِــرِ بْــنِ الـطُّـفَـيْـلْ
فَـــارِسُـــهَــا يَــسْــبَــحُ فِــي لُــجَّــةٍ
مِـنْ دِجْـلَـةَ الـزَّرْقَـاءِ أَوْ مِـنْ دُجَـيْـلْ
هَالَتْ وَمَا هِيلَتْ وَفَاضَتْ عَلَى الصَّـ
ـاعِ وَلَــمْ يُــمْــلَأْ بِــهَــا صَــاعُ كَـيْـلْ
كَأَنَّـــهَـــا كِـــسْـــفُ سَـــمَـــاءٍ هَــوَى
لِــحَــوْبَــةٍ خَــرَّ بِــهَــا مِــنْ سُــهَـيْـلْ
أَعَـــدَّهَـــا الـــشَّـــيْــخُ مَــعَــدٌّ لِــمَــا
يَــطْــرُقُــهُ مِــنْ لَـفِّ خَـيْـلٍ بِـخَـيْـلْ
كَـــانَـــتْ لِـــهُـــودٍ عُـــدَّةً قَـــبْــلَ أَدْ
يَــانُ يَــهُــودٍ حَــدَثَــتْ مِــنْ قُـبَـيْـلْ
تُــعَــلِّــمُ الــزُّمَّــيْــلَ ضَــرْبَ ابْــنِ دَا
رَةَ الْــمَــنَــايَــا كَــسَــجَــايَــا زُمَـيْـلْ
أَعِـــيـــلُ فِـــيـــهَـــا كَأَخِـــي لِــبْــدَةٍ
عَــائِــلِ شِــبْــلَــيْـنِ حَـلِـيـفٍ لِـعَـيْـلْ
بُــدِّلْــتُ مِــنْ بُــرْدِ الــصِّــبَـا شَـامِـلًا
جَــوْنًــا بِــلَــوْنٍ كَــبَــيَـاضِ الْأُجَـيْـلْ
فَــارْتَــحَــلَ الــنَّــضْــرُ لِــرَبْـعٍ سِـوَى
رَبْــعِــي فِــرَارًا مِــنْ أَبِــيـهِ شُـمَـيْـلْ
وَقَــدْ أَقُــودُ الــطِّــرْفَ مُــسْــتَأْسِـدًا
رَائِــــدَ بَـــقْـــلٍ مَـــرَّةً أَوْ بُـــقَـــيْـــلْ
أُسِــيــلُ مَأْقَ الْــعِـيـسِ فِـي أَكْـحَـلٍ
تَــنْـضِـحُ ذِفْـرَاهَـا بِـمِـثْـلِ الْـكُـحَـيْـلْ
عَــــنْ نَــــفَــــلٍ أَسْأَلُ أَوْ حَــــنْــــوَةٍ
سُــؤَالَ مُــزْجِـي فِـيـلِـهِ عَـنْ نُـفَـيْـلْ
وَالْــمَــرْءُ يَــحْــتَــالُ وَيَــغْــتَــالُ مَـا
عَـــاشَ وَيَأْتَـــالُ بِــقَــصْــدٍ وَمَــيْــلْ
وَالْـــوُدُّ غَـــرَّارٌ وَنَـــجْـــوَى عَـــلِـــيٍّ
وَلَـــدَيْــهِ غَــيْــرُ نَــجْــوَى كُــمَــيْــلْ
مِــنْ حُــبِّ عَــبْـدِ الـدَّارِ مَـا أَبْـعَـدَتْ
حُــبَّـى أَخَـاهَـا عَـنْ وَصَـايَـا حُـلَـيْـلْ
وَالــــدَّهْــــرُ إِعْــــدَامٌ وَيُـــسْـــرٌ وَإِبْـ
ـرَامٌ وَنَــــقْــــضٌ وَنَـــهَـــارٌ وَلَـــيْـــلْ
يُــفْــنِــي وَلَا يَــفْــنَــى وَيُــبْـلِـي وَلَا
يَـــبْـــلَـــى وَيَأْتِــي بِــرَخَــاءٍ وَوَيْــلْ
لَـــوْ قَـــالَ لِـــي مَـــالِـــكُـــهُ سَــمِّــهِ
مَــا جُــزْتُ عَــنْ نَــاجِـيَـةٍ أَوْ بُـدَيْـلْ
يُــدْعَــى الْـفَـتَـى ضَـبًّـا وَفِـيـهِ نَـدًى
وَوَاهِـــبًـــا وَهْـــوَ عَــدِيــمٌ لِــنَــيْــلْ
إِنَّ كُــلَــيْــبًــا كَــانَ لَــيْــثَ الــشَّـرَى
وَالْـهِـجْـرِسَ الْـخَـادِرُ مِـنْ غَـيْـرِ فَيْلْ
كَــمْ ظَــبْــيَــةٍ فِــي أَسَــدٍ تَــعْــتَـزِي
وَجَــاهِــلٍ مُــنَــسَّــبٍ فِــي عُــقَـيْـلْ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: السريع
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو العلاء المَعَرِّي: شاعرٌ وفيلسوفٌ وأديبٌ عربيٌّ مِنَ العصرِ العبَّاسي، اشتُهِرَ بآرائِه وفلسفتِه المثيرةِ للجدلِ في وقْتِه.

وُلِدَ «أحمد بن عبد الله بن سليمان القُضاعي التنُوخي المَعَرِّي» المعروفُ ﺑ «أبي العلاء المَعَرِّي» عامَ ٣٦٣ﻫ بمَعَرَّةِ النُّعمانِ بسُوريا، وفقَدَ بصَرَه وهو صغيرٌ نتيجةً لمَرضِه بالجُدَري. أخَذَ علومَ القراءاتِ القرآنيةِ بإسنادٍ عنِ الشُّيوخ، كما تعلَّمَ الحديثَ في سنٍّ مُبكِّرة، وقالَ الشِّعرَ وهو ابنُ إحدى عشرةَ سنة، ورحلَ إلى بغدادَ عامَ ٣٩٨ﻫ فأقامَ بها سنةً وسبعةَ أَشْهُر، ثُم اعتزَلَ الناسَ لبعضِ الوقت؛ فلُقِّبَ ﺑ «رَهِينِ المَحْبسَيْن»؛ العَمَى والدَّار.

أمَّا شِعْرُه، وهو ديوانُ حكمتِه وفلسفتِه، فالمطبوعُ منه حتى الآن: «اللُّزوميَّات»، و«سِقْطُ الزَّنْد». وقد تُرجِمَ الكثيرُ من شِعْرِه إلى غيرِ العربيَّة، وأمَّا كُتبُه فكثيرةٌ وفِهرسُها في «مُعجَمِ الأُدَباء». من تَصانيفِه كتابُ «الأَيْك والغُصُون» في الأدب، يَزيدُ على مائةِ جُزْء، و«تاج الحُرَّة» في النساءِ وأخلاقِهنَّ وعِظاتِهِن، و«عَبَث الوَلِيد» شرَحَ فيه دِيوانَ البُحْتُريِّ ونقَدَه، و«رِسالة المَلائِكة» وهي صَغِيرة، و«رِسالة الغُفْران»، و«الفُصُول والغَايات».

عاش المعري متفلسفًا زاهدًا في الدنيا؛ إذ كانَ يَدعمُ حقوقَ الحيوانِ ويُحرِّمُ إِيلامَه، ولذا كان نباتيًا؛ فلمْ يَأكُلِ اللحمَ خمسًا وأربعينَ سنة، كما كانَ يَلبسُ خشِنَ الثِّياب، وكان له أراءه الخاصة في العقيدة، التي جعلت الآراء تختلف حول حقيقة إيمانه؛ إذ ذهب البعض إلى تكفيره واتهامه بالإلحاد، وإخراجِه مِنَ الإسلام، بينما دافَعَ عنه عميدُ الأدبِ العربيِّ «طه حسين» في عِدَّةِ كِتاباتٍ ومُؤلَّفات؛ أشْهرُها «معَ أبي العلاءِ في سجنِه». 

ظلَّ حبيسًا في بيتِه حتى وفاتِه عامَ ٤٤٩ﻫ بمنزلِه بمَعَرَّةِ النُّعْمان، وقد أَوْصى أن يُكتَبَ على قبْرِه عِبارة: «هذا جَناهُ أبي عليَّ، وما جَنيْتُ على أَحَد.» ويَقصدُ أنَّ أباه بزَواجِه من أمِّه أوْقَعَه في دارِ الدُّنيا. وقد وقَفَ على قبْرِه جمْعٌ غفيرٌ من أُدباءِ عصْرِه وشُعرائِه ورَثَوْه بثمانينَ مَرْثَاة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤