الْحَمْدُ لِلْمُعَلِّمِ

Wave Image
وَلَـيْـلٍ بِـهِ قَـدْ بِـتُّ أَخْـتَـلِـسُ الْـكَـرَى
وَأَرَّقْــتُ فِــيــهِ الـنَّـجْـمَ أَنْ يَـتَـغَـوَّرَا
تَـمَـطَّـى عَـلَـى الْآكَـامِ مِـنْـهُ بِـغَـيْـهَبٍ
تَـكَـاثَـفَ حَـتَّـى خِـلْـتُـهُ قَـدْ تَـحَـجَّرَا
وَكَــادَ دُجَــاهُ يُـمْـكِـنُ الْـكَـفَّ لَـمْـسُـهُ
فَــلَــوْ سَــارَ سَـارٍ فِـي دُجَـاهُ تَـعَـثَّـرَا
لَــقَــدْ بِــتُّــهُ وَالْــهَــمُّ مُــعْــتَــلِـجٌ بِـهِ
إِذَا زَادَ طُــولًا زِدْتُ فِــيــهِ تَــضَـجُّـرَا
يُــقَــلِّــبُـنِـي فِـيـهِ الْـجَـوَى وَتَـهُـزُّنِـي
لَــوَاعِـجُ شَـوْقٍ فِـي الْـفُـؤَادِ تَـسَـعُّـرَا
أَرَى الـزُّهْـرَ فِـيـهِ يَـضْـطَـرِبْنَ كَخَابِطٍ
بِـتَـيْـهَـاءَ يَـجْـتَـابُ الـدُّجَـى مُـتَحَيِّرَا
كَأَنَّ نُجُومَ اللَّيْلِ غَضْبَى عَلَى الدُّجَى
تُــرَدِّدُ لَــحْــظًـا فِـي الـدُّجُـنَّـةِ أَشْـزَرَا
إِلَـى أَنْ بَدَا لِي الصُّبْحُ يَحْكِي عَمُودُهُ
لِــنَــخْــلَــةَ رَأْيًــا بِــالــذَّكَــاءِ مُــنَـوِّرَا
فَـتًـى كُـنْـتُ قَبْلَ الْيَوْمِ خُبِّرْتُ فَضْلَهُ
كَــبِــيـرًا وَمُـذْ شَـاهَـدْتُـهُ كَـانَ أَكْـبَـرَا
لَـــهُ خُـــلُـــقٌ بَـــادٍ إِبَـــاءً وَنَـــخْـــوَةً
وَعَــقْــلٌ رَزِيــنٌ بِــالْـعُـلُـومِ تَـحَـضُّـرَا
تَــرَى مِــنْــهُ إِنْ لَايَــنْــتَــهُ ذَا دَمَـاثَـةٍ
أَدِيــبًــا وَإِنْ خَــاشَـنْـتَـهُ فَـغَـضَـنْـفَـرَا
لَـقَـدْ عَـلِـمَـتْ هَـذِي الْـمَدَارِسُ فَضْلَهُ
لَـدُنْ كَـانَ لِـلـتَّـدْرِيـسِ فِـيـهَـا تَصَدَّرَا
تَــقَـضَّـتْ لَـهُ فِـيـهَـا ثَـلَاثُـونَ حِـجَّـةً
بِـــهَـــا قَـــرَّطَ الْآذَانَ دُرًّا وَجَــوْهَــرَا
وَجَـــهَّـــزَ بِـــالْآدَابِ أَبْــنَــاءَ قُــطْــرِهِ
أَمَــالِــيَ أَمْــلَاهَــا عَــلَــيْــهِـمْ وَقَـرَّرَا
بِــذَلِــكَ أَحْــيَــا لِــلْأَعَـارِيـبِ لَـهْـجَـةً
خَــلَا رَبْـعُـهَـا مِـنْ سَـاكِـنِـيـهِ وَأَقْـفَـرَا
إِذَا اسْـتَـبْهَمَتْ طُرْقُ الْفَصَاحَةِ مَازَهَا
بِــمَـا فِـي كِـتَـابِ الـلـهِ مِـنْـهَـا تَـقَـرَّرَا
لَـنَـا الْـيَـوْمَ جَـيْـشٌ مِـنْ تَلَامِيذِ عِلْمِهِ
بِــهِ الْـجَـهْـلُ وَلَّـى مُـدْبِـرًا وَتَـقَـهْـقَـرَا
هُـمُ الْـجَـيْـشُ سَـدُّوا ثَـغْرَ كُلِّ جَهَالَةٍ
إِذَا اتَّـخَـذُوا فِـي كُـلِّ ثَـغْـرٍ مُـعَـسْكَرَا
لَـهُ الْـفَضْلُ فِي تَعْلِيمِهِمْ أَفْصَحَ اللُّغَى
وَغُــرَّ الْـقَـوَافِـي وَالْـكَـلَامَ الْـمُـحَـبَّـرَا
فَــكُـلُّ فَـتًـى مِـنْـهُـمْ أَدِيـبٌ نُـقِـيـمُـهُ
لِــيُــلْــقِــيَ دَرْسًـا أَوْ لِـيَـقْـرَعَ مِـنْـبَـرَا
لَــكَ ابْــنَ زُرَيْــقٍ مِــنَّــةٌ سَــرْمَــدِيَّـةٌ
سَــيَــذْكُـرُهَـا فِـي دَهْـرِهِ مَـنْ تَـذَكَّـرَا
إِذَا مَــا سَـمِـعْـنَـا نَـاطِـقًـا بِـفَـصَـاحَـةٍ
مِـنَ الـنَّـاسِ أَثْـنَـيْـنَـا عَـلَـيْـكَ تَـشَكُّرَا
كَـفَى بِالسَّكَاكِينِيِّ فِي الْقُدْسِ شَاهِدًا
بِـمَـا لَـكَ مِنْ فَضْلٍ عَمِيمٍ عَلَى الْوَرَى
فَـقَـدْ كَـانَ قَـبْـلَ الْـيَوْمِ تِلْمِيذَكَ الَّذِي
غَـدَا الْـيَـوْمَ أُسْـتَـاذًا كَـبِـيـرًا مُـفَـكِّـرَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤