الْبُلْبُلُ وَالْوَرْدُ

Wave Image
إِنَّ بَــلِـيـلًا مِـنْ نَـسِـيـمِ الـسَّـحَـرْ
لَـمَّـا جَـرَى فِـي الْـمَـرْبَـعِ الْـمُخْمَلِ
أَخْـــبَـــرَ رَيَّـــاهُ أَصَــحَّ الْــخَــبَــرْ
عَـمَّـا جَـرَى فِـي الـرَّوْضِ لِـلْـبُلْبُلِ
•••
إِذْ هُــوَ مُــذْ أَلْــقَــى بِــهِ نَــاظِـرَهْ
مِـنْ بَـعْـدِ مَـا ثَـغْرُ الصَّبَاحِ ابْتَسَمْ
صَــــادَفَ فِــــيـــهِ وَرْدَةً زَاهِـــرَة
وَالـطَّـلُّ كَـالـلُّـؤْلُـؤِ فِـيـهَـا انْـتَظَمْ
مَــضْـمُـومَـةً أَوْرَاقُـهَـا الـنَّـاضِـرَة
مِــثْـلَ فَـمٍ يَـطْـلُـبُ تَـقْـبِـيـلَ فَـمْ
فَـظَـلَّ يَـرْنُـو مُـسْـتَـدِيـمَ الـنَّـظَـرْ
رُنُــــوَّ ظَـــمْآنَ إِلَـــى مَـــنْـــهَـــلِ
وَهْـيَ غَـدَتْ مِـمَّـا بِـهَـا مِـنْ خَـفَرْ
مُــحْــمَــرَّةً مِــنْ نَــظَـرٍ مُـخْـجِـلِ
•••
ثُـــمَّ تَـــمَـــادَى غَـــرِدًا صَــادِحًــا
يُـــعْـــلِـــنُ لِـــلْـــوَرْدَةِ أَشْــوَاقَــهُ
يَــنْــطِــقُ بِــالْــحُـبِّ لَـهَـا بَـائِـحًـا
وَهْــيَ الَّــتِــي تَــفْــعَـلُ إِنْـطَـاقَـهُ
وَتَــنْــشُــرُ الــطِّــيـبَ لَـهُ نَـافِـحًـا
كَأَنَّـــهَـــا تَـــقْـــصِـــدُ إِنْــشَــاقَــهُ
حَـتَّـى غَـدَا الْـبُـلْـبُـلُ مُـنْذُ الصِّغَرْ
فِــي حُــبِّـهَـا مُـنْـطَـلِـقَ الـمِـقْـوَلِ
يُـنْـشِـدُ فِـيـهَـا شِـعْـرَهُ الْـمُـبْـتَـكَرْ
وَلَا يَـــنِـــي فَـــيـــهِ وَلَا يَأْتَــلِــي
•••
أَمَـا تَـرَى الْأَزْهَـارَ كَـيْـفَ اغْـتَدَتْ
فَـرَاشَـةُ الـرَّوْضِ عَـلَـيْـهَـا تَـطِـيـرْ
لَــهَــا جَــنَــاحٌ هِـيَ مِـنْـهُ ارْتَـدَتْ
مُــلَاءَةً مَــوْشِــيَّــةً مِــنْ حَــرِيــرْ
فَــهْــيَ إِلَـى الـرَّوْضَـةِ مُـذْ وَرَّدَتْ
أَرْسَــلَـهَـا الْـبُـلْـبُـلُ نَـحْـوَ الْأَمِـيـرْ
تَــحْــمِــلُ لِــلْــوَرْدِ أَمِــيـرِ الـزَّهَـرْ
رَسَــائِــلَ الــشَّــوْقِ مِـنَ الْـبُـلْـبُـلِ
فَـشَـاعَ فِـي الْأَزْهَـارِ هَـذَا الْـخَـبَرْ
وَاسْتَوْجَبَ الْعَطْفَ عَلَى الْمُرْسَلِ
•••
حَـتَّـى إِذَا الْـوَرْدُ مَضَى وَانْقَضَى
وَعَــادَتِ الــرَّوْضَــةُ كَـالْـبَـلْـقَـعَـة
مَـسَّـتْ حَـشَـا الْـبُـلْبُلِ نَارُ الْغَضَى
مِـنْ حُـرْقَـةِ الْـبَـيْـنِ الَّذِي أَوْجَعَهْ
لَا تَــسْأَلِ الْــبُــلْـبُـلَ عَـمَّـا مَـضَـى
فِــي زَمَــنِ الْــوَرْدِ لَــهُ مِــنْ دَعَـة
وَلَـكِـنِ اسْأَلْ فِـي الـسَّـمَـاءِ الْقَمَرْ
عَــنْ خَــبَــرِ الْــوَرْدِ مَــعَ الْـبُـلْـبُـلِ
إِذْ كَـانَ يُـصْـغِـي مِـنْـهُـمَـا لِـلسَّمَرْ
وَهْــوَ مُــطِــلٌّ نَــاظِــرٌ مِــنْ عَــلِ
•••
فَــرَاشَــةُ الــرَّوْضَــةِ ظَــلَّـتْ لِـذَا
تَــحُــومُ وَالْأَزْهَــارُ مِـنْ تَـحْـتِـهَـا
تُــقَــبِّــلُ الــزَّهْــرَةَ ذَاتَ الــشَّــذَا
طَــائِــرَةً مِــنْــهَــا إِلَــى أُخْــتِــهَـا
وَتَــــسْأَلُ الْأَزْهَــــارَ عَــــمَّــــا إِذَا
مَــرَّ فَــقِـيـدُ الْـوَرْدِ مِـنْ سَـمْـتِـهَـا
لِـتُـخْـبِـرَ الْـبُـلْـبُـلَ بَـعْـضَ الْـخَـبَرْ
لَـــعَـــلَّـــهُ غُـــمَّــتُــهُ تَــنْــجَــلِــي
فَإِنَّــهُ بَــاتَ حَــلِــيــفَ الــسَّــهَــرْ
مُــذْ نَــزَحَ الْــوَرْدُ عَــنِ الْــمَـنْـزِلِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: موشح
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: السريع
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤