أَلَمْ يَبْلُغْكَ فَتْكِي بِالْمَوَاضِي

Wave Image
أَلَـمْ يَـبْـلُـغْـكَ فَـتْـكِي بِالْمَوَاضِي
وَسُــخْــرِي بِـالْأَسِـنَّـةِ وَالـزُّجَـاجِ
وَأَنِّــي لَا يُــغَــيِّــرُ لِــي قَــتِــيـرًا
خِــضَــابٌ كَــالْــمُـدَامِ بِـلَا مِـزَاجِ
مَـنَـعْتُ الشَّيْبَ مِنْ كَتَمِ التَّرَاقِي
وَلَـمْ أَمْـنَـعْـهُ مِـنْ خِـطْـرِ الْعَجَاجِ
فَـهَـلْ حُـدِّثْـتَ بِـالْـحِـرْبَـاءِ يُلْقِي
بِـرَاسِ الْـعَيْرِ مُوضِحَةَ الشِّجَاجِ؟
يُـصِـيـحُ ثَـعَـالِـبَ الْـمُـرَّانِ كَـرْبًـا
صِـيَـاحَ الـطَّـيْـرِ تَـطْـرَبُ لِابْتِهَاجِ
غَــدِيــرٌ نَـقَّـتِ الْـخُـرْصَـانُ فِـيـهِ
نَــقِــيــقَ عَــلَاجِــمٍ وَاللَّـيْـلُ دَاجِ
أَضَــاةٌ لَا يَــزَالُ الــزَّغْــفُ مِـنْـهَـا
كَـفِـيـلًا بِـالْإِضَـاءَةِ فِي الدَّيَاجِي
حَــرَامٌ أَنْ يُــرَاقَ نَــجِــيــعُ قِـرْنٍ
يَـجُـوبُ الـنَّـقْـعَ وَهْـوَ إِلَيَّ لَاجِي
يُـقَـضِّـبُ عَـنْـهُ أَمْـرَاسَ الْـمَـنَـايَا
لِــبَــاسٌ مِــثْـلُ أَغْـرَاسِ الـنِّـتَـاجِ
تَـعَـوَّذَ بِـي حَـلِـيـفُ الـتَّـاجِ قِدْمًا
وَفَــارِسُ لَــمْ تَــهُــمَّ بِـعَـقْـدِ تَـاجِ
شَهِدْتُ الْحَرْبَ قَبْلَ ابْنَيْ بَغِيضٍ
وَكُـنْـتُ زَمَـانَ صَـحْـرَاءِ الـنِّـبَـاجِ
فَـلَا يُـطْمِعْكَ فِي الْغَمَرَاتِ وِرْدِي
فَـــإِنِّـــي رَبَّـــةُ الْـــمُـــرِّ الْأُجَــاجِ
فَـإِنْ تَـرْكُـدْ بِـغِـمْـدِكَ لَا تَـخَـفْـنِي
وَإِنْ تَــهْــجُـمْ عَـلَـيَّ فَـغَـيْـرُ نَـاجِ
مَـتَـى تَـرُمِ الـسُّـلُـوكَ بِـيَ الرَّزَايَا
تَــجِــدْ قَـضَّـاءَ مُـبْـهَـمَـةَ الـرِّتَـاجِ
يَــرُدُّ حَــدِيـدَكَ الْـهِـنْـدِيَّ سَـرْدِي
رُفَـاتًـا كَـالْـحَـطِـيـمِ مِـنَ الزُّجَاجِ
تُـنَـاجِـيـنِـي إِذَا اخْـتَـلَفَ الْعَوَالِي
أَتَـدْرِي وَيْـبَ غَـيْـرِكَ مَـنْ تُنَاجِي
كَــأَنَّ كُــعُــوبَــهَــا مُــتَــنَــاثِـرَاتٍ
نَـوَى قَـسْـبٍ تُـرَضَّـخُ لِلـنَّـوَاجِـي
مُــمَــوَّهَــةٌ كَــأَنَّ بِــهَـا ارْتِـعَـاشًـا
لِــفَــرْطِ الــسِّـنِّ أَوْ دَاءِ اخْـتِـلَاجِ
تَـضَـيَّـفُـنِـي الـذَّوَابِـلُ مُـكْـرَهَاتٍ
فَـتَـرْحَـلُ مَـا أُذِيـقَـتْ مِـنْ لَـمَاجِ
تَــفِــيءُ غُـرُوبُـهُـنَّ الـزُّرْقُ عَـنِّـي
بِـــلَا كَـــرْبٍ يُـــعَــدُّ وَلَا عِــنَــاجِ
فَـلَـوْ كَـانَ الْـمُـثَـقَّـفُ جُمْلَةَ اسْمٍ
أَبَـى الـتَّرْخِيمَ صَارَ حُرُوفَ هَاجِ
كَـنَـجْـمِ الـرَّجْـمِ صُـكَّ بِـهِ مَـرِيدٌ
فَــأَبْـدَعَ فِـي انْـجِـذَامٍ وَانْـعِـرَاجِ
كَــبَــيْـتِ الـشِّـعْـرِ قَـطَّـعَـهُ لِـوَزْنٍ
هَـجِـيـنُ الـطَّـبْعِ فَهْوَ بِلَا انْتِسَاجِ
إِذَا مَـا الـسَّـهْـمُ حَـاوَلَ فِيَّ نَهْجًا
فَــإِنِّــي عَـنْـهُ ضَـيِّـقَـةُ الْـفِـجَـاجِ
وَهَـلْ تَـعْـشُـو الـنِّـبَالُ إِلَى ضِيَاءٍ
ثَـنَـى الـسَّـمْـرَاءَ مُطْفَأَةَ السِّرِاجِ؟
يَــهُـونُ عَـلَـيَّ وَالْـحِـدْثَـانُ طَـاغٍ
أَتُـنْـذِرُنِـي الْـفَـوَارِسُ أَمْ تُـفَاجِي
فَـلَـوْ طُـعِـنَ الْـفَـتَى بِأَشَدِّ غُصْنٍ
حَـنَـاهُ أَشَـدُّ حِـصْـنٍ فِـي الْـهِيَاجِ
أَخَــالَـتْـنِـي ظِـمَـاءُ الْـخَـطِّ لُـجًّـا
فَـأَلْـفَـتْ رُكْـنَ شَـابَةَ فِي اللَّجَاجِ
وَلَــيْــسَ لِــكَـرِّ يَـوْمِ الـشَّـرِّ نَـافٍ
سِـــوَى كَـــرٍّ مِــنَ الْأَدْرَاعِ سَــاجِ
مِــــنَ الْـــمَـــاذِيِّ كَـــالْآذِيِّ أَرْدَى
عَـوَاسِـلَ غَـيْـرَ طَـيِّـبَـةِ الْـمُـجَاجِ
وَكَـانَ الْـعَـارُ مِـثْـلَ الْحَتْفِ يَأْتِي
عَــلَــى نَـأْيِ الْـمَـنَـازِلِ وَالْـخِـلَاجِ
فَــإِنَّ بَــنِــي نُــوَيْــرَةَ أَدْرَكَـتْـهُـمْ
مَــسَــبَّـتُـهُـمْ بِـعَـبْـدِ أَبِـي سُـوَاجِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو العلاء المَعَرِّي: شاعرٌ وفيلسوفٌ وأديبٌ عربيٌّ مِنَ العصرِ العبَّاسي، اشتُهِرَ بآرائِه وفلسفتِه المثيرةِ للجدلِ في وقْتِه.

وُلِدَ «أحمد بن عبد الله بن سليمان القُضاعي التنُوخي المَعَرِّي» المعروفُ ﺑ «أبي العلاء المَعَرِّي» عامَ ٣٦٣ﻫ بمَعَرَّةِ النُّعمانِ بسُوريا، وفقَدَ بصَرَه وهو صغيرٌ نتيجةً لمَرضِه بالجُدَري. أخَذَ علومَ القراءاتِ القرآنيةِ بإسنادٍ عنِ الشُّيوخ، كما تعلَّمَ الحديثَ في سنٍّ مُبكِّرة، وقالَ الشِّعرَ وهو ابنُ إحدى عشرةَ سنة، ورحلَ إلى بغدادَ عامَ ٣٩٨ﻫ فأقامَ بها سنةً وسبعةَ أَشْهُر، ثُم اعتزَلَ الناسَ لبعضِ الوقت؛ فلُقِّبَ ﺑ «رَهِينِ المَحْبسَيْن»؛ العَمَى والدَّار.

أمَّا شِعْرُه، وهو ديوانُ حكمتِه وفلسفتِه، فالمطبوعُ منه حتى الآن: «اللُّزوميَّات»، و«سِقْطُ الزَّنْد». وقد تُرجِمَ الكثيرُ من شِعْرِه إلى غيرِ العربيَّة، وأمَّا كُتبُه فكثيرةٌ وفِهرسُها في «مُعجَمِ الأُدَباء». من تَصانيفِه كتابُ «الأَيْك والغُصُون» في الأدب، يَزيدُ على مائةِ جُزْء، و«تاج الحُرَّة» في النساءِ وأخلاقِهنَّ وعِظاتِهِن، و«عَبَث الوَلِيد» شرَحَ فيه دِيوانَ البُحْتُريِّ ونقَدَه، و«رِسالة المَلائِكة» وهي صَغِيرة، و«رِسالة الغُفْران»، و«الفُصُول والغَايات».

عاش المعري متفلسفًا زاهدًا في الدنيا؛ إذ كانَ يَدعمُ حقوقَ الحيوانِ ويُحرِّمُ إِيلامَه، ولذا كان نباتيًا؛ فلمْ يَأكُلِ اللحمَ خمسًا وأربعينَ سنة، كما كانَ يَلبسُ خشِنَ الثِّياب، وكان له أراءه الخاصة في العقيدة، التي جعلت الآراء تختلف حول حقيقة إيمانه؛ إذ ذهب البعض إلى تكفيره واتهامه بالإلحاد، وإخراجِه مِنَ الإسلام، بينما دافَعَ عنه عميدُ الأدبِ العربيِّ «طه حسين» في عِدَّةِ كِتاباتٍ ومُؤلَّفات؛ أشْهرُها «معَ أبي العلاءِ في سجنِه». 

ظلَّ حبيسًا في بيتِه حتى وفاتِه عامَ ٤٤٩ﻫ بمنزلِه بمَعَرَّةِ النُّعْمان، وقد أَوْصى أن يُكتَبَ على قبْرِه عِبارة: «هذا جَناهُ أبي عليَّ، وما جَنيْتُ على أَحَد.» ويَقصدُ أنَّ أباه بزَواجِه من أمِّه أوْقَعَه في دارِ الدُّنيا. وقد وقَفَ على قبْرِه جمْعٌ غفيرٌ من أُدباءِ عصْرِه وشُعرائِه ورَثَوْه بثمانينَ مَرْثَاة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤