مَيِّتٌ بَيْنَ الْأَحْيَاءِ

Wave Image
أَنَــا حَــيٌّ غَــيْــرَ أَنِّــي لَــسْـتُ حَـيَّـا
إِنَّــمَــا أَطْــوِي بَــقَـايَـا الْـعُـمْـرِ طَـيَّـا
ذَبُــلَ الْــقَــلْــبُ فَأَذْوَى مُــقْــلَــتَــيَّـا
وَأُرَانِــي ضَــاحِــكًـا طَـلْـقَ الْـمُـحَـيَّـا
وَأُرَانِـــي نَـــاعِـــمَ الْـــبَــالِ رَضِــيَّــا
لَــيْـتَـنِـي الْـيَـوْمَ كَـمَـا كُـنْـتُ شَـقِـيَّـا
يَـومَ كُـنَّـا فِـي أَتُـونِ الْـعُـمْـرِ نَـصْـلَى
حَــرَّهُ هَــجْــرًا وَتَــعْــذِيــبًـا وَوَصْـلَا
إِنْ دَنَـــا مِـــنَّــا حَــبِــيــبٌ ثُــمَّ مَــلَّا
بَــدَّلَ الْــقُــلْــبُ حَــبِــيـبًـا وَتَـسَـلَّـى
لَا نُــبَــالِــي مَــنْ تَــجَــنَّـى أَوْ تَـوَلَّـى
إِنْ دَعَـانَـا الْـحُـبُّ لَـمْ نَـعْـدَمْ حَـفِـيَّـا
يَــوْمَ كَــانَ الـشِّـعْـرُ وَحْـيًـا وَهَـدِيـلَا
يَــوْمَ فَــجَّــرْنَــاهُ نَـبْـعًـا سَـلْـسَـبِـيـلَا
يَــوْمَ كَــانَ الْــعَـيْـشُ سَـهْـلًا وَذَلُـولَا
يَــوْمَ كَــانَ الْــجِــدُّ لَــهْـوًا وَفُـضُـولَا
يَــوْمَ عَــلَّــمْــنَــا الْـقَـمَـارِيَّ الْـمُـثُـولَا
يَــوْمَ عَــلَّــمْــنَــا الْــقَــمَــارِيَّ الـرَّوِيَّـا
يَــوْمَ كُــنَّـا نُـرْهِـقُ الْـجِـسْـمَ شَـبَـابَـا
يَــوْمَ كُــنَّــا نَــرْشُـفُ الْـعُـمْـرَ حَـبَـابَـا
كَـيْـفَ أَضْـحَـى ذَلِـكَ الْـقَـلْـبُ خَـرَابَا
كَـيْـفَ حَـالَ الْـكَـرْمُ غِـسْـلِـينًا وَصَابَا
كَـيْـفَ حَـالَـتْ جَـذْوَةُ الْـقَـلْـبِ تُـرَابَـا
كَـيْـفَ أَمْـسَـتْ بَـعْـدَهَـا صِـفْـرًا يَدَيَّا
مَــا لِــعَــيْــنِـي لَا تَـرَى رَأْيًـا جَـدِيـدَا
غَــشِـيَـتْـهَـا غَـشْـوَةٌ عَـادَتْ صَـدِيـدَا
مَــا لِـقَـلْـبِـي خَـافِـقًـا خَـفْـقًـا وَئِـيـدَا
ذَلِــكَ الْــقَــلْــبُ الَّــذِي كَـانَ عَـتِـيـدَا
كُــلُّ شَــيْءٍ جَـامِـدٌ حَـوْلِـي جُـمُـودَا
لَـيْـسَ فِـي دُنْـيَـايَ مَـا يُـوحِـي إِلَـيَّـا
كُــلَّــمَــا لَاحَ بَــرِيــقٌ فِــي سَــمَـائِـي
أَوْ بَـــــدَا آلٌ تَـــــلَـــــفَّــــتُّ إِزَائِــــي
فَإِذَا بِـــالْـــبَـــرْقِ وَمْــضٌ كَــسَــنَــاءِ
وَإِذَا بِـــــالْآلِ أَظْـــــلَالٌ تُـــــرَائِـــــي
وَأُنَــادِي وَالــصَّــدَى رَجْــعُ نِــدَائِــي
لَـيْـتَـنِـي لَـمْ أُلْـفِ فِـي الْأَوْهَـامِ شَـيَّا
وَيَـرُوحُ الـنَّـاسُ أَوْ يَـغْـدُونَ حَـوْلِـي
وَأَنَـــا رَاضٍ بِـــحَـــالِـــي وَبِــحِــلِّــي
وَيَـــجِـــدُّونَ لِـــلَـــهْــوٍ أَوْ لِــشُــغْــلِ
وَأَنَــا حَــيْــرَانُ مَــشْــدُوهٌ وَعَــقْـلِـي
عَـاجِـزٌ عَـنْ دَرْكِ مَـا يَـشْـغَـلُ مِـثْـلِي
مَــنْ رَآنِــي ظَــنَّ بِــي مَـسًّـا خَـفِـيَّـا
شَـابَ هَـذَا الـرُّوحُ وَالْـيَأْسُ احْـتَوَاهُ
مُـذْ أَفَـاقَ الـرُّوحُ مِـنْ حُـلْـمٍ شَـجَـاهُ
وَأَفَــاقَ الــصَّـبُّ مِـنْ مَـاضِـي هَـوَاهُ
عَــبَــثًــا تَــنْــشُــدُ يَــا قَـلْـبِـي سِـوَاهُ
قَــدْ كَـبِـرْتَ الْـيَـوْمَ فَـاقْـنَـعْ بِـشَـذَاهُ
عِـشْ جَـمَـادًا أَوْ فَـعِـشْ مِـثْـلِي خَلِيَّا
أَيُّــهَــذَا الْــبُــلْــبُـلُ الـشَّـادِي بِـلَـحْـنِ
مَــا لِــهَــذَا الـلَّـحْـنِ لَا يُـطْـرِبُ أُذْنِـي
أَيُّــهَــا الْــبُــلْـبُـلُ مَـا هَـذَا الـتَّـجَـنِّـي
هَـاتِ صَـوْتًـا غَـيْـرَ هَـذَا أَوْ فَـدَعْـنِي
يَــا أَمِــيــرَ الـدَّوْحِ لُـمْ أَوْ لَا تَـلُـمْـنِـي
كَانَ هَذَا الصَّوتُ فِي الْمَاضِي شَجِيَّا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: شعر مقطوعي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الرمل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عزيز فهمي: شاعر مصري امتازَ بإنتاجٍ شِعريٍّ وفير، حازَ على إعجابِ مُعاصِريه في النصف الأول من القرن العشرين؛ لا سيما عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.

وُلِد «عزيز عبد السلام فهمي محمد جمعة» في طنطا عامَ ١٩٠٩م، وكان والده أحدَ قِياديِّي حزب الوفد. تلقَّى «عزيز» تعليمَه الأساسي في مَسقط رأسه، ثم انتقَلَ إلى القاهرة فأكمَلَ دراستَه بمدرسة الجيزة الثانوية، والْتَحقَ بعدَها بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وفي الوقت نفسه انتسب إلى كلية الآداب، فدرَسَ فيهما معًا، وبعدما حصل على ليسانس الحقوق سافرَ إلى فرنسا لدراسة القانون، وهناك حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون عامَ ١٩٣٨م.

بعد عودته من فرنسا عمل بالنيابة، غيرَ أنه فُصِل من عمله بعدَ إقالة الحكومة الوفدية عامَ ١٩٤٤م، فاشتغل بالمحاماة، وانتُخِب لعضوية البرلمان المصري عن حزب الوفد عامَ ١٩٥٠م، وكانت له فيه صَولاتٌ وجَولاتٌ أشهَرُها دِفاعُه عن حُرية الصحافة؛ ما أوغَرَ صدْرَ المَلِك عليه، فاعتُقِل بتهمة العيب في الذات المَلكية إبَّانَ الحربِ العالَمية الثانية. وشارَكَ «عزيز» في تحرير الصُّحف والمَجَلات التي كان يُصدِرها حزبُ الوفد، وكان عضوًا في كتائب الفدائيِّين، واشترَكَ في عملياتٍ فِدائيةٍ استهدفَتْ معسكراتِ قواتِ الاحتلالِ الإنجليزي.

أمَّا شِعْره فيتنوَّع بينَ قصائدَ طويلةٍ ومتوسطةِ الطول، ويتَّجه إلى رِثاء النفس، والغَزَل العفيف، ومَدِيح أعلام عصره، وبخاصةٍ «طه حسين» و«حافظ إبراهيم»، ورثاء آخَرين، فضلًا عن بُروزِ النَّزْعةِ الوطنية في شِعره واهتمامِه بقضايا الوطن. وله قصائدُ نشرَتْها مَجلاتٌ عِدَّة، منها: «الرسالة»، و«الثقافة»، و«الإرادة»، و«السياسة»، وقد نُشِر معظمُ شِعره في ديوانه «ديوان عزيز» عَقِب وفاته، وقدَّمَ للديوان الدكتور طه حسين، الذي أبدى في كلمته أسًى كبيرًا على الشاعر المُجِيد، الذي تَخطَّفَتْه يدُ المَنُون عاجلًا عامَ ١٩٥٢م في العيَّاط جنوبي القاهرة غَرَقًا في تُرْعةٍ مائية، بعدَ انقلابِ سيارةِ الأجرة التي كان يَستقِلُّها أثناءَ مُحاوَلتِه اللَّحاقَ بقطارِ الصَّعِيد ليتمكَّنَ من التَّرافُع في إحدى القضايا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤