غَزَلُ شَاعِرَيْنِ

Wave Image
«يَــا لِــوَاءَ الْــحُــسْــنِ أَحْــزَابُ الْـهَـوَى»
أَجَّــجُــوا فِــي الْــحُـبِّ نِـيـرَانَ الْـجَـفَـاءْ
مُـــذْ رَأَوْا طَـــرْفَـــكِ يَـــبْـــدُو نَــاعِــسًــا
«أَيْــقَــظُــوا الْــفِـتْـنَـةَ فِـي ظِـلِّ الـلِّـوَاءْ»
«فَــــرَّقَـــتْ أَهْـــوَاءَهُـــمْ ثَـــارَاتُـــهُـــمْ»
كُــــلُّ حُــــبٍّ بَــــيْــــنَ أَشْــــوَاكِ عِـــدَاءْ
جَــمَــعُــوا بَــغْــضَــاءَهُــمْ فَــافْــتَــرَقُـوا
«فَــاجْـمَـعِـي الْأَمْـرَ وَصُـونِـي الْأَبْـرِيـاءْ»
«إِنَّ هَـــذَا الْــحُــسْــنَ كَــالْــمَــاءِ الَّــذِي»
رَاقَ حَــتَّــى كَــادَ يُــخْــفِــيــهِ الــصَّـفَـاءْ
وَالـــرُّضَـــابُ الْـــحُـــلْــوُ لَــوْ جُــدْتِ بِــهِ
«فِــــيــــهِ لِـــلْأَنْـــفُـــسِ رِيٌّ وَشِـــفَـــاءْ»
«لَا تَــــذُودِي بَـــعْـــضَـــنَـــا عَـــنْ وِرْدِهِ»
كُــلُّــنَــا يَــشْــكُــو الْــجَــوَى وَالْــبُــرَحَـاءْ
فَـانْـظُـرِي، لَـيْـسَ الـصَّـدَى فِـي بَـعْـضِـنَـا
«دُونَ بَــعْــضٍ وَاعْـدِلِـي بَـيْـنَ الـظِّـمَـاءْ»
«وَتَــجَــلَّــيْ وَاجْــعَــلِــي قَــوْمَ الْـهَـوَى»
لِـــلْـــهَـــوَى فِــيــكِ وَلِــلْــحُــسْــنِ فِــدَاءْ
هُــــمْ فِــــدَاءٌ لَــــكِ، لَا، بَـــلْ كُـــلُّ مَـــنْ
«تَحْتَ عَرْشِ الشَّمْسِ فِي الْحُكْمِ سَوَاءْ»
«أَقْــبِــلِــي نَــسْــتَــقْــبِــلِ الــدُّنْـيَـا وَمَـا»
يَــــمْــــلَأُ الْأَعْــــيُــــنَ حُـــسْـــنًـــا وَرُوَاءْ
أَنْـــتِ كَـــالْـــجَـــنَّـــةِ ضُـــمِّــنْــتِ الَّــذِي
«ضُــمِّــنَــتْــهُ مِــنْ مُــعِــدَّاتِ الْــهَــنَــاءْ»
«وَاسْــفِــرِي تَــلْــكَ حُــلًـى مَـا خُـلِـقَـتْ»
لِــــسِــــوَى لَــــثْـــمٍ وَضَـــمٍّ وَاجْـــتِـــلَاءْ
مَـــــا رَأَيْـــــنَـــــا آيَـــــةَ الــــلــــهِ أتَــــتْ
«لِـــــتُــــوَارَى بِــــلِــــثَــــامٍ وَخِــــبَــــاءْ»
«وَاخْــطِـرِي بَـيْـنَ الـنَّـدَامَـى يَـحْـلِـفُـوا»
أَنَّـــكِ الْـــغُـــصْـــنُ ازْدِهَــارًا وَاسْــتِــوَاءْ
أَخْـــبَـــرَتْـــهُــمْ نَــفْــحَــةٌ مِــنْــكِ سَــرَتْ
«أَنَّ رَوْضًـــا رَاحَ فِـــي الــنَّــادِي وَجَــاءْ»
«وَانْـــطِــقِــي يَــنْــثُــرْ إِذَا حَــدَّثْــتِــنَــا»
لَــفْــظُــكِ الْــعَـذْبُ عَـنِ الْـقَـلْـبِ الْـعَـنَـاءْ
إِنَّــــهُ الــــدُّرُّ، فَــــهَــــلْ يَـــمْـــنَـــحُـــنَـــا
«نَـــاثِـــرُ الــدُّرِّ عَــلَــيْــنَــا مَــا نَــشَــاءْ؟»
«وَابْـــسِــمِــي، مَــنْ كَــانَ هَــذَا ثَــغْــرَهُ»
فَــــتَــــنَ الــــزَّهْــــرَ أَرِيـــجًـــا وَبَـــهَـــاءْ
فَـــدَعِـــيـــهِ يَــنْــشُــرِ الــطِّــيــبَ كَــمَــا
«يَــمْــلَأُ الــدُّنْــيَــا ابْــتِـسَـامًـا وَازْدِهَـاءْ»
«لَا تَــخَــافِــي شَــطَــطًــا مِــنْ أَنْــفُـسٍ»
دَاوَلَــــتْ بَــــيْــــنَ خُــــضُــــوعٍ وَإِبَــــاءْ
إِنْ أَجَـــابَـــتْ دَعْـــوَةَ الْــحُــبِّ مَــشَــتْ
«تَــعْــثُــرُ الــصَّــبْــوَةُ فِـيـهَـا بِـالْـحَـيَـاءْ»
«رَاضَـــتِ الـــنَّــخْــوَةُ مِــنْ أَخْــلَاقِــنَــا»
فَـــخَـــضَـــعْــنَــا وَجَــمَــحْــنَــا كُــرَمَــاءْ
وَسَـــمَـــتْ فَــوْقَ الْــهَــوَى أَحْــسَــابُــنَــا
«وَارْتَـــضَـــى آدَابَـــنَـــا صِــدْقُ الْــوَلَاءْ»
«فَـــلَـــوِ امْـــتَـــدَّتْ أَمَـــانِـــيــنَــا إِلَــى»
أَسَـــــدٍ مَـــــا لَاثَ كَـــــفًّـــــا بِـــــدِمَــــاءْ
أَوْ سَـــرَتْ أَنْـــفَــاسُــنَــا فِــي جَــانِــبَــيْ
«مَـــلَـــكٍ مَـــا كَـــدَّرَتْ ذَاكَ الــصَّــفَــاءْ»
«أَنْــتِ يَــمُّ الْــحُــسْــنِ فِـيـهِ ازْدَحَـمَـتْ»
زُمَــــرُ الْــــعُــــشَّــــاقِ كُـــلٌّ بِـــسِـــقَـــاءْ
أَنْــــقَـــذَتْـــهُـــمْ بَـــعْـــدَ يَأْسٍ مُـــغْـــرِقٍ
«سُــفُــنُ الْآمَــالِ يُــزْجِــيــهَــا الــرَّجَـاءْ»
«يَــقْــذِفُ الــشَّــوْقُ بِــهَــا فِــي مَــائِـجٍ»
مَـــا لَـــهُ مِـــنْ سَـــاحِـــلٍ إِلَّا الـــلِّـــقَـــاءْ
فَــهْــيَ تَــجْــرِي وَالْــجَــوَى يَــبْــعَــثُــهَـا
«بَـــيْـــنَ لُـــجَّـــيْـــنِ عَـــنَــاءٍ وَشَــقَــاءْ»
«شِــــدَّةٌ تَــــمْــــضِــــي وَتَأْتِـــي شِـــدَّةٌ»
وَاعْـــتِـــدَاءٌ لِـــلْـــهَــوَى بَــعْــدَ اعْــتِــدَاءْ
لَــوْ عَــلَــتْ لِــلــنَّــجْــمِ نَــفْــسِــي لَأَتَــتْ
«تَــقْــتَــفِــيــهَـا شِـدَّةٌ، هَـلْ مِـنْ رَخَـاءْ؟»
«سَـــاعِـــفِــي آمَــالَ أَنْــضَــاءِ الْــهَــوَى»
يَـــــقْــــتُــــلُ الــــدَّاءُ إِذَا عَــــزَّ الــــدَّوَاءْ
وَاكْــشِــفِـي حُـجْـبَ الـنَّـوَى يَـنْـتَـعِـشُـوا
«بِـــقَـــبُـــولٍ مِـــنْ سَــجَــايَــاكِ رُخَــاءْ»
«أَنْــــتِ رُوحَــــانِــــيَّــــةٌ لَا تَــــدَّعِــــي»
غَــيْــرَهَــا، فَــالْأَمْــرُ كَــالــصُّــبْــحِ جَـلَاءْ
فَـــاسْأَلِـــي الْـــمِـــرْآةَ هَـــلْ يَــوْمًــا رَأَتْ
«أَنَّ هَــذَا الــشَّــكْــلَ مِـنْ طِـيـنٍ وَمَـاءْ؟»
«وَانْـزِعِـي عَـنْ جِـسْـمِـكِ الـثَّـوْبَ يَـبِـنْ»
رُبَّ حَــــقٍّ ضَــــاعَ فِــــي ثَــــوْبِ رِيَـــاءْ
وَارْفَـــعِــي شَــعْــرَكِ عَــنْــهُ يَــنْــجَــلِــي
«لِــلْــمَــلَا تَــكْــوِيــنُ سُــكَّــانِ الـسَّـمَـاءْ»
«وَأَرِي الـــدُّنْـــيَـــا جَـــنَــاحَــيْ مَــلَــكٍ»
مِــنْــهُــمَــا تَــسْــتَــمْــنِــحُ الــنُّــورَ ذُكَــاءْ
نُــشِــرَا فِــي مُـجْـتَـلَـى ضَـوْءِ الـضُّـحَـى
«خَــلْــفَ تِــمْـثَـالٍ مَـصُـوغٍ مِـنْ ضِـيَـاءْ»

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: قام الشاعر في هذه القصيدة بتشطير قصيدةٍ للشاعر إسماعيل صبري في عام ١٩٠١م.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الرمل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤